فى ظل حالة الصحوة الوطنية التى نعيش فيها.. فإن المواطن المصرى لديه استعداد كامل لتقبل أي شىء تكون فيه مصلحة عامة للبلد.. حتى لو وصل الأمر لنزع ملكية بيته نفسه.. وهذا هو -بالضبط- ما ينظمه قانون المنفعة العامة، الذى يبيح للدولة نزع ملكية أي ممتلكات خاصة أو عامة طالما كان ذلك للمصلحة العامة، علي أن يمنح المواطن المنزوعة ملكيته تعويضاً مناسباً وعادلاً. وهذا بالضبط ما حدث مع سكان شارع عبدالقادر رجب بالإسكندرية -وهو واحد من أغلى شوارع المدينة إذ يصل سعر المتر الواحد فيه لأكثر من 45 ألف جنيه- فقد تكرر معهم نفس أحداث الرواية الشهيرة «الراية البيضاء» لأديبنا الكبير أسامة أنور عكاشة والشهيرة ب «فيلا أبو الغار» التى حاولت قوى الشر والجهل ممثلة فى الإمبراطورة «فضة المعداوى» السطو عليها لهدمها، وإقامة برج سكنى مكانها، دون أى مراعاة لقيمتها الفنية والتراثية.. واليوم تتعرض ست فيلات فى الإسكندرية -أيضا- لنفس المصير.. لكن الكارثة الكبرى أن من يرد هدم وإزالة هذه الفيلات التراثية هو أكبر مسئول فى المحافظة وهو محافظ الإسكندرية نفسه!! فقد أخبروا السكان بأن المحافظة فى سبيلها لتوسعة شارعهم من 8 أمتار إلى 14 متراً.. ونشر القرار فى الجريدة الرسمية للدولة فقالوا سمعاً وطاعة.. رغم أن هذه التوسعة ستكون على حساب منازلهم، ولكنهم رأوا أن المصلحة العامة هى الأهم. وأخبروهم أن المحافظ اللواء طارق المهدى أصدر قراراً بذلك بعد دراسة مستفيضة من المكتب التنفيذي للمحافظة.. الذى رأى الاكتفاء بتوسعة الشارع إلى 14 متراً وليس 30 متراً كما هو مخطط منذ عام 1961 لأن ذلك سيحافظ على عدد 6 فيلات ممن أدرجوا ضمن التراث المعمارى لمحافظة الإسكندرية، ومنها فيلا خاصة بمبنى المخابرات الحربية. أما إذا تمت توسعة الشارع إلى 30 متراً فسيزيل كل هذه الفيلات الأثرية من على الوجود وهى تراث قومى لا يقدر بثمن.. بالاضافة لذلك فإن هذا سيكلف الدولة مبالغ طائلة نظراً لارتفاع أسعار الأراضى فى هذا الشارع الحيوى. المهم أن المجلس التنفيذي وافق على أن تكون توسعة الشارع 14 مترا.. كما أن الأهالى أيضا وافقوا على ذلك أيضا.. لكنهم جميعا سواء الأهالى أو المكتب التنفيذى فوجئوا بصدور قرارات غريبة ومتناقضة وغير مفهومة من المحافظ اللواء طارق المهدى.. كان أولها.. الضرب بعرض الحائط برأى المكتب وهو الذى يضم خبراء فى المرور والإسكان والتخطيط العمراني.. بل ضرب بالقرار رقم 288 لسنة 2014 الذى أصدره هو نفسه -طارق المهدى- وليس أحد غيره. وكل ذلك أصاب أهل الشارع بالذهول من التصرفات غير المفهومة لسيادته فلماذا يصر المحافظ على توسعة الشارع إلى 30 متراً رغم علم سيادته أن ذلك سيؤدى لدمار ستة مبانٍ تراثية لا تقدر بثمن بالإضافة لتحمل الدولة ما لا تطيق كتعويضات نزع الملكية للمضارين.. الشىء الآخر في الموضوع أن هذا الشارع -عبدالقادر رجب- يصب فى نهايته فى شارع لا يزيد عرضه على 12 متراً والسؤال هنا: كيف نوسع شارعاً جانبياً إلى 30 متراً ليصب فى شارع رئيسي لا يتجاوز عرضه 12 متراً كما يقول الأهالى وهذا خطأ طبقا لأبسط قواعد المرور.. وهو ما جعل المكتب التنفيذى للمحافظة يقرر -فى جلساته المتعاقبة- للقبول بتوسعة الشارع المذكور إلى 14 متراً وليس 30 متراً كما كان مقرراً عام 1961. أهل الشارع يضربون أخماسا فى أسداس ولا يدرون إلى من يلجأون للشكوى من تعنت سيادة المحافظ وإصراره على توسعة الشارع إلى 30 متراً ضارباً بكل قواعد المنطق والعقل عرض الحائط.. وكذلك رؤى وتوصيات المكتب التنفيذى للمحافظة!! أهل الشارع طلبوا منى أن أرفع شكواهم للرئيس عبدالفتاح السيسى لإنقاذهم من القرار الكارثي الذى يسعى المحافظ لتنفيذه تحت جنح الظلام، وفى غيبة كاملة للمصالح العليا للبلاد.. اللهم بلغت اللهم فاشهد.