تباينت ردود أفعال خبراء الاقتصاد والقانون حول قرار رئيس الجمهورية بمنع الطعن على إبرام الدولة أو أى من جهاتها لتعاقدات مع الجهات الأخرى، مما يعنى عدم جواز تدخل طرف ثالث لرفع دعوى بالطعن، الأمر الذى طرح كثيرا من التساؤلات، على رأسها هل هذا القرار يفيد الاقتصاد المصرى؟ وهل يحافظ على حق الدولة كما يحصن المستثمرين؟، أم أنه يفتح بابا جديداً للفساد والخصخصة؟. ومن جانبه أكد المستشار محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة الأسبق، أن المبادئ الدستورية العامة لا يتم فيها تحصين أى قرار، وهذا يعد تعبيرا عن الشرعية الثورية والدستورية والقانونية، فضلا عن وجود نص دستورى صريح فى الدستور الجديد بعدم تحصين أى قرار أو اجراء، ومن ثم فإن قرار منع الطعن على العقود التى تبرمها الدولة أو اجهزتها مع شركات أو جهات أخرى غير دستورى. وأضاف الجمل فى تصريحاته ل"بوابة الوفد"، اليوم الخميس، أن قرار رئيس الجمهورية أمس بمنع الطعن على العقود التى تبرمها الدولة، يعد حظراً جزئيا لممارسة المصريين لحق التقاضى، ويمنع من اللجوء للطعن أو اللجوء للقضاء، موضحاً أن هذا القرار ليس له أى قيمة اقتصادية بينما يجب أن تخضع هذه العقود للرقابة القضائية من أجل تحقيق التوازن المالى لهذه العقود مع عدم حظر أى رقابة عليها. كما أشار رئيس مجلس الدولة الأسبق إلى أن مثل هذه القرارات تشجع على الفساد، معللا ذلك بأن من يبرمون هذه التعاقدات مع الدولة رجال أعمال أو جهات أجنبية ذوو نفوذ مالى واسع، وفى حال توجههم للطعن القضائى دون غيرهم، فهم سينظرون إلى مصالحهم الشخصية دون مصالح الوطن. بينما اختلف معه الدكتور بهاء أبو شقة الفقيه القانونى، إذ أوضح أن مصر الآن فى خضم مرحلة جديدة ولابد من إجراءات تشجع المستثمرين ورجال الأعمال على الاستثمار مع الدولة، ومن ثم فإن القرار الرئاسى بمنع الطعن على العقود التى تبرمها الدولة يعد صائبا 100% ويتسم بالجرأة والواقعية وتلافى أخطاء الماضى، مشيرًا إلى أننا بحاجة لمزيد من القوانين التى تطمئن كل مريدى التعامل مع مصر. وأضاف أبو شقة فى تصريحاته ل"بوبة الوفد"، اليوم الخميس، أنه يجب أن تكون هناك نصوص صريحة وواضحة لمن يتعامل مع الدولة من المستثمرين تشعره بالأمان، موضحًا أن المستثمر إذا استشعر الخطر سيعزف عن مصر ويتوجه لدولة أخرى، لافتًا إلى ضرورة فتح صفحة جددة تزيل العقبات أمام الاستثمارات وتؤكد تغير مصر بعد ثورة 25 يناير. كما أشار الفقيه القانونى إلى أن مصر فى هذه المرحلة بحاجة إلى ثورة تشريعية تقوم على تنقية التشريعات القائمة واختيار ما يتوافق مع المرحلة، موضحا أن الهدف من صدور القرار هو تشجيع الاستثمار، بينما إذا تم التطرق إلى احتمالية وقوع فساد فهذا يتنافى مع انطلاقة طريق التنمية الاقتصادية فى مصر. أما على الصعيد الاقتصادى فأوضح الدكتور فخرى الفقى المستشار السابق بصندوق النقد الدولى، أن قرار رئيس الجمهورية المستشار عدلى منصور، بمنع الطعون على عقود الدولة المبرمة مع طرف آخر، من قبل طرف ثالث فى صالح الاقتصاد المصرى فى هذه الفترة، إلى أن يتم انتخاب مجلس نواب جديد، لافتا إلى أنه كانت هناك تجربة سابقة فى هذا الصدد وبالرغم من أنها كانت بوازع وطنى إلا أنها كبدت الدولة خسائر مالية كبيرة، ولا تستطيع الدولة الآن تحمل مثلها، مما يعنى إعادة تأمين لعقود الدولة من جديد. وأضاف الفقى فى تصريحاته ل"بوابة الوفد"، اليوم الخميس، أن التجربة السابقة والتى صدرت على إثرها أحكام باسترجاع 5 شركات ولكنها ضربت الاستثمار المصرى فى مقتل حينها، كما أن تدخل طرف ثالث قد ينتهى لرفع قضية تحكيم دولى، معربا عن تأييده لقرار رئيس الجمهورية الصادر أمس لمنع وقوع مثل هذه الأزمات مرة أخرى. كما أشار المستشار السابق لصندوق النقد الدولى إلى أن الدولة إذا قررت خصخصة بعض الشركات فى المستقبل فهذا ليس خطأ ولكن يجب أن تتاح تفاصيلها للجميع لأن "العيب" هو فى امتزاج الخصخصة بالفساد، لافتا إلى أن مصر لا تمتلك الأموال لإدارة الشركات التى تقوم بخصخصتها.. فى حين أبرز الدكتور صلاح جودة الخبير الاقتصادى والمستشار الاقتصادى فى هيئة المفوضية الأوروبية وجهة نظر جديدة، إذ أوضح أن القرار الرئاسى الصادر أمس بمنع الطعن على العقود التى تبرمها الدولة، سبب صدوره وجود الكثير من قضايا التحكيم الدولى المرفوعة على مصر عقب ثورة 25 يناير، التى تقضى بإعادة الشركات إلى أصحابها مما يؤدى لتلف وعدم استتباب مناخ الاستثمار فى مصر. وأضاف جودة فى تصريحاته ل"بوابة الوفد"، اليوم الخميس، أن هذا القرار يعمل لصالح المجتمع، ولكن عندما يتم بيع ملكية الدولة لابد أن تمر بلجان على رأسها خبراء ومتخصصون وليس مجرد موظفين عاديين حتى لا تقع أخطاء، ضاربا المثل بشركة حليج الأقطان فى المنيا والتى تم بيعها ب22 مليون جنيه فى حين أن سعرها وقت بيعها كان 16 مليار جنيه. كما أشار الخبير الاقتصادى إلى أنه يجب طمأنة المستثمر ولكن مع الحفاظ على حق الدولة، مبرزا وجهة نظره فى أن مثل هذا القرار يجب أن يطبق فقط فى بيع أراض جديدة فى الصحراء وليس بيع مشروعات قائمة بالفعل مما يحقق الفائدة للدولة وأيضا يحفظ حقها. ولفت جودة إلى أن هذا القرار تم اتخاذه لوجود مجموعة من المستثمرين العرب لهم قضايا تحكيم دولى، يجب تخفيفها وإعادة استثماراتهم فى مصر من جديد.