لماذا دائماً ما نلجأ إلي أسلوب التفخيم والتعظيم.. لماذا نعشق كلمات وصفات مثل الأكبر. الأول. الأعظم. لماذا نلجأ لأسلوب «أفعل التفضيل» كما نقول في اللغة العربية. أقول ذلك لأننا مغرمون بهذا الأسلوب. وهو جريمة نرتكبها في حقنا دائماً وكان من أبرزها تركيز الإعلام المصري علي أننا نملك أكبر قوة عسكرية في الشرق الأوسط.. إلي أن استيقظنا علي «أكبر هزيمة» عرفتها مصر علي امتداد تاريخها. ومناسبة ذلك ما يقوله الإعلام المصري الآن عن مشروع قناة السويس.. ذلك ان هذا الإعلام يتحدث عن «قناة السويس الجديدة» أو «قناة السويس الثانية» أو «القناة الجديدة».. هنا نقول كيف ذلك بينما المشروع الجديد ينشئ مجري ثانياً شرق جزء من المجري الحالي من البلاح شمالاً إلي البحيرات المُرة جنوباً وأن الحفر سيجري لمسافة 72 كيلو متراً منها 35 كيلو متراً، هي الممر الملاحي الجديد، شرق القناة من الكيلو 61 إلي الكيلو 95 بترقيم قناة السويس.. والباقي عمليات تعميق المجري في منطقة البحيرات.. أقول ذلك رغم أنني دمعت وأنا أري الرئيس السيسي- وحوله شباب وأطفال مصر- يعطون إشارة البدء في هذا العمل العظيم. هل هي مبالغة الإعلام- بكل أنواعه- الذي تعود علي أن يطلق مسميات هائلة علي كل ما تفعله الحكومة.. وهذا في رأيي جريمة تضليل للأمة حتي ولو كان ذلك بحسن نية.. وأقول ذلك أيضاً لأن الرئيس السيسي أطلق الاسم الصحيح علي هذا المشروع، الذي أراه عظيماً بل وأصفق له، لأنه سيؤدي إلي جذب أضعاف أضعاف السفن التي تستخدم القناة الآن.. وسيؤدي ذلك إلي مضاعفة الدخل القومي للبلاد. بل ويواكب تطور بناء السفن العملاقة التي تحتاج إلي استمرار تعميق وتوسيع المجري الملاحي للقناة.. وهي عمليات لم تتوقف عنها هيئة القناة منذ قام الرئيس عبدالناصر بتأميم الشركة يوم 26 يوليو 1956 بل ان مصر تكبدت مئات الملايين لتنفيذ هذه العمليات. وشتان كبير بين عمق وعرض القناة الآن.. وبين ما كانت عليه منذ افتتحت للملاحة العالمية يوم 17 نوفمبر 1869، فقد كانت في البداية مجرد «ترعة الإسماعيلية للملاحة» الآن أصبحت أهم مجري ومعبر ملاحي في العالم. وحسناً حسم الرئيس السيسي مدة حفر المشروع الجديد.. فإذا كان من خططوا له يتحدثون عن مدة ثلاث سنوات.. حسم «السيسي» هذا الكلام بأن يتم التنفيذ خلال عام واحد.. لا أكثر.. ولهذا سيعمل فيه حوالي 20 شركة مصرية عملاقة.. حتي يتحقق هذا الحلم الوطني ويعود بالخير علي الشعب.. وهو خير عميم يبدأ بإتاحة مليون فرصة عمل أمام شعب مصر.. وخلق تجمعات بشرية جديدة- أتمني أن يكون كلها- شرق القناة، أي في سيناء.. لكي نبني جداراً بشرياً مصرياً، من «مدن الثغور» أي مدن المرابطين الجاثمين يد تبني.. وأخري تحمل السلاح. أي تكون خطوط دفاع بشرية عن باقي مصر. ثم نزيد الدخل القومي، وإذا كان دخلنا الآن من رسوم العبور يتجاوز بقليل رقم المليارات الخمسة من الدولارات، فإننا نتوقع- إن شاء الله- أن يقفز هذا الرقم أضعافاً مضاعفة. ولنا هنا عدة ملاحظات.. حقيقة العمق المتفق عليه للمشروع الجديد هو 66 قدماً.. وهذا يعني تلبية احتياجات فلسفة بناء السفن العملاقة الحالية لكي يسمح هذا الغاطس باستقبال السفن العملاقة، حتي الآن.. إلا أننا نتمني أن نصل إلي أعماق أكبر حتي لا نضطر إلي التعميق، بعد 20 عاماً مثلاً.. وكذلك الأمر بالنسبة لعرض المجري الملاحي الجديد.. والحمد لله أننا نملك أرضاً شاسعة- شرق المجري الحالي- في شبه جزيرة سيناء.. مما يسمح أن يكون ذلك «ظهيراً صحراوياً رملياً.. بحرياً في المستقبل». ولكن ماذا عن المعابر والكباري فوق القناة القديمة.. وفوق المشروع الجديد.. هل نمد كوبري الفردان- للسكك الحديدية- بعد تشغيله الذي يجب أن يكون سريعاً.. أم نجعله أرضياً ثم نبني كوبري ثانياً امتداداً له علي المجري الجديد.. وكذلك ما هو الأمر في كوبري السلام العلوي فوق المجري القديم. بل ماذا عن أفكار إنشاء الأنفاق- تحت القناة الحالية وتحت المشروع الجديد- أم هناك أفكار أكثر تطوراً.. حتي نقضي وللأبد علي انعزال شبه جزيرة سيناء «61 ألف كيلو» وماذا عن فكرة انشاء نفق أمام، أو جنوب بورسعيد غرباً، وإلي بورفؤاد أو جنوبها شرقاً حتي لا نعتمد علي حكاية المعديات التقليدية.. ولا يمكن هنا التفكير في الكوبري العلوي.. ليصل بين غرب القناتين وشرقهما في هذه المنطقة. هذا كله وغيره- وأيضاً- موضوع تمويل المشروع الجديد هو موضوعنا المتصل.. وكيف تم تمويل القناة الأولي.. وكيف نقوم بتمويل المشروع الجديد.. فإلي الغد.