انشغلنا طويلا في مصر بأحداث الثورة وما يحدث داخليا إلي درجة أننا أصبحنا مركز اهتمام العالم ولم يعد يهمنا أحيانا بل أغلب الوقت ما يحدث خارج مصر. هذا أمر طبيعي في الكثير من القضايا، عندما كنا محلك سر كنا نتفرج ونتابع ما يحدث في العالم ونهتم به علي اعتبار أنه أمر يتغير وأحداث تتلاحق علي الصعيد السياسي والاقتصادي قد يؤثر بعضها علينا ويغير من حالنا. الآن أصبحت مصر مختلفة، أصبحنا نؤثر في العالم ونتأثر به. لم تعد علاقتنا احادية بل تطورت إلي مستوي التفاعل. كنا في أي مؤتمر دولي نسمع كلامًا يسمم البدن عن أن كل دول العالم العربي بلا ديمقراطية وبالتالي لم يكن لها رأي مسموع أو حتي رأي يحترم. ولقد تغيرت هذه القاعدة الآن وهو ما يجب أن ننتبه إليه ونتعامل معه لأن انشغالنا بالداخل جعل الكثير من الدول تستعد للمواجهة معنا في الخارج وعلي رأسهما طبعا إسرائيل. ربما كانت أول القضايا الخارجية القادمة هي الرئيس الأمريكي الجديد أوباما سيدخل إلي انتخابات قوية العام المقبل. وهذا معناه أن الحزب الديمقراطي سيواجه الناخبين بعد 4 سنوات من حكم أوباما، وأمريكا بدأت تستعد بقوة لما هو آت. وأول استطلاعات الرأي حتي الآن تؤكد أن الرئيس الأمريكي وإدارته في أضعف الحالات. بل إن بعض استطلاعات الرأي أكدت أن أغلبية الشعب الأمريكي سيؤيدون مرشح الحزب الجمهوري ضد أوباما. وحتي الآن لا أحد يعلم من هو مرشح الحزب الجمهوري المقبل!! أي أن التوجه العام لدي الشعب الأمريكي هو العودة إلي سياسة الحزب الجمهوري المحافظ علي الحزب الديمقراطي. هذ التيار أمامه الآن فترة انتظار لحين إعلان مرشح الحزب الجمهوري ولكنه طبقا للدراسات يهدد أوباما وحزبه بقوة. السياسة الخارجية ستحتل مساحة كبيرة في معركة الانتخابات الأمريكية القادمة. وبما أن العالم العربي قد شهد تغييرات كبيرة ستتطور بلا شك خلال الأشهر المقبلة، فهذا معناه أن مصر ستكون أهم أولويات أي إدارة أمريكية قادمة ليس لأننا أصبحنا أحرارًا ولكن لأن مصر الآن تتحرك طبقا للرأي العام. وما تحاول إسرائيل اقناع أمريكا به هو أن تحاول الحفاظ علي الأنظمة الحالية ذات العلاقة الجيدة بإسرائيل في المنطقة. وأمريكا تريد أن تفتح صفحة جديدة مع أي نظام قادم، لذلك ستجد أن الدعم اليهودي للحزب الجمهوري سيزداد ضد أوباما. وهنا تبدأ لعبة مصر وهي لن تنتظر استقرار أوضاعنا الداخلية. نحن بحاجة إلي أن نختار وأن نتحرك سريعا وأن تكون لنا وجهة نظر واضحة أمام الشعب الأمريكي كله، وقبل أن تمسك إسرائيل كالعادة بكل خيوط اللعبة. إدارة أوباما ستدخل في أشهر عصيبة مطلوب منها أن تقدم انجازات وأن تغلق ملفات داخلية وخارجية. لو ضغطت مصر الآن ستضع قدمها علي الطريق الصحيح للتعامل مع أي إدارة أمريكية قادمة.