هل تتجاهل الداخلية أبطال مصر الشرفاء الذين ضحوا بحياتهم ومستقبلهم المهنى والعائلى من أجل أن تحيا مصر فى آمان, وهل تتجاهل الداخلية أبطالها الجرحى الذين دفعوا الثمن فى مواجهة الإرهاب الغاشم الذى هدد المصريين بالقتل والحرق وتحويلها إلى مستنقع للإرهابين؟ هو أحد أبطالنا المنسيين الذين يضحون بشبابهم وحياتهم من أجلنا, فقصته فى مواجهة الإرهاب هى تجسيد لإحدى البطولات الكبيرة التى نسمع عنها دون أن نراها, حيث يجسد ملحمة رائعة بالرغم من صغر سنه, إنه البطل الملازم أول محمد محمود عبد العزيز، أحد رجال الداخلية الشرفاء. يحكي محمد لبوابة الوفد قصته فى مواجهة الإرهاب المسلح فى حوار أجريناه معه بالرغم من صعوبة حالته، قائلاً: "الواجب وضميرى هما السبب وراء ما حدث لى, لست نادما فدمى وحياتى فداء للوطن, ولم أرغب قط فى قتل إنسان وعندما أمرت بتفرقة المعتصمين فى ميدان النهضة كنت حريصا على تنفيذ الأوامر بضبط النفس والعمل على تفرقتهم دون إسالة دماء, ولكن القدر أراد أن يكون دمى هو ضريبة ضميرى الحى . ويسرد محمد الذى لم يتجاوز عامه الثانى والعشرين لحظة إصابته فيحكى: إنه كان يقود أول مدرعة للداخلية تقتحم ميدان النهضة لتفرقة المعتصمين فى الرابع عشر من أغسطس الحالى , وكان شديد الحرص على حياة المعتصمين وشديد الحرص على تنفيذ الأوامر بضبط النفس والحفاظ على حياة الجميع . وأضاف: أثناء فض الاعتصام قابلنى أحد المسلحين وكان برفقة زوجته وابنه,رفضت لحظتها فى إطلاق النيران عليه ,فكان كل ما همنى فى هذه اللحظة أن لا يرى الطفل أباه وهو مدرجا فى دمائه . وتابع: لم أهتم للحظة بما كان يحمله من سلاح فكل ما خطر بذهنى هو الحفاظ على حياة زوجته وابنه وأن لا يرى الطفل أباه جريحا. ويسكت البطل قليلا من شدة الألم وهو يتحدث معنا ثم يستكمل وكأنه يسترجع أمام ذهنه ما حدث فى ذلك اليوم، ثم يستكمل حديثه بعزة وشموخ الأبطال: لكن الإرهابى الغادر لم يحترم ابنه وأطلق علي الرصاص من سلاحه الآلى الذى كان يحمله ولم يتركنى إلا وأنا مدرجا فى دمائى لأفيق وأجد نفسى فى المستشفى بين الأطباء، وعندما سألت عرفت أنه تم استئصال الكلية اليمنى والطحال والفص الأيمن من الكبد وجزء من الرئة اليمنى بالإضافة لوجود تجمع دموى حول الحبل الشوكى ضاغط على الدورة الدموية مما تسبب فى فقدانى للحركة فى النصف الأسفل من جسدى . وقد التقت بوابة الوفد والد البطل, والذي تحدث قائلاً: إن ابنه فى حاجة شديدة وسريعة للنقل للعلاج للخارج حتى يستطيع الحركة خاصة وأن جميع الأطباء أجمعوا أن علاجه فى الخارج فقط، إلا إنه حتى الآن لم تتحرك الداخلية لاتخاذ الإجراءات المناسبة لعلاج ابني الذى التزم بالأوامر بضبط النفس بالرغم من علم الداخلية بأنه يواجه مسلحين يرتدون عباءة الإرهاب وأن دماء رجال الشرطة والجيش هى مستباحة عندهم دون رحمة أو شفقة. ويتساءل الأب المكلوم على حال ابنه الذى أصيب بتلك الإصابات البالغة وهولم يتجاوز 22 من عمره وكان البطل الأول الذى اقتحم ميدان النهضة والذى رفض إطلاق الرصاص على أحد الإرهابيين تنفيذا للأوامر واحتراما للطفل حتى لا يرى أباه مدرجا فى دمائه . وبدورنا نتساءل: هل تتجاهل الداخلية أبطالها؟ وهل يتجاهل وزيرها أحد أبنائه الذين ضحوا بحياتهم وشبابهم للقضاء على الإرهاب والفوضي التي قد تحل بالوطن؟!