أيام قليلة ويصبح عام 2013 مجرد ذكرى وماض يصطف رقماً في سنين العمر .. أيام قليلة وتعلن دقات الساعة عن ميلاد عام جديد تدور عقاربها لتنتزع من عمرى عاما بأيامه ولياليه.. نولد أطفالاً بلا حول ولا قوة ونكبر ويكبر فينا الخير والشر أيضاً.. نولد وتولد فينا القدرة علي الحلم ونكبر ويكبر معنا الحلم. حصالة العمر لم يبق بها سوى القليل.. كم أنفقنا من رصيد الحياة لنشترى ذكريات وسرادق عزاء وسطور رثاء في صحيفة الأهرام. نبتاع أحلاماً وأوهاماً. صخب الاحتفالات يحيرني ويغيظني، انحتفل بعمر فات أم بعام آت؟. البشر والحياة أشبه بصالة القمار في رائعة ديستوفسكي «المقامر».. الكل يقامر.. الغني يتسلي والفقير يطمع أو يطمح. الكل يعرف انه هالك ومضيع لحياته ولكنهم يفقدون القدرة علي المقاومة. الكل يحلم يالمكسب ويبحث عن الربح ويدوس في سبيل ذلك القريب والغريب، الشقيق والصديق، ويضحي بالقيم والمعاني النبيلة.. المقامر يفقد كل شيء حتي كرامته بشرط ان يكسب. الحياة والموت.. الخير والشر.. القوى والضعيف.. الغني والفقير.. عالم لا متناهٍ من الأضداد. الفقير الذى يرضي بفقره ننعته بالخير ومن يتمرد نوصمه بالشر. البطش بطولة في يقين الأقوياء والجبن قضاء وقدر لدى الضعفاء. لماذا نحيا ولماذا نموت؟ سؤال لست أول العاجزين عن الإجابة عنه ولن أكون آخرهم ولكن هل يختار أحد منا قوته وضعفه؟ غناه وفقره؟.. سئل الإمام علي رضي الله عنه لماذا العقلاء فقراء؟ فأجاب لأن ذكاء المرء محسوب عليه من رزقه. من منا لم يسأل نفسه يوماً هل تريد ان تكون ذكيا ام غنيا؟. لولم يمت البشر ما استمرت الحياة ولضاقت بهم الأرض علي رحابتها واتساعها .. لابد ان نموت ليحيا غيرنا.. أحلامنا هى «فلوسنا» التى نضعها علي آله «الروليت» ونراهن علي تحقيقها. البعض يفضل الحياة الرغدة ولو قصرت، والبعض الآخر يستعذب الضعف والفقر وان طال.. ربما كان مؤمنا أو خانعاً أو مجبراً ضعيف الحيلة. وقد سئل الشيخ الرئيس ابن سينا يوما عن رأيه في الحياة فرد قائلاً: أحبها عريضة قصيرة ولا أحبها طويلة ضيقة. وكان له ما تمني وليس ما أراد إذ لا إرادة لبشر مع مشيئة الله. فقد أصاب من العلم والتصوف وحب النساء ومعاقرة الخمر ولم يعمر طويلا. كلنا يكره الفقر وبعضنا يختصر الطريق ويغامر فيقتل ضميره ويخسر روحه وهذا هو الخسران المبين. الحسنة بعشرة أمثالها.. حب الناس ودائعنا في بنك الله ومع ذلك نرفض الربا مع الله ونتاجر مع الشيطان. اللهم اجعل الحياة زيادة لنا في كل خير واجعل الموت راحة لنا من كل شر.. ان أكون في جوار الله وجارا له أفضل وأضمن من ظلم البشر أو نفس فقيرة.. السعادة في الضمير الحي والراحة في الموت. محطات العمر القادمة يعلمها الله وحده، وما مضى منها نعلمه ويحاسبنا عليها الله. عامنا الجديد.. أيامنا الآتية فرصة ومنحة إلهية لكى نتطهر من المظالم والحقد والحسد والنفاق.. من كل مايسيء إلي إنسانيتنا وفطرتنا. علينا أن نكف عن لعبة «الاستغماية» ونفتح أعيننا لنحدد وندرك ما نريد وتنفتح قلوبنا علي الإنسان الجميل الذى يريده الله ان نكونه، ولو شاء لذهب بنا وأتى بخلق جديد.. لماذا لا ننهل بقدر ما تتسع جوانحنا من الحب والحق والخير والجمال؟. لماذا لانتخلي عن طبع العقارب مع كل من يساعدنا في عبور مأزق الحياة . Email: