هل نجيب ساويرس مع حبس الصحفيين والمذيعين والمعدين دستورياً؟، هل ساويرس قد تحوّل مؤخرا من الفكر الليبرالي إلى الخطاب اليساري؟، هل قرر بعد ثورة 30 يونية أن يجعل قنواته بوقاً للفكر اليسارى؟، هل سيحوّل القنوات إلى منصات يخطب فوقها أتباع الخطاب الناصرى والاشتراكي؟ بالطبع لساويرس حرية تبنى الخطاب السياسي الذى يريده، ولساويرس الحق كذلك فى أن يجعل قنواته بوقا ومنصات لليسار، فكما يقولون: «من حكم فى ماله ما ظلم»، فلساويرس مطلق الحرية يفعل ما شاء، حتى لو استورد كوادر من الاتحاد السوفيتى القديم، لكن ليس من حقه ان تزيف برامجه الحقائق وتروج لحبس الصحفيين والمذيعين والمعدين! الحكاية ببساطة، مساء الأحد فوجئت بالمذيعة ليليان تروّج لمادة حبس الصحفيين والمذيعين والمعدين التى نجح بعض الصحفيين اليساريين فى وضعها في مسودة لجنة الخمسين، وفوجئت بعرض تقرير يشيد بالمواد خاصة المادة التي تقر الحبس، ودهشتي الأخرى عندما فوجئت بأنها تستضيف شخصيتين من المنتسبين لليسار ولم تستضف معهما شخصية واحدة من المتبنين لخطاب سياسي مغاير، كما أنها حتى لم تشر من قريب او بعيد إلى الانتقادات التى وجهت واعترضت على مادة الحبس، وتعاملت مع المادة كأنها انجاز ثورى لم يحدث فى تاريخ مصر، وأنها جاءت لكى تتوج كفاح الصحفيين والإعلاميين عبر سنين من النضال الثورى الحنجورى، حتى أنها(المذيعة) لم تسأل ضيفيها: لماذا أقرت المادة الحبس؟، وكأن دساتير مصر كانت تتضمن مواد تفتح السجون والمعتقلات وتعلق المشانق للإعلاميين. النهاية قلت أستمع للمناقشة خاصة أن الضيف الرئيسى فى البرنامج كان أستاذنا الكبير فى المقام والسن صلاح عيسى، والذى لا احد ينكر تاريخه الصحفى المشرف، ولا مواقفه السياسية النبيلة قبل أن يدجنه فاروق حسنى بجريدة القاهرة، ما أدهشنى بالفعل أن ذاكرة أستاذنا الكبير قد أصيبت بالتشوش بسبب السن أو الأيديولوجيا، فقد أكد أستاذنا الكبير(الذى أحبه واقدر وأحترم نضاله وتاريخه قبل التدجين) أن المواد التى قدمتها نقابة الصحفيين بالاشتراك مع المجلس الأعلى للصحافة(وهو قيادة به) جاءت تتويجاً لكفاح ونضال الصحفيين طوال ثلاثين سنة، وقال إن الصحفيين حاربوا طوال 30 سنة لكى يضعوا عقوبة الحبس فى الدستور وليس فى القوانين. تخيلوا أستاذنا كبير المقام والسن يقول: إننا كنا نحارب لكى نضع عقوبات تحبسنا فى الدستور، هذه الجملة الغريبة أعرضها على جميع الزملاء الذين عملوا بالصحافة منذ 30 سنة و20 سنة و10 سنوات و5 سنوات: هل كنا نخرج فى مظاهرات ونقول «عايزين نتحبس»؟، هل كنا نكتب مقالات لكى نرفض فيها حرية التعبير وعدم حبس الصحفيين؟، هل رفعنا مذكرات إلى الرئيس مبارك نطالبه فيها بتغيير الدستور ووضع مواد تحبسنا؟ أستاذنا القدير قد خانته ذاكرته أو أنها بحكم السن قد شوشت او عطلتها الشلة والأيديولوجيا، لأننا يا أستاذنا الكريم والقدير أطال الله فى عمرك ومتعك بالصحة والذاكرة كنا نطالب بإلغاء عقوبات الحبس من القوانين، تعرف لماذا؟، لأنها غير موجودة بالدستور، وكنا نطالب بتبديلها بعقوبات مالية، وفى السنوات الأخيرة من حكم الرئيس مبارك طرحنا تغليظ العقوبات المالية فى القوانين، واقترحنا أيضا وضع ميثاق شرف للصحفيين والإعلاميين، يتضمن عقوبات تبدأ من الوقف للصحفى ومنع اسمه من النشر وتنتهى بالشطب من جدول النقابة حسب حجم الجريمة ونواياه وتكرارها. وأذكرك أيضا يا أستاذنا القدير والكبير عندما كانت ترفع قضايا قذف وسب على بعض الزملاء، خاصة المنتمين للخطاب الناصري واليسارى، كانوا يذهبون (فى السنوات الأخيرة من حكم مبارك) إلى المحاكم فى معية العديد من الشباب الصحفيين يحملون لافتات كتب عليها: لا لحبس الصحفيين، لا لتقييد الحريات، نعم لحرية التعبير، وكان بعض الزملاء فى النقابة من التيار الناصرى واليسارى يذهبون للخطابة أمام كاميرات الفضائيات، وهذه الخطب الحنجورية مسجلة وموجودة بكثرة على اليوتيوب وفى أرشيف جميع المحطات المستقلة، لو عدت إليها فستشاهد نفسك فى البرامج المسائية تناصر حرية الصحافة وتطالب بإلغاء عقوبة الحبس، وكنت تسهب فى الحديث عن الغرامة المالية، وفى الحديث عن ميثاق الشرف، حتى بعد الثورة، وستشاهد فى هذه الفقرات المصورة أغلب الأسماء التى تبنت معك مادة حبس الصحفيين والمذيعين والمعدين من قيادات نقابة الصحفيين والمجلس الأعلى للصحافة، وعلى رأسهم الأستاذ جمال فهمى وكيل نقابة أول، وستشاهد حسين عبدالغنى الذي كان ضيفا شرفيا معك فى الحلقة، وستشاهد كذلك محمد عبدالقدوس ممسكا بالميكرفون أمام بعض شباب الصحفيين على سلالم النقابة بإيعاز من زملاء يساريين، ومعهم الدكتورة كريمة زميلتك فى المجلس الأعلى للصحافة، وأخوك جلال عارف. استدراك: أستاذنا الكبير يروّج هو والرفقاء فى مجلس النقابة، أنهم وضعوا لأول مرة بالدساتير مادة إصدار الصحف بالإخطار..الصحيح أن المادة وضعتها جماعة الإخوان المسلمين فى دستورها مادة 49 ولجنة العشرة نقلتها في مسودتها مادة 52. الأستاذ الكبير يرى ان الرقابة على الصحف كانت فى حالة الطوارئ وهم نجحوا فى فرضها فقط على حالة الحرب والتعبئة لها، نذكره بأن حالتى الحرب والتعبئة تجدهما بدستور الجماعة مادة 48، ولجنة العشرة هى التى وضعت للطوارئ فى مسودتها مادة 51.