«برامج الأحزاب السياسية» في جلسة حوارية ل المجلس القومي لحقوق الإنسان    وزير الدفاع يلتقي وزير خارجية جمهورية بنين    وعي المصريين الحصان الرابح ضد أكاذيب أجندات الإخوان الإرهابية على سوشيال ميديا    البنك المركزي يعلن ارتفاع معدل التضخم الأساسي إلى 13.1 خلال مايو    لضبط التنقيب العشوائي.. إزالة 32 طاحونة ذهب بوادي عبادي في حملة موسعة بإدفو    «الإحصاء»: 16.5% معدل التضخم السنوي خلال مايو (تعرف على نسبة زيادة السلع والخدمات)    «مدبولي» يوجه باتخاذ التدابير اللازمة خلال فترة إجازة عيد الأضحى المُبارك    الحكومة توافق على تعريفة التغذية الكهربائية لمشروعات توليد الطاقة    الدفاع الروسية تعلن استيلاء قواتها على قرية "ريدكودوب" شرقي أوكرانيا وقرية "كيندراتيفكا" في منطقة "سومي"    الشيخ محمد بن زايد يستقبل الرئيس السيسي في أبو ظبي وناقشا أهمية وقف النار بغزة    بورتو منافس الأهلي يكشف عن زيه الاحتياطي فى مونديال الأندية.. فيديو    الأهلي يعلن عن صفقة جديدة.. أحمد شوبير يكشف    نجم الزمالك السابق يحذر من خماسي بيراميدز قبل نهائي الكأس    الرعب في نفوس المنافسين.. السر وراء "هانيبال" في تقديم صفقة بن رمضان    الزمالك يفسخ التعاقد مع مدافع الفريق رسمياً    ختامها غش..انتهاء امتحانات الشهادة الإعدادية وتداول الأسئلة على مواقع التواصل    ارتفاع تدريجي ل درجات الحرارة.. بيان مهم بشأن حالة الطقس يوم عرفة (تفاصيل)    نادية الجندي تنعى سميحة أيوب وتستعيد ذكريات "سكر زيادة"    بالصور.. تامر حسني يتألق بحفل عالمي فى ختام العام الدراسي للجامعة البريطانية.. ويغني مع محمد ثروت "المقص"    «نوباتيا ملحمة الحب والخيال».. ضمن عروض الموسم المسرحي بأسوان    مي كساب تمازح جمهورها من كواليس فيلم "آخر رجل في العالم" (فيديو)    أدعية يوم التروية.. لماذ سُمّي بهذا الاسم؟    بيان مهم من الصحة بشأن موقف مرضى مستشفى "هرمل"    الصحة: قرارات فورية لتيسير علاج المرضى ب"جوستاف روسي"    هل يكفي إنتاج مصر من اللحوم لسد احتياجاتنا؟.. الحكومة تجيب    أول تحرك من «الطفولة والأمومة» بعد تداول فيديو لخطبة طفلين على «السوشيال»    البابا تواضروس الثاني يهنئ فضيلة الإمام الأكبر بعيد الأضحى المبارك    البابا تواضروس يهنئ رئيس الوزراء بعيد الأضحى المبارك    تزايد الضغط داخل مجلسي الكونجرس الأميركي لتصنيف جماعة الإخوان "إرهابية"    مجلس الأمن يصوت اليوم على مشروع قرار لوقف إطلاق في غزة    «مياه سيناء» ترفع درجة الاستعداد لاستقبال عيد الأضحى    بالأسماء.. 58 مركزًا لإجراء فحوصات المقبلين على الزواج في عيد الأضحى    28 فرصة و12 معيارًا.. تفاصيل منظومة الحوافز الاستثمارية للقطاع الصحي    «الزراعة» تشارك في فعاليات النسخة الثالثة للمؤتمر الدولي للمناخ    سيد رجب يشارك في بطولة مسلسل «ابن النادي» إلى جانب أحمد فهمي    أوقاف الشرقية تُسلم 2000 شنطة سلع غذائية للتضامن لتوزيعها على الأسر الأولى بالرعاية    تحرير 911 مخالفة للممتنعين عن تركيب الملصق الإلكتروني    مسابقة لشغل 9354 وظيفة معلم مساعد مادة «اللغة الإنجليزية»    «مباشرة لا عن طريق الملحق».. حسابات تأهل العراق ل كأس العالم 2026    «جبران»: قانون العمل الجديد يرسخ ثقافة الحقوق والحريات النقابية    محافظ أسيوط يشارك أطفال معهد الأورام فرحتهم بقرب حلول عيد الأضحى    فرصة للترقية.. حظ برج العذراء في شهر يونيو 2025    أنشطة ثقافية ومسرح وسينما فعاليات مجانية لوزارة الثقافة فى العيد    أحكام الحج (12).. علي جمعة يوضح أعمال أول أيام التشريق    مباحثات تركية أوروبية لتعزيز التعاون التجاري    تكبيرات عيد الأضحى 2025.. تعرف على حكم التكبير فى العيدين بصيغة الصلاة على النبى    أيام الرحمة والمغفرة.. ننشر نص خطبة الجمعة المقبلة    «اللهم املأ أَيامنا فرحًا ونصرًا وعزة».. نص خطبة عيد الأَضحى المبارك 1446 ه    زلزال بقوة 5.3 درجة يضرب جزيرة سيرام الإندونيسية    مصرع شخص وإصابة 13 آخرين إثر انقلاب ميكروباص بالصحراوي الغربي في أسيوط    موعد إعلان نتيجة الصف الثالث الإعدادي 2025 في الجيزة ترم ثاني    كامل الوزير: انتقال زيزو للأهلي احتراف .. وهذا ما يحتاجه الزمالك في الوقت الحالي    وزير خارجية إيران: تخصيب اليورانيوم داخل أراضينا هو خطنا الأحمر    رشوان توفيق عن الراحلة سميحة أيوب: «مسابتنيش في حلوة ولا مرة»    مصرع وإصابة 17 شخصا في انقلاب ميكروباص بالمنيا    ظهور وزير الرياضة في عزاء والدة عمرو الجنايني عضو لجنة التخطيط بالزمالك (صور)    «شعار ذهبي».. تقارير تكشف مفاجأة ل بطل كأس العالم للأندية 2025    «الإفتاء» تنشر صيغة دعاء الخروج من مكة والتوجه إلى منى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ناجح إبراهيم : مصر تعيش مرحلة الأعراض الجانبية للثورة
معارضو "مرسى" لن يسقطوه.. و"الدولار" سيتولى مهمة هزيمته
نشر في الوفد يوم 21 - 03 - 2013

«ما يصنع أعدائي بي؟.. أنا جنتي وبستاني في صدري، إن رحت فهي معي لا تفارقني، إن حبسي خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة».. هذه كلمات تمتم بها شيخ الإسلام ابن تيمية بمجرد أن حطت قدماه غياهب السجن..
نظر إلي سجانه وقال: «لو بذلت ملء هذه القاعة ذهباً ما عدل عندي شكر هذه النعمة».. وكان يقول لتلميذه ابن القيم: «المحبوس من حبس قلبه عن ربه، والمأسور من أسره هواه».. ولما دخل إلي القلعة نظر الي سورها وقال: «فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَاب».
ناجح إبراهيم جرب هو الآخر حياة السجون طيلة أربعة وعشرين عاماً وبضعة أشهر انتقل خلالها من سجن لسجن ومن تشريفة لأخري.. عرف التعذيب بكافة فنونه ومدارسه من الكي بالنار إلي الجلد مروراً بالركل والصفع، كما عرف العصابة التي توضع علي العينين فتزيد من حدة الرعب، لكنه – وياللمفارقة - دخل السجن بقلب صغيروخرج منه وقلبه يتسع للعالم.. قال لي في بداية حديثي معه: «تصدق عمري مادعيت علي حد عذبني؟.. كنت بحس أن الجلاد مبتلي هو الآخر، روح مشوهة تخشي من عواقب عدم الاستجابة للأوامر الموكلة لصاحبها».
في السجن تعلم «ناجح» أشياء كثيرة وخرج أكبر قدرة علي الصفح والتسامح: «والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين».. تمتم بها وهو يقول لي: «مرة رائد اسمه علي اسمك «حسام» طلبت منه كوب ماء.. كنت عطشان قوي.. احضر لي ماء.. الكلام ده من عشرين سنة، والله ماناسيه بدعيله لغاية دلوقتي».
يمثل الرجل الذي دخل السجن طبيباً وخرج ومعه ثلاثة مؤهلات جامعية أخري حالة خاصة بين رموز العمل الإسلامي فهو متصالح مع نفسه ومع الآخرين حتي أولئك الذين رموا به في غياهب السجون طيلة أربعة وعشرين عاماً ونصف العام، لم يرفع أكف الدعاء عليهم، وحينما كان يشتد تعذيبه في الزنازن وباحات السجون في جوف الليل كان يسارع بالدعاء المأثور: «اللهم اغفر لقومي فإنهم لايعلمون».
ومن مفارقات الأقدار أن الطبيب الذي تخصص في علاج الأمراض الجلدية عرف جلده شتي أنواع التعذيب وأدناه الغمر في الماء المثلج في ليالي الشتاء وأعلاه الصعق بالكهرباء وما بينهما فنون شتي ابتكرها زبانية جهنم لتعذيب خلق الله كنوع من التغلب علي الضجر.
بطاقة شخصية
- ناجح إبراهيم عبدالله.. مواليد ديروط محافظة أسيوط في 11/10/1955.
- حصل علي بكالوريوس الطب والجراحة جامعة أسيوط، وليسانس الآداب قسم دراسات إسلامية من جامعة المنيا، وليسانس الحقوق من جامعة القاهرة.
- تتلمذ علي يد مجموعة من دعاة الإخوان المسلمين في بلدته ديروط، كان من أهم الدعاة في جامعة أسيوط في السبعينات.
- نقل الدعوة من جامعة أسيوط إلي معظم محافظات الصعيد مع مجموعة من إخوانه الذين كونوا الجماعة الإسلامية بعد ذلك ، وسجن لمدة 24 عاما بعد مقتل الرئيس السادات.
- قاد مع الشيخ كرم زهدي مبادرة منع العنف والمراجعات الفقهية للجماعة الإسلامية والتي تخلت بها عن العمل المسلح وحلت بها الجناح العسكري ورجعت إلي الوسطية الإسلامية.
- له 25 كتاباً معظمها في الدعوة الإسلامية والفكر الإسلامي، منها: (تسليط الأضواء علي ما وقع في الجهاد من أخطاء.. مع آخرين - فتوي التتار - ذكريات مع الحبيب «صلي الله عليه وسلم» - هداية الخلائق بين الغايات والوسائل - حتمية المواجهة وفقه النتائج - دعوة للتصالح مع المجتمع - نظرات في حقيقة الاستعلاء بالإيمان - تجديد الخطاب الديني - الحاكمية.. رؤية شرعية ونظرة واقعية - عدة الداعية وهو أكبر كتاب في الدعوة الإسلامية - رسالة لكل من يعمل للإسلام - تفجيرات الرياض.. الأحكام والآثار - نهر الذكريات.. المراجعات الفقهية للجماعة الإسلامية مع الشيخ أسامة حافظ - حرمة الغلو في الدين وتكفير المسلمين.. مع آخرين - خارطة طريق للحركة الإسلامية المعاصرة - فصل عن مبادرة وقف العنف ضمن فعاليات مركز الأهرام للدراسات - دليل الدعوة في القري - دليل الدعوة في المدارس الثانوية - دليل الدعوة في الجامعة، وحرب الخليج.. دروس تربوية).
- تولي رئاسة تحرير موقع الجماعة الإسلامية باللغات العربية والانجليزية والأوردية.
- أسس أول موقع إسلامي مصري باللغة الأوردية غير المواقع الأزهرية.. وهو موقع مستقل عن أي حركة إسلامية.
- يمتلك عيادة امراض جلدية في الإسكندرية ولا يحصل علي أتعاب من أعضاء الجماعة الإسلامية أو الفقراء.
بعد مرور ما يزيد علي العامين علي قيام ثورة يناير انتهينا إلي مانحن فيه من تشاؤم، فهل تعتقد أننا أفرطنا في حالة الفرح التي انتابتنا عقب تنحي مبارك؟
- لابد أن نعترف بأن الشعب المصري أصبحت تنتابه حالة من التشاؤم غير المسبوق بعد أن كان سقف طموحه بلا حدود في أن يتحول نحو حياة رغدة مودعاً المشاكل التي لازمته طوال العقود الماضية للأبد وأن يقضي علي مجمل صور الفساد والتردي وصدقت الجماهير وعود الإخوان بقرب هطول مائتي مليار جنيه، لكنهم فوجئوا بأن الأحوال تردت عن ذي قبل إذ انهار وضع الجنيه مقابل الدولار مما أسفر عن مزيد من الشقاء للفقراء ومحدودي الدخل، كما أن غياب الأمن نتج عنه هروب الكثير من المستثمرين وأغلق قرابة أربعة آلاف مصنع وبالتالي تراجعت فرص العمل وأصبح الكثيرون غير قادرين علي أن يثقوا في أن تحرز الثورة أهدافها، والجماهير لها حق في أن ينتابها اليأس فقد أوصل مبارك البلد لحالة من التجريف وكنا ننتظر قطف الثمرة بسرعة وساهم في ذلك الوعود التي اقتطعها الرئيس علي نفسه لكن لم يحرز منها شيئاً للآن بسبب الأوضاع السيئة والخراب الذي عم بالبلاد قبيل تسلمه للسلطة.
وكيف تقيم تجربة الإسلاميين وأخطاءهم عقب الوصول للسلطة؟
- في البداية لابد أن نعي أن هناك فرقاً بين الإسلام المعصوم من الخطأ والحركة الإسلامية غير المعصومة وهناك حاجتان ملحتان، الأولي أنه كان لزاماً علي الإسلاميين عندما وصلوا للحكم أن يتقبلوا النقد من الآخرين بأنه ليس نقداً للإسلام مادام موضوعياً وصادقاً، الثانية أنه كان لزاماً علي غير الإسلاميين عند نقدهم لهم ألا يتجاوزوا نقد الإسلاميين إلي نقد الإسلام نفسه.
كما أن هناك أربع مراحل هامة للغاية لتطور المشروع الإسلامي.. الأولي مرحلة الجماعة، ثم مرحلة الدولة، يليها مرحلة الأمة، وأخيراً مرحلة الحضارة، والخطأ الأكبر بالنسبة للإسلاميين أنهم يديرون الدولة بعقلية الجماعة وكان ينبغي أن ينتبهوا للفرق ما بين الجماعة والدولة، فالجماعة تقوم علي فكرة أو معتقد الولاء والبراء، أما الدولة فتقوم علي فكرة المشاركة المجتمعية بين كل أطياف وفئات المجتمع، والجماعة تضم خيار المسلمين فيما تضم الدولة المسلمين علي شتي مراتبهم والأقباط وسائر النحل والملل.. كما يوجد خطأ آخر هو تقديم الولاء علي الكفاءة أو ما هو معروف بتقديم أهل الثقة علي أهل الخبرة، وهذا خطأ فادح أن تقوم بإدارة الدولة بمقاييس الجماعة، أما الخطأ الأخير فهو هدم بعض مؤسسات الدولة بمن فيها تلك التي منحتهم الشرعية وقادتهم لمقعد السلطة.
وما هي أخطاء الرئيس من وجهة نظرك؟
- لا خلاف علي أن شخص الرئيس يتسم بالتواضع الشديد والزهد والغيرة علي الوطن غير ان اهم اخطائه تتمثل في الجماعة التي ينتمي اليها والتي تعد مصدر قوته ونقطة ضعفه في آن واحد وذلك لأنه من المفترض أنه رئيس لكل المصريين وليس فقط رئيساً للجماعة وهو ما جعل بعض الاتهامات التي تلاحقه في هذا الشأن تجد قبولاً في الشارع، ومن أبرز أخطاء الرئيس كذلك أنه لم يحسن اختيار مستشاريه واهتم بأن يكونوا من الأكاديميين ورجال الدعوة ولم يكونوا من رجال الدولة.
البعض يري أن من أبرز مشاكل الرئيس وجماعته وعموم الإسلاميين هي لغة التعالي وتجاهل الآخرين؟
- معظم الإسلاميين متواضعون امتثالاً لمبادئ دينهم، قلة منهم فقط ينطبق عليهم الاتهام بالتعالي، كذلك هناك فرق بين الاستعلاء بالإيمان والعلو بالذات، وحسان بن ثابت شاعر الرسول كان مستعليا بإيمانه، وحينما دخل الرسول مكة بعد الفتح كان منخفض الرأس تواضعاً لله وقال قولته الشهيرة في وجه من دعوا للانتقام: «بل اليوم يوم المرحمة، اليوم يوم تعظم فيه الحرمات».. وأنا بهذه المناسبة أناشد الإسلاميين أن يتواضعوا ويخفضوا جناحهم للناس.
يعيش الرئيس بين تيارين أحدهما يعتبره هدية من السماء وهم أنصاره ونخبة تتهكم عليه وتجعل منه مادة للضحك؟
- كلا التيارين مخطئ فمن يغالون في مديح الرئيس ويقولون عنه إنه هدية من السماء ويشبه الخليفة عمر بن الخطاب في عدله يضرونه أكثر مما ينفعونه ومن يحتقرون إنجازاته هم أيضاً مخطئون، فلابد من التوسط لأن الغلو والتفريط كلاهما يسفر عن نتيجة واحدة، وللأسف فإنني أعيب علي مصر بعد الثورة حالة التردي الأخلاقي الذي بات جلياً للعيان، فحينما يقذف الرئيس بالحجارة وترفع الأحذية في وجه الرئيس الإيراني ورئيس الوزراء هشام قنديل وتنتشر الشتائم علي النحو الذي نري بين المختلفين في الرأي فلا يمكن أن نعد ذلك من دلائل التحول الديمقراطي لكنه إمارة علي حالة التردي تلك التي نحياها.
شعبية الإخوان تتآكل بسرعة بالغة؟
- يجب أن نتفق علي أن شعبية الإنسان في مجال الدعوة غير شعبيته في مجال السلطة، ففي مجال الدعوة لا يطلب منه مسئوليات أمام الجماهير علي عكس الأمر حينما يصل لمرتبة السلطة حيث يكون مطالباً بتحقيق كافة مطالب الشعب وعلينا أن نعلم أن أي شخص يصل للحكم ستتقلص شعبيته كلما شح السولار والدولار، لذا فإنه عندما يحكم الإسلاميون فلن يسألوا عن التقوي والصلاح ولكن عن الإنسان البسيط واحتياجاته وماذا قدموا له.. لذا من الطبيعي أن تتآكل شعبية الرئيس وجماعته من ورائه لأن الأزمات كما هي: خريجو الجامعات يتزايدون وينضمون لطابور البطالة، كما أن معدلات الفقر في ازدياد مطرد والغلاء يلفح وجوه وجيوب الفقراء، كل ذلك يساهم في تراجع شعبة من يحكم بالفعل.
هل تشعر بأنهم تقدموا للحكم في اللحظة غير المناسبة؟
- أعتقد أنه كان علي الإخوان أن يتريثوا قليلاً بمعني أنه كان بوسعهم أن يتدرجوا في الأمر هم وباقي القوي بمعني أن يقبلوا بحمل حقيبة الحكومة وجزءاً من مقاعد البرلمان حتي يتمكنوا من صنع كفاءات قادرة علي قيادة البلد، أما أن يسعوا للاستحواذ علي كل شيء فهذا أضرهم أكثر مما نفعهم وقد بدا خلال الفترة الماضية من خلال توليهم مقاليد الأمور أنهم لا يمتلكون الكوادر القادرة علي أن يديروا شئون الدولة بمهارة ومن الأمانة أن نعترف بأنه لم يعد هناك رجال دولة في السلطة حالياً باستثناء من تبقي من رجال الدولة السابقين.
كيف تنظر لطراز بات منتشراً من رجال الدين يقومون بإصدار الفتاوي التي تبيح إراقة دماء رموز المعارضة المخالفين للرئيس والإسلاميين؟
- ينبغي أن نعلم بأن المفتي إنما يوقع بفتواه عن رب العالمين في تبليغ الحكم للناس ومن أخطر الفتاوي علي الإطلاق فتاوي الدماء ثم الأعراض ثم الأموال، ومن أخطرها أيضاً فتاوي الفتنة التي تصيب المجتمع بالاضطراب ولابد أن يتصدي لتلك النوعية من الفتاوي مجمع فقهي لا أن يترك الحبل علي الغارب مما يتسبب في هلاك الأمة.
هناك من يفتي بغير علم وهم كثر فما العمل؟
- علينا أن نفرق ما بين الداعية والمفتي واللغوي والحزبي وليس من بينهم من يحق له الفتوي سوي المتخصص من أهل الفقه والحديث حتي لا تضل معه الأمة وللأسف نحن أمام لحظة فارقة يتم خلالها شرعنة العنف ثورياً ودينياً من خلال إطلاق فتاوي غير مسئولة تبيح للشباب حرق المقرات والمؤسسات وهو ما يسفر عن منح غطاء شرعي علي غير الحقيقة، فالدين نهي عن الفساد في الأرض وتعطيل مصالح الناس.
هل تحقق بعد إخفاق الإسلاميين في السلطة صدق القول الشائع: حاكم غشوم خير من فتنة تدوم؟
- نحن لا نرغب في حاكم غشوم ولا فتنة تدوم والأمة كان من الممكن أن تتجاوز الأمرين وغاية ما يمكننا قوله إننا نعيش مرحلة الأعراض الجانبية للثورة ولم تصل بعد أي من ثمارها للمواطن البسيط.. وتغيير الحاكم في حد ذاته شيء إيجابي لكننا غيرنا نظاماً جائراً ولم نستطع حل كل المشكلات التي من شأنها أن ترضي جميع الأطراف، فلم نستطع أن نستغني عن القروض ولم نحدث أي تطور في حياة الناس والخطاب «يبان» من عنوانه فقد قمنا بعمل فترة انتقالية من أسوأ ما تكون ويبدو أننا لن نجني ما كنا نرجوه وأظن أننا زرعنا الديمقراطية في أرض لم تكن ممهدة للديمقراطية والتعددية، وقد نتمكن من ذلك مستقبلاً بعد أن نبتعد عن التكفير والعنف ونقدم مصالح الأمة علي مصالحنا الفئوية والخاصة.
الاتهام وصل للإخوان لحد رميهم بأنهم ليس لديهم كوادر في مجال إدارة الدولة ولا حتي مفكرون في مجال الدين؟
- لا أعتقد ذلك فبالنسبة لمجال الدعوة هناك مفكرون كبار منهم مثل عبدالمعز عبدالستار والسيد سابق والشيخ القرضاوي، أما بالنسبة للكفاءات في المجالات الأخري فقد شهدت الساحة بالفعل تجريفاً من عام 1952 وحتي 2011، وأعتقد أنه أمامنا نحو عقدين من الزمان حتي نقطف الثمار شريطة أن تنعم التجربة بالحرية.
خصوم الإسلاميين حملوا أخطاء الإسلاميين علي الإسلام نفسه بقولهم إنه غير قادر علي الحكم وإدارة الدولة؟
- مازلت مقتنعاً للنهاية بأن الإسلام صالح لكل زمان ومكان ومازلنا حتي يومنا هذا نسمع من القادمين من الخارج أنهم سرقوا إسلامنا، فنحن أخذنا من دين الله الشكل وتركنا المضمون، وعلي سبيل المثال فقد قدم الخليفة عمر بن الخطاب نموذجاً حقيقياً في البذل والعطاء وأخذه منه الغرب وهو لم يستنكف أن ينقل فكرة الدواوين عن أمة تعبد النار، ثم بني حضارة نجحت في أن تهزم نصف العالم وتغزوه، لكننا تخلفنا فيما بعد ليس بسبب الإسلام وإنما ببعدنا عن الجوهر وترك روح النصوص والاهتمام بظاهرها مما أسفر عن تعثرنا وتخلفنا.
لكن كيف يستطيع الإسلام ال حكم في ظل عالم متغير؟
- الإسلام به ثوابت وبه متغيرات، والثوابت قليلة وهي العقائد والأخلاق والعبادات أما سوي ذلك فهو متغير والإسلام يقود الأمم بالمتغير، أما بالنسبة للثابت فهو يحفظ الإسلام من الذوبان في الحضارات الأخري، فالأفكار الاشتراكية والعلمانية بها أيجابيات وأشبهها بنور المصباح في مقابل نور الشمس التي هي الإسلام والتي أن أشرقت فلا قيمة لأضواء المصابيح والإسلام به عنصرا الخلود والثبات والمرونة والمثالية والواقعية والربط بين الدنيا والآخرة والأصالة والمعاصرة ويربط بين تلك العناصر الثبات فيما هو ثابت والمرونة في الآليات كما أن الإسلام يجمع بين حاكمية الله وحاكمية البشر.
لكن التيار السلفي يري أن الحاكمية لله وحده؟
- الله سبحانه وتعالي منح البشر الحاكمية في خمسة مواضع هي حق التشريع فيما لا نص فيه بالقياس وحق التشريع بالمصلحة المرسلة وحق التشريع بتقنين الشريعة والحق في الاجتهادات العقلية، أما من يقول بأن الحاكمية لله فلا خلاف علي ذلك من أن الله يطبق حكمه من خلال حاكمية البشر الراشدة التي لا تصطدم بحاكمية الله فلا تحل حراماً ولا تحرم حلالاً.
قرابة ربع قرن قضيتها في غياهب السجون كيف كانت حياتك هناك؟
- السجن مدرسة تربوية عظيمة ممكن أن ترفع صاحبها لأعلي عليين أو تهبط به لأسفل سافلين، وبالنسبة لي سعيت أن أستفيد من تلك السنوات بالقراءة والاجتهاد شأن الكثيرين ممن دخلوا السجون.
كنت شاهد عيان علي التعذيب الذي كان ممنهجاً؟
- طبعاً التعذيب كان طقساً يعرفه الجميع من أول ما تحط قدماك السجن.. هناك علقة الاستقبال وقبل أن تغادر هناك علقة الوداع، وفي أول الأمر كان التعذيب هدفاً في حد ذاته، لكن فيما بعد أصبح لا يتم إلا من أجل الحصول علي المعلومة فقط.
كل الذكريات التي تحملها عن حياة السجون مؤلمة؟
- هناك العديد من الذكريات المؤلمة، فالتعذيب في حد ذاته يدمر الإنسان ويزرع بداخله مشاعر الخوف والقلق غير أن الإسلام العظيم بقيمه علمنا فضيلة الاحتساب عند الله والصفح والعفو جعل من السجن فرصة للخلوة والتعبد والقراءة.
هل عفوت عمن عذبوك؟
- أول صفات الداعية التي تعلمتها داخل السجن أن يدعو للناس لا أن يدعو عليهم أنا صادق حينما أقول لك بأنني نسيت حتي من عذبوني ولم أعد أذكرهم.
ألم تقم بالدعاء علي جلاديك يوماً؟
- صدقني جربت الدعاء عليهم لكنني وجدت الدعاء لهم أفضل وهذا النهج تعلمناه من أمام البشرية صلي الله عليه وسلم فقد قيل له ادع علي سقيف فقال اللهم اهدِ سقيفاً وأت بها فقيل له ادع علي دوسا فقال اللهم اهدِ دوس وات بها.
هل تؤمن بمؤامرة تحاك ضد الإسلاميين؟
- هناك حالة من التخويف للأسف يمارسها الإعلام من أجل حض المواطنين علي كراهية الإسلاميين والندم لمنحهم اصواتهم ومن المؤلم ان القوميين حصلوا علي حقهم في السلطة كما حكم الليبراليون واليساريون والاشتراكيون بينما لايراد للإسلاميين أن يحكموا ماذا لو منحناهم الفرصة لثماني سنوات لعلهم ينجحون فاذا فشلوا فليتركوا المشهد ولنترك الشعب ليحكم علي تجربتهم.
وهل تؤمن بمساعي الغرض منها إفشال محمد مرسي؟
- بالفعل هناك قوي تسعي لإحراق الارض من تحت أقدامه وقوي ورموز تنادي بعودة الجيش لتولي مقاليد البلاد بعد ان كانت تطالب بسقوط حكم العسكر لكنهم غيروا آراءهم بعد حكم الإسلاميين.
سيلبي الجيش طلب هؤلاء وينقلب علي مرسي؟
- أعتقد أن الجيش سيرفض ان يكرر التجربة التي مر بها عقب الثورة فلن يغامر بدخول الحياة السياسية ولقد اصبح المؤسسة الوحيدة المتماسكة والمحبوبة من الشعب والجيش يدرك انه إذا دخل الحياة السياسية سيصبح له اعداء كثر وسيفقد حب الناس له.
تعتقد بوجود مؤامرة علي الداخلية؟
- الداخلية تعلمت الدرس والغالبية العظمي من أفرادها لا يريدون لها لعب أي دور سياسي كما لا تريد أن تكون جزءاً من العملية السياسية ولعل ذلك سبب الخلاف ما بين الوزير وبين عناصر الشرطة الغاضبين غير انني لا أعتقد أن هناك مؤامرة تقوم بها فقد تعلم ضباطها وجنودها أن كل حاكم يبيعهم لمن بعده لذا يؤثرون السلامة ويسعون للابتعاد عن لعب أي دور سياسي يجعلهم في خندق العداء مع الشعب.
كيف تنظر للمشهد الراهن؟
- هناك فشل يلازم الحكومة في الملفات كافة وفي مقدمتها الاقتصادية والأمنية تصدر له الامن المركزي لمواجهة الجماهير الغاضبة فيما تقوم النخبة بتصدير اطفال الشوارع والبلطجية، ومن المحزن أن كلا الطرفين «الجنود وأطفال الشوارع» ليسا طرفاً في المشكلة الاقتصادية أو غيرها من المشاكل، فجندي الأمن المركزي أدخلته الدولة في العملية السياسية رغما عنه وكذلك اطفال الشوارع والبلطجية اقحموا في المواجهة عنوة.
ستهزم الدولة العميقة بمختلف آلياتها محمد مرسي ليرفع الراية وينسحب قريباً؟
- لو استلهمنا التاريخ سنجد أن عبدالناصر استطاع أن يقهر خصومه السياسيين وكذلك السادات هزم مراكز القوي ومبارك بقي ممسكا بالسلطة وأعتقد ان بوسع مرسي ان يهزم الجميع باستثناء عدو واحد.
ما هو؟
- الدولار.. اعتقد انه العدو الحقيقي الذي قد يهدد عرشه بعد الخراب الاقتصادي الذي نواجهه.
قمت بمبادرة تاريخية اسفرت عن خروج 12 ألفاً من الاسلاميين من غياهب السجون فهل تراها في ميزان حسناتك رغم بعض الانتقادات؟
- أرجو ان تكون بالفعل تلك المبادرة في ميزان حسناتي فقد كانت ظروف المحبوسين مأساوية فقد اهدروا أجمل سنوات عمرهم في غياهب السجون وخرجوا وهم في نهايات العمر بعد ان دخلوها وهم في مقتبل الشباب.
ما أهم شيء كنت تحرص عليه عقب خروجك من السجن؟
- بعدما خرجت من السجن «طرت» لمنزل العائلة للقاء أبويّ وكنت أدعو طوال الطريق «يارب اشوفهم قبل ما يموتوا» كما كنت أريد أن أعوض لأبنائي ما فاتهم من وقت بعيداً عني.
ماذا كنت ترجو من محمد مرسي؟
- كنت أرجو أن ينجح في أن يجمع المصريين علي قلب رجل واحد كما فعل نيلسون مانديلا مع شعبه، إذ جمع الاسود مع الابيض وصنع دولة متقدمة يعلوها الحب، لكنه للاسف فشل في ذلك واتمني له التوفيق لأنه يواجه واقعاً قاسياً وكان الله معه فهو رجل طيب.
هل صنع أخطاءه بيديه؟
- بالقطع هو المسئول عن نسبة كبيرة منها، لكن دعني أقل لك إن الحاكم الجيد يصنع معارضة جيدة، و يصنع قضاءً عادلًا يقيم شرع الله، وكذلك المعارضة المخلصة تصنع حاكمًا متجردًا لمصلحة وطنه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.