بسم الله الرحم الرحيم «وَقُلْ جَاءَ الحَقُّ وَزَهَقَ البَاطِلُ إِنَّ البَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً» صدق الله العظيم. هذا هو قول الله تعالى فى سورة (الإسراء: 81). وها هو نحن الآن نقول جميعا، لقد جاء الحق، وسيذهب الباطل بإذن الله. أكتب هذا المقال قبل أن تمر مهلة ال 48 ساعة التى حددها البيان العسكري. الأحداث تدور بسرعة، ولكن أدعو الله عز وجل أن تمر الأيام المقبلة على خير وأن يفيق الجميع ويعلموا أننا أولا وأخيرا كلنا مسلمون ومصريون. لقد هب شعب مصر عن بكرة أبيه، وبدون أى مساندة من التيار الديني، فكانت الأعداد التى نزلت إلى الشارع تفوق بكثير أعداد 25 يناير 2011 وهذا دليل قاطع على أن الشعب لا يقبل سلب وطنيته أو هويته أو تاريخه أو حضارته. لقد كانت هناك فرصة ذهبية للرئيس مرسى وجماعته، فى أن يتنحى عن رئاسة الجمهورية، للإبقاء على وجود جماعة الإخوان المسلمين، إلا أن الإخوان المسلمين -حتى كتابة هذا المقال- فضلوا البقاء فى الحكم وأياً كانت التضحيات. لقد حاولنا مراراً وتكراراً أن نسدى النصح لجماعة الإخوان المسلمين وأعوانهم، ونذكرهم بأن مصر للمصريين جميعا وليست حكراً على جماعة أو حزب أو فئة واحده بل مصر هى أمنا جميعا وكلنا فداء لها. هل استوعب الإخوان المسلمون أخيرا الدرس؟؟ هل عرفوا أن مصر فعلا للمصريين؟؟ هل تأكدوا أن المصريين متمسكون بمصريتهم وحضارتهم وتاريخهم، ولن يتنازلوا عنها أبدا، حتى لو كان ذلك تحقيقا للوهم الكبير، فى دولة إسلامية كبرى تذوب فيها أمنا العزيزة؟؟ هل تأكد الإخوان وأنصارهم أن المصريين أفاقوا من غشوتهم وعرفوا ألاعيب الدجالين والمشعوذين وتجار الدين؟؟ أقول للإخوان المسلمين وكل أنصارهم، عودوا إلى الحق فالحق أحق أن يتبع. كذبتم على شعبنا، بأنكم أنتم المقربون إلى الله، وأنكم تستطيعون فعل المعجزات. ثم ما لبستم أن انكشف أمركم وظهر ضلالكم وكذبكم. لقد ثبت للشعب كله فشلكم وجهلكم. شعب مصر كله، شيبا وشبابا، نساء وأطفالا، فقيرا وغنيا، جاهلاً ومتعلماً، الجميع هب لنصرة وطنه ووحدة بلده ودفاعا عن أن ينال منها شبرا واحدا أو يحدث تقسيم لوطنه. الأزمات الأخيرة الطاحنة، سواء أكانت عن انقطاع الكهرباء أم نقص البنزين والسولار أم ندرة مياه الري، أم بطالة أعمت الجميع، كل ذلك جعل شعب مصر يكره حكم الإخوان المسلمين ولا يطيقه، فجاءت أول فرصة له ليقفوا جميعا صفا واحدا لا فرق بين هذا أو ذاك، الكل تحت راية مصر يدافع عنها بالنفس والنفيس. لقد أصدر المجلس العسكرى بياناً يوم الاثنين الماضى حدد فيه مهلة 48 ساعة للقوى والتيارات السياسية كلها، حتى يتفقوا على نهج محدد لمستقبل البلاد. كل ما أرجوه من الله عز وجل، هو أن تمر هذه الساعات على خير وألا يعكر صفو هذه الفرحة عابث أو شيطان أو عميل أو إرهابي. مصر ستظل دائما وأبدا أم الدنيا بسواعد أبنائها المخلصين الذين ضحوا بأرواحهم فى سبيلها والذين يأملون فى مستقبل زاهر بإذن الله. ولا يفوتنى –فى خضم هذه الأحداث المتلاحق- أن أتقدم بالشكر لرجال القضاء الشرفاء -بصفة خاصة- ولجميع أبناء مصر، الذين دافعوا عن استقلال السلطة القضائية، وأهنئهم جميعا بالحكم التاريخى الذى أصدرته محكمة النقض مؤخراً، الذى انتصرت فيه للشرعية، بتأكيدها على بطلان تعيين النائب العام السابق المستشار طلعت عبد الله وأحقية المستشار العظيم عبدالمجيد محمود فى العودة لمنصبه. أطيب التمنيات للأسرة القضائية كلها بهذا الحكم التاريخي. أعود فأقول.. فى تقديرى أن الحل الوحيد للخروج من الأزمة الراهنة، هو أن يتنحى الدكتور محمد مرسى عن رئاسة الدولة، ويترك قيادة البلاد لرئيس المحكمة الدستورية العليا، حتى يشكل حكومة من الفنيين البعيدين عن الأحزاب والتيارات السياسية، لكى تتولى هذه الحكومة اختيار لجنة من أساتذة القانون فقط، لوضع دستور جديد للبلاد، يتلوه انتخابات برلمانية، ثم انتخابات رئاسية. وأخيرا.. لا يسعنى إلا أن أقول لشعب مصر العظيم، لقد جَاءَ الحَقُّ وَزَهَقَ البَاطِلُ إِنَّ البَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً، وإن غدا لناظره قريب.