قدر اقتصاديون حجم الاموال التى يمكن أن يتم ضخها لمساعدة الاقتصاد المصرى خلال المرحلة القادمة من جانب الدول العربية بما يتراوح ما بين 30 و40 مليار دولار. وأكد خبراء اقتصاد ورجال أعمال أن «مؤتمر المانحين» الذين دعت إليه المملكة العربية السعودية وعدد من دول الخليج سيساهم فى تحقيق استقرار كبير فى الأوضاع الاقتصادية فى مصر، ويحفز رؤوس الأموال الأجنبية للاستثمار فى مشروعات متنوعة فى السوق المصرى. وكان الملك عبد الله خادم الحرمين الشريفين دعا إلى اقامة مؤتمر دولى للدول المانحة لتقديم مساعدات مالية لدعم الاقتصاد المصرى ومساندته لتجاوز الأزمة التى يعانى منها. ومن جانبها أعلنت دولة الامارات العربية المتحدة تأييدها ومشاركتها فى مؤتمر أشقاء وأصدقاء مصر بما يحقق طموحات الشعب المصرى. وأكدت أنها ستشارك فى كافة الجهود التى تحقق أمن واستقرار المنطقة. كما أبدت دولة الكويت استعدادها للمشاركة فى أى حدث يمكن أن يحقق استقرار مصر خلال المرحلة القادمة، فضلا عن ذلك فإن عدداً من صناديق التمويل العربية سيتم دعوتها للمشاركة فى المؤتمر بما يتيح توفير منح وقروض ميسرة لقطاعات متنوعة داخل مصر. وفى تصور المهندس محمد السويدى رئيس اتحاد الصناعات المصرية، فإن مبادرة المملكة السعودية تعكس علاقة الصداقة التى تربط البلدين والتى تنبع من احتياج المنطقة العربية كلها لمصر على المستوى السياسى، وهو ما يدعو إلى ضرورة مساندتها والعمل على توفير التمويل اللازم لتجاوز أزمتها الحالية. وفى تقدير «السويدى» فإن مصر فى حاجة لمساعدات تتجاوز قيمة العجز فى الموازنة فى العام الحالى والبالغ 187 مليار جنيه أى ما يعادل 25 مليار دولار. ويؤكد أن توفير ذلك المبلغ دون أعباء على الأجيال القادمة من شأنه مضاعفة الاستثمارات الأجنبية خلال سنوات قليلة. ويرى رئيس اتحاد الصناعات أن مصر فى حاجة إلى ضخ استثمارات عاجلة بما يتراوح ما بين 30 و40 مليار دولار لتغطية فرص العمل المطلوبة بين شباب الخريجين. وفى رأى الدكتور محمود سليمان رئيس الاتحاد العربى لصناعة البويات، فإن تنظيم مثل هذا المؤتمر سيساعد على رفع معدلات النمو فى مصر لمعدلاتها السابقة، فضلا عن توفير مئات الالاف من فرص العمل. ويقول: إنه من المقدر أن تصل حصيلة المساعدات والمنح المقدمة لمصر من خلال ذلك المؤتمر إلى 40 مليار دولار، وهو ما يحقق أمانا اقتصاديا عظيما. ويقول الدكتور وليد هلال رئيس المجلس التصديرى للصناعات الكيماوية إن السعودية كانت دائما سباقة إلى دعم ومساندة مصر فى أصعب الظروف، وليس غريبا عليها إطلاق تلك المبادرة التى ستعيد لمصر قدرتها على المنافسة اقتصاديا. ومن المعروف أن الفترة التى أعقبت ثورة 30 يونيو شهدت مبادرات خليجية عديدة لمساندة الاقتصاد المصري وإخراجه من عثرته التى عاني منها بعد ثورة يناير وخلال حكم جماعة الإخوان، وساعدت أشكال الدعم النقدي والعيني من دول الخليج وأبرزها المملكة العربية السعودية ودولتا الإماراتوالكويت فى إنقاذ الموازنة العامة للدولة والاستثمارات الحكومية خلال العام المالى 2013-2014، حيث تم فتح اعتماد إضافى فى الموازنة العامة للدولة بقيمة 33.8 مليار جنيه لتعزيز مخصصات الاجور والاستثمارات. وتم تمويل أغلب تلك الحزمة من المنح النقدية والعينية التي تلقتها مصر من الإمارات خلال الفترة من أول يوليو إلى 31 ديسمبر من العام الماضي. وأقر الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور في شهر أكتوبر الماضي الحزمة التحفيزية الأولى، وبلغت قيمتها 29.7 مليار جنيه بما يعادل (4.3 مليار دولار)، ممولة من نصف وديعة حرب الخليج البالغة نحو 9 مليارات دولار، والتي كانت مربوطة في حساب خاص لدى البنك المركزي، بالإضافة إلى أن إجمالي المساعدات التي بلغت في مجموعها 10.93 مليار دولار، منها 3.93 مليار دولار منتجات وقود، ومليار دولار منحة من الإمارات و6 مليارات دولار ودائع لدى البنك المركزي، إلى جانب مساعدات إماراتية أخري تقدر بنحو 2.9 مليار دولار لإنشاء مشروعات تنموية. وتكشف البيانات الرسمية الصادرة عن وزارة المالية عن ورود ودائع من دول الخليج خلال العام المالي 2013-2014 بقيمة 7 مليارات دولار تم تسجيلها لدى البنك المركزى بواقع 2 مليار دولار من دولة الإمارات، و2 مليار دولار من المملكة العربية السعودية و3 مليارات دولار من دولة الكويت؛ فى حين تم إلغاء وديعة وردت سابقاً لدولة قطر بقيمة 2 مليار دولار. بجانب تحويل وديعة قطرية بحوالى مليار دولار لسندات خزانة خلال فترة الدراسة. حيث قامت مصر بسداد وديعة قطرية أخرى بمبلغ مليار دولار. وقدمت الدول الثلاث الشقيقة السعودية والإماراتوالكويت لمصر مساعدات عاجلة بين منح وقروض دون فوائد بلغت نحو 12 مليار دولار، ويقترب هذا المبلغ من 3 أضعاف قيمة قرض الصندوق الدولي الذي تفاوضت عليه حكومة الإخوان لنحو 8 أشهر ولم تحصل عليه، ويماثل 3 أضعاف القروض القطرية المقدمة لمصر، فضلاً عن ذلك فإن تلك المساعدات تضم منحاً دون رد بنسبة 25٪، أما الباقي فقروض دون فوائد وهو ما يعظم من قيمتها ويفضلها علي غيرها من القروض، خاصة قروض قطر التي منحت لمصر بفائدة 3.5٪ للشريحة الثالثة، و4.25٪ للشريحة الأولي. وتضمن مبلغ ال 12 مليار دولار 3 مليارات دولار مساعدات عبارة عن مشتقات نفطية وغاز، مشيراً إلي أن المساعدات تتوزع بواقع 5 مليارات دولار مقدمة من المملكة العربية السعودية تشمل 2 مليار دولار وديعة نقدية بالبنك المركزي المصري دون فوائد و2 مليار دولار أخري نفط وغاز إلي جانب تقديم مليار دولار نقداً، في حين قدمت الكويت مساعدات لمصر بقيمة 4 مليارات دولار تشمل وديعة دون فوائد بقيمة 2 مليار دولار بالبنك المركزي المصري ومليار دولار أخري منحة لا ترد، إضافة إلي منحة نفط بقيمة مليار دولار، بينما بلغت مساعدات دولة الإمارات العربية المتحدة 3 مليارات دولار عبارة عن منحة بقيمة مليار دولار وقرض بقيمة 2 مليار دولار وديعة دون فائدة لدي البنك المركزي المصري. واختلفت مساعدات السعودية والإماراتوالكويت عن الوديعة القطرية، وجاءت المساعدات الخليجية بشروط ميسرة وتفضيلية، حيث إن تلك المساعدات جاءت كتحرك سريع من جانب أبرز دول الخليج بالمنطقة لمساندة الاقتصاد المصري عقب ثورة 30 يونية والإطاحة بنظام حكم جماعة الإخوان، في حين أن القرض القطري تم تحويله إلي سندات ذات الأجل ثلاث سنوات والبالغة قيمتها مليار دولار في الأول من يوليو بعائد 3.5٪ بالقيمة الاسمية، وجاء ذلك في أعقاب إصدار سندات بقيمة 2.7 مليار دولار وأجل 18 شهراً في أواخر مايو بفائدة 4.25٪، حيث تمثل السندات حماية إضافية لقطر في حال تخلف مصر عن السداد، كما أنه إذا تم تحويل تلك المبالغ إلي سندات فيتعين استخدامها في تمويل عجز الموازنة، بينما في المقابل إذا تم الإبقاء علي هذه الأموال كودائع بالبنك المركزي ستكون فرصة أكبر لاستخدامها في زيادة احتياطي العملة الأجنبية.