دائما ما يضع النجم الكبير يحيى الفخرانى نفسه خارج أى منافسة درامية، لأنه يقدم الفن من أجل تقديم الصورة الجمالية للإبداع، ويمثل من أجل إلقاء دروس فى تقمص الشخصيات، فهو موهوب حتى النخاع فى معايشة الشخصية التى يجسدها، حتى صار من أهم نجوم الدراما العربية على مدى أكثر من 3 عقود من الزمان، لينتظره الجمهور فى موسم دراما رمضان من كل عام. الفخرانى أطل علينا خلال الموسم الرمضانى المنقضى بمسلسل «دهشة»، ليتطرق من خلاله لما يدور داخل النفس البشرية، وما تواجهه من طمع قد يؤدى بها إلى الهلاك، كمعالجة لمسرحية الكاتب المسرحى الكبير وليم شكسبير فى مسرحيته الشهيرة «الملك لير».. و«اليوم السابع» التقت النجم الكبير وتحدثت معه عن العمل وكواليس تقديمه، ورأيه فى تطورات الوضع السياسى للبلاد، وأشياء أخرى كثيرة، وإليكم نص الحوار. بداية كيف جاءت لك فكرة تقديم مسرحية «الملك لير» فى عمل درامى بعنوان «دهشة»؟ - العمل بالفعل عن مسرحية «الملك لير» لشكسبير، فمنذ أن بدأت التحضير لهذا العرض منذ أكثر من عقد من الزمان، شعرت وقتها أنه من الممكن تقديمه فى عمل درامى بشرط أن يكون تراجيديا، خاصة بعد النجاح الكبير الذى حققه العرض على مدى 10 سنوات، وظلت الفكرة فى مخيلتى منذ هذا الحين، وأثناء جلسة عمل مع السيناريست عبدالرحيم كمال أخبرته عن نيتى تقديم هذا العرض فى مسلسل درامى، ففوجئت به يخبرنى بأنه مشغول به أيضا، ويرغب هو الآخر فى كتابة هذه الرواية وتقديمها فى مسلسل درامى، وبالفعل بدأت تحضيرات وجلسات الكتابة بالتنسيق مع المخرج شادى الفخرانى حتى ظهر العمل بهذا الشكل. هل كان نجاح العرض المسرحى من أهم العوامل لإعادة تقديمه كمسلسل؟ - إحساسى الكامل بالشخصية هو الذى حمسنى لتقديمها فى مسلسل درامى، بصرف النظر عن ردود أفعال العرض ونجاحه، ولك أن تتخيل، حينما تم عرض هذا النص المسرحى علىَّ لتقديمه، ووافقت بالفعل عليه وبدأت تحضيره، اتهمنى جميع المقربين لى والذين أثق فى آرائهم بالجنون، واندهشوا بشدة لحرصى على تقديمه، وظلوا يقولون لى لن تنجح، ولكن أصررت وقتها على موقفى، وقدمت العمل، وحقق نجاحا كبيرا وقتها فاق كل التوقعات، واستمر العرض على مدى 10 سنوات بدون دعاية تذكر. وهل كانت هناك تعديلات على قصة النص المسرحى حتى تتواءم مع عمل درامى؟ - كان هناك تعديلات طفيفة بالفعل، فمثلا الملك لير فى النص الأصلى كان يبلغ من العمر 80 عاما، فجعلناه 70 هنا فى المسلسل، هذا بالإضافة إلى بعض الأشياء الصغيرة من أجل الحبكة الدرامية. ترشيح الممثلين استغرق وقتا طويلا فكيف تم ترشيح المشاركين؟ وهل تدخلت فى اختيار بعض أبطال العمل؟ - اختيار الفنانين المشاركين كان يتم بعناية ودقة شديدة، حتى تتناسب كل شخصية مكتوبة مع الفنان المرشح لها، ولم أتدخل فى أى ترشيح على الإطلاق، فكلها ترشيحات المخرج شادى الفخرانى، وأنا دائما وطوال حياتى لا أتدخل فى عمل المخرج، وبالتحديد فى الترشيحات، إلا فى حالة واحدة إذا حاول أن يفرض ممثلا من أجل المجاملة فقط، دون أن يكون مناسبا للشخصية أو تتم استشارتى، فبالتالى أفيد بحكم خبرتى. هل شخصية «لير» يقصد بها إسقاط على أحد الحكام السابقين بمصر؟ - من الطبيعى أن يكون أى عمل فنى متأثرا بالواقع الذى نعيشه، فالفن يستمد أفكاره وخطوطه من الحياة التى نعيشها، وحتى أكون أكثر وضوحا، شخصية الملك لير فى النص المسرحى الأصلى بها كل هذه التحولات، إذن التشابه أو الإسقاط على أحد الحكام ليس مقصودا، ولكن قد أتى عن طريق الصدفة. مسلسل «دهشة» عمل تم تناوله فى زى الدراما الصعيدية، فما سبب حرصك على أن تكون أعمالك الأخيرة كلها تناقش بيئات الوجه القبلى؟ - هذا أتى معى عن سبيل الصدفة، ولم أقصده أو أرتب له، فالنص منذ البداية هو الذى يحدد شكل العمل الذى أقدمه، بصرف النظر عما إذا كان صعيديا أم اجتماعيا أو غيره، ولكن العام المقبل لن أقدم دراما صعيدية على الإطلاق وسأبحث عن عمل اجتماعى درامى، بحيث أخرج لإطار جديد من الدراما. وما سر تكرار التعاون مع السيناريست عبدالرحيم كمال، وهل تطلب منه الكتابة لك خصيصا فى بعض الأحيان؟ - سر التعاون أننى أراه دائما يقدم لى نصوصا تلقى إعجابى، ويقدم لى الأفضل دائما، وهذا ليس جديد معى، فسبق وكررت التعاون مع عدد كبير من الكتاب مثل الكاتب يوسف معاطى، والكاتب محمد جلال عبدالقوى وغيرهما، وأنا لم أكن قاصدا التكرار، ولكن العمل والورق فى النهاية هو الذى يجعلنى أقرر تكرار التعاون من عدمه، وفيما يتعلق بطلبى من الكاتب عبدالرحيم كمال أن يكتب لى، فقد حدث هذا فى مسلسلنا الأخير «دهشة»، فطلبت منه كتابته، ولكن وجدته هو الآخر مشغول بنص الملك لير، ولذلك اتفقنا بشدة عند تقديمه. وما تعليقك على أن العمل ليس من الأعمال التجارية بل يتطرق لعالم آخر هو عالم الفلسفة والعظة وما يدور بداخل النفس البشرية؟ - بالفعل أتطرق من خلاله للنفس البشرية وما يدور بداخلها، وهو عمل مختلف عن السائد هذا الموسم فيحتاج إلى متابعة دقيقة وتركيز شديد حتى يصل إليك محتواه، لأن الحلقات تقول أشياء كثيرة، وهذا المسلسل بالتحديد لن تستمتع به وأنت تشاهده بغير تركيز أو تشاهد منه مقتطفات سريعة، فلابد أن تتم مشاهدته منذ البداية حتى النهاية، حتى تدرك أهمية الأهداف والإنسانيات التى يقدمها. وهل كنت تتابع ما يُكتب عن المسلسل من النقاد والصحفيين أو ردود أفعال الجمهور عليه خلال عرضه؟ - أثناء عرضه لم أكن متابعا لأى شىء، لأننى استمررت فى التصوير حتى نهايات شهر رمضان، وكنا نصور فى الصيام وفى درجة حرارة مرتفعة، فلم أركز وقتها فى شىء إلا الانتهاء من التصوير وتسليم الحلقات للقناة التى تتولى عرضه، ولكن بعد رمضان مباشرة بدأت أقرأ ما كتب عن العمل، وتابعت ردود الأفعال وسعدت بها للغاية، ولكن بصرف النظر عن كل هذا، كان لابد أن أتابع العمل بأكمله على الشاشة حتى أرى الجهد المبذول فيه، وأقيمه بشكل شخصى. وهل تتأثر بآراء النقاد والجمهور؟ وكيف تستقبلها؟ - أحب أن أتابعها جيدا وأرحب بها، لكن فى النهاية لى قناعاتى كممثل، فلم أقدم عملا مهما كان إلا وأنا مقتنع به، وإذا قدمته على اقتناع لا أندم عليه. مسلسل «دهشة» يجمعك للمرة الثانية بنجلك المخرج شادى يحيى الفخرانى، ألم تخش من تكرار التعاون، خاصة أن البعض قد يقول إنك تفرض نجلك على العمل؟ - لا أخشى تكرار التعاون مع شادى على الإطلاق، فالكل يعرفنى جيدا، ولو لم أكن راضيا عن شغله، فمن المحال أن أعمل معه، أو أسند له أعمالا ضخمة مثل «الخواجة عبدالقادر» و«دهشة»، لكن الحمد لله استطعنا أن نعمل سويا مسلسلين مهمين، وبفضل الله لاقى العملان نجاحا جماهيريا ونقديا، وشادى خريج معهد السينما وعمل مساعدا للإخراج مع كبار المخرجين، ولم يخض التجربة إلا حينما أدرك أنه تمكن من جميع أدواته الإخراجية، وليس شرطا أن نعمل سويا فى كل عمل، فلو أن هناك عملا لشادى مقتنعا به ولست متواجدا فيه، فسيقدمه، وأنا كذلك لو أن هناك عملا لى وليس مناسبا لشادى فسأقدمه بدونه. للموسم الثانى بعد مسلسل «الخواجة عبدالقادر» يعرض مسلسلك «دهشة»، حصريا على إحدى الفضائيات، فهل ترى أن عرض أعمالك بهذا الشكل يُعرضها للظلم؟ - أنا لا أحب هذا الأمر على الإطلاق ولا أميل لعرض مسلسلاتى حصريا، فأود أن تعرض مسلسلاتى على فضائيات كثيرة ومتعددة حتى تكون متاحة للجمهور على مختلف الفضائيات، ولكن للأسف لا أتدخل فى هذا، لأنه خاص بالجهة المنتجة، ولكن هناك عرض ثان وثالث للعمل، وهذا يعوض عرضه الحصرى، وأعتقد أن العمل الجيد سيفرض نفسه سواء فى العرض الأول أو الثانى أو الثالث. السباق الرمضانى المنقضى شهد منافسة شرسة لنجوم جيلك أمثال عادل إمام ومحمود عبدالعزيز، فضلا على منافسة الشباب أمثال محمد رمضان وعمرو يوسف وغيرهما، فكيف رأيت هذه المنافسة؟ وهل تابعت أيا من هذه الأعمال؟ - منافسة كانت جيدة وجميلة للغاية، وانصبت كلها فى صالح المشاهد، فلا يمكن أن تنجح وأنت تتواجد بمفردك على الساحة، فمن الممكن ألا يحب أحد مسلسلك وهذا طبيعى، ولكنه يحب عملا آخر لفنان زميل، وسعدت بشدة بالشباب الذين فرضوا أنفسهم بقوة على الساحة، ولكن للأسف لم أتمكن من متابعة أعمال بعينها لانشغالى فى التصوير حتى نهايات رمضان، فكل ما شاهدته عبارة عن «تخاطيف» وأعجبتنى بعض الأعمال بعد رؤيتى لمختطفات منها، لكن لا أريد الإفصاح عنها، ودعنى أقول إن هناك أقارب لى كانوا يشاهدون مسلسلات أخرى، ويشيدون لى بها بشدة. وماذا عن مسلسل «محمد على»، الذى تاه وسط مسلسلاتك الأخيرة فهل مازلت متمسكا بهذا العمل لتقديمه؟ - أنا حاليا أسعى لتقديمه هذا العمل من خلال فيلم سينمائى، يتم صناعته بشكل جيد، حتى يتخطى حدود المنطقة العربية، ويتم عرضه دوليا، بشرط أن يتم الإنفاق عليه جيدا من خلال إنتاج ضخم، ليكون شيئا مشرفا حينما نصدره لجميع دول العالم، ومنذ فترة اتفق معى السفير التركى بالقاهرة على تولى إنتاج هذا العمل ورحب بشدة، وبدأنا بالفعل فى التحضيرات المبدئية على رصد ميزانية للعمل، ولكن بعد موقف أردوغان رئيس الوزراء التركى من ثورة 30 يونيو، تخليت عن إنتاج السفارة التركية، وأصبحت لا أرد على مكالماته الهاتفية حتى انقطع الاتصال بيننا، وحاليا هناك أكثر من جهة إنتاج سيتم الاتفاق مع إحداها خلال الفترة المقبلة. بعيدا عن الفن لماذا أنت مقل وبشدة فى تصريحاتك الخاصة بالشأن السياسى؟ - مقل لأن السياسة ليست مهنتى، فعندى ما هو أهم، وهو الفن، الذى أعتبره أكثر الأشياء تأثيرا فى الإنسان، وأكثر المهن التى تتأثر بالواقع، وأنا فى النهاية مواطن مصرى عادى، وأقول ما أريده من خلال مهنتى وهو فنى. وما تعليقك على الأوضاع الحالية للبلاد وإلى أين ترى مصر ذاهبة؟ - أراها بمشيئة الله ذاهبة للخير، فأنا متفائل، بس يا رب يسيبونا فى حالنا، وهنا أقصد الأمريكان الخونة والغرب والجماعات المتأسلمة، فهناك محاولات مستميتة لضرب مصر وتدميرها بأى شكل، ومحاولة إعادتها للخلف، لكن فى ظل كل هذا وما تمر به البلاد من مؤامرات فأنا متفائل بشدة، وينتابنى شعور جيد على الأقل لم أشعر به خلال الثلاث السنوات الماضية.