مع بداية عهد جديد, يأمل فيه المصريون تحقيق طموحاتهم في ظل أول رئيس مدنى منتخب.. ظهرت على السطح أحلام ومطالب أهالى الشهداء, أصحاب الدماء الذين لولاهم ما نجحت الثورة، والذين صنعوا بتضحياتهم ملحمة وطنية تعانقت فيها جميع دماء المصريين مسلمين ومسيحيين للوقوف أمام الباطل وأعوانه . مريم شهيدة ليلة الغضب ،فتاة فى الصف الثالث الثانوى, كانت تستعد لحفل خطبتها والذى تحدد موعده الأحد بعد ليلة الغضب بيومين, ولكن القدر كان أسرع من فرحتها ,واستشهدت بطلق نارى ليلة جمعة الغضب أصاب خدها الأيمن عند قيامها بمحاولة تصوير أحداث تلك الليلة من فوق سطح منزلها, لتموت بعد ساعات فى مستشفى الدمرداش. يقول الأب المكلوم على ابنته الوحيدة ،التي رُزق بها بعد شقيقين, أنها كانت فرحته ولم يتخيل لحظة الحياة بدونها .. وتضيف الأم ،التى استكملت الحديث بعد أن احتبست الدموع فى عين الأب, وكأنها تريد أن تظهر أنها أكثر قوة من زوجها : كانت ابنتى تستعد للخطبة وتم شراء شبكة العروس والفستان, والآن أتذكر فرحتها بخطبتها وفى الوقت نفسه أتذكرها بدمائها التى غطت جميع ملامح وجهها وهى ملقاة أمامى على أرض سطح المنزل ولا أستطيع إنقاذها, والقتلة طلقاء ينعمون بحياتهم وسط أحبائهم وأسرهم, كما لا أستطيع أن أنسى مشهد مستشفى الدمرداش ومنظر الجرحى والشهداء وهم ملقون على الأرض لعدم وجود أسرة وإمكانيات لاستقبال المصابين وعلاجهم. وتتابع: كل ما أطلبه من الرئيس ألا ينسى أن دماء المصريين جميعا مسيحيين ومسلمين أريقت من أجل مصر، ولولا تلك الدماء ما كان الآن فى هذا المنصب, فعليه أن يعامل جميع المصريين بالمثل دون تفرقة بين مسلم ومسيحي, وأن يهتم بالمستشفيات الحكومية وتطويرها وتزويدها بجميع الإمكانيات لا ستيعاب جميع الحالات حتى لا نرى بعد ذلك جريحا ملقى على الأرض .
إعادة المحاكمات عايدة عبد الله ،زوجة موسى محمد موسى، من شهداء الزاوية الحمرا, استشهد زوجها عقب قدومه من عمله بإحدى شركات ليلة جمعة الغضب, لتصيب رصاصة غادرة كتفه الأيسر ، قادمة من سلاح أحد رجال شرطة قسم الزاوية, ليلق ربه بعدها بساعة تقريبا كان الجيران خلالها قد اصطحبوه برفقة زوجته إلى معظم المستشفيات المجاورة التى رفضت علاجه نظرا لعدم وجود أماكن بها لكثرة أعداد المصابين في تلك الليلة , ويشاء الله أن تخرج روحه لبارئها أثناء رحلة البحث هذه. تحكي الزوجة ،التى تسكن بإحدى الشقق الضيقة فى مساكن الزاوية, أن زوجها كان العائل الوحيد لها وترك لها فتاتين وطفل فى العاشرة من عمره, وقد تزوجت إحدى الفتاتين منذ عام وقد حرمت من قبلة أبيها ليلة زفافها , أما الاثنان الآخران فمازالا فى مراحل التعليم. وتضيف الزوجة: مشهد زوجى وهو مدرج بدمائه لا يفارق خيالي ودماؤه ما زلت أشعر بسخونتها, والذى يزيد ألمى وانزعاجى هي البراءة التي حصل عليها القتلة , وأمين الشرطة محمد السنى الذى اتهم بقتل أكثر من 30 شابا من أهالى الزاوية , ومع ذلك حصل على براءة فى قضايا القتل والشروع فى القتل وهو الآن مسجون على ذمة إحدى التهم لمدة 5 سنوات ..! وتستكمل الزوجة وهى باكية: القتلة أحرار مع أولادهم.. وزوجى تحت التراب وأطفالى محرومون من حنان أبيهم , حسبى الله ونعم الوكيل, وكل ما أريده من الرئيس الجديد عقاب القتلة والبحث عن أدلة جديدة تدينهم. حتى لا تتكرر نفس المشاهد السابقة ليطمئن قلبى وقلب أمهات الشهداء. فأنا لا أريد سوى الثأر فقط ومنتظراه من مرسى. صندوق لأبناء الشهداء وعلى صعيد متصل تضيف زوجة الشهيد وليد عبد الفتاح محمد ،شهيد ليلة الغضب ومن نفس حى الشهيد السابق، أن زوجها استشهد وعمره لا يتجاوز 36 عاما تاركا لها 4 أطفال أكبرهم فتاة فى الصف الثالث الإعدادى وأصغرهم طفل عمره 3 أعوام . تقول الأم أن زوجها الشهيد كان يعمل سائقا بإحدى الشركات الخاصة ولم يكن له معاش , وكل ما تحصل عليه هو 1500 جنيه شهريا نظرا لاستشهاده فى ثورة يناير , ومع ارتفاع الأسعار ومتطلبات المدارس وأجرة المنزل ومصاريف الأولاد فإن هذا المبلغ لا يكفى سوى لنصف الشهر, وكل ما تطلبه هو رفع قيمة المعاش وأن يكون هناك صندوق لرعاية أطفال الشهداء حتى يستكملوا دراستهم, إضافة لمطلبها الأساسي بالقصاص العادل للشهداء قائلة: لقد وعدنا الرئيس بذلك ونحن ننتظر منه الأفعال .