تلك هى الحقيقة التي لا تقبل الشك.. إذ أننا فوجئنا بفئة استطاعت بطريقة أو بأخرى أن تنقض علي مصر وتحكم حصارها اقتصادياً وسياسياً ومعنوياً.. بحجة أنهم جاءوا إلى الحكم بصندوق الانتخاب.. وليست تلك هي القضية.. ولكن بكل أسف ظنت تلك الفئة أنها ملكت زمام الأمور بكل نواحيه.. ولقد ذكرنا هذا العهد ليس بحكم قراقوش ولكن للأسف بحكم الحاكم بأمر الله الفاطمى.. الذي منع المصريين في عهده من أكل الملوخية.. وأنا أندهش من بعض الأقلام التي دائماً وأبداً تقول إن هذا العهد امتداد لعهد الرئيس المخلوع مبارك. وأنا أختلف مع هذا الرأى جملة وتفصيلا.. ورغم أن حكم الرئيس المخلوع قد أصابه من العوار.. نحو الفساد بكل جبروته بل تمادى في أن يهيئ المناخ لتوريث يخلد للحكم.. تحت تأثير امرأة حيزبونية وهي زوجته التي هي في الحقيقة كانت تحكم في عهده مصر.. وقد أصبح هو شيخاً هرماً.. لا حول له ولا قوة إلا ما تمليه عليه بطانته الفاسدة وامرأته المنطلقة إلي آفاق أنانية أوسع.. ولم يعلموا طبيعة الشعب المصري.. فهو شعب هادئ كمياه نهر النيل وحينما يثور هذا النهر الخالد.. تأكل أمواجه في طريقها الرطب واليابس من قري ونجوع.. هذا حينما ثار الشباب العظيم الذين عملوا ما عجزنا نحن الشيوخ عن عمله.. وقاموا بثورتهم وانضم إليهم الشعب بكل فئاته ودفع بعضهم حياته في سبيل وطنه المسلوب واستشهد من استشهد وأصيب الآلاف منهم.. وفي خضم ذلك كله جاء بيان الإخوان المسلمين داعياً هؤلاء الثوار بالعودة إلي منازلهم.. وقالوا في بيانهم «الخروج على الحاكم هو كفر وإلحاد» وبعض شهود العيان قالوا إنهم كانوا يشاركون الشرطة في قتل المتظاهرين.. ولما نجح الشباب حفظهم الله لشبابهم انضموا إليهم وذهبوا إلى أقسام الشرطة وحرقوها وقد رأيتهم بعيني وهم يحرقون قسم شرطة مدينة نصر ومصر الجديدة.. اللحي الكثيفة والجلباب القصير.. وهم يهللون ويكبرون وتلك هي المظاهر التي شاهدتها بعينى رأسى يوم 28/11/2011.. وراحت الأيام وجاءت أخرى وخطفت تلك الفئة الثورة وادعوا أنهم أصحابها وباستحياء قالوا إنهم شاركوا فيها.. وهذا كذب وافتراء علي شباب الثورة القائد والمدبر.. وأشاعوا إشاعة كاذبة أنهم فئة منظمة وتجيد التخطيط وكل هذه أكاذيب في أكاذيب إذ إنهم لا يتعدون ثلاثمائة وسبعين ألفاً من الشباب المصرى الذي يقارب التسعين مليون نسمة.. والأكادة يا سادة أنهم ادعوا أنهم كيان منظم.. ونسوا أنهم كيان طفيلى علي المجتمع المصرى فلا هم بأكثرية ولا هم منظمون.. وجاءوا الحكم.. ولا يعرفون شيئاً من حرفية الحكم.. فكثر الفساد والغلاء بالوطن.. وصارت الفوضى من سيمات حكمهم.. وأصبح زمام هذا الوطن الكبير في يد إحدى الدول المكرسكوبية.. توجههم نحو المجهول.. وقد راعنى أن تلك الدويلة قد عرضت عليهم نحو تأجير الآثار بمصر بحفنة من الدولارات.. يا للعجب.. هل آثار من الأهرامات والمعابد والكنوز التي هي ملك أصيل للشعب المصري أصبحت مستباحة إلي هذا الحد.. والمومياء التي لأجدادنا أصبحت تباع وتؤجر لمن يدفع الثمن.. ظناً منهم أن الشعب المصرى في غفلة.. حيث قد وضعته تلك الجماعة في بوتقة ضيقة لا يلهيه إلا البحث عن قوت يومه ودرجوا علي المثل العربي القديم «جوع كلبك يتبعك».. وأصبحنا في نظرهم كالحيوانات الضالة ليس همنا إلا البحث عن قوت يومنا.. تلك هي سياستهم العرجاء.. وغداً لا نندهش حينما يبيعون ماء النيل أيضاً لتلك الدويلة التي تساندهم.. ولم يبق في مصر سوي الشعب المكلوم والمظلوم وربما يفكرون أيضاً في بيعه في سوق النخاسة لنكون لمن يشترى كالعبيد رجالاً وكالجوارى نساءً تلك هي الأفكار التي تراود أفكارهم و«الليالى حبالى تلدن كل عجيب». ولك الله يا مصر. -- عضو الهيئة الوفدية