أرأيت جميع دول العالم.. تجري فيها الانتخابات بواسطة حكومة محايدة - وحتي في دول العالم الثالث يجري تشكيل حكومة محايدة.. أو مستقلة.. أو ائتلافية لإجراء الانتخابات ضمانا للحياد والنزاهة والشفافية.. ثم .. أرأيت - يا أخي - الانتخابات في بلدنا مصر العزيزة في هذا العهد.. تجريها حكومة الحزب الوطني ليكون الحزب الوطني هو الخصم.. وهو الحكم؟؟!! وياللعجب.. وكلما انتقدنا ذلك.. قيل إنها الديمقراطية الحقيقية النابعة من صميم حياة الشعب المصري، وأن ذلك يشابه ما يجري في أمريكا وانجلترا..؟! ويالها من مكابرة - ثم زاد الأمر سوءا علي سوء - أو مما زاد الطين بلة - أن نري في هذه المرة نصف وزراء الحكومة يترشحون في دوائر عديدة.. وهم وزراء السلطة الحاكمة، وهم يجلسون علي كراسي الوزارات، ويتمتعون بالسلطة الكاملة.. ثم يخوضون المعركة الانتخابية ويستغلون سلطاتهم ويسخرون إمكانيات كل وزاراتهم لصالح موقفهم من المعركة.. فهل هذا هو الحياد والنزاهة وتكافؤ الفرص بين مرشحي الأحزاب الأخري..؟؟!! طبعا.. ستكون الإجابة بالنفي.. وطبعا كان أول خبر عن النتيجة هو نجاح جميع الوزراء.. ثم .. كان يوم 28 نوفمبر سنة 2010 الذي شهد صورا عديدة من الجرائم والمآسي وجري فيه العديد من المصادمات مع بلطجية الحزب الوطني ومرشحيه وباقي أنصار المرشحين علي اختلاف انتماءاتهم الحزبية أو المستقلين - وسقط عدد من القتلي في بعض المحافظات، وانتقل العشرات - إن لم يكن المئات - إلي المستشفيات، وجري التزوير الفاضح الذي شهد به الكافة.. حتي أن أحد المستشارين الأجلاء شاهد بنفسه في محافظة الجيزة التزوير، وصورت أجهزة الإعلام من صحافة وتليفزيون صور الرشاوي الانتخابية وحملة الهراوات والعصي الغليظة وحملة المطاوي والسنج والجنازير.. وغيرها، ثم يأتي صوت اللجنة العليا للانتخابات قائلا: إن هناك بعض التجاوزات البسيطة...!!! وياللحسرة.. كل هذه المشاهد والتجاوزات الصارخة والجرائم البشعة والقتلي والمصابين ليقول المتحدث بلسان اللجنة انها بعض التجاوزات.. ويقول بلسان الحزب الوطني انه »يوم عرس ديمقراطي«..!! ويالها من مكابرة.. وتحد للناس واستخفاف بالرأي العام - لأن الحقيقة المرة تشهد بأنه »يوم مذبحة الديمقراطية«.. أو »يوم محزنة الديمقراطية«.. أو »يوم مأتم الديمقراطية«.. أو »يوم قتل وسرقة إرادة الشعب المصري«.. وإذا كان هناك إجماع من أجهزة الإعلام والصحافة ورجال السياسة ورؤساء الأحزاب - فيما عدا الحزب المسمي بالوطني غير الديمقراطي - علي ما جري من جرائم وتزوير علني - فقد كان من الانصاف ان يعترف كل مسئول بذلك، لا داعي للمداهنة أو نفاق الحاكم، ولا داعي للحديث عن وعد النزاهة أو قيم النزاهة.. لأن النزاهة ماتت علي أيدي السلطة والبلطجية التي استعانت بهم، ولا داعي للمغالطة أو المكابرة أو المتاجرة بالباطل.. فالحق والحقيقة ظاهران للعيان، وقد شهد الجميع بأنه يوم حزين علي حال مصر وما آلت إليه علي يد تلك الحكومة التي جاءت منذ الصباح الباكر في اليوم التالي لتعلن عن نجاح جميع الوزراء المرشحين.. وكأنها تتفاخر بالجرائم التي جرت وتتشفي في أحزاب المعارضة والمستقلين، وتعلن استئثارها بجميع مقاعد المجلس التشريعي - إلا عدداً محدوداً لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة..!! وكأن الناس جميعا في واد.. والحكومة وحزبها في واد آخر. فماذا يقول هؤلاء أمام شهادة التاريخ وشهادة الملايين من أبناء مصر - ومحاضر تساقط القتلي والمصابين، وجرائم التزوير وسرقة أصوات الناخبين مع قلة نسبة الحضور التي ساعدتهم علي تسويد الأوراق وسرقة الأصوات بالغش والتزوير..؟؟!! حقا.. إنه مأتم الديمقراطية .. ومذبحة الحرية في مطبخ السلطة وفي حماية الأمن المركزي وعتاولة البلطجية والمسلحين. فماذا نقول للمكابرين والمعاندين للشعب الذي رأي بنفسه ان الخصم هو الحكم.. فمال الميزان وذهبت العدالة وحزن الناس.. ولكن فرحت الحكومة التي سجل لها التاريخ عارا أبديا وجرما يحرمه ويعاقب عليه الشرع والدستور والقانون وهذا ما جعل »حزب الوفد« يأسي ويحزن علي ما حدث من جرائم ويعلن انسحابه من الانتخابات المزورة - وهو أقل احتجاج علي تلك الجرائم النكراء.. وسوف يسقط المجلس التشريعي بأحكام القضاء العديدة وحكم التاريخ الذي تبرأ من تلك الجرائم، ويبقي »الوفد« موفور الكرامة.. مرفوع الرأس ينحاز الي حقوق الشعب وثوابت الوفد التاريخية - ولا يشارك في جرم أو اعتداء علي حقوق الأمة التي قال عنها السادة أشاوس الحزب الحاكم انها تجاوزات..!! وهو قول مرفوض ووصف مرفوض .. ولكم الويل علي ما تصفون«.. ------ محام بالنقض وعضو الهيئة العليا للوفد