بسملة علوان ابنة القليوبية تحصد المركز الثاني ببطولة الجمهورية للكاراتيه    مصرع شخص سقط من الطابق الرابع بمنطقة التجمع    عيار 21 الآن بعد الارتفاع.. سعر الذهب اليوم الإثنين 27-10-2025 بالصاغة محليًا وعالميًا    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الاثنين 27 أكتوبر    مقتل 80 مسلحًا من العصابات في اشتباكات مع الجيش النيجيري    "ديلي تلجراف": لندن تبحث إقامة شراكة نووية مع ألمانيا تحسبًا لتراجع الدعم الأمني الأمريكي    دبابة إسرائيلية تطلق النار على قوات اليونيفيل جنوب لبنان    لافروف: الدعوات الحالية لوقف إطلاق النار في أوكرانيا هي محاولة لكسب الوقت    مباريات اليوم الإثنين بمجموعتي الصعيد بدوري القسم الثاني «ب»    «معرفش بكره في إيه».. عبدالحفيظ يكشف رأيه بشأن التعاون مع الزمالك وبيراميدز في الصفقات    «الداخلية» تضبط «دجال» بتهمة النصب على المواطنين في الإسكندرية    رئيس هيئة المتحف المصري الكبير: قناع توت عنخ آمون يبعث رهبة واحترامًا للحضارة المصرية    «الموسيقى العربية» يسدل الستار على دورته ال 33    عمرو سلامة يشيد ب محمد صبحي: «أفلامه ذكية وممتعة وتستحق إعادة الاكتشاف»    وصفة «الميني دوناتس» المثالية لأطفالك في المدرسة    انقلاب سيارة الفنان علي رؤوف صاحب تريند "أنا بشحت بالجيتار" (صور)    عبد الحفيظ: لا أميل لضم لاعب من الزمالك أو بيراميدز إلا إذا..!    وكيله: سيف الجزيري لم يتقدم بشكوى ضد الزمالك    الفاشر تشتعل مجددًا.. آخر تطورات الأوضاع في السودان    الداخلية تضبط شخصين استغلا مشاجرة بين عائلتين بالمنيا لإثارة الفتنة    "طعنة الغدر".. سباك يقتل فكهانيًا بسبب 200 جنيه فى الوراق    الولايات المتحدة تكثّف وجودها العسكري قرب فنزويلا عبر سفينة حربية جديدة    أمين عام حزب الله يتحدث عن إمكانية اندلاع حرب جديدة مع إسرائيل    التوقيت الشتوي،.. نظام يساعد الأطباء على تحسين جودة الخدمة الطبية وتوازن الحياة العملية    جهاز حماية المستهلك: لا توجد زيادة في أسعار السلع بعد تحريك المحروقات    لاتسيو يقهر يوفنتوس.. وتعادل مثير بين فيورنتينا وبولونيا في الدوري الإيطالي    الطب الشرعي يحسم الجدل: «قاتل المنشار» بكامل قواه العقلية    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 27 أكتوبر 2025 في القاهرة والمحافظات    بهدف قاتل ومباغت.. التأمين الإثيوبي يفرض التعادل على بيراميدز بالدور التمهيدي من دوري الأبطال    "البلتاجي "على كرسي متحرك بمعتقل بدر 3 ..سر عداء السفاح السيسى لأيقونة يناير وفارس " رابعة"؟    أنظمة الدفاع الروسية تتصدى لهجمات بطائرات مسيرة استهدفت موسكو    «عائلات تحت القبة».. مقاعد برلمانية ب«الوراثة»    سعر التفاح والبطيخ والفاكهة في الأسواق اليوم الاثنين 27 أكتوبر 2025    وفاة طفلين خلال حريق عقار في أبو النمرس.. تفاصيل    ارتكب 4 جرائم قتل.. قاتل الأم وأبناءها الثلاثة يواجه الإعدام    حالة الطقس في أسيوط الإثنين 27102025    أسعار طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الاثنين 27 أكتوبر 2025    سعر الدولار اليوم الاثنين 27102025 بمحافظة الشرقية    اسعار الحديد فى الشرقية اليوم الأثنين 27102025    النجم الساحلي يودع الكونفيدرالية ويبتعد عن طريق الزمالك والمصري    عمرو أديب: موقع مصر كان وبالا عليها على مدى التاريخ.. اليونان عندها عمودين وبتجذب 35 مليون سائح    ريهام عبد الغفور تطرح بوستر مسلسلها الجديد «سنجل ماذر فاذر»    بكلمات مؤثرة.. فريدة سيف النصر تنعي شقيقها    مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 27-10-2025 في الشرقية    مصدر مقرب من علي ماهر ل في الجول: المدرب تلقى عرضا من الاتحاد الليبي    احذري، كثرة تناول طفلك للمقرمشات تدمر صحته    نمط حياة صحي يقلل خطر سرطان الغدة الدرقية    الزبادي اليوناني.. سر العافية في وجبة يومية    علاج سريع وراحة مضمونة.. أفضل طريقة للتخلص من الإسهال    شيخ الأزهر: لا سلام في الشرق الأوسط دون إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس    شيخ الأزهر: لا سلام في الشرق الأوسط بدون إقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس    الجمع بين المرتب والمعاش.. التعليم تكشف ضوابط استمرار المعلمين بعد التقاعد    حماية المستهلك: ضبطنا مؤخرا أكثر من 3200 قضية متنوعة بمجال الغش التجاري    صحة القليوبية: خروج جميع مصابى حادث انقلاب سيارة بطالبات في كفر شكر    الحسابات الفلكية تكشف موعد بداية شهر رمضان 2026    هل رمي الزبالة من السيارة حرام ويعتبر ذنب؟.. أمين الفتوى يجيب    كنز من كنوز الجنة.. خالد الجندي يفسر جملة "حول ولا قوة إلا بالله"    مركز الازهر العالمي للفتوى الإلكترونية ، عن 10 آداب في كيفية معاملة الكبير في الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«عائلات تحت القبة».. مقاعد برلمانية ب«الوراثة»
نشر في المصري اليوم يوم 27 - 10 - 2025

ارتبطت الحياة النيابية فى مصر بوجود عائلات بعينها حافظت على حضورها السياسى عبر الأجيال، حتى أصبحت ظاهرة «الأسر البرلمانية» واحدة من السمات المميزة للمشهد السياسى فى مصر، فمن دوائر الصعيد إلى مدن الدلتا، ورث أبناء تلك الأسر مقاعد آبائهم، حاملين معهم رصيدًا اجتماعيًا وتاريخيًا مكّنهم من الاستمرار داخل قبة البرلمان، فى علاقة متبادلة بين الثقة الشعبية والنفوذ المحلى.
ويأتى من بين أبرز هذه العائلات البرلمانية، عائلات مثل «السادات، وأباظة، وأبو شقة، والضبع، ومرتضى منصور، والحريرى، وعائلة طلعت مصطفى».
عائلة أباظة تعد من أبرز وأقدم العائلات البرلمانية فى مصر، إذ تمتد جذورها السياسية إلى ما قبل ثورة يوليو 1952، وتحديدًا منذ عام 1824، حين بدأ أفرادها المشاركة فى الحياة النيابية، وعلى رأسهم إسماعيل أباظة ومحمد صادق أباظة، ثم توالى حضور رموز العائلة داخل البرلمان عبر الأجيال، ففى دورة 2005-2010 مثل العائلة أحمد فؤاد سليمان أباظة، الشهير ب«فؤاد أباظة» عن دائرة ديرب نجم، إلى جانب محمود أحمد محمد أباظة، أحد أبرز قيادات حزب الوفد ورئيسه الأسبق.
وفى برلمان 2010- 2011، شارك كل من أمين أحمد محمد عثمان أباظة عن دائرة التلين بمركز منيا القمح، وأحمد فؤاد بغدادى أباظة عن دائرة أبوحماد، أما فى برلمان 2011- 2012 فقد واصل محمد هانى درى أباظة «هانى أباظة» تمثيل العائلة تحت قبة البرلمان، ثم شهد برلمان 2015-2020 حضورًا لافتًا للعائلة بوجود 3 نواب هم فؤاد أباظة، وهانى أباظة، ووجيه حسين وجيه أباظة.
واستمر هذا التمثيل القوى فى مجلس النواب 2021 بوجود النواب الثلاثة أنفسهم، حيث انتُخب فؤاد أباظة وكيلًا للجنة الشؤون العربية، وهانى أباظة وكيلًا للجنة التعليم، إلى جانب وجيه أباظة، كما شهدت الدورة ذاتها دخول يسرا أباظة، ابنة فؤاد أباظة، إلى مجلس الشيوخ، لتواصل بذلك العائلة الأباظية إرثها السياسى الممتد منذ قرنين من الزمان، محافظةً على مكانتها كإحدى أكثر العائلات حضورًا فى الحياة البرلمانية المصرية.
ولا تخلو محافظة المنوفية من شغور عائلة السادات للحياة البرلمانية، والتى ظهرت للحياة السياسية بتولى الرئيس الراحل أنور السادات رئاسة الجمهورية عام 1970، وكان الرئيس الراحل محمد أنور السادات أول من دخل البرلمان نائبًا من العائلة، حيث تم انتخابه عضوًا بمجلس الأمة عن دائرة تلا ل3 دورات ابتداءً من عام 1957، وفى 1960 تم انتخابه رئيسًا لمجلس الأمة، فى الفترة من 21 يوليو 1960 حتى 27 سبتمبر 1961، كما تم انتخابه رئيسًا لمجلس الأمة للفترة الثانية من 29 مارس 1964 إلى 12 نوفمبر 1968.
ورغم ما أضافته هذه الظاهرة من خبرات تراكمية وثقل سياسى، إلا أنها شهدت تحولات كبيرة خلال العقد الأخير، مع بروز أنماط جديدة من التعدد العائلى داخل المجلس نفسه، ما أثار تساؤلات حول حدود النفوذ ومدى انعكاسه على كفاءة الأداء النيابى والتمثيل الشعبى، وهى التساؤلات التى طرحتها «المصرى اليوم» على عدد من الخبراء والمهتمين بالشأن السياسى والبرلمانى فى محاولة للإجابة عن أسباب ونتائج الظاهرة.
صدام وتنافس
الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسى، أكد أن ظاهرة توريث المقاعد البرلمانية واستمرار النفوذ العائلى فى الحياة السياسية تعود إلى جذور اجتماعية وثقافية ممتدة، خاصة فى المناطق الريفية التى ما زالت تحكمها البُنى التقليدية والولاءات العائلية.
وأضاف «صادق»، أن الحكومة تاريخيًا كانت تبحث عن أشخاص ذوى نفوذ اجتماعى وقوة فى دوائرهم، باعتبارهم قادرين على حفظ التوازن والسيطرة على محيطهم المحلى، وهو ما جعل النفوذ العائلى إحدى ركائز العمل السياسى فى الريف المصرى.
ولفت إلى أن العائلة القوية اقتصاديًا واجتماعيًا تملك قاعدة نفوذ تجعل أبناءها يستمرون فى التمثيل البرلمانى جيلاً بعد جيل، حيث ينظر إليهم الأهالى باعتبارهم «ورثة الزعامة» وممثلين لمصالحهم أمام الدولة، مشيرًا إلى أن القوة الاجتماعية والاقتصادية تتحول بطبيعتها إلى قوة سياسية، وأشار إلى أن هذه الظاهرة تبرز بشكل أكبر فى القرى والمناطق الريفية والقبلية، التى تعتمد على الحيازات الزراعية والعلاقات الشخصية أكثر من البرامج الحزبية أو السياسية، مؤكدًا أن نحو 58٪ من المصريين يعيشون فى الريف، ما يجعل الثقافة الريفية التقليدية ذات تأثير مباشر على تشكيل البرلمان، والظاهرة ليست مقصورة على مصر وحدها، بل تتكرر فى دول أخرى ولكن بأشكال مختلفة، موضحًا أن هناك «عائلات سياسية» فى الولايات المتحدة مثل عائلة كينيدى، وفى لبنان التى تُدار الحياة السياسية فيها وفقًا للطوائف والعائلات الكبرى مثل الجميل وفرنجية والحريبى.
وأوضح «صادق» أن عملية التحديث السياسى والاجتماعى بدأت تحدث تغييرات تدريجية داخل تلك البُنى التقليدية، حيث بدأت تظهر عائلات جديدة تصعد للمشهد السياسى، ما يؤدى أحيانًا إلى صدامات وتنافسات بين العائلات القديمة والجديدة، لافتًا إلى أن هذا التطور يمثل خطوة طبيعية نحو إعادة تشكيل الخريطة الاجتماعية والسياسية فى مصر.
عبث انتخابى
بدوره، قال الدكتور عمرو هاشم ربيع، مستشار مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، إن ظاهرة العائلات البرلمانية ليست أمرًا سلبيًا بالضرورة، بل تعد سمة شائعة فى كثير من الدول النامية وبعض الدول المتقدمة أيضًا، حيث تحتفظ بعض العائلات بمقاعد برلمانية عبر أجيال متعاقبة نتيجة لثقة الناخبين أو لتقاليد انتخابية راسخة.
وأوضح «ربيع»، أن وجود أكثر من عضو من العائلة نفسها فى البرلمان لا يمثل مشكلة فى حد ذاته، طالما أن المرشحين يمتلكون الكفاءة والخبرة السياسية اللازمة، مؤكدًا أن الظاهرة السلبية تبدأ عندما يتم الدفع بأشخاص لا علاقة لهم بالعمل العام أو التشريعى لمجرد انتمائهم العائلى أو القرابة.
وأشار إلى أن ما يحدث حاليًا فى بعض القوائم الانتخابية من اختيار احتياطيين من أقارب المرشحين الأصليين يمثل «خللًا سياسيًا خطيرًا»، معتبراً أنها ليست ظاهرة عائلية، بل عبث انتخابى، يعكس فراغًا داخل بعض الأحزاب التى لم تعد قادرة على ملء قوائمها بعناصر حزبية حقيقية، فتلجأ لترشيح الأقارب والمعارف لسد النقص، وخطورة هذا الوضع تظهر بوضوح عند خلو أحد المقاعد لأى سبب، حيث يحل محله أحد هؤلاء الاحتياطيين غير المؤهلين، ما يؤدى إلى نكبات سياسية وتشريعية داخل البرلمان.
واعتبر «ربيع» أن تأثير العائلات الكبيرة صاحبة الحضور السياسى الممتد قد يكون إيجابيًا فى بعض الأحيان، لأنها غالبًا ما تقدم خدمات حقيقية لدائرتها وتتمتع بقبول شعبى، بينما الخطر الحقيقى يكمن فى «سد الخانات» بالقوائم دون معايير موضوعية، وهو ما يعكس أزمة فى البنية الحزبية وضعفًا فى الحياة السياسية، بحسب وصفه.
ظاهرة عريقة
ويرى عبدالناصر قنديل، خبير النظم والتشريعات البرلمانية، مدير المجموعة المصرية للدراسات البرلمانية، أن الأسر البرلمانية فى مصر ظاهرة عريقة، تعود إلى نشأة البرلمان المصرى، حيث لعبت بعض العائلات دورًا بارزًا فى تشكيل التجربة النيابية، مستفيدة من تراكم الخبرات والمعارف والعلاقات الاجتماعية والامتدادات القبلية. وأضاف «قنديل»، أن هذه الظاهرة وفرت للدولة نوعًا من «الأمان الاجتماعى»، حيث ساعدت فى التواصل مع قطاعات واسعة من المواطنين، لافتًا إلى أن بعض هذه الأسر لها تاريخ برلمانى يمتد لأكثر من 100 عام.
وأوضح قنديل أن السمة الأساسية فى هذه الأسر كانت امتلاك مقعد برلمانى يتوارثه الأبناء، مع الاستفادة من الهيبة الاجتماعية والشبكات المحلية، ما عزز ثقة الناخبين فى قدرة أعضاء الأسرة على أداء مهامهم التشريعية والخدمية.
وحول قيمة هذا الدور، أشار قنديل إلى أنها كانت حقيقية بفضل النظام الانتخابى الفردى الذى كان يتيح للناخب اختيار من يراه الأكثر كفاءة، ما أجبر هذه الأسر على تقديم أفضل عناصرها لضمان الفوز بالمقاعد.
وأكد أن التجربة أثبتت قدرة الناخبين على محاسبة الأسر، إذ إنه عندما ترشح أحد الأبناء إلى جانب أحد أقاربه، قد يتم استبعاد الأسرة كاملة إذا لم يكن الأداء كافيًا، مستشهدًا بحالة سامح عاشور، نقيب المحامين، الذى لم يوفق فى الفوز بالمقعد عندما ترشح هو وابن عمه معًا 2005، وأشار إلى أن الوضع تغير بعد عام 2011، مع اعتماد نظام القوائم المغلقة، الذى أظهر نمطًا جديدًا للأسر البرلمانية، حيث أصبح بإمكان بعض النواب وأبنائهم الاحتفاظ بعدة مقاعد، وأحيانًا وضع الأبناء كعناصر احتياطية تحل محل الوالد فى حالة شغور المقعد.
وأضاف قنديل أن هذه التجربة لم تكن دائمًا إيجابية، إذ إن بعض الأبناء لم يكونوا مؤهلين لأداء المهام البرلمانية، واستخدموا المقعد كواجهة اجتماعية أكثر من كونه منصة تشريعية، ما أدى إلى تراجع مستوى الأداء وزيادة السخط المجتمعى.
وأوضح أن ما يعرف بالأسر الممتدة داخل البرلمان أصبح ظاهرة جديدة، حيث نجد عدة أشقاء أو أبناء عمومة فى المجلس نفسه، وهو ما لم يكن موجودًا فى التجربة السابقة، حيث كانت الأسرة تتوارث مقعدًا واحدًا فقط، ونتيجة النفوذ السياسى، استطاعت بعض الأسر السيطرة على مقاعد عدة فى المحافظة، ما أدى أحيانًا إلى ترشيح أبنائها فى محافظات أخرى لضمان استمرار النفوذ، وهو ما يحدث حاليًا فى بعض مناطق مثل برج العرب، حيث ترشح أبناء أسرة ضيف الله على مقاعد متعددة فى البرلمان، وهذه التجارب تكشف فجوة كبيرة بين أداء الأبناء وأداء آبائهم، حيث لم تعد بعض الأسر تعتبر رافعة سياسية، بل أصبحت عبئًا أحيانًا، رغم المحاولات لتنظيم هذا النفوذ وتقويم مساراته، إلا أن النظم الحالية ما زالت تتيح استمرار حصول هذه الأسر على أكثر من مقعد، ما يبرز الحاجة إلى مراجعة الأداء والتأثير الحقيقى للأسر البرلمانية فى الحياة السياسية المصرية.
وأكد خبير النظم البرلمانية أن ظاهرة «الأسر البرلمانية» تمثل أحد أبرز مظاهر الخلل داخل النظام النيابى، مشيرًا إلى أنها تعكس حالة من الاستحواذ العائلى على المقاعد البرلمانية على حساب مبدأ الكفاءة والتعددية التى يفترض أن يقوم عليها النظام الديمقراطى.
والمقصود بالأسر البرلمانية هو وجود عدة أفراد من عائلة واحدة داخل المجالس النيابية فى توقيت واحد، بما يضمن لهذه الأسر نفوذًا متزايدًا داخل البرلمان، ويحد من تمثيل التيارات الفكرية والقطاعات الجغرافية المختلفة التى يقوم عليها جوهر العمل النيابى.
وأشار قنديل إلى أن الظاهرة تجسدت فى عدد من الحالات الواضحة خلال البرلمانين الماضى والحالى، موضحًا أن من بين هذه الحالات أسرة السادات فى محافظة المنوفية، حيث ضم المجلس فى وقت واحد النائبين عفت وعباس السادات، إلى جانب اثنين من أبناء أشقائهم هما كريم طلعت السادات وسامح أنور السادات، فضلًا عن زوج عمتهم الراحل عبدالخالق عياد، ليصل عدد أفراد العائلة داخل البرلمان إلى خمسة فى دورة واحدة، والأمر نفسه تكرر فى محافظة بنى سويف، حيث شهدت الحالة الخاصة بالنائب أحمد مبارك سليم، أمين حزب مستقبل وطن بالمحافظة، دخول ابنته فاطمة إلى البرلمان، والتى كانت فى الوقت نفسه مخطوبة لناصر هداية، أمين شباب الحزب بالمحافظة، وكذلك حالة المستشار بهاء أبوشقة، رئيس حزب الوفد، الذى ترشح على رأس قائمة مجلس الشيوخ فى نفس الوقت الذى وضعت فيه ابنته أميرة على رأس قائمة الحزب فى مجلس النواب، بالإضافة إلى النائب أحمد فؤاد أباظة، أمين حزب الجبهة بالشرقية، الذى كانت ابنته يسرا عضوة بالمجلس، بينما تم ترشيح ابنته الأخرى كاحتياطية لها فى الوقت ذاته.
وهذه النماذج ليست فردية أو استثنائية، بل تعكس ظاهرة متنامية تحتاج إلى مراجعة وضوابط قانونية وسياسية واضحة، لضمان تحقيق العدالة فى التمثيل النيابى، والحفاظ على روح التعددية التى تُعد من ركائز النظام الديمقراطى الحقيقى.
ولفت «قنديل» إلى أن ظاهرة الأسر البرلمانية فى حد ذاتها ليست سلبية أو مضرة، بل على العكس، فهى فى جوهرها تعزز الكفاءة والخبرة التى تتوارثها أجيال البرلمان، تمامًا كما تعمل المؤسسات البرلمانية العريقة على نقل المعرفة والخبرات، مضيفًا أن هذا النموذج يرفع قدرة النواب على التعامل مع الجماهير، ويقوى التواصل مع القطاعات الشعبية، لكن النماذج الحديثة للتعددية العائلية داخل نفس المجلس، حيث يتواجد عدة أفراد من الأسرة الواحدة فى الوقت ذاته، ليست فعالة وقد تؤدى إلى أزمة حقيقية.
وأوضح أن هذه التجربة غالبًا ما ترتبط بمحاولة احتواء مقاعد الاحتياط ونقلها إلى الأبناء غير المؤهلين، ما يخلق فجوة فى الأداء التشريعى ويؤدى إلى تراجع مستوى العمل البرلمانى، مؤكدًا أنها تحتاج إلى إعادة النظر والتدريب الجيد للأجيال الجديدة لضمان استمرار النموذج الإيجابى للأسر البرلمانية دون تأثير سلبى على الأداء أو التمثيل الشعبى.
ظاهرة مركبة
وقال اللواء رضا فرحات، نائب رئيس حزب المؤتمر وأستاذ العلوم السياسية، إن ظاهرة ما يعرف ب«الأسرة البرلمانية» أو توريث المقاعد النيابية داخل العائلات تعد ظاهرة مركبة لا يمكن تصنيفها على أنها إيجابية أو سلبية بشكل مطلق، إذ يتوقف الحكم عليها على مدى ارتباطها بإرادة الناخبين الحرة وكفاءة الأعضاء الجدد داخل تلك الأسر.
وأوضح «فرحات» أن نجاح أحد أفراد العائلة البرلمانية يكون مشروعًا ومحمودًا إذا استند إلى ثقة حقيقية من المواطنين، وقدرته على تمثيلهم وخدمتهم، باعتبار ذلك امتدادًا لتجارب ناجحة فى العمل العام، لكن إذا تحولت هذه الظاهرة إلى نمط احتكارى مغلق يمنع تداول الفرص ويقصى الكفاءات، فإنها تصبح عبئًا على الحياة السياسية وتمثل خطرًا على مبدأ تكافؤ الفرص والديمقراطية.
وأضاف أن بعض الأسر البرلمانية فى مصر راكمت عبر العقود خبرة واسعة فى العمل التشريعى والخدمى، ما أكسبها شعبية متجذرة فى دوائرها الانتخابية، وجعل الناخبين يجددون ثقتهم بها عن قناعة، ومع ذلك، فإن استمرار هذه الظاهرة دون ضخ دماء جديدة قد يؤدى إلى جمود فى التمثيل النيابى، ويغلق الباب أمام الكفاءات الشابة التى يمكن أن تضيف رؤى مختلفة للعمل البرلمانى.
ولفت إلى أن الأثر السياسى لهذه الظاهرة يظهر بوضوح فى طبيعة التصويت داخل بعض الدوائر، إذ يميل الناخبون إلى الاختيار وفق الانتماءات العائلية أكثر من البرامج الحزبية، مما يجعل العملية الانتخابية أقرب إلى منافسة اجتماعية بدلاً من سياسية، مما يضعف دور الأحزاب فى بناء كوادر فاعلة ويدفع الحياة السياسية نحو الشخصنة على حساب التعددية الحزبية والمؤسسية.
وشدد على أن الديمقراطية الحقيقية تقوم على المساواة فى الفرص والتداول الطبيعى للقيادة، ورفع الوعى الانتخابى للمواطنين هو السبيل لتصحيح أى خلل فى المنافسة السياسية، مؤكدًا أن المطلوب ليس محاربة الأسر البرلمانية الناجحة، بل دمجها فى الأطر الحزبية وتشجيعها على تأهيل كوادر جديدة من داخلها، حتى تكون ظاهرة الأسر البرلمانية فى مصر نتاجًا طبيعيًا للثقة الشعبية والكفاءة السياسية، لا شكلاً من أشكال التوريث المغلق، وبذلك يتحقق التوازن بين الخبرة المتوارثة والتجديد الديمقراطى المطلوب لإنعاش الحياة النيابية.
يشار إلى أن أبرز الأسر البرلمانية منذ بداية الحياة النيابة هى عائلة أباظة، والشاذلى، وبدراوى، والسادات، ومحيى الدين، وسراج الدين، وطلعت مصطفى، وأبو شقة، والغول، والضبع، والجارحى، وطايل، وبرزت أسماء من نفس العائلة، مثل، أحمد منصور ووالده مرتضى منصور، ومصطفى بكرى والراحل محمود بكرى، ومحمد تيسير مطر ووالده، ويحيى الفخرانى وزوجته، وياسر زكى وشقيقه حسام زكى، والنائب أحمد الدربى مرشح عن أبو تشت، ورضوى ماهر الدربى عن نفس الدائرة.
وفى سياق الانتخابات المقبلة لمجلس النواب 2025-2030، كشفت القائمة الوطنية عن أمثلة على التعدد العائلى فى القوائم، مثل أحمد حسن السيد العطيفى وشقيقه محمد حسن السيد العطيفى (احتياطى)، وأحمد مجدى عبد المعبود وشقيقه محمد مجدى عبد المعبود، وعاصم عبد والحميد الجزار وابنته لاجين عاصم عبد الحميد الجزار، ومحمود حسين طاهر عبد اللطيف وشقيقه أحمد حسين طاهر عبد اللطيف، ومصطفى أيمن رأفت جبر وشقيقه أيمن رأفت جبر، ومصطفى محمود سيد مجاهد وشقيقه أحمد محمود سيد مجاهد، وسامى صبحى عليوة شاهين وشقيقه سمير صبحى عليوة شاهين، وعيسى عبد المنعم أبو زيد نجل شقيقه عبدالدايم سعيد عبدالمنعم أبو زيد، ومحمود سيد عبد الحميد شعراوى وابنته ياسمين محمود سيد عبد الحميد شعراوى، وسميرة محمود سيد الجناينى وشقيقتها أميرة محمود سيد الجناينى، وهبة نبيل أحمد إبراهيم فسيخ وشقيقتها منى نبيل طه فسيخ، وأحمد السيد أحمد الأشمونى وشقيقه محمد السيد أحمد الأشمونى، ونيفين سعد لمعى إسكندر وشقيقتها مارتينا سعد لمعى إسكندر، والسيد محمد مرزوق القصير وابنه مصطفى السيد محمد مرزوق القصير، وعادل الكاشف محمد الكاشف وشقيقه محمد الكاشف محمد الكاشف، وفريد محمد فريد واصل وشقيقه نصر أحمد فريد واصل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.