هل يجوز أن تترك الحكومة المصرية أزمة سد النهضة الأثيوبى بينها وبيننا تمضى فى أعنتها نحو توفير الفرصة الأوسع أمام أثيوبيا لاستكمال بناء السد الممثل لمخاطر علينا بحيث تجد مصر نفسها أمام أمر واقع جديد يخلفه الانتهاء من بناء هذا السد وتكون الأزمة قد وصلت إلى مشكلة معقدة عصية على أى حل يحفظ على مصر حقوقها التاريخية فى مياه النيل! لقد وصل الصلف الاثيوبى إلي مداه بإعلان أثيوبيا تدخلها السافر فى شئون مصر التى انتهت من وضع دستورها الجديد مؤخرًا لينال موافقة شعبها!، لكن اثيوبيا ترفض مادة فى دستورنا المصرى تنص على حقوق مصر «التاريخية» فى مياه النيل!، مما ورد فى تصريحات وزير الرى الأثيوبى ردود فعل غاضبة للذين تابعوا تصريحات الوزير الاثيوبى، وما انطوى عليه تصريحه من استفزاز للمصريين!، ودعا البعض من خبراء الرى والمياه المصريين الحكومة المصرية إلى سرعة اتخاذ موقف صارم تجاه تصريحات الوزير الاثيوبى!، خاصة وأن الوزير قد ذهب فى استفزازه وتدخله السافر فى شئون مصر إلي حد إعلانه أن «سد النهضة الاثيوبى» لن يؤجل بناؤه دقيقة واحدة!، ويعتبر الوزير الاثيوبى أن المادة التى نصت على الحقوق المصرية التاريخية فى دستورها هى مادة «ظالمة»!. وقد سبق لى أن كتبت من قبل منبهًا إلي أن أزمة بناء السد الاثيوبى بين مصر واثيوبيا يمكن أن تكون لها تداعياتها الخطيرة على الزراعة المصرية والحقوق المصرية التاريخية فى مياه النيل!، وأوضحت أنه لم يعد أمام مصر غير التحرك بمفردها حفاظًا علي مصالحها المائية حيث إن أقرب حليف لنا فى الأزمة وهو السودان الشقيق قد اختار أن ينحاز إلىِ مصلحته الذاتية فى الحصول على بعض من الطاقة الكهربية عندما يكتمل بناء سد اثيوبيا!، وهو ما وعدت به اثيوبيا السودان من قبل أن تبدأ المحادثات الثلاثية بين مصر وأثيوبيا والسودان، والتى أعلن فشلها مؤخرًا لتعنت أثيوبيا الواضح وتصلب موقفها فى عدم تقديم الدراسات الفنية اللازمة عن سدها لمصر!، ثم رفضها تقديم هذه الدراسات والتشاور بشأنها مع لجنة دولية اقترحت مصر تشكيلها!. ومن قبيل السعى نحو الحقيقة فإننى انتهيت إلى اقتناع بأن أى محادثات مصرية أثيوبية مع آخرين هى مضيعة للوقت، الذى تستهلكه أثيوبيا مستخدمة أسلوبًا مراوغًا لتصل إلى خلق الأمر الواقع الذى تريده أثيوبيا!، مما يجعل التحرك المصرى دوليًا هو السبيل الوحيد لوقف أثيوبيا فى عملية بناء السد عند الحد الذى تنتهى فيه محادثاتها مع مصر بتدخل الأطراف الدوليين حيث يتم الاستقرار علي حل واضح وعملى يحفظ حقوق كل الأطراف، ولكن شيئًا من هذا لم يحدث!، وهو الموقف الذى يسجله د. نصرالدين علام وزير الرى الأسبق عندما يصف موقف الحكومة المصرية فى الأزمة بأنها قد ركنت إلى السكون التام!، فلا هى سعت من خلال قنوات الخارجية المصرية لتقديم طلب مصرى إلى أثيوبيا للتفاوض حول حجم سد النهضة وسياسات تشغيله، وإذا رفضت أثيوبيا ذلك يبقى على مصر أن تتقدم بمذكرة قانونية أمام الأممالمتحدة توضح فيها تصرف أثيوبيا المنفرد فى بناء السد دون اخطار مسبق مما يخالف القوانين الدولية!، وحتى يتسنى لمصر أن تخاطب الدول الممولة للسد الاثيوبى خاصة الدول الخليجية لتوقف بناء السد حتى يمكن التوصل إلى اتفاق دولى نهائى لاقرار حقوق اثيوبيا مع حقوق الآخرين التاريخية فى مياه النيل!، ومن الأدلة اللافتة علي خطورة الموقف الذى تواجهه مصر ما أفاد به المتحدث باسم وزارة الرى المصرية بأن مصر والسودان تواجهان خطرًا كبيرًا إذا تم بناء سد النهضة بأخطاء هندسية واضحة!، أما حصة المياه المصرية فسوف تنقص 10 مليارات متر مكعب فى حالة بناء السد الاثيوبى، ويتعرض 5 ملايين فدان للبوار!، مما يهدد حوالى 20 مليون مزارع مصرى بالبطالة!، وهذه جملة من المحاذير حملها إلي جريدة الوفد أمس د.ضياء القوصى الخبير المصرى المائى فى حديثه إلي الزميلة نغم هلال!، وحكومة مصر مازالت تنتظر ولا تتحرك!، وتبشر بين الحين والحين بأنها بسبيلها إلي اتخاذ إجراءات فى مواجهة أثيوبيا ونحن ننتظر!