ذكريات الشهور الماضية، منذ اندلاع الثورة فى 25 يناير 2011 حتى أحداث العباسية، كانت حاضرة فى القطار الذى انطلق من محطة كوم أمبو، فى أسوان إلى القاهرة، حكاها سعد، ابن محافظة أسوان، على مدار 16 ساعة داخل القطار، لأبنائه الذين اصطحبهم معه إلى القاهرة، للمشاركة فى مليونية أمس، وليؤكد لهم أنه وغيره من المتظاهرين والمعتصمين ليسوا بلطجية. يتحدث سعد عن بطولات شباب ضحوا بحياتهم من أجل الثورة، وبنات سُحلن أمام عينيه أثناء الاعتصام فى ميدان التحرير. وفى الفاصل بين كل حكاية وأخرى يستوقفه سؤال أحد جيرانه من الركاب، فيلتفت إليهم ويقول: «عايز أولادى يعرفوا تاريخ الثورة ويعرفوا إننا مش بلطجية». وعن سبب اصطحابه لأبنائه معه رغم دموية الأحداث والتوقعات بتكرار الاشتباكات فى العباسية أمس، قال: «حبيت أشوف بعينى ويشوفوا معايا علشان محدش يضحك علينا». الروفى، هو أصغر أبناء سعد، لم يتجاوز عمره 6 سنوات، ظل طوال الرحلة ساهراً إلى جوار والده، مرتدياً جلباباً أبيض، ينتظر شروق الشمس فى القاهرة، للمشاركة فى الحدث الذى يتابعه يوم الجمعة على شاشة التليفزيون. يحكى الطفل «أبو كف رقيق وصغير» بفرح عن أنه ظل طوال الأيام السابقة على يوم الجمعة يحكى لأصدقائه فى الشارع عن أن والده سيأخذه إلى الميدان، ويقول لهم: «زى ما ابويا قاللى هتشيل اليافطة وتقف جنبى فى وسط الميدان». أما محمد ابن ال11 سنة، فليست هذه المرة الأولى التى يأتى فيها للقاهرة ليشارك فى المليونيات، فقد اصطحبه والده فى الذكرى الأولى للثورة، فى 25 يناير الماضى، ومنذ ذلك التاريخ كان يراوده الحلم أن يعود مرة أخرى إلى الميدان مع والده وأن يهتف وسط المعتصمين، بينما ظل أحمد يصور ما يحكيه والده بهاتفه المحمول، وجلست نورهان الشقيقة الكبرى فى حراسة «السندوتشات والمياه». أكثر ما يشغل سعد هو قضية تنمية الصعيد، لا يعتبرها مطالب شخصية، بل قضية وطنية خالصة.