حملة لتوفير أجهزة كمبيوتر.. دعوات لتأهيل المدارس لتعليم التكنولوجيا | تفاصيل    تراجعت على العربات وبالمحال الصغيرة.. مساعٍ حكومية لخفض أسعار سندوتشات الفول والطعمية    وفقا لوزارة التخطيط.. «صيدلة كفر الشيخ» تحصد المركز الأول في التميز الإداري    الجيش الأوكراني: 96 اشتباكا قتاليا ضد القوات الروسية في يوم واحد    طائرات جيش الاحتلال تشن غارات جوية على بلدة الخيام في لبنان    3 ملايين دولار سددها الزمالك غرامات بقضايا.. عضو مجلس الإدارة يوضح|فيديو    كرة سلة - ال11 على التوالي.. الجندي يخطف ل الأهلي التأهل لنهائي الكأس أمام الجزيرة    المقاولون العرب يضمن بقاءه في الدوري الممتاز لكرة القدم النسائية بعد فوزه على سموحة بثلاثية    تصريح مثير للجدل من نجم آرسنال عن ليفربول    السجن 15 سنة لسائق ضبط بحوزته 120 طربة حشيش في الإسكندرية    إصابة أب ونجله سقطا داخل بالوعة صرف صحي بالعياط    خناقة شوارع بين طلاب وبلطجية داخل مدرسة بالهرم في الجيزة |شاهد    برومو حلقة ياسمين عبدالعزيز مع "صاحبة السعادة" تريند رقم واحد على يوتيوب    رئيس وزراء بيلاروسيا يزور متحف الحضارة وأهرامات الجيزة    بفستان سواريه.. زوجة ماجد المصري تستعرض جمالها بإطلالة أنيقة عبر إنستجرام|شاهد    ما حكم الكسب من بيع التدخين؟.. أزهري يجيب    الصحة: فائدة اللقاح ضد كورونا أعلى بكثير من مخاطره |فيديو    نصائح للاستمتاع بتناول الفسيخ والملوحة في شم النسيم    بديل اليمون في الصيف.. طريقة عمل عصير برتقال بالنعناع    سبب غياب طارق مصطفى عن مران البنك الأهلي قبل مواجهة الزمالك    شيحة: مصر قادرة على دفع الأطراف في غزة واسرائيل للوصول إلى هدنة    صحة الشيوخ توصي بتلبية احتياجات المستشفيات الجامعية من المستهلكات والمستلزمات الطبية    رئيس جهاز الشروق يقود حملة مكبرة ويحرر 12 محضر إشغالات    أمين عام الجامعة العربية ينوه بالتكامل الاقتصادي والتاريخي بين المنطقة العربية ودول آسيا الوسطى وأذربيجان    سفيرة مصر بكمبوديا تقدم أوراق اعتمادها للملك نوردوم سيهانوم    مسقط تستضيف الدورة 15 من مهرجان المسرح العربي    فيلم المتنافسون يزيح حرب أهلية من صدارة إيرادات السينما العالمية    إسرائيل تهدد ب«احتلال مناطق واسعة» في جنوب لبنان    «تحيا مصر» يوضح تفاصيل إطلاق القافلة الخامسة لدعم الأشقاء الفلسطينيين في غزة    وزير الرياضة يتابع مستجدات سير الأعمال الجارية لإنشاء استاد بورسعيد الجديد    الاتحاد الأوروبي يحيي الذكرى ال20 للتوسع شرقا مع استمرار حرب أوكرانيا    مقتل 6 أشخاص في هجوم على مسجد غربي أفغانستان    بالفيديو.. خالد الجندي: القرآن الكريم لا تنتهي عجائبه ولا أنواره الساطعات على القلب    دعاء ياسين: أحمد السقا ممثل محترف وطموحاتي في التمثيل لا حدود لها    "بتكلفة بسيطة".. أماكن رائعة للاحتفال بشم النسيم 2024 مع العائلة    القوات المسلحة تحتفل بتخريج الدفعة 165 من كلية الضباط الاحتياط    جامعة طنطا تُناقش أعداد الطلاب المقبولين بالكليات النظرية    الآن داخل المملكة العربية السعودية.. سيارة شانجان (الأسعار والأنواع والمميزات)    وفد سياحي ألماني يزور منطقة آثار بني حسن بالمنيا    هيئة الرقابة النووية والإشعاعية تجتاز المراجعة السنوية الخارجية لشهادة الايزو 9001    مصرع طفل وإصابة آخر سقطا من أعلى شجرة التوت بالسنطة    رئيس غرفة مقدمي الرعاية الصحية: القطاع الخاص لعب دورا فعالا في أزمة كورونا    وزير الأوقاف : 17 سيدة على رأس العمل ما بين وكيل وزارة ومدير عام بالوزارة منهن 4 حاصلات على الدكتوراة    «التنمية المحلية»: فتح باب التصالح في مخالفات البناء الثلاثاء المقبل    19 منظمة حقوقية تطالب بالإفراج عن الحقوقية هدى عبد المنعم    رموه من سطح بناية..الجيش الإسرائيلي يقتل شابا فلسطينيا في الخليل    تقرير حقوقي يرصد الانتهاكات بحق العمال منذ بداية 2023 وحتى فبراير 2024    مجهولون يلقون حقيبة فئران داخل اعتصام دعم غزة بجامعة كاليفورنيا (فيديو)    حملات مكثفة بأحياء الإسكندرية لضبط السلع الفاسدة وإزالة الإشغالات    «الداخلية»: تحرير 495 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة وسحب 1433 رخصة خلال 24 ساعة    "بحبها مش عايزة ترجعلي".. رجل يطعن زوجته أمام طفلتهما    استشاري طب وقائي: الصحة العالمية تشيد بإنجازات مصر في اللقاحات    إلغاء رحلات البالون الطائر بالأقصر لسوء الأحوال الجوية    عبدالجليل: سامسون لا يصلح للزمالك.. ووسام أبوعلي أثبت جدارته مع الأهلي    دعاء آخر أسبوع من شوال.. 9 أدعية تجعل لك من كل هم فرجا    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    نجم الزمالك السابق: جوميز مدرب سيء.. وتبديلاته خاطئة    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إضراب الأطباء والصيادلة .. المرضى يدفعون الثمن
نشر في الوفد يوم 20 - 02 - 2014

اختلطت الأوراق في ملف إضراب الأطباء.. الكل ضحية وجان في نفس الوقت وكل طرف لديه وجهة نظر يدافع عنها باستماتة، ويبدو فيها المنطق ولو ظاهرياً لكن يبقي في النهاية ضحية أساسية لم يلتفت إليها أحد وهم المرضى الفقراء الذين تضطرهم ظروفهم للذهاب لمستشفيات وزارة الصحة.
الطرف الأول في المعادلة وهم الأطباء يرون أن أجورهم المتدنية هي أحد أبرز أسباب تدهور الخدمة الطبية في مصر وأن أجر الطبيب حديث التخرج لا يساوي أجر عامل في شركة قطاع خاص وبالتالى لا يستطيع أن يقدم خدمة طبية لمريضه في الوقت نفسه يتناقص هذا الإضراب مع قسم الطبيب الذي يعتبر المهنة خدمة إنسانية قبل أن تكون أي شىء آخر، وبالتالى يبدو المشهد وكأن الأطباء اتخذوا المرضى الفقراء رهينة ودرعاً بشرياً لابتزاز الدولة ووزارة الصحة والمجتمع في المقابل ماذا يمكن أن يفعل مريض ذهب لمستشفي لتلقى العلاج فوجدنا طبيباً يرفض توقيع الكشف وصيدلياً يرفض صرف الدواء، فلمن يشكو مثل هذا المريض الفقير؟
أما السؤال الأكثر أهمية، فهو: لماذا هذا التوقيت لإضراب الأطباء، هل هو مقصود لإرباك الدولة في هذه المرحلة الحرجة أم وسيلة لابتزاز وزارة الصحة بعد أن ألزم الدستور الحكومة برفع مخصصات الرعاية الصحية في الموازنة العامة لتصبح 4٪ من الناتج القومي الإجمالى، بمعنى هل هذا الإضراب سيكون مقدمة لتحويل الزيادة في مخصصات الصحة إلي مجرد زيادة في مكافآت وحوافز الأطباء وتظل الخدمة الطبية علي حالها المتدنى، وكأنك يا أبو زيد ما غزيت، وتبقي مخصصات الصحة بالدستور الجديد حبراً علي ورق إذا ما علمنا أن رواتب ومكافآت العاملين والأطباء بوزارة الصحة في كل الميزانيات السابقة تلتهم من 70٪ إلي 80٪ منها.
أما الطرف الثاني في المعادلة وهو وزارة الصحة فترى أنها أبرأت ذمتها تجاه الأطباء بعد إصدار قانون تنظيم شئون المهن الطبية والذي يراه الأطباء مجرد وسيلة لزيادة الحوافز وليس كادراً مالياً حسب ما يطلبون.
أما المرضى ضحية هذا الصراع بين الحكومة والأطباء فيتساءلون عن ذنبهم في هذا الإضراب ويتساءلون أيضاً وبهذا المنطق «من يعوضنا فيما نتحمله وتحملناه من حدوث أخطاء طبية قاتلة»، وهي الأخطاء التي يبررها بعض الأطباء بأنهم يضطرون للعمل كعب داير طول النهار بين المستشفيات والمراكز الطبية لتوفير حياة كريمة لأسرهم أي أن الأخطاء من وجهة نظرهم واردة في هذه الظروف، بينما لم نسمع أن نقابة الأطباء التي تقود الإضراب وتمارسه تحت التهديد للرافضين أنها أدانت ولو طبيباً واحداً عن خطأ طبى ارتكبه في حق مريض وإن حدث فالعقاب لا يعوض المريض عن إعاقته أو حتي وفاته.
ملف شامل نطرح فيه كل هذه التساؤلات ونستمع لكل الأطراف لعل وعسى.. نجد من يسمع ويعقل!!
مصر تعتبر من أقل الدول إنفاقاً علي الصحة نصيبها من الموازنة القديمة قبل إقرار دستور 2014 لا يتعدى 4.9٪ رغم أن المعدل الدولى 15٪ ما انعكس بالسلب علي القطاع العام ولصالح زيادة في المستشفيات الخاصة والتي طالها الإهمال والتهاون بأرواح المرضى لانعدام الرقابة عليها، ولذلك ووفقاً لتقدير لجنة الدفاع عن الحق في الصحة وأرقام الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء انخفض عدد الأسرة في المستشفيات المصرية من 125457 سريراً عام 1998 إلى 115735 في عام 2011 رغم الزيادة الكبيرة في عدد السكان ونقص عدد الأسرة في المستشفيات الحكومية بوزارة الصحة من 71694 سريراً عام 1998 إلي 41647 سريراً في عام 2011 وفي المقابل زادت نسبة القطاع الخاص من 15259 عام 1998 سريراً إلي 29393 عام 2011.
وبذلك تصل نسبة الأسرة إلي السكان في مصر 1.6 سرير لكل 1000 مواطن، بينما في الهند هناك تبلغ 5 أسرة لكل 1000 مواطن وفي السويد 12 وأمريكا 10، ومن ثم يلاحظ حدوث تراجع تدريجي لمعدل دخول المرضي إلي المستشفيات الحكومية من 2468871 حالة خلال 2009 إلي 2011619 في عام 2011 وفي المقابل ترتفع نسبة الموتى من 0.84٪ عام 2009 إلي 1٪ عام 2011 الذي شهد وفاة 20038 مريضاً في المستشفيات الحكومية.
وعدد أسرة العناية المركزة في مصر لا يزيد علي 7000 سرير ومن ثم انخفض عدد المرضى الداخلين لتلك الغرف في المستشفيات الحكومية من عام 2009 إلي عام 2011 من 70642 مريضاً إلي 57529.
وفي المقابل ارتفعت نسبة الموتى من 5.19٪ عام 2009 إلي 6.14٪ في عام 2011 والذي شهد وفاة 3533 مريضاً في غرف العناية المركزة بالمستشفيات الحكومية وأيضاً كان عدد المواليد المحتاجين للحضانات عام 2010 حوالي 238 ألف طفل، بينما كل حضانات الوزارة لا تستوعب سوي 111 ألفاً فقط ومن ثم أكثر من 100 ألف طفل يجدون بديلاً ولكن بصعوبة في المستشفيات الاستثمارية أو التابعة للجمعيات الشرعية أو يموتون ببساطة!
كما انخفض عدد الأطفال المبتسرين الذين يدخلون لحضانات المستشفيات الحكومية من 52242 طفلاً في عام 2009 إلي 42545 في 2011، بينما ارتفعت نسبة الوفاة من 6.05٪ في عام 2009 إلى 7.15٪ في عام 2011 الذي شهد بدوره وفاة 3044 طفلاً.. ولنجد أم الكوارث الصحية في مصر إذا علمنا أن عدد الأطباء في مصر عام 2011 بلغ 62076 طبيباً بنسبة 0.7 طبيب لكل 1000 من السكان وهو 3 أطباء لكل 1000 من السكان عالمياً وفي الدول المتقدمة وبالمثل بلغ عدد هيئة التمريض في مصر عام 2011 حوالي 110744 بنسبة 1.7 لكل 1000 من السكان في مقابل 8.9 ممرضة لكل 1000 من السكان في الدول المتقدمة.
وهكذا نري الكل يعاني من تدهور قطاع ومنظومة الصحة في مصر، أطباء وتمريض وعاملين ومرضى.. فلماذا يدفع المرضى الفقراء فقط ثمن هذا التدهور وثمن إصلاح أحوال وظروف الأطباء.. وكيف يقدم الأطباء علي تقديم العلاج لمرضى يتشابكون معهم ويتشاجرون ويعتدى كل منهم علي الآخر.. وماذا بعد حرمان المرضى من تشخيص الداء وتوفير وصرف الدواء بعدما تحالف علي هؤلاء المرضى الفقراء بعض الأطباء والصيادلة التابعين لوزارة الصحة ويعملون في المستشفيات الحكومية بالإضراب عن العمل، وعلى رأي المثل «رضينا بالمستشفيات الحكومية وهي مش راضية بينا»، وقبل هذا وذاك أين هذا الإضراب ومحله من قسم الطبيب والذي بمقتضاه يقسم بأن يراقب الله في مهنته وأن يصون حياة الإنسان في جميع أدوارها وفي كل الظروف والأحوال باذلاً وسعه في استنقاذها من الهلاك والمرض والألم والقلق وأن يكون علي الدوام من وسائل رحمة الله على عباده وأن يثابر علي طلب العلم ويسخره لنفع الإنسان وليس لإذلاله.. ومن هذا المنطلق وتلك الحقيقة سنجد أن الأطباء أنفسهم انقسموا ما بين مؤيد ومعارض للإضراب، فالإضراب حق ولكن ليس علي حساب أرواح واحتياجات، بل وحياة الآخرين، ومن ثم فإن إضراب الأطباء وانضمام الصيادلة لهم دون غيرهم مخالف للقوانين السماوية والوضعية ولقسم الطبيب ذاته المعمول به منذ 1843 والذي من أهم بنوده العلاج في جميع الأحوال ومهما كانت الظروف والضغوط الواقعة علي الأطباء، فهل هناك ظروف أصعب مما تمر به مصر كلها منذ حكم الجماعة الإرهابية ورحيلها!!
حرب التصريحات.. وزارة الصحة: الإضراب لم يتعد 15٪ ونقابة الأطباء 45٪ في المحافظات
الأطباء المؤيدون: الإضراب لصالح المرضى وإصلاح المنظومة الصحية
الأطباء المعارضون: ابتزاز للحكومة وضد قسم الطبيب والإنسانية
والنقابة تنفذه بالإرهاب والتهديد.. وتحول أستاذ مسالك إلي لجنة آداب المهنة لإنقاذه مريضة وهو في الإضراب!
لأن الصحة في مصر تتدهور من سيئ إلي أسوأ نتيجة إلي استمرار التواطؤ من جميع ممثلي الرأسمالية في السلطة.. نظم الأطباء الكثير من الوقفات الاحتجاجية على تدني مستوي الصحة ومن أجل كرامة الطبيب وحقه في معيشة آدمية وأيضاً من أجل حق المواطن في علاج آدمى يليق به وكان أبرزها إضراب الأطباء في عام 2012، وكذلك اعتصامهم داخل وزارة الصحة في شهر مارس 2013، وصولاً إلي إضرابهم الجزئى التصاعدى يومي الاثنين والأربعاء من كل أسبوع بالمستشفيات الحكومية احتجاجاً علي عدم إقرار مشروع قانون كادر العاملين بالمهن الطبية واستبداله بمشروع جديد مكون من حوافز وبدلات. ومن ثم أعلنت نقابة الأطباء رفضها ل«قانون تنظيم شئون أعضاء المهن الطبية» الذي أقرته رئاسة الجمهورية وتمسكها بإقرار الكادر وأنها كانت تأمل أن تتحول سياسات القائمين علي وضعه نحو إصلاح المنظومة الصحية بجميع حلقاتها.
وأكدت النقابة من خلال بيانها أن القانون الجديد يدعم ويؤكد السياسات التي وصفتها ب«المعيقة» لتطوير الخدمة الصحية بالقطاع الحكومى، و«المجحفة» لحقوق العاملين به والمريض علي حد السواء.
ودعت نقابة الأطباء القائمين علي سياسات الدولة إلي التراجع عن القانون وتعديله بقانون منصف للمريض والعاملين وشددت علي تمسكها بمشروع قانون كادر مالي وإدارى لأعضاء المهن الطبية داعية جميع الأطباء إلي التحلى بالإصرار في تنفيذ إضرابهم الجزئى يومي الاثنين والأربعاء من كل أسبوع والاستعداد للتصعيد ولو بتقديم استقالات جماعية مسببة ومقاضاة الحكومة بخصوص بدل العدوى.
وانضم الصيادلة بدورهم للأطباء ونظم آلاف منهم إضراباً جزئياً عن العمل في الصيدليات الحكومية علي مستوي الجمهورية احتجاجاً علي قانون تنظيم شئون أعضاء المهن الطبية الذي أقرته رئاسة الجمهورية والتصعيد ضد وزارة الصحة وغرفة صناعة الأدوية ورابطة الموزعين والمستوردين بسبب عدم إلزامهم لشركات تصنيع الأدوية بقبول مرتجعات الأدوية منتهية الصلاحية وحل مشكلة الضرائب والوقوف في وجه تلك المافيا ومحاسبتها.
وقد أكدت كل من نقابتي الأطباء والصيادلة التابعين لوزارة الصحة والعاملين بالمستشفيات الحكومية علي قرب مشاركة المستشفيات الخاصة والصيدليات الأهلية في هذا الإضراب الجزئى لحين استجابة الدولة لكل مطالبهم.. مهما طال زمن الإضراب والاعتصام.. والذي يتزايد يوماً بعد الآخر.
حرب التصريحات
ولتبدأ حرب التصريحات ما بين هؤلاء المضربين عن العمل بالمستشفيات والصيدليات الحكومية، مؤكدين وصول نسبة الإضراب إلى 45٪ وبين وزارة الصحة والتي أكدت بدورها أن نسبة المشاركة المبدئية في إضراب الصيادلة والأطباء بلغت 15٪ فقط بمشاركة 82 مستشفى من أصل 514 تابعة للوزارة بالقاهرة والمحافظات وأن 8 محافظات لم تشارك بشكل كامل في الإضراب، وذلك وفقاً لتصريحات الدكتور هشام عطا، رئيس قطاع الطب العلاجى وعضو لجنة الأزمات بوزارة الصحة، وتتمثل تلك المحافظات في شمال سيناء وجنوبها والبحر الأحمر وسوهاج وبني سويف والفيوم والوادى الجديد والقليوبية، فضلاً عن عدم مشاركة المستشفيات التابعة للأمانة العامة للصحة النفسية بالكامل.
وكأن المشكلة التضارب ما بين نسب المشاركة في الإضراب والاعتصامات، فالجميع تناسي مشكلة المواطن الفقير المريض، متلقى العلاج المجاني الحكومي مهما كانت جودته والمهدد بالتصعيد بأن يكون الإضراب شاملاً بعد أن كان جزئياً وذلك رغم انقسام الأطباء ما بين مؤيد ومعارض.
حيز التنفيذ
وبالفعل ووفقاً لكلام الدكتور إيهاب الطاهر، الأمين العام لنقابة أطباء القاهرة، دخل الإضراب حيز التنفيذ، بل والتصعيد وأن ما وصل لغرفة المتابعة يفيد بأن 18 مستشفى بالعاصمة وحدها شاركت في حين لم تشارك 22 أخرى وأن النسبة العامة للمشاركة في المحافظات تراوحت ما بين 40٪ إلى 45٪ وأن 11 مستشفي شاركت بنسبة 100٪ وعلي رأسها مستشفيات المنيرة والزاوية وشبرا العام والشروق والقاهرة الجديدة ودار السلام والشيخ زايد والبنك الأهلى، كذلك بلغت نسبة الإضراب في بعض المستشفيات 90٪ منها الساحل التعليمي والمطرية التعليمي وأحمد ماهر ومعهد العيون وبولاق العام وصدر العباسية وامتنعت مستشفيات معهد ناصر ومنشية البكرى ومعهد الكلى والهلال والزيتون ومدينة نصر، كما دخل مئات الصيادلة والأطباء العاملين بالهيئات والمستشفيات التابعة لوزارة الصحة بمحافظة الغربية في إضراب عن العمل اعتراضاً علي تطبيق قانون الحوافز البديل عن الكادر وأيضاً شهدت مستشفيات القليوبية إضراباً جزئياً للأطباء والصيادلة بالامتناع عن العمل وغلق أبواب الصيدليات أمام المرضى، كذلك في الدقهلية ووفقاً لتأكيدات الدكتور محمد بدير، مسئول الصيادلة الحكوميين، بلغت نسبة الإضراب 90٪ حيث أغلقت صيدليات المستشفيات أبوابها في جميع المستشفيات العامة والمركزية باستثناء الحميات، كما شمل الإضراب المستشفيات التعليمية بجامعة المنصورة والعامة والمركزية والمؤسسة العلاجية ومستشفيات أمانة المراكز والوحدات الصحية وشركات قطاع الأعمال والإدارة المركزية للشئون الصيدلية.
والنتيجة المفزعة والمنذرة بالخطر تجسدت في مستشفي التأمين الصحي بالمنصورة بهجوم أهالى المرضى علي الأطباء والتمريض والعاملين بالمستشفي والاشتباك معهم بالأيدى ومن قبل ذلك كانت نفس المأساة ولكن في العيادات الخارجية بمستشفى أم المصريين بالجيزة.. فماذا تنتظر الحكومة والعقلاء للتدخل قبل التصعيد من المرضى وأهاليهم والأطباء والصيادلة الذين يبشروننا بقرب انضمام المستشفيات الخاصة والصيدليات الأهلية للإضراب والاعتصام.. فهل تنتظر حتي يتحول التشابك بالأيدى إلي قتلى من المرضى وأهاليهم؟
مؤيدو الإضراب
الدكتور خالد سمير «أمين صندوق نقابة الأطباء» يحذر من تفاقم إضراب الأطباء ويرجعه إلي عدم التعامل الجاد من قبل وزارة الصحة مع الأطباء ولجوئها إلي مجرد المسكنات لحل أي مشكلة، وكذلك لاستمرار الفكر العميق لدي المسئولين بأن الاهتمام بالصحة مجرد إهدار للمال العام علي عكس العالم المتقدم والذي يعتبر الاستثمار في الصحة هو استثمار للبشر ويوفر مليارات تصرف علي العلاج وتقلل من الناتج القومي للدولة، ولكل هذه التناقضات كان إضراب الأطباء إلي جانب رفضهم لقانون تنظيم شئون المهن الطبية والذي لا يخرج عن نظام للبدلات والحوافز ويبعد تماماً عن مطالبات الأطباء بالكادر وهو ما يحافظ علي استمرار التخصصات النادرة ويقلل من هجرة الأطباء ويحسن من الظروف المالية والمعيشية والمعاش للأطباء مما يجعله يعطي كل جهده ورعايته للمريض ويقلل من أخطاء المهنة الناجمة عما يتعرض له الطبيب من ضغوط تجعله كعب داير علي المؤسسات الطبية لتعيش أسرته حياة كريمة، كذلك مسألة بدل العدوى مهزلة إذا ما قورن ببدل العدوى والعلاج للعاملين بالقضاء مثلاً وهل يعقل أن تكون ساعة الطبيب فى العمل لا تتجاوز الثلاثة جنيهات وهو يعمل طوال 12 ساعة ويزيد يومياً، ولكل ذلك فيجب علي وزارة الصحة أن تستحي ولذلك كان الهدف الأسمى للإضراب تسليط الضوء علي معاناة ليس فقط الأطباء، بل والمرضى المعالجين في مستشفيات وزارة الصحة وهي دون المستوي مما يستوجب جهة رقابية وحقوقية كما يدور بالمستشفيات الحكومية!
ضرورة.. ولكن!
ويري الدكتور محمد نصر، وزير الصحة في حكومة الوفد الموازية وأمين عام أطباء الجيزة، مشروعية مطالب الأطباء وضرورة تلبيتها وبالذات فيما يخص زيادة الرواتب وللأطباء غير العاملين بالقطاع الخاص والاستثماري علي وجه الخصوص شريطة أن يكون جزء من إصلاح المنظومة الصحية بشكل كامل سواء من جهة التدريب أو توزيع الخدمة على مستوي الجمهورية أو عدالة نوعية التدريب.
ويرجع محمد نصر إضراب الأطباء لعل وعسي أن يسمع صوتهم المسئولون لا أن يناقش قانون يخصهم دون مشاركتهم، فجميع مطالبات الأطباء بهدف الوصول في نهاية الخدمة إلي معاش كريم لطبيب أفنى حياته وقدم علمه لخدمة الإنسانية، ولذلك إن ظلت الحكومة علي إصرارها في الوقت الراهن علي ما أسمته بقانون تنظيم شئون المهنة وهو في الأساس لا يخرج عن كونه نظاماً للحوافز والبدلات، فعلى الأقل تحسب ضمن المعاش كأجور متغيرة، فمعاش الطبيب الكامل لا يتعدى ال900 جنيه وبدل العدوى 19 جنيهاً للطبيب ونجد 5 آلاف الجنيهات لوكلاء النيابة فبأي منطق هذا، فالعدوى حصدت أرواح مئات الأطباء وآخرهم ال7 أطباء الذين أصابهم عدوي الالتهاب الرئوى وفقدوا حياتهم، علاوة على أن الطبيب يظل طوال حياته يذاكر ويحصل كل ما هو جديد من العلوم وهو ما يكلفه فوق طاقته.
ورغم ذلك، يأخذ الدكتور محمد نصر علي الأطباء أن إضرابهم جاء في الوقت غير المناسب للظروف الراهنة والاقتصاد المنهار وعدم التزام الدولة حتي بالحد الأدنى لهم ولغيرهم!
لصالح المرضى
الدكتور محمد عبدالجواد، نقيب الصيادلة، يري أن الصيادلة هم أحد الأضلاع الرئيسية للعلاج في مصر، ولولا العلم الذي تعلموه لما كان هناك 82٪ من الدواء محلي الصنع، ومع ذلك لم تراع الحكومة مطالبنا وملاحظاتنا في إقرار مشروع الكادر، ولذلك نرفض ما أقرته رئاسة الجمهورية وما أسمته قانون تنظيم شئون المهن الطبية، فقد وضع علي أساس سنوات الدراسة ورغم ذلك لا تحسب سنة التدريب للصيدلى، الذي لا يستطيع فتح صيدلية إلا بعد مرور سنة علي تخرجه، كما أن المشكلة تكمن في أن سنة التدريب لا تشرف عليها وزارة الصحة، ولذلك عرضنا علي الوزارة أن تشرف عليها ووافقت وطالبت بموافقة المجلس الأعلى للجامعات، وبالفعل اتفقنا علي ذلك، إلا أننا فوجئنا بإقرار مشروع الكادر علي أساس 5 سنوات دراسة فقط دون سنة التدريب ولأنه ليس من المنطقي إقرار قانون ثم نبحث عن تعديله في البرلمان المقبل، ولذلك كان قرار الإضراب والاعتصام في 26 فبراير القادم.. إضراب ليس تحدياً للمريض أو الدولة وإنما للصالح العام.
الأربعاء الماضى وخلال مؤتمر صحفي عقد بمقر الاعتصام باتحاد المهن الطبية، أكد الدكتور محمد سعودى، وكيل نقابة الصيادلة، أن نسب إضراب الصيادلة تراوحت ما بين 70٪ و80٪ وأشار إلي أن بعض مديري المستشفيات بمحافظتي القليوبية وأسيوط تعسفوا ضد الصيادلة المضربين وأن وزارة الصحة أرسلت عربات لمحافظة أسيوط لكسر الإضراب وأن مديري المستشفيات يحولون الصيادلة المضربين إلي التحقيق ويتركون الأطباء المضربين.
ويرفض الدكتور سعودي أي مزايدة من أحد على اعتصام الصيادلة، وأكد قدرتهم كصيادلة علي زيادة الاعتصام وأن النقابة تريد الخلع من وزارة الصحة، والأطباء لأنهم علي حد تعبيره «ما بيفهموش في الدواء»، وأشار إلي أن إضراب الصيادلة ليس من أجل أي مزايا عينية أو أموال، بل من أجل المريض وتطبيق نظام الصيدلية الإكلينيكية في المستشفيات الحكومية وإنشاء هيئة عليا للدواء، وكذلك حل مشكلة مرتجعات الأدوية وإلزام شركات التصنيع بإعادة استلامها للقضاء علي مافيا تدوير الأدوية وتصيب الملايين بفيروس سى والكبد الوبائى وأخطر الأمراض.
وأكد الدكتور محمد سعودى نية النقابة لإقامة دعوي قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى لبطلان قانون «المهن الطبية» بمجرد نشره في الجريدة الرسمية. وأشار إلي قرار مجلس النقابة بتنظيم إضراب جزئى للصيادلة الحكوميين كل أربعاء من شهر فبراير الجارى وأن الصيادلة الأحرار «الخاص والأهلى» سيشاركوننا يوم 26 فبراير، بالإضافة إلي عقد جمعية عمومية أول مارس لمناقشة إمكانية وأشكال التصعيد.
رافضون للإضراب
وإذا كان هناك الكثيرون من الأطباء المؤيدين والقائمين بالإضراب لقناعتهم أو لضغوط النقابة عليهم، فهناك أيضاً أطباء رافضون للإضراب رغم ضغوط وتهديدات النقابة العامة للأطباء عليهم.. ومنهم:
الدكتور عماد إدوار حنا، رئيس قسم المسالك البولية بمستشفي المنيرة العام، والذي كان ضمن المضربين إلي أن فاجأته حالة دخول لمريضة تعاني من مضاعفات وخراج علي أنبوبة فالوب اليسرى وقطع بالحالب الأيسر وكانت بمستشفى جامعى كبير، فما كان من الدكتور عماد سوى الإسراع بإنقاذ المريضة من الموت المحقق ضارباً بالإضراب عرض الحائط أمام واجبه المقدس وقسمه علي إنقاذ المرضى مهما كانت الظروف، فكان جزاؤه تحويله وهو يبلغ 57 عاماً أي قرب أن يخرج علي المعاش إلي لجنة آداب المهنة عقاباً له علي إنقاذ مريضة وهو كان ضمن الإضراب والمضربين.. وهذا الوقت والكلام للدكتور عماد إدوار أخاف الكثيرين من الأطباء الشبان وجعلهم يضربون عن العمل تحت الإرهاب والتهديد والخوف من التنكيل بهم من قبل النقابة.
الدكتور محمد شوقى يوسف، مدير عام مستشفي المنيرة العام، والذي جاء الإضراب للأطباء بها بنسبة 100٪ وفقاً لبيانات نقابة الأطباء. أكد علي عمل المستشفي بكامل طاقتها رغم سريان الإضراب ومحاولات المنع من قبل مندوب دائم للنقابة علي باب المستشفي يحاول إقناع المعترضين من المرضى علي الإضراب أنه من أجل مصلحتهم.
ويرى الدكتور محمد شوقى، مشروعية طلبات الأطباء من حيث حقوقهم المالية والأدبية والعلمية والتي يجب أن توفر لهم ولأسرهم حياة كريمة وكذلك كل ما يؤدى إلي تحسين المنظومة الصحية ولكن يعاب علي الأطباء أن الوقت غير مناسب وظروف الدولة الاقتصادية لا تسمح حالياً بكل هذه المطالبات وعليهم اعتبار قانون تنظيم شئون المهن الطبية من قبل الحكومة خطوة علي الطريق وأن علي جميع الأطراف إخراج المريض الغلبان من أي محاولة تصل لدرجة الصراع.
وعلي نفس النهج، يتساءل الدكتور خالد عبدالبديع، نائب مدير مستشفي المنيرة، لماذا الإضراب الآن وما موقفه من الدستور وهل يختلف الكادر أو نظام الحوافز والبدلات الأخير كما أصدره حاتم الجبلى وزير الصحة الأسبق ويؤكد علي أنه لا يجب أن يكون مريض المستشفي الحكومي كبش فداء لصراع ما بين طرفين لا يسمع أحدهما الآخر.
الدكتور أحمد نويشى، استشارى العيون بمستشفي إمبابة العام يرفض الإضراب لأن من يدفع ثمنه مريض غلبان معدم قد يجد شفاءه في مستشفي وزارة الصحة ظروفه الاقتصادية الصعبة جعلته يضطر للعلاج في مستشفيات ينقصها الكثير من الإمكانيات ولكنها بالنسبة له الملاذ الأوحد، ولذلك فعلي شباب الأطباء وقود هذا الإضراب التفكير فيما يعنيه قسم الطبيب وقانون الإنسانية وقبل ذلك قوانين السماء ورحمة الله في الدنيا قبل الآخرة. فهل يعقل أن يصل حد الإضراب إلي أن يستجير بي مدير مستشفي رمد إمبابة للكشف علي بعض الحالات وإسعافها لإضراب الأطباء لديه وهل وقت انتقالى له قد يدفع ثمنه المريض من حياته أو علي الأقل من نور عينيه.
كذلك يري الدكتور عثمان الدروى، استشارى وجراح العيون بمستشفي الموظفين، ضرورة دراسة نتائج أي إضراب قبل الإقبال عليه وحتي لا يضر بمصلحة المريض الفقير المحتاج للعلاج والدواء من مستشفيات وصيدليات وزارة الصحة، ويتساءل أين هذا الإضراب من قانون العمل وبعض القرارات الجمهورية التي يمنع الإضراب في بعض المهن الحيوية والمرافق الضرورية وفي مقدمتها الطب والأطباء. ولماذا الإضرار بالمستشفيات الحكومية التابعة لوزارة الصحة دون غيرها وكذلك الصيدليات.
أما الدكتور محمد حلمي، مدير العيادات الخارجية بمستشفي الساحل التعليمي، فيؤكد علي تعاطفه الكامل مع زملائه الأطباء في الإضراب عن العمل بصفته طبيباً، خاصة مع مشروعية كل مطالبات الأطباء التي قد تصب في إصلاح المنظومة الكاملة للصحة بعدما شهدته من تدهور طوال العقود الماضية، ولكن ورغم ذلك فأنا ضد الإضراب الذي يدفع ثمنه مريض هو بالفعل فقير لا يستطيع إيجاد البديل عن مستشفيات وزارة الصحة ولا يجوز جعله أداة ضغط علي الحكومة.
«رضينا بالهم.. والهم مش راضى بينا».. هكذا يقول لسان حال المرضى المصريين بعدما أصبحت الصحة سلعة وليست حقاً للمواطنين الفقراء الذين يختارون بين الموت فقراً أو الموت في مستشفيات الحكومة والذي صار الإهمال عنوانها وانتشرت الفوضى فيها إما نتيجة لنقص الإمكانيات والمعدات الطبية والأدوية أو لانصراف الأطباء عن الإخلاص في أداء عملهم تجاه المرضي حتي تكدس البعض من هؤلاء المرضى في عنابر المستشفيات بسبب إهمال العلاج وتأجيل الجراحات لطول طوابير الانتظار أمام المستشفيات الحكومية أو لانشغال وارتباطات معظم الأطباء بعياداتهم الخاصة تاركين المرضى لمساعديهم لا فرق في ذلك ما بين المستشفي الحكومي والاستثماري حتي صار عزرائيل زائراً مستمراً في كليهما.. أطباء تناسوا قسمهم منذ عام 1843 بإسعاف الفقراء مجاناً وألا يطالبوا بأجرة تزيد على أجرة عملهم.. أطباء لطالما رفعوا شعار «الإضراب للإصلاح» لتطوير المنظومة الصحية ورفع ميزانية الصحة لصالح المرضى الفقراء علي وجه الخصوص.. إلا أننا فوجئنا بعد إقرار دستور 2014 والذي سيحقق تلك الشعارات الظاهرة لهؤلاء الأطباء بأنه «قد زاد الطين بلة»، فبعد صدور قانون تنظيم المهن الطبية ورفضهم له صعد هؤلاء الأطباء والصيادلة التابعون لوزارة الصحة من إضرابهم باتخاذ المرضى رهائن لابتزاز الدولة ولى ذراع الحكومة، ولو علي حساب المرضى، وذلك بعد مزاعم «موت 7 أطباء» بسبب العدوى بالمستشفيات وعدم إقرار كادرهم الخاص وبقية مطالبهم الذي تأكد بالفعل أنها ليست لوجه الله والمرضى فحسب وإنما فئوية وبامتياز، ولكنها تختلف عن بقية المطالب الفئوية المشروعة بأنها على حساب المرضى بامتناع هؤلاء الأطباء عن تشخيص الداء وصرف الدواء.. والمرضى وأهاليهم يبررون اقتحامهم لبعض المستشفيات المضرب أطباؤها عن العمل وآخرها اشتباكهم مع أطباء مستشفي التأمين الصحي في المنصورة ومن قبلها بالعيادات الخارجية بمستشفي أم المصريين ويتساءلون بدورهم «من يعوضنا عن قتلانا ومعاقينا بسبب أخطاء نفس هؤلاء الأطباء الذين تحولوا إلى تجار للمرض وللمرضى، هؤلاء الذين أوصلوا الفيزيتا بعد الثورة ما بين 300 و500 جنيه في بعض التخصصات ولدي بعض الأطباء الكبار حتي الاستشارة بفلوس، وهؤلاء المتناسون لقسمهم بعلاج الفقراء دون أي زيادة في الأجر ولكنهم النهاردة يتخذون منا رهائن لابتزاز الدولة.
جولتنا علي بعض المستشفيات الحكومية ما بين محافظتي الجيزة والقاهرة كشفت عدة حقائق أولاها إصرار نقابة الأطباء علي نجاح الإضراب ولو بالتهديد والإرهاب من خلال تواجد منسق لجنة الإضراب بالنقابة أمام أبواب بعض المستشفيات موزعاً لبعض المنشورات التي توضح للمرضى أن الإضراب لمصلحتهم منعاً لتكرار الاشتباكات بينهم والأطباء المضربين عن العمل، وكذلك ليكون رقيباً علي الأطباء التي تسول لهم أنفسهم محاولات كسر الإضراب ولو في الضرورة ومن ثم قابلنا أطباء حاولوا إنقاذ بعض المرضى رغم إضرابهم ولكنهم حولوا إلي لجنة آداب المهنة للتحقيق والعقاب.
تحايل للإنسانية
ومن هؤلاء المنسقين علي سبيل المثال المدعو الطبيب أحمد شوقي الشيخ أمام بوابة مستشفي المنيرة العام.. كما كشفت جولتنا انقسام الأطباء حول الإضراب ما بين مؤيدين يرونه السبيل الوحيد لتحقيق مطالبهم ومعارضين يرون أن تحقيق المطالب لا يجب أن يكون علي حساب المرضى لتعارض ذلك مع قسم الطبيب ومع حقوق الإنسان ورسالة سيئة لشباب الأطباء بأن المادة أهم من حياة مريض في احتياج لعلاجه ودوائه، ومن ثم وجدنا أطباء ومديرين يتحايلون علي قرار الإضراب بتحويل حالات الكشف بالعيادات الخارجية للاستقبال والطوارئ لإلزام الأطباء المضربين بالكشف عليهم لكونها أقساماً خارج قرار الإضراب وضماناً لعدم وقوع المتحايلين من أجل المرضى تحت طائلة لجنة آداب المهنة.
كما كشفت جولتنا عن استياء عارم من قبل المرضى الذين اضطرتهم ظروفهم المعيشية الصعبة إلى المجىء لمستشفيات الحكومة متسائلين من يعوضنا عن أرواحنا التي قد تزهق داخل مستشفيات تفتقد لأبسط الاشتراطات الصحية أو ما نخرج به من إعاقات لعلاج خاطئ أو بنج زائد وما هو الحال إذا ما أقدمنا علي الإضراب لابتزاز الدولة في هذه الأوقات الصعبة لتعويضنا علي قتلانا ومعاقينا في مستشفيات الدولة، فهناك عشرات القضايا التي تمتلئ بها أدراج المحاكم المصرية ويتحدث بعضها عن نسيان أدوات جراحية داخل بطن مريض وبعضها الآخر عن تلوث لعدم تعقيم غرفة العمليات أو إزالة كلى بدلاً من الزائدة أو سرقة كلى أو أى عضو من أعضاء أجسادنا التي في الأساس تعامل في مستشفيات الدولة كأنها فئران تجارب وإن حدث وتم عقاب أي طبيب مخطئ فيكون ذلك لفترة ثم يزاول المهنة من جديد.
وأخيراً كشفت جولتنا علي المستشفيات عن إجماع غير معلن لمعظم المرضى المترددين بصفة مستمرة علي عيادات المستشفيات الحكومية بعدم التصوير أثناء الحديث معنا حتي يتمكنوا من الكشف الطبى في غير أيام الإضراب ولا يتخذ الأطباء منهم موقفاً ويمتنعون عن الكشف عليهم.
منى عبدالفتاح، ربة منزل: صادفتنى آلام مبرحة بالجزء السفلى من بطنى يوم الاثنين الماضى فتوجهت للمستشفي وأنا أعلم بأنه يوم للإضراب ولكنني توقعت أن شدة آلامي قد تجعل الأطباء يحنون علىّ ويقومون بالكشف ولكنه لم يحدث وذهبت أتحامل علي آلامي، خاصة أنني لا أمتلك فيزيتا لأي طبيب خاص، وتعجبت من أن أصحاب البلاطى البيضاء يخفون تحتها قلوب غاية في السواد والتحجر.
سعد إسماعيل -مريض سكر وجلطة في القدم متكررة- يستند علي عكاز وبصعوبة بالغة يترجى أمن مستشفي المنيرة العام للدخول للكشف ويفاجأ بالإضراب وبوجود طبيب منسق للجنة الإضراب يمنع المرضى من الدخول والأطباء من محاولات الاستجابة لتوسلات بعض المرضى. ويتساءل عم سعد أين يذهب والمستشفيات الأخرى من غير المضربين لا يقبلونه وعلاجه المستمر في صرفه من هنا أيضاً فأين المفر من الذل وعدم الرحمة؟
مصطفى عبدالوهاب، موظف أمن بإحدى العمارات، يصرخ في حراس بوابة مستشفي الساحل «يا عالم يا كفرة أنا تعبان وماعنديش إجازة غير النهاردة من كل أسبوع، عايز أكشف يا ظلمة يا رب اللي فيّ يجى فيكم.. إضراب إيه والكشف في عياداتكم الخاصة فوق طاقة اللي زينا». والله يا بنتي ذهبت لطبيب كبد وبعت عفش بيتي لأن كشفه 500 جنيه، والمرة الثانية فوجئت بأن الاستشارة ب250 جنيهاً فخرجت دون رجعة وراح علينا ال500 الأولى، قالوا بعد الثورة الحياة حلوة ولكنني وجدتها أسوأ من الأول، ويا ليت الثورة ما قامت.
نادية رزق، من الفيوم: حضرت لمستشفي أم المصريين ولم تعلم عن الإضراب شيئاً وعندما علمت أنها لن تتمكن من الكشف صرخت وأكدت أنها ستنام في الشارع حتي صباح الغد لتكشف.
بحكم القانون والدستور.. إضراب المستشفيات والأطباء محظور ومجرم
قانون العمل المصرى في المادة 194 يحظر الإضراب أو الدعوة إليه في المنشآت الاستراتيجية التي يترتب علي توقف العمل فيها الإخلال بالأمن القومى وبالخدمات التي تقدمها، وكذلك المنشآت الحيوية التي يؤدى الإضراب فيها إلي إضراب في الحياة اليومية لجمهور المواطنين، وهناك قرار من رئيس مجلس وزراء مصر بتحديد هذه المنشآت.
وتنص المادة 195 من قانون العمل المصرى علي أنه يترتب علي الإضراب وقف عقد العمل خلال فترة الإضراب وعدم استحقاق الأجر عن تلك الفترة، ويجوز إنهاء هذا العقد في حالة مخالفة العامل للضوابط والإجراءات المقررة في المادة 194.
وقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1185 لسنة 2003 بشأن تحديد المنشآت الحيوية أو الاستراتيجية التي يحظر فيها الإضراب عن العمل يجملها بنص المادة الأولى في منشآت الأمن القومي والإنتاج الحربى والمستشفيات والمراكز الطبية والصيدليات والمخابز ووسائل النقل الجماعى للركاب، سواء النقل البرى والبحرى والجوى، ووسائل نقل البضائع ومنشآت الدفاع المدني ومياه الشرب والكهرباء والغاز والصرف الصحي والاتصالات والموانئ والمطارات والعاملين في المؤسسات التعليمية.
وهذا القرار منشور في الوقائع المصرية ويعمل به منذ 13 يونية 2003 ولم نسمع عن إلغائه حتي كتابة تلك السطور!
المادة 18 من دستور 2014 تنص علي أن لكل مواطن الحق في الصحة وفي الرعاية الصحية العامة التي تقدم خدماتها للشعب ودعمها والعمل علي رفع كفاءتها وانتشارها الجغرافى العادل وتلتزم الدولة بتحسين أوضاع الأطباء والتمريض والعاملين في القطاع الصحي، وكذلك يجرم الامتناع عن تقديم العلاج بأشكاله المختلفة لكل إنسان في حالات الطوارئ أو الخطر على الحياة.
دستورى.. ولكن!
ويرى الدكتور ثروت بدوى، الفقيه الدستورى، أن لكل حق حدودا ولا يوجد حق بغير التزام، ومن ثم فإن النص الدستورى الذي قرر حق الإضراب لجميع العاملين في الدولة ومنهم الأطباء والصيادلة لا يعني أبداً إطلاق هذا الحق، ولذلك هناك ضرورة لوجود قانون ينظم الإضراب، خاصة في المرافق المختلفة مع تحديد القواعد العامة التي تحكم الإضراب في جميع المرافق، ومن ثم تحديد القواعد الخاصة بكل مرفق، نظراً لوجود مرافق لا يجوز فيها الإضراب لتعرض مستخدميها للخطر، فما بالكم بالامتناع عن تقديم العلاج والدواء، ومن قبل ذلك تشخيص الداء وهو ما يتعارض مع قوانين وقواعد الإنسانية، فحق أي شخص لا يجب أن يتعارض أو يجور على حقوق الآخرين والعلاج والدواء هى أبسط حقوق الحياة التي يكفلها القانون الوضعى والقانون الإلهى.
الدكتور الشافعى بشير، الفقيه الدستورى بجامعة الزقازيق، يؤكد أن الإضراب كحق ثابت في القوانين المصرية خاصة بعد تصديق مصر بالموافقة علي المادة 8 فقرة «د» للعهد الدولى للحقوق المدنية والاقتصادية ومن ثم صار «العهد» قانوناً مصرياً وأصبحت المحاكم بمقتضاه ضامنة لأحقية المصريين بالإضراب بعد إخطار السلطات، وبالنسبة للأطباء فمن المعروف أن أجورهم متدنية ورواتب خريجي الطب هزيلة ولا تتناسب مع معاناتهم في تقديم خدمات طبية وصحية في مستشفيات تفتقد لأبسط الاشتراطات الصحية ومعايير الجودة العالمية.
ولكن رغم هذه الصعوبات -والكلام للشافعى- قدر الأطباء خدمة المرضى وتشخيص الداء وتقديم الدواء تحت أي ظرف، فواجبهم المقدس يحول دون امتناعهم عن تقديم العون لكل مريض، ولذلك فالإضراب الجزئى مقبول وعكس ذلك إذا كان شاملاً بالنسبة لتواجد الأطباء من عدمه، فلا يجب وغير قانونى الامتناع الكامل عن تقديم الخدمة ولو لأيام محددة.
وأشار، الدكتور الشافعى، إلى المؤتمر الأخير للأطباء العالمي في اليابان والذي وضح وأقر ما يسمى ب«كود آداب مهنة الطب»، والذي وصف مهنة الطب ب«السامية والسماوية» والتي تصل للمهام السماوية!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.