تم بحمد الله التشكيل الوزارى الجديد.. صحيح أن بالحكومة الجديدة ثمانية عشر وزيراً قديماً من حكومة الدكتور حازم الببلاوى، وصحيح أنه تم التشكيل على شاكلة الفك والتركيب، وأن الدكتور «الببلاوى» قد تم إبعاده عن المشهد السياسى برمته على أمل إرضاء العمال الذين أضربوا خلال الأسبوعين الماضيين بتحريض من الإخوان الإرهابيين.. كما قلت قبل ذلك.. وصحيح أن المهندس إبراهيم محلب الذى كان وزيراً نشيطا لم يستغرق مدة زمنية طويلة فى تشكيل حكومته التى ستؤدى اليمين اليوم أمام الرئيس.. لكن يبقى ما هو مهم بعد ذلك وهو لماذا تم الإبقاء على أكثر من نصف الحكومة السابقة؟ وهل هؤلاء الوزراء الذين تم الإبقاء عليهم كانوا يؤدون أعمالهم على ما يرام؟!.. أم أن الهدف الرئيسى فى إقالة حكومة «الببلاوى» كان لإبعاد رئيس الوزراء فقط، وجاء بالجملة العدد الجديد من الوزراء الذين تم اختيارهم فى حكومة محلب؟ وهل حكومة المهندس محلب ستلبى حاجة المضربين وخلافهم من الذين صدعوا الدنيا خلال الفترة الماضية بضرورة إجراء تغيير وزارى أو إقالة الحكومة السابقة؟!.. هل محلب لديه مثلاً عصا سحرية سيلبى بها مطالب الناس فى الحياة الكريمة، ولدى الحكومة الجديدة ما لم يكن لدى الحكومة السابقة؟!.. هل موارد الدولة واقتصادها المنهار، سيجد الطريق والمتنفس لتلبية مطالب الناس؟!.. ومن أين يأتى ذلك؟! المتفائلون بتحسين الأحوال المعيشية والكريمة لخلق الله واهمون فى هذا الصدد، فالتركة التى ورثها محلب ثقيلة والحالة الاقتصادية ضنك ولن يجدالمواطنون شيئاً أفضل فى هذه الحكومة مما سبقتها من حكومة رحلت، طالما أن مواقع الإنتاج مازالت تعانى من ركود وطالما أن خزانة الدولة مفلسة، وطالما أن الموارد مازالت محدودة.. والذين يعولون على تحسين الظروف المعيشية مخطئون، إلا إذا انتهت مشاكل الدولة بقدرة قادر.. ولن يحدث هذا فى ظل حكومة جديدة عمرها الافتراضى ليس طويلاً، أمام انتخابات رئاسية مقبلة وأخرى برلمانية ستعقبها. مشهد آخر لا يمكن التغافل عنه فى تشكيل هذه الحكومة، وكانت عقبة واجهت المهندس محلب فى تشكيل حكومته، هى اختياره وزراء جدداً، واكتشف أن هناك أصواتاً معارضة لها مما حدا به على أن يغير مرشحيه لعدة حقائب وزارية أكثر من مرة إرضاء للقطاعات المعترضة، وعلى سبيل المثال تم ترشيح أربعة وزراء لحقيبة الثقافة وتم استبدالهم فى اللحظات الأخيرة بعد تلقى محلب اعتراضات على المرشحين حتى حدا به الأمر فى نهاية المطاف على أن يختار الوزير القديم صابر عرب. عملية الاعتراض على أشخاص بأعينهم غريبة وشاذة، والأغرب هو امتثال رئيس الوزراء المكلف لأوامر أو الاستجابة لمطالب المعارضين للأشخاص، مما يعنى أن هذه حكومة ترضية؟ ويأتى السؤال لماذا هذه الترضية؟! وما الدوافع وراءها؟! وما الهدف منها؟!.. الأمر بهذا الشكل، يؤكد أن الدولة تسترضى الناس أو القطاعات المختلفة، وهو نفس الأمر الذى تم إقالة «الببلاوى» بسببه، عندما خرجت أصوات كثيرة تعلن رفضها سياسة «الببلاوى» وتمثل ذلك فى الاعتصامات والإضرابات، وكان لابد من البحث عن تهدئة تمثلت فى تشكيل الحكومة الجديدة لعودة الهدوء. مطالب الناس لن تنتهى وإرضاء كل القطاعات طريقة فيها نظر وبحث ولا تنفع فى ظل الظروف العصيبة التى تمر بها البلاد ولا أحد ينكر أننا جميعاً نبغى الحياة الكريمة، وكلنا يعلم أن هناك توزيعاً ظالماً للثروة وأن الهدف من ثورتى «25يناير» و«30 يونية» هو العيش والحرية والكرامة والعدالة ولم يتحقق شعار الثورتين حتى الآن.. وتحقيقه ليس بعملية إرضاء الناس فى التغيير أعنى تغيير الأشخاص فحسب وإنما المطلوب هو تنفيذ عملى لتوفير احتياجات الناس الذين تستغلهم جماعات الإرهاب فى تنظيم إضرابات واعتصامات وخلافه، والمصريون يطلبون تغييراً حقيقياً فى ظروف معيشتهم ولن يتحقق ذلك إلا بإعادة توزيع الثروة.. «مش كده ولا إيه».