البنوك الدولية بدأت منذ مطلع العام الماضي تطبيق اتفاقية بازل 3 في الوقت الذي لم تنته بعض البنوك المصرية من تطبيق كافة متطلبات بازل 2، وهناك فرصة أمام البنوك لتطبيق بازل 3، خاصة بعد إعطاء فترة زمنية حتى عام 2019 لتطبيق الاتفاقية. تأسست لجنة بازل عام 1974 من محافظي البنوك المركزية لمجموعة الدول الصناعية العشر تحت إشراف بنك التسويات الدولية بمدينة بازل بسويسرا، بسبب تفاقهم أزمة الديون الخارجية في الدول النامية وتزايد حجم الديون المشكوك في تحصيلها من قبل البنوك العالمية وتعثر بعض البنوك إلي جانب المنافسة القوية للبنوك اليابانية للبنوك الأمريكية والأوروبية بسبب نقص رؤوس أموال البنوك اليابانية، وخرجت لجنة بازل بتوصيات لا تتمتع بصفة قانونية أو الزامية، لكنها مع مرور الوقت أصبحت بوابة مرور للعالم. صدرت اتفاقية بازل 1 عام 1988 وارتكزت علي مطالبة البنوك بالاحتفاظ بمعدل كفاية رأسمال 8% لتغطية المخاطر الائتمانية فقط، علي أن يتم التطبيق نهاية عام 1992 إلا أنه لتضييق الفجوة بين رأس المال التنظيمي ورأس المال الاقتصادي قامت لجنة بازل بتقديم مقترحات جديدة شكلت بازل 2 والتي ظهرت علي ثلاثة اصدارات أعوام 1999 و2001 و2003 وهي تعطي نظرة واسعة للمخاطر التي لا ترتبط بحد أدني لرأس المال فحسب، وبل بمراعاة منظومة كاملة من مبادئ الإدارة الرشيدة للبنوك وانضباط وشفافية كاملة في البيانات، واستحدثت المخاطر التشغيلية. بعد الأزمة المالية العالمية في عام 2008 وما صاحبها من خسائر مالية ضخمة وانهيارات اقتصادية وافلاس بنوك قامت لجنة بازل بإجراء تعديلات واسعة وجوهرية علي الدعامات الثلاث لبازل في سبتمبر 2009، فالدعامة الأولي: من بازل 2 تتمثل في تغييرات علي مخاطر السوق وإطار التسنيد وتحسين نوعية رأسمال وزيادة الاحتياطيات وتخفيض الدورية لمتطلبات رأس المال وتدعيم المشرفين علي البنوك.. والدعامة الثانية: شملت التركيز علي المخاطر في جميع انحاء البنك ومخاطر السمعة بصفة خاصة.. والدعامة الثالثة: شملت التشديد في الإفصاح من قبل البنوك بما يؤدي إلي صورة أكثر شمولاً لمخاطرها، وغيرها من التعديلات التي تمت بالنسبة للسيولة ورأسمال البنك. أكدت دراسة تحت عنوان «إشكالية تطبيق مقررات لجنة بازل» بالنشرة الاقتصادية للبنك الأهلي المصري في العدد الرابع 2012 أن معايير لجنة بازل 3 أكثر صرامة وتشدداً في تاريخ العمل المصرفي، إلا أنها تعد بداية لعصر مالي ونقدي جديد، مؤكدة أن تطبيق هذه المعايير سيؤدي إلي تقليص عدد البنوك العاملة في السوق المصرية، وسيدفع البنوك ذات رؤوس الأموال الضعيفة إلي الدخول في عمليات اندماج ومشاركات وإعادة هيكلة مالية شاملة للتوافق مع المعايير الجديدة. وأوضحت أن تطبيق بازل 3 سيضع البنوك المصرية أمام خيارين يتمثلان في الاندماج أو زيادة رؤوس الأموال بشكل يتوافق مع بازل 3، كما يتضمن التطبيق ضوابط جديدة لتنفيذ العديد من الإجراءات المتعلقة بالعاملين والإدارة العليا والسياسات الداخلية والتدريب والحوكمة. ورصدت الدراسة ايجابيات الاتفاقية في انخفاض عدد البنوك التي قد تتعرض الي عمليات الإفلاس مما يجنب حدوث انهيار في النظام المصرفي، والمساهمة في الاستقرار المالي علي المدي الطويل وتحقيق المزيد من النمو وتقوية دعائم النظام النقدي العالمي وجعله أكثر صلابة في مواجهة الأزمات المقبلة، وتحقيق الأرباح التي تسهم في انخفاض خطورة القروض المتعثرة وحدوث تحسن في أسعار اسهم البنوك نظراً لعمليات الاستحواذ التي ستحدث بين البنوك، وتطبيق قواعد جديدة لإقرار الشفافية في القطاع المالي مما يسهم في تقليل التعرض للمخاطر. وحددت الدراسة الآثار السلبية لاتفاقية بازل 3 في أنها ستؤدي الي الضغط علي المؤسسات المصرفية لزيادة مواردها المالية من خلال زيادة رؤوس أموالها أو تخصيص جزء من أرباحها لدعم احتياطياتها المالية، وخفض معدلات الائتمان وتقليصها في بعض القطاعات والانشطة الاقتصادية ذات المخاطر العالية وحدوث تشدد ائتماني عند منح الائتمان للدول النامية وإجبار البنوك علي زيادة الأموال المخصصة كاحتياطيات في مقابلة الديون المشكوك فيها، إلي جانب أن الاتفاقية قد تؤدي إلي تقليص الأرباح وارتفاع تكلفة الاقتراض والحاجة إلي المزيد من الإعانات الحكومية لتعزيز احتياطيات رأس المال تقدر بالمليارات وتوقع صدور قواعد جديدة تفرض علي البنوك تطبيق الاندماج القصري. تشير مؤشرات يونيو 2013 إلي أن رؤوس أموال البنوك ارتفعت بنسبة 19% إلي 71.6 مليار جنيه مقارنة بنحو 60.4 مليار جنيه وارتفعت الاحتياطيات بنسبة 47% لتصل الي 36 مليار جنيه خلال شهر مارس الماضي مقارنة بنحو 24.5 مليار جنيه خلال نفس الشهر من عام 2012. وارتفعت المخصصات بنسبة 9% لتصل إلي 60.6 مليار جنيه مقارنة بنحو 55.8 مليار جنيه، وإجمالي الودائع ارتفع 15% لتصل إلي تريليون و144 مليار جنيه مقارنة بنحو 996 مليار جنيه وإجمالي الأصول ارتفع 14% لتصل إلي تريليون و531 مليار جنيه مقارنة بنحو تريليون و348 مليار جنيه وأرصدة الاقتراض والخصم ارتفعت 8% لتصل إلي 536.7 مليار جنيه مقارنة بنحو 495.9 مليار جنيه. أكد جمال نجم، نائب محافظ البنك المركزي، أن جميع البنوك التي تنتهي ميزانياتها في 30 ديسمبر 2012 قامت بتطبيق بازل 3 مشيراً إلي أن بازل 3 يتم تطبيقها علي مراحل ولا توجد مرحلة إلا وتم تطبيقها في ميعادها، موضحاً أن بازل 3 تتطلب من البنوك تغطية السيولة ما بين 15 و19% في البنوك المصرية تتجاوز 20%. وقال «نجم»: إن أي مطلب من مقررات بازل 3 يتم تطبيقها قبل ميعاده، كما يتم تطبيق كل ما هو جديد في بازل لسلامة الجهاز المصرفي، مشيراً إلي أن البنوك التي تنتهي ميزانياتها في 30 يونية 2013 سوف ترسل تقاريرها عقب إجازة العيد للنظر فيها، مشيراً إلي أن البنك المركزي يطلب من كل بنك تقريراً واضحاً ومراجعاً من مراقب الحسابات عن كيفية تطبيق بازل 3.