رغم مضى أسبوع على مسرحية أقصد عملية إطلاق سراح الجنود السبعة، دون القبض على الخاطفين، لم يشعر المصريون بأى تحرك جدى، تجاه من استهانوا بقوة مصر و«مرمطوا» كرامتها، سواء بخطف جنودنا فى العريش أو قتلهم فى رفح.. وكأننا لسنا فى دولة، ولا توجد لدينا أجهزة عسكرية وأمنية قادرة على الوصول لهؤلاء، وتقديمهم للعدالة، حتى يكونوا عبرة لكل من تسول له نفسه، المساس بهيبة الدولة المصرية. فكل ما نراه الآن فى سيناء مجرد عمليات تمشيط هنا وهناك، يبدو فيها جنودنا وضباطنا وكأنهم فى نزهة أو رحلة برية، لا مهمة قتالية، محددة الأسباب ولها أهداف ونتائج. ومع أن الجريمة منظمة ومرتكبيها معروفون بالأسماء والتحركات حسب تصريحات وزير الداخلية، إلا أن الخاطفين مازالوا طلقاء أحراراً، شأنهم شأن من قتلوا ال«16» جندياً فى رفح.. وهو ما يثير علامات الاستفهام ويعزز ما يشاع عن الرئيس وحمايته لحلفاء وأصدقاء جماعته. فما الذى حدث، وما الذى يجبر جيشنا على الوقوف خارج الملعب، جالساً على دكة الاحتياطى؟! لا يقوم بعمليات إحماء وتسخين، وإبراز العضلات والقوة، إلا عندما يطلب منه فقط؟! وهل دولة الإخوان الدينية قادمة فعلاً انطلاقاً من سيناء أو غزة الكبرى كما تريدها حركة حماس، التى ترعى وتدعم الجماعات الإرهابية لتكون سيناء فى نهاية المطاف موطناً بديلاً لآلاف الفلسطينيين فى غفلة من المصريين. كل المؤشرات تؤكد أن هناك أهدافاً خفية لعزل أرض الفيروز عن حضن الوطن الأم، فالجماعات التكفيرية والجهادية تتحرك بثقة بعد أن أصبح لها ظهير سياسى يسندها فى القاهرة، ومن حين لآخر ترسل رسائل قوية لليبراليين بأنهم لن يهنأوا فى دولتهم المدنية، إذا ما فكروا مجرد التفكير فى الانقلاب على «مرسى» أو الإطاحة به قبل أن ينهى استحقاقه الرئاسى ويمكنهم من تحقيق هدفهم الأول وهو السيطرة على سيناء. الأيام تمضى ولا يرى المصريون سوى تخاذل وعدم جدية فى تطهير سيناء من البؤر الإجرامية لجماعات أنصار السُّنة، وأنصار بيت المقدس، وجيش الإسلام، والتوحيد والجهاد، ومجلس شورى المجاهدين وغيرها من الجماعات الإرهابية. فلصالح من هذا التراخى والبطء ولصالح من يفرج الرئيس عن 539 معتقلاً جهادياً وتكفيرياً فى الشهور الأولى من حكمه؟! ولماذا لم تتحرك مؤسسة الرئاسة مسبقاً عندما تم إبلاغها من جهات سيادية عليا بأن هناك عملية اختطاف تم التخطيط لها، ولماذا لم تضع معلومات «الهارد ديسك» الذى عثر عليه مع الخلية الإرهابية التى تم ضبطها مؤخراً محل الاهتمام، بدلاً من أن يخرج الرئيس على شعبه ويدعى فى كل مناسبة أن سيناء بخير، وأن مصر بخير، وهو يعلم جيداً ما يدار فى الخفاء تجاه ملف خطير يتعلق بأمنها القومى. إن مصر وإن بدت كل مؤسساتها مخطوفة، على جيشنا العظيم أن يستمر فى هدم أنفاق الخطر على الحدود، وألا يستجيب لأية ضغوط فلابد من المواجهة الحاسمة مع هؤلاء المتطرفين، وتعديل اتفاقية كامب ديفيد لضمان انتشار قواتنا فى المناطق المنزوعة السلاح، وكما يقول شاعرنا: والشر إن لم تلقه باللين ضقت به ذرعاً وإن تلقه بالحزم ينحسم وعلى أهل سيناء بمختلف القبائل والعشائر أن يتوحدوا وينتبهوا جيداً لهدف هذه الجماعات التى ترتدى أقنعة مختلفة لثعبان واحد قاتل يريد افتراس الدولة المصرية المدنية، لكى تكون سيناء إمارة إسلامية ونواة شيطانية لدولة الإخوان الدينية بمجرد سقوط نظامهم السياسى قريباً فى القاهرة. إن استرداد سيناء من مختطفيها مرهون بوعى أهلها ولن تتحقق بها تنمية حقيقية بالخطابات الحماسية العنترية المكشوفة، وإنما بإرادة سياسية ورئيس قوى يضع مصالح الوطن فوق مصالح جماعته.