فى الفصل الثامن من كتابه: «عرب بلا رب» يناقش براين ويتاكر الجانب الأكثر حساسية وخطورة فى علاقة الدين بحرية التعبير. الفصل عنوانه: «الحقّ فى الإساءة، والتسبّب بالصّدمة والإزعاج»، ويبدأه بتقرير أن تبادل الأفكار والمعتقدات نشاط بشرى طبيعى، ونحن بحاجة لأن يُسمح لنا بالتّعبير عنها، وبحاجةٍ للقيام بذلك رِفقة الآخرين أحياناً. وحقوق: الفكر والعقيدة وحرّية التّعبير وحرّية تكوين الجمعيات مترابطة، وجُمِعت على التّوالى (المواد: 18 و19 و20، الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان). وخلافاً لحرّية المعتقد، لا تُعتبر حرّية التّعبير ولا حرّية تكوين الجمعيات حقوقاً مطلقةً، لأنَّ ممارستها تتعارض أحياناً مع حقوق الآخرين، ولذا قد يكون ضّرورياً أحياناً فرض قيود لتحقيق توازن بين حقوق قد تتعارض، ويجب إبقاء هذه القيود بحدّها الأدنى. وترى المحكمة الأوروبيّة لحقوق الإنسان أنّ مطالَبات التّعدّدية والتّسامح وسعة الأفق كثيرةٌ جدّاً (وبخاصة فى المجتمعات الديمقراطيّة) وقد تصل للمطالبة بحماية حرّية التّعبير حتى لو تسببت بالإساءة للآخرين. وفى قرارٍ تاريخيّ (1976) قرّرتِ المحكمة الأوروبيّة أنّ حرّية التّعبير لا تنطبق على الأفكار «الإيجابيّة أو الأفكار غير المؤذية أو ما يأتى منها على سبيل اللامبالاة، بل تنطبق أيضاً على الأفكار التى تسىء وتصدم وتزعج أيّ شريحةٍ من السّكان». و«ترفضُ معظم الحكومات العربيّة وكثيرٌ من المسلمين هذا الأمر رفضاً قاطعاً، ويرون أنَّه يجب حماية الأشخاص المتديّنين» من التّعليقات التى تحمل إساءةً ما لهم أو تضعهم موضع السّخرية. وفى الحقيقة فإن المؤلف هنا يعرض القضية بأقصى قدر من التحامل على الأديان والتجنى على الحقيقة، فالخلاف هو حول حماية المقدسات لا حماية المتدينين، وفى ردود الفعل الغربية على كارثة الرسوم المسيئة وبخاصة فى أمريكا، مواقف انتقدت بشدة المفهوم الأوروبى لحرية التعبير. وللحديث بقية