مفهوم «الوطن» إذاً قد اختلف الى حد كبير بين الشيخ الإمام حسن البنا الذي اعتبر القطر هو الحلقة الأولى نحو عالم إسلامي مثالي يشمل الأرض كلها، وبالتالي فلا ضير أن تقدم الخير للقطر، وبين «مفكر الإخوان» سيد قطب الذي ارتأى أن المجتمع جاهلي يجب تغييره بالانقلاب والعنف. وكذلك طوّر قطب أفكاراً كثيرة خالفت سماحة ومفاهيم حسن البنا، وتمكن قطب من التأثير في زملائه الذين سجنوا معه مثل رشاد بيومي ومحمود عزت ومحمد بديع، وغيرهم، وتمكنوا من إقصاء التيار المعتدل داخل الجماعة مثل كمال الهلباوي وثروت الخرباوي ومحمد حبيب وغيرهم. وخرجت علينا أفكار قطب التي ذكرها في مؤلفه الأشهر «معالم على الطريق»، لنسمع أن مصر ديار كفر، وان كل من فيها محاربون للأمة المسلمة، وبالتالي تنطبق عليها أحكام الكفار المحاربين، فلا عهد ولا ذمة ولا ميثاق مع أهل مصر، وعرَّف كذلك سبل المجرمين وسبل المؤمنين، وخلص إلى أن «الله وحده هو الذي يتلقى منه العباد الشرائع ويخضعون لحكمه، في شأن حياتهم كله، وبالتالي فمن لم يطبق ذلك فإنه «كافر» لم يدخل الإسلام». (لاحظ مقولتهم «اليوم دخل الإسلام مصر»). ولهذا السبب رد الشيخ الشعراوي (رحمه الله) صارخاً بالكلمات المكلومة.. الحزينة التي تبثها القنوات المصرية مراراً وتكراراً: مصر الكنانة مصر التي قال عنها الرسول صلى الله عليه وسلم أهلها في رباط الى يوم القيامة من يقول عن مصر إنها أمة كافرة؟ إذاً فمن المسلمون؟ مَن المؤمنون؟ مصر التي صدّرت علم الإسلام الى الدنيا كلها، صدّرته حتى الى البلد التي نزل فيها الإسلام، هي التي صدّرت لعلماء الدنيا علم الإسلام أنقول عنها ذلك؟!!!!! ذلك هو تحقيق العلم في أزهرها الشريف وأما دفاعاً عن الإسلام فانظروا الى التاريخ مَن الذي ردّ همجية التتار عنه؟.. إنها مصر. مَن الذي رد هجوم الصليبيين على الإسلام والمسلمين؟.. إنها مصر. وستظل مصر دائماً رغم أنف كل حاقد أو حاسد أو مستغل أو مستَغل مدفوع من خصوم الإسلام هنا أو خارج هنا.. إنها مصر ستظل دائماً. في الختام حريّ بنا أن نستوضح الأثر الكبير لفكرتين أساسيتين فيما يجري من حولنا الآن وهما: 1 – الوطن عند سيد قطب هو العقيدة وكل أرض عليها مسلم هي وطن..، ولا اعتراف بحدود جغرافية أو سياسية. 2 – تكفير المجتمع وإصدار حكم «ديار الكفر» الشهير عليه. فالفكرة الأولى تفسر الاستعانة بغير المصريين من خارج مصر لقتال جيش مصر، ومحاولة إعادة السلطة للإخوان، كما توضح مشروعية التنازل عن جزء من سيناء للمسلمين في فلسطين، أو جزء من جنوب مصر للمسلمين في السودان. والفكرة الثانية والخاصة بتكفير المجتمع تفسر «استحلال» وهم الكفار المحاربين في بلاد الكفر، أي نحن المصريون في مصر!!.. ومحاولة تفجير القطارات، وإسقاط دولة الكفر، فهذا واجب على كل فرد فيهم، «يجاهد» في سبيله حتى يتحقق. ولن يتحقق شيء من ذلك، بإذن الله تعالى لأن «أهل مصر في رباط الى يوم الدين» وجندها خير أجناد الأرض. والإسلام الوسطى هو معتقد أغلب أهلها، والأزهر الشريف مرجعيتهم. ويبقى الأمل في شباب الإخوان أن يحكّموا عقولهم فيما يرونه، ويعودوا الى أحضان الوطن.. نعم الوطن الذي هو أحنّ عليهم من صدر الجماعة، وأرحب من فكرهم «القطبي».. والله الذي لا إله إلا هو نتمنى لكم كل الخير، وندعو الله أن يعيدكم لتضموا سواعدكم الى سواعد أشقائكم وشركائكم لنبني الوطن.. مصر.. وطننا الذي لا نعرف سواه وطناً.. وأرضنا التي نفخر بها أمام العالم كله.. مصر أقدم دولة في العالم، وأعمق تاريخ على الأرض.. وأرقى حضارة أنارت علومها العالم كله.. وقت أن كان المصريون يعملون لرفعتها، وقلوبهم الصافية مملوءة بحبها. مصر.. تفتح لكم ذراعيها.. وحضنها.. فلا تخذلوها. حفظ الله مصر وشعبها من كل سوء. twitter@hossamfathy66