قال خبراء النقل البحري، ومحللون اقتصاديون في مصر إن مشروع قناة السويس الموازية، التى أعلن عنها الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسي، اليوم الثلاثاء، سيعمل على اجتذاب حركة التجارة العالمية والسفن العابرة عبر الشرق والغرب، وهو ما سيقطع الطريق أمام التطلعات الإسرائيلية لإنشاء معبر بديل عن قناة السويس، رغم إنها غير قابلة للتنفيذ على أرض الواقع، لاعتبارات هندسية وفنية، وأخرى تتعلق بالوضع الأمني في المنطقة. وقال حمدي برغوت خبير النقل الدولي المصري، إن مشروع شق قناة محاذية للمجري الملاحي الحالي، يعد أحد مخططات إدارة القناة منذ حفرها في القرن التاسع عشر، لتطوير المجرى الملاحي، وليس بمشروع جديد . وأضاف برغوت في اتصال هاتفي مع وكالة الأناضول، اليوم الثلاثاء أن المشروع يمثل ضرورة ملحة لمواجهة الممرات الملاحية المنافسة، وكذلك لاستيعاب زيادة حركة النقل البحري المارة عبر قناة السويس، ولتقديم خدمات مميزة للتجارة العالمية، وتقليل التكلفة الاقتصادية للرحلات البحرية، بتخفيض ساعات الانتظار. وأعطى الرئيس المصري اليوم إشارة بدء تنفيذ مشروع " قناة السويس الجديدة" بطول 72 كيلو متر وإقامة 6 أنفاق أرضية لنقل السيارات والسكة الحديدية لسيناء. وقال الفريق مهاب مميش رئيس هيئة قناة السويس، إن تكلفة انشاء القناة المحاذية لقناة السويس الحالية، وإقامة الأنفاق ستصل الى 8.2 مليار دولار، منها 4 مليار دولار تكلفة القناة الجديدة. وقال برغوت إن أهم المشروعات المنافسة لقناة السويس في الوقت الحالي، تتمثل فى طريق القطب الشمالي، والذي يربط بين الصين وموانئ غرب أوروبا. ويمتد طريق القطب الشمالي علي طول ساحل روسيا علي المحيط المتجمد الشمالي بطول حوالي 3020 ميل بحرى. وبدأ استخدام هذا الطريق على نطاق تجاري خلال فترة السبعينات لنقل المواد الخام المنتجة في شمال روسيا وتصديرها إلى الخارج، وافتتح هذا الطريق للملاحة الدولية ابتداءً من أول يوليو1991. وتقوم فكرة قناة القطب الشمالي على تسيير مكسرات الثلج، وهي عبارة عن سفن تقوم بالسير أمام السفن العابرة لتكسير الثلج لتمكنها من السير في المحيط المتجمد . وتشير تقديرات مبدئية نشرتها وسائل الإعلام مؤخرا، إلى أن الرحلة البحرية التى تستغرق 40 يومًا لمسافة 22 ألف كيلو متر من شمال أوروبا إلى شرق آسيا عن طريق قناة السويس، ستقل إلى 30 يومًا لمسافة 15 ألف كيلو متر عن طريق بحر الشمال، فضلاً عن تجنب المخاطر الأمنية من الصومال، واليمن. وقال برغوت، إن إنشاء قناة موازية لقناة السويس سيزيد من جذب خطوط الملاحة العالمية إليها، مشيرا إلي أن المشروعات الإسرائيلية، والمزمع تنفيذها لمنافسة قناة السويس غير قابلة للتنفيذ على أرض الواقع، لاعتبارات هندسية وفنية، وأخرى تتعلق بالوضع الأمني في المنطقة . وأعلنت إسرائيل مرارا عن عزمها شق قناة منافسة لقناة السويس، تربط بين البحر الأحمر والمتوسط عبر البحر الميت وإقامة خط سكة حديد يربط بين ميناءي إيلات على البحر الأحمر وأشدود على البحر المتوسط لنقل الحاويات وكذلك مد خطوط برية سريعة بين الميناءين . وفي فبراير 2012 صدقت الحكومة الإسرائيلية على مشروع يستهدف شق طريق بديل لقناة السويس، عبر مد خط مزدوج للسكك الحديدية إلى إيلات لنقل المسافرين والبضائع. وقال برغوت إن قناة السويس تستوعب سنويا عبور نحو 18 ألف سفينة ومع تنفيذ مشروع القناة الموازية ستصبح القناة قادرة على استيعاب نحو 50% زيادة في إعداد السفن، وبالتالي ستتضاعف إيراداتها . وبلغت إيرادات القناة نحو 4.86 مليار دولار خلال الفترة من يوليو/تموز/ 2013، وحتي مايو 2014، مقابل 4.622 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام الماضي، بنسبة زيادة 5.1%، وفقا لبيانات هيئة قناة السويس. وتستهدف مصر من إنشاء " قناة السويس الجديدة"، زيادة الدخل القومي، بمضاعفة إيرادات القناة بنحو 259%، ما يوفر ما يقرب من مليون فرصة عمل في إنشاء مدن صناعية على ضفاف القناة منها منطقة إنشاء سفن وحاويات وتصنيع سيارات وتكنولوجيا متقدمة وصناعات خشبية ومنسوجات وأثاث وصناعات زجاجية، وتحقيق عائد سريع وتوفير الأمن الغذائي من خلال إقامة مشاريع الاستزراع السمكي. وأبدي برغوت تحفظه على الفترة الزمنية، المعلن عنها للانتهاء من المشروع، مؤكدا أن الأمر يستدعي وقتا أطول لتنفيذ المشروع على طول المسافة المعلن عنها . وأمر الرئيس المصري أثناء كلمته الفريق محمود حجازى رئيس أركان الجيش المصري، بعدم مغادرة منطقة القناة، حتي يجري تنفيذ المشروع خلال عام بدلا من 3 سنوات، مشددا أن الشعب المصري يلزمه بتنفيذ ذلك. وقال سمير معوض خبير النقل البحري واللوجيستيات، إن مشروع ازدواج القناة تأخر تنفيذه كثيرا، مشير إلي أن التأخير في دخول السفن إلى قناة السويس، وانتظارها لفترات طويلة لم يؤثر على معدلات حركة التجارة المارة عبر قناة السويس، ولكن تقليص مدة مرور السفن عبر القناة، بشق القناة المزدوجة، سيؤدي الى جذب مزيد من الخطوط الملاحية العالمية. وأضاف معوض في اتصال هاتفي مع وكالة الأناضول، إن قناة القطب الشمالي، تعد تهديدا قائما لقناة السويس، وأن إقامة هذا المشروع يعد إضافة لميزات القناة التنافسية، ومحاولة جادة لمواجهة المنافسة حتى وان كانت محدودة في الفترة الحالية. وأكد معوض أن إقامة مركز للخدمات اللوجستية، وتموين السفن على جانب القناة، وإقامة مجتمعات صناعية وتجارية حولها ضرورة، مشيرا إلى أن ازدواج القناة دون إقامة مشروعات المحور يجعله مشروعا ناقصا . وقال حازم الببلاوى رئيس وزراء مصر السابق، إن أي دولة الحرية فى السعي نحو اجتذاب جانب من التجارة العالمية، وخلق موارد تخصه إلا أن قناة السويس المصرية، ستظل المعبر الملاحي الاهم تجاريا، لكافة الدول ولحركة التجارة العالمية . وأضاف الببلاوي فى اتصال هاتفى مع وكالة الأناضول أن إعلان الرئيس المصرى، اليوم عن تدشين مشروع قناة السويس الجديدة وبدء مشروع محور قناة السويس، بداية جادة للخطوات التي قطعتها الدولة خلال الفترة الماضية. وأضاف الببلاوى" إن مصر اليوم تبدأ طريق إنشاء مشروع عملاق متكامل ملاحي، وصناعي، ولوجستي، سيكون له دور كبير في اجتذاب التجارة العالمية". وأشار إلى أن المشروع يعول عليه في تحقيق النهضة الاقتصادية لمصر، من خلال الاستثمارات الضخمة التى سيتم ضخها بالمشروع والعوائد المتوقعة والتى قد تكون كافية لحل مشكلات مصر الاقتصادية. وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن بلاده ستطرح أسهما لتمويل مشروع إنشاء قناة السويس الجديدة وإنشاء 6 أنفاق لسيناء علي البنوك المصرية، والمصريين. وكان الببلاوى قد أشرف على دراسات الجدوى للمشروع، واعداد كراسة الشروط التي سحبها14 تحالف عالمي. وقال عادل عامر الخبير الاقتصادي المصري، ورئيس مركز الدراسات الاقتصادية والقانونية، إن مشروع القناة الإسرائيلية البديلة لقناة السويس، وغيرها من الممرات الملاحية، التي اعلن عنها منذ سنوات، ولم يتم تنفيذها على أرض الواقع ،لا يمكن أن تحل محل قناة السويس، لأنها ارخص ممر ملاحي فى المنطقة. وأضاف عامر في اتصال هاتفي مع وكالة الأناضول، "إذا افترضنا انه تم إنشاء قناة البحرين (الإسرائيلية)، أو أي قناة أخرى فلن تستطيع من الناحية العلمية والجيولوجية ان تكون ارخص من قناة السويس، وحركة التجارة العالمية تنظر إلى الطريق الأوفر لخفض أسعار المنتجات وبالتالي فإن القناة ستظل الأهم في ظل المنافسة العالمية" . وقال الدكتور صلاح جودة الخبير الاقتصادي، ومستشار هيئة المفوضية الأوربية، إن قناة السويس ومنذ افتتاحها منذ 145 سنة لم تستغل بالشكل الأمثل. وأضاف جودة في اتصال هاتفي مع وكالة الأناضول، " إن قناة السويس اهم شريان ملاحى فى العالم، حيث تمر من خلاله نحو 60% من التجارة العالمية، و22% من حاويات العالم، ورغم ذلك فإن إيراداتها لا تتجاوز 6 مليارات دولار". وعول جودة على هذا المشروع بعد توسعة المجرى الملاحي، وتعميقه فى احياء صناعة السفن فى مصر، فضلا عن تنمية 6 محافظات مصرية. وكان الفريق مهاب مميش أكد في تصريحات سابقة لمراسلة الأناضول، أن ادارة القناة تستكمل مشروعات تطوير المجرى الملاحى، خلال خطتها الخمسية، والتى بدأت خلال الفترة من 2012 حتى 2017. وقال إن الخطة الخمسية لتطوير المجرى الملاحى، تقوم على استكمال توسيع وتعميق مناطق انتظار السفن بشرق البحيرات، بمقدار 32.5 مليون متر مكعب، وتعميق التفريعات الغربية للقناة، لتصل الى 52 قدما. وأشار الى أنه سيتم إنشاء تفريعات إضافية، لزيادة طول الأجزاء المزدوجة من القناة بهدف تقليل زمن العبور ويضيف ميزة نسبية للقناة. وتتوقع الحكومة المصرية زيادة الدخل القومي بعد تنفيذ المشروع خاصة من العملة الصعبة نتيجة الزيادة المتوقعة لدخل قناة السويس التي تعد أحد أهم مصادر الدخل في البلاد وتمثل إيراداتها نحو 10% من العملة الصعبة سنوي.