النجم الكبير يحيى الفخرانى واحد من أهم الفنانين الذين شهدتهم الدراما المصرية عبر مشوارها لذلك أطلقنا عليه عميد الدراما العربية. فدائما يأتى «الفخراني» بعمل درامى غير قابل للمنافسة، بالإضافة إلى الإبهار الذى أصبح مرتبطاً بأعماله، وأمام مكانته الفنية تعتبر العالمية أقل شىء يستحقه بالنظر إلى تراثه الفنى الدرامى الكبير، خلال موسم دراما رمضان أطل النجم الكبير على جمهوره بمسلسل «دهشة» أحدث «التحف» الفنية للفخرانى وهى عن رواية «الملك لير» للأديب العالمى شكسبير، الفخرانى استطاع من خلال هذا العمل أن يثبت للجمهور أنه مازال قادراً على الإبداع والتميز وتقديم شىء جديد ومختلف، بالرغم أنه قدم على مدار مشواره الفنى الكبير كافة الموضوعات والقضايا المهمة وهو ما جعله بالرغم من تهافت الكتاب والمنتجين عليه أن ينتظر ويتوخى الحذر ويقدم عملاً كل عامين، وبالحديث عن «دهشة» فإن الفخرانى أدهش كل من شاهده فى مشهد الجنون فى الحلقة التاسعة عشر، فوجدنا أمامنا فناناً من طراز نادر قادراً دائماً على التربع فوق عرش النجومية... سألته: لماذا «الملك لير» هذا العام؟ - قدمت هذه الرواية قديماً من خلال مسلسل «أبنائى الأعزاء شكراً» 1979 مع الفنان الكبير الراحل عبدالمنعم مدبولى والمؤلف عصام الجمبلاطي، ولكن المسلسل تم تناوله بالشكل الكوميدي، وفكرت وقتها تقديم هذه الرواية بالشكل التراجيدى ولكن ما وجدته وقتها أن سنى الصغير لا يسمح، فكان لابد أن يكون البطل فى مرحلة متقدمة من العمر، وهذا العام عندما قدم لى السيناريو عبدالرحيم كمال وجدت أن «سني» يسمح لكى أقدم الشخصية بواقع كبير من المصداقية، وكان تفكيرى مع عبدالرحيم وكمال والمخرج شادى الفخرانى أن يظهر العمل بشكل مختلف ونضيف له النكهة المصرية لكى تتناسب مع الإطار «الصعيدي»، بالإضافة إلى أننى وجدت هذا العمل هو أفضل حكاية أقدمها هذا العام ووجدت فى هذا السيناريو ما أريد تقديمه من حكاية جديدة ومختلفة تضيف لأعمالى الفنية، لأنه فى الحقيقة «النص الجيد» أصبح من الصعب الحصول عليه الآن خاصة بالنسبة لي، لأنى قدمت خلال مشوارى الفنى كافة الموضوعات وأحرص دائماً ألا أقع فى فخ التكرار أو العمل فى منطقة واحدة، وبالتعاون بين مجموعة العمل وحرصنا جميعاً على تقديم شيء جيد ظهر العمل بهذا الشكل، وسعيد بردود الأفعال الجيدة التى جاءتنى عنه. ولكن جرعة الحزن كانت زائدة؟ - العمل ينتمى إلى «التراجيديا» وجرعة الحزن الزائدة المسئول عنها «شكسبير»، ولكن هذا هو مضمون الرواية من حيث خطأ الرجل فى تقسيم ميراثه على أبنائه والذى أدى إلى حقدهم على بعض، وما سيفعلونه به، حتى فى مضمون الرواية هذا الرجل سيموت فى النهاية هو وأبناؤه جميعا، ولكن فى العمل أردنا الاختلاف فى جعله على قيد الحياة حتى يعذب على أفعاله ولذلك كان لابد من وجود هذه الجرعة من الحزن. مشهد الجنون فى الحلقة التاسعة عشر استمر ما يقرب من خمس عشرة دقيقة.. كيف كان الاستعداد له ولماذا قمت بتصويره «وان شوت»؟ - هذا المشهد كنا نعلم أنه محطة هامة للغاية فى العمل وكان من الضرورى إقناع الناس أن الرجل فقد عقله، بما أنه أهم محطات العمل كان لابد من الاستعداد الجيد لها، وهذه المحطة سوف تجمع كل الخيوط الدرامية التى ستجذب المشاهد حتى النهاية، مثل تقسيم الميراث، ولكن مشهد الجنون كنا نستعد له منذ مرحلة كتابة العمل، فالكاتب عبدالرحيم كمال قام بكتابة الثلاث حلقات التى تسبق هذا المشهد تمهيدا له، أما بخصوص الاستعداد الفنى أثناء التصوير، فكان الاستعداد من الجميع سواء من جانبى أو من جانب المصورين والمخرج وحتى العمال، وقرر شادى أن يكون تصوير هذا المشهد «وان شوت» حتى أستطيع الوصول لحالة من الانغماس والتركيز فى الشخصية والحالة التى أقدمها بدون فصل وفى الحقيقة كان قراراً صائباً واستجبت له، لأن هذا المشهد كما ذكرت يعتبر محطة هامة فى العمل بدون النظر إلى مشقة التصوير فى الصحراء وحرارة الجو المرتفعة، لأن طعم النجاح لا أشعر به بدون مواجهة الصعاب وأعلم تماماً أن لكل مجتهد نصيب. شخصية «الرجل المبروك أو المجذوب» أصبحت فى أكثر أعمالك، وجدناها فى «شيخ العرب همام» وفى «دهشة».. ما تعليقك؟ - نوعية العمل تطلبت وجود هذه الشخصية، حتى يظهر فى الإطار المصرى الصعيدى وكذلك أيضا فى شيخ العرب همام، فأنا لا أعمل بثوابت ولكن أنظر لما يتطلبه العمل، فدهشة كان لابد أن يظهر مختلفاً فى كل شىء، ولذلك نبهنا الجمهور عند بداية العمل أن دهشة هى قرية غير موجودة فى صعيد مصر، ولذلك أيضا المخرج قام ببناء ديكور غير موجود فى الصعيد، لأن القصة بمجملها جديدة على الشكل الصعيدى ولكن نحن أضفنا لها ما يجعلها تتماشى مع هذا الإطار، ولكنى فى النهاية لا أضع ثوابت مكررة لاعمالى وجميع الشخصيات لابد أن تكون فى محور العمل وإضافة له. من وجهة نظرك لمن ينسب الفضل الأكبر فى نجاح العمل هل إلى أدائك أم السيناريو أم رؤية المخرج؟ - النجاح قاسم مشترك بين جميع المشاركين فى العمل ولا ينسب لى بمفردى أو لعبدالرحيم أو شادى ولكن هى مسئولية تقع على عاتق الجميع، حتى عامل البوفيه له دور كبير فى نجاح العمل لأنه يهيئ مناخاً مناسباً للعمل، ولذلك دائما أقول إن المهم أن نعمل جميعنا داخل التصوير بروح العائلة والمجموعة وأن يضع الجميع مسئولية تقديم عمل ناجح وجيد فى المقام الأول ولهذا فإن جميع المشاركين فى «دهشة» بمختلف أعمالهم عناصر لابد أن تكون موجود من أجل نجاح العمل، وليس النجاح أن تكون ردود الأفعال جيدة فى الموسم الأول للعرض ولكن النجاح الحقيقى أن يتعايش العمل مع الناس ويستمرون فى مشاهدته لسنوات، بالنسبة لى هذا هو النجاح الحقيقي. هل من الممكن أن تقدم مرة أخرى رواية من التراث العالمي؟ - الشىء المؤكد أننى اتخذت قراراً بعدم تقديمى عملاً درامياً فى الإطار الصعيدى مرة أخري، بعد شيخ العرب همام والخواجة عبدالقادر بالرغم أن الشخصية التى قدمتها لم تكن فى إطار الرجل الصعيدى ولكن العمل بمجمله كان يدور فى إطار حياة الصعيد وأخيرا دهشة، فأشعر أن لم يعد هناك شىء جديد أقدمه فى هذا الإطار، ولذلك أبحث عن عمل «مودرن» بحكاية عصرية جديدة وأتمنى أن تكون حكاية خفيفة «لايت كوميدي»، ولكن مسألة الحصول على نص جديد وجيد هو ما يجعلنى دائما أقدم عملاً كل عامين وأتوقع فى السنوات القادمة أن يكون عملاً كل ثلاث سنوات، لأنى لا أسعى إلى التواجد فقط ولابد أن أقدم شيئاً جديداً ولذلك التزم الهدوء والتريث والتفكير العميق قبل الاستقرار على أى عمل درامى أقدمه. كيف ترى عرض «دهشة» حصرياً على «إم بى سي»؟ - العرض الحصرى «مبحبوش» من الأفضل أن يذاع العمل على جميع القنوات حتى يتمكن الجمهور من مشاهدته ولذلك اطمأننت من المنتج أن العمل حصرى فقط خلال موسم رمضان، ولكن بعد ذلك سيعرض على العديد من الفضائيات، لأن أى عمل درامى من وجهة نظرى خلال العرض الأول له وخلال موسم رمضان بالتحديد لا يشاهد بشكل جيد، ولكن عندما يشاهد فى العرض الثانى وما بعده يكون بشكل أفضل، بمعنى أن مثلا «الخواجة عبدالقادر» قدمته منذ ثلاث سنوات ومازال الجمهور يشاهده حتى الآن وفى كل مرة يشاهده الجمهور يكون الانطباع أفضل، وأكرر من جديد أن النجاح هو تعايش الجمهور مع العمل واستمراره فى المشاهدة لسنوات طويلة ولذلك لا أفضل ظاهرة العرض الحصري، وموافقتى عليها تأتى لأنها تعود على الإنتاج بأرباح وتعطيه دفعة لمواصلة العمل والحفاظ على الصناعة ولكن بكل تأكيد أفضل عرض العمل على كافة الفضائيات. من وجهة نظرك، لماذا تم حصر الدراما فى موسم واحد فقط؟ - هو شىء تقليدى بحت والسبب يعود للفضائيات ولكنى أتمنى أن تعرض أعمال درامية طوال العام ومستعد أن أبدأ بنفسى ولكن المهم أن يكون هناك استعداد من الفضائيات لكى يدفع الإنتاج لذلك. الفخراني.. ما أهم محطات حياتك الدرامية؟ - كل عمل قدمته خلال مشوارى الفنى أعتبره محطة مهمة فى حياتي، ولكن أهم المحطات لا يجوز لى الحكم عليها، ولكن الحكم فى النهاية يكون للناس والنقاد، خاصة الجمهور لأنه صاحب الفضل فى أى نجاح فنى حققته خلال مشوارى الفني، وسعيد أن أعمالى القديمة والجديدة مازالت تعرض باستمرار حتى الآن ولذلك اعتبر كل عمل قدمته محطة مختلفة ولكن أهم المحطات كما ذكرت أترك الحكم عليها للجمهور والنقاد. شادى الفخراني... هل أصبح هو المخرج المصاحب لأعمال يحيى الأب؟ - التعاون بينى وبين شادى فى العمل ليس تعاون أب وابنه، وبالتالى ليس من الضرورى أن يخرج معظم أعمالى القادمة، فمن الممكن أن يجد عملاً يناسبه أفضل منى وكذلك أنا أيضا، فالتعاون بيننا هو تعاون مخرج وفنان داخل «اللوكيشن» ورؤية ومصلحة العمل هى التى تحدد فى النهاية ما هو المخرج المناسب والفنان المناسب. عبدالرحيم كمال... قاسم مشترك فى أعمالك الأخيرة؟ - لأن الأعمال التى قدمها لى رأيتها مناسبة، ولكن أيضا التعاون بيننا ليس شرطاً أساسياً، ولكن عندما نجتمع أنا وشادى وعبدالرحيم يكون العمل مناسباً لنا جميعا ولكن من الطبيعى أن يشارك كل منا فريق عمل آخر فى الأعمال القادمة ومن الممكن أن نجتمع من جديد أيضا. يحيى الفخرانى النجم الأهم فى عالم الدراما بعيداً عن السينما، هل هى أزمة كتابة أم إنتاج أم فى انتظار عودة السينما إلى رشدها؟ - فى الحقيقة أتمنى أن أعود إلى السينما ولكن الأزمة بالنسبة لى هى أزمة سيناريو، فحتى الآن لم أجد السيناريو الذى يناسبنى ويناسب عودتى للسينما، ولكن لا شك أن السينما أحد أهم معالم الثقافة الفنية والعودة إليها مطروحة ولكنى فى انتظار السيناريو الجيد. وكيف ترى سينما هذا الجيل؟ - فى الحقيقة هناك مجموعة جيدة وتقدم أعمال تنال إعجاب الجمهور، وهذا يصب فى مصلحة السينما من أجل الاستمرار والحفاظ على الصناعة. «محمد علي» حلم لم يتحقق.. متى وكيف؟ - محمد على قررت أن يكون عملاً سينمائياً لأنى وجدت أن هذه الحكاية ستلقى ترحيباً أكثر فى العرض السينمائي، ولكن مسألة التأجيل تعود إلى أن العمل يحتاج إلى إنتاج ضخم وتوزيع اضخم، لأنه يجب أن يتم توزيعه فى جميع أنحاء العالم ويحتاج إلى ديكورات كبيرة تؤرخ هذه الفترة المهمة من تاريخ مصر، وأتمنى أن أجد الجهة التى تساعدنى على تحقيق هذا العمل. هل من الممكن أن يقدم الفخرانى عملاً يساند الدولة فى همومها؟ - لا يوجد عمل فنى يساند الدولة فى همومها ولكن العمل الفنى يضىء النور للدولة من حيث تغيير القوانين أو حل لمشكلة ما، مثل فيلم «أريد حلاً» للفنانة فاتن حمامة الذى ألقى الضوء على ضرورة إصلاح بعض قوانين الأحوال الشخصية، وإذا وجدت العمل الذى يحتوى على نص جيد ويناسب الدولة فى الوقت الحالى ليس لدى ما يمانع تقديمه طالما سأقدم رسالة تفيد الوطن. كيف تعلق على المشهد السياسى الحالي؟ - أعداء الوطن فى الداخل والخارج «متربصين» به ويجب أن نتحد ونتماسك من أجل الحفاظ على بلدنا، ويوجد بداخلى كم كبير من التفاؤل فى المرحلة الحالية تختلف تماماً عن تشاؤم السنوات الماضية وأرى أننا نسير فى الاتجاه الصحيح.