أسماء أكدت أن مصر هى قبلة الغناء والفن منذ عصر الجدود مصر هى دولة الطرب, من هنا تعلم العالم معنى كلمة السلطنة فى الغناء, ومن هنا بدأت الأجساد تتمايل طربًا, بجمل موسيقية تقشعر لها الأبدان, مصر هى قبلة الغناء العربى, هى دولة الملحنين والمطربين, هى رائد التجديد ومنبع المجددين فى الموسيقى والغناء, لم تمر فترة زمنية إلا ويخرج منها أستاذ أو أستاذة يرفع الجميع له أو لها القبعة, هنا ولد رائد وفارس التجديد سيد درويش, وهنا ولد محمد القصبجى وعبدالوهاب والسنباطى, الذين توارثوا الموسيقى والغناء عن الشيخ المسلوب, وسلامة حجازى ومحمد عثمان وكامل الخلعى. هنا أرض الكنانة والمكانة. مصر هى الشريان الذى قام بتغذية العالم العربى بكل حرف وجملة موسيقية، هنا القاهرة التى منحت الجميع شهادة الاعتماد، والارتباط بالجمهور، هنا الإذاعة المصرية التى حملت عبر أثيرها مهمة تقديم الأصوات والنغم الشرقى الأصيل، ومهما ظهرت من زوابع داخل الوسط الغنائى وظهر الهاموش والناموس، والذباب، لن يضيع تاريخنا الغنائى، بل إن هذه الزوابع كلما ظهرت تذكرنا ماضينا الجميل. فى حلقات سابقة ذكرنا أن مصر فنانة منذ 7 آلاف سنة، فى الجزء الأول قدمنا بانوراما عن الفن المصرى بصفة عامة، وريادته، وفى الجزء الثانى خصصناه لتاريخ مصر الغنائى من قدماء المصريين حتى مشايخنا فى العصر الحالى. كما واصلنا تقديم تاريخنا فى عالم التلحين، وما أكثر ما قدمت مصر للعالم العربى من ملحنين، لذلك فالجزء الخاص بالملحنين سوف نواصل الكتابة عنه لعدة أجزاء، حتى نعطى هؤلاء الرواد حقهم الطبيعى. تحدثنا فى «المصرى فنان عمره 7 آلاف سنة» عن ريادتنا بصفة عامة فى الموسيقى والغناء والسينما والدراما والإعلام والمسرح، والأوبرا وأكاديمية الفنون، ثم بدأنا فى حلقات تالية نتحدث بتوسع أكبر، عن كل مجال، من المجالات، تحدثنا عن الموسيقى من عهد قدماء المصريين، مرورًا بدور الترانيم القبطية، فى الكنائس والموالد الشعبية حتى وصلنا إلى عصر المشايخ، تناولنا الملحنين من الشيخ المسلوب، مرورًا بسلامة حجازى وسيد درويش وعبدالوهاب والسنباطى وزكريا أحمد والقصبجى، استكملنا مسيرة الملحنين فى النهوض بالأغنية المصرية والعربية، بما يؤكد أننا فى مصر دولة الإبداع والمبدعين، وأن عمر بعض فنانينا أطول من أعمار دولة بأكملها، وأن إبداعهم ربما يكون أكثر تأثيرًا من دول كثيرة. مصر الفن والفنانين، أقدم دولة عرفها التاريخ وعرفت الفنون بكافة أشكالها، مصر التى سطرت أهم سيناريوهات العرب، فى السينما والدراما، وأهم من كتبت النوتة الموسيقية وأهم من قدمت عازفين وملحنين وشعراء، مصر الطرب الأصيل والنغم المشبع بالموهبة، مصر تواصل الأجيال، وشموخ الجبال، وكبرياء الإنسان، مصر أقدم لوحة فنية وأقدم فنان. حكايات أخرى من سلسلة المصرى فنان عمره 7 آلاف سنة نرصد فيها نجوم الفن المصرى الذين انتقلوا إلى الحياة فى أوروبا، هى حكايات تصلح إلى أن تتحول إلى قصص من نوعية حكايات ألف ليلة وليلة، لأن كل فنان من هؤلاء الفنانين له قصة كفاح، تتشابه مع بعضها فى البدايات والنهايات السعيدة، حكايات تستحق أن نلقى الضوء عليها، لأنها تؤكد أن لدينا فنانين كبارًا خارجيًا ينظر إليهم نظرة مختلفة تمامًا عن نظرتنا لهم، ومن أكثر الذين حققوا نجاحات فى أوروبا هم مغنيو الأوبرا ومؤلفو الموسيقى وعازفوها، وأيضاً لدينا أساتذة فى علوم الموسيقى، استطاعوا أن يقنعوا العالم الغربى بموهبتهم رغم أنهم يقدمون فنًا فى الأساس ليس مصريًا مثل مغنى الأوبرا على سبيل المثال، لكنهم بموهبتهم استطاعوا أن يقولوا للغرب نحن هنا، جئنا إليكم لننافسكم فى فن من فنونكم، وجود المصرى فى دور الأوبرا العالمية ليس بالأمر السهل، لأن من اقترب من الأوروبيين سوف يلاحظ أنهم يمنحون الأفضلية فى كل شىء لصاحب البلد أولًا، ثم من يحمل جنسية بلد أوروبى ثانيًا، وبالتالى عندما يدخل المصرى فى سباق لأداء عمل أوبرالى أو لكى يكون عازفًا فى أوركسترا أو أستاذ فى علم من علوم الموسيقى فهو يخضع لاختبارات قاسية، وظهر ذلك بوضوح من خلال سلسلة الحوارات التى أجريتها مع نجوم الأوبرا وغيرهم، ممن يتواجدون فى أوروبا، فرنسا وألمانيا والنمسا وإيطاليا. كما تحدثنا عن الدكتورة سلوى الشوان رئيس المجلس الدولى للموسيقى التقليدية باليونسكو وأستاذ موسيقى الشعوب. وبما أننا تحدثنا فى الحلقه الماضية عن موسيقى الشعوب كان علينا أن نذهب إلى الحارة المصرية والأصوات التى عبرت عن الحارة والأحياء الشعبية المصرية بمفرادتها الجميلة. ذهبنا إلى أصوات لها تاريخ ولها نجاحات وتأثير على الساحة الغنائية ذهبنا إلى عبده سروجى وعباس البليدى وعبدالغنى السيد وأحمد عبدالقادر ومحمد امين وعمر الجيزاوى. أسماء مصرية أصيلة، أثبتت من عقود طويلة أن مصر هى قبلة الغناء والفن العربى على مدار التاريخ ومهما حاول البعض تغيير التاريخ بحفنة دولارات لن يستطيع طالما أن هناك من يرصد ويؤكد أن تاريخ الفن فى مصر عمره 7 آلاف سنة، إنه تاريخ الجدود. إلى نجوم الحارة المصرية والغناء الشعبى والمونولوج: عبدالغنى السيد.. صدفة زكى مراد خير من ألف ميعاد عبدالغنى السيد (1908- 9 ديسمبر 1962) مطرب مصري، ولد فى القاهرة، وهبه الله صوتًا رخيمًا. لعبت الصدفة دورًا كبيرًا فى دخوله عالم الفن حين سمعه الملحن (زكى مراد) والد (ليلى مراد، منير مراد)، وكان صديق صاحب معرض على خليل أحد معارض الموبيليا الشهيرة بالقاهرة، حيث كان يعمل فيه عبدالغنى السيد «أسترجي» وقرر زكى مراد تبنيه فنياً، وقدمه فى العديد من الأفراح والمناسبات واكتشف موهبته كمطرب، ثم اشتهر بأغنياته فى الأفراح، ولمع فى الإذاعة المصرية مع افتتاحها عام 1934، وعمل فى السينما فى أفلام قليلة، وفى عام 1940 درس الموسيقى. من أشهر أغانيه، «البيض الأمارة»، وأغنية «ع الحلوة والمرة» وأغنية «وله يا وله» وقام بالغناء فى أفلام مثل عريس من اسطنبول والبيت الكبير وعم أمين، وله بالأذاعة المصرية أكثر من 884 أغنية وغنى لعمالقة التلحين مثل رياض السنباطى ومحمود الشريف ومحمد عبدالوهاب ومحمد الموجى ومحمد القصبجى وبليغ حمدى وكمال الطويل. وتزوج عبدالغنى السيد ثلاث مرات وأنجب ثلاث بنات وابنًا وحيدًا الذى ورثه فى الصوت الجميل وله بعض الأعمال فى التلحين والتوزيع. اشترك فى بطولة بعض الأفلام منها شيء من لا شيء عام 1938، شارع محمد علي، ليالى الأنس، نور من السماء، وراء الستارة، سفير جهنم، البيت الكبى، بنت العمدة. عبده السروجى.. غريب الدار ابن قلعة الكبش عبده السروجى ولد فى أول يناير 1911 بقلعة الكبش وتوفى فى 13 ديسمبر 1978). اسمه الحقيقى حافظ أحمد حسن، بدايته كانت من خلال ممارسة الغناء فى الأفراح، بالإضافة لعمله كمتعهد توزيع صحف. - تغيّرت حياته بعدما سمع إعلانًا فى الإذاعة يطلب مطربين جددًا، فتقدّم للاختبارات التى فتحت له أبواب المجد. - سرعان ما حقق شهرة كبيرة، تلك الشهرة جعلت أم كلثوم تستعين به ليغنى ضمن أحداث فيلم «وداد» أغنية «على بلد المحبوب وديني» عام 1936. - ونظرًا لإعجاب كوكب الشرق باللحن الذى قدّمه رياض السنباطى لعبده السروجى فى فيلمها، قامت بعدها بتسجيل الأغنية التى اشتهرت من خلال صوت الست. - غنى عبده السروجى عبر شاشة السينما المصرية فى أفلام أخرى منها: «ملكة المسارح، يا مؤمنين بالله، أحلام الحب، بين نارين، على مسرح الحياة، من الجانى، حب من السماء، وادى النجوم، حياة الظلام». - آخر الأعمال التى قدّم بها بعض الأغنيات فيلم «نجف» مع تحية كاريوكا عام 1946. - من أشهر أغانيه «غريب الدار، بكت فى إيديا الشموع، غنيت على عودى، النهاردة العيد عيد علينا سعيد، مسحراتى، الفجر لاح والطير غنى، يا نيل هدية»، غنى لفلسطين أغنية تعد من الروائع اسمها (الله يصونك يا فلسطين)، عبده السروجى جدى ولى الفخر».وغيرها. - عاش حياته فى مسكنه بحى عابدين بالقاهرة - غنى فى أوبريت «الليلة الكبيرة» للكبار صلاح جاهين وسيد مكاوى وصلاح السقا، وقدّم دور «بائع الملبن» فى المولد. وحسب موقع الهيئة الوطنية للإعلام، فقد ابتعد عبده السروجى عن الإذاعة لفترة كبيرة وحتى وفاته فى 13 ديسمبر 1987. وكان عبده السروجى مميزًا بين مطربى عصره إبراهيم حمودة وعبدالغنى السيد ومحمد أمين ومحمد عبدالمطلب وأحمد عبدالقادر وعباس البليدى ومحمد فوزي. «البليدى».. عوف الأصيل عباس البليدى مغنى وملحن، ولد فى دمياط، فى1 يناير 1912 -19 ورحل فى سبتمبر 1996. اشتهر فى بدايته فى الأفراح، ثم درس فى معهد الموسيقى، وبعدها انضم للإذاعة الأهلية سنة 1930، وللإذاعة الرسمية سنة 1934، قدم على المسرح أوبريت ألف ليلة وليلة. من أغانيه الشهيره أغنية «مصر دار العز» أهم أفلامه إدينى عقلك 1952، لك يوم يا ظالم 1951، أنا بنت ناس 1951، عنتر وعبلة 1945، الإيمان 1952. شارك فى أوبريتات، عوف الأصيل، متحف الفن، جوز الخيل، الفيلسوف، الراعى الأسمر، القسمة كده، اللؤلؤة المسحورة. المطرب الذى تبناه عبدالوهاب محمد أمين (1916 - 2009) مطرب وملحن وممثل، اسمه الحقيقى أمين سيد أحمد محمد، ولد فى القاهرة، كان يعمل مهندس كهرباء فى استوديو مصر. بالصدفة استمع إليه أحد المخرجين وهو يغنى لزملائه، فاستعان بيه فى أحد الإعلانات التى كان يقوم بتصويرها، كما تبناه الفنان الراحل محمد عبدالوهاب فنيًا بعدما عرف بموهبته، وبدأ الظهور على شاشة السينما من خلال فيلم (مصنع الزوجات، (ممنوع الحب، تحيات الستات، الجنس اللطيف، غرام بدويه، الستات كده، عشره بلدي، الحب بهدله، حلال عليك، يحيا الفن، نجف، حب من السماء) بعد تعرضه للإصابة بحساسيه فى الصدر والربو، قرر اعتزال الفن فى منتصف الخمسينيات، توفى سنة 2009 عن عمر 93 عامًا. أحمد عبدالقادر «وحوى يا وحوى» أحمد عبدالقادر مغنٍ وملحن، ولد فى 1916 بمحافظة الشرقية، بدأ الغناء وعمره 8 سنوات فى حلقات «الذكر» مع والده، وعندما بلغ سن 12 من عمره كان يغنى بعض الألحان لأم كلثوم، والموسيقار محمد عبدالوهاب. حصل على دبلوم المعهد العالى للموسيقى عام 1939. من أغانيه التى غناها: (وحوى يا وحوى- يا نارى من كتر جفاك- طلع القمر والطير غني- يا فجر والنبى تستني- أنست يا رمضان- أهلًا- ما ينطفيش نورك... وغيرها) وغنى من ألحان زكريا أحمد (نبين زين- يا عرقسوس شفا وخمير) عمر الجيزاوى الصعيدى الذى أبهر الغرب عمر الجيزاوى ممثل ومطرب شعبى اسمه الحقيقى عمر سيد سيد سالم ولد فى الجيزة فى 24 ديسمبر 1917، لم يستكمل تعليمه وعمل فى ورشة أبيه. عمل فى الأفراح والملاهى الليلية وعرف بشخصية الصعيدى الساذج. نشأ فى حارة «درب الروم» بالجيزة، وعمل مع والده فى مهنة «المعمار» وسط هذه البيئة عاش عمر الجيزاوى على حسب ما ذكر فى أحد حواراته الصحفية، هنا كانت مدرسته التى تعلم فيها الغناء من خلال الأغانى التى كان يرددها العمال منها «هيلا بيلا.. بيلا هيلا.. ياللا ياريس» ومن هنا أحب الغناء، وأصبح يردد أغانى العمال، وحفظتها كما حفظ اسمه على حد تعبيره وكان أشهرها أغنية يقول مطلعها «أبو سنة دهب لولى.. سلم على لما قابلني». واحترف الغناء مطربًا لكل أفراح الجيزة والضواحى المجاورة. وساقية مكي.. وسوق الأحد.. فى نهاية عام 1935 بدأ العمل فى شارع الهرم، كانت الملاهى تبدأ من أول الشارع حتى ترعة المريوطية، ملهى يوسف المنيلاوي.. داود حسني.. إخوان عكاشة.. فوزى منيب.. على الكسار.. والأخير هو الذى اكتشفه وقدمه للناس.. توفى يوم 22 أبريل 1983. من أشهر منولوجاته: اتفضل قهوة، وهذا العمل ما زال إلى الآن يحقق شهرة واسعة، وأعاد أكثر من صوت مصرى إعادة غنائه.. العرقسوس، آه يا نى يا بوى، الفاكك والفكوك، السلام عليكم، أطاوع فى هواك قلبى، بلدياتى، حاسب الفرامل، حسرة عليه، خدك يا جميل، غنى يا ويكا على المزيكا. أهم أفلامه: أنا الدكتور 1969، المتهم 1957، الوحش 1954، بنت الجيران 1954، دلونى يا ناس1954، فالح ومحتاس 1954، الأرض الطيبة 1954، أنا الحب 1954، اللقاء الأخير1953، لسانك حصانك 1953، أرض الأبطال 1953، ابن ذوات 1953، المقدر والمكتوب 1953، مجلس الإدارة 1953، حلال عليك 1952، الزهور الفاتنة 1952، المساكين 1952، أموال اليتامى 1952، خد الجميل 1951، خضرة والسندباد القبلى 1951. أصدقاء عمر الجيزاوى هم «محمود السعدنى وعباس الأسوانى وعبدالرحمن الخميسى وزكريا الحجاوي». عمر الجيزاوى تخصص فى تقديم اللون الصعيدى من الغناء، غنى للناس فى أكثر من مكان «مش ممكن أبدًا أصبر وأرضى أعيش فى بلادى ذليل.. وسلاحى معاى واتشمر لأجل أحارب كل دخيل.. دانا مصرى وأخويا الأسمر جندى سودانى وأبونا النيل.. بشطارتى لما أتشجع بكرة أترقى وأبقى شاويش.. يا عيش.. يا عيش» بمجرد الانتهاء من تقديم هذه الأغنية بالتحديد كانت الصالة تهتز من تصفيق المشاهدين إعجاباَ.. أصبح.. كتب أول رسالة فى حياته من شدة الفرحة إلى ابن عمه فى الصعيد قال فيها «حضرة ولد عمنا المبجل حمدان.. من ذوى العشر فدادين وجاعد بجهوة البندر بجوار محطة الجطر.. أدامه الله.. من بعد مزيد السلام والأشواج والسعال عن صحة سلامتكم وصحة الأندال (يقصد الأنجال) نخبركم بأننا عال جوى والأشيا معدن.. وما نجصناش غير رؤياكم.. والود يا ولد العم تزورنا فى مصر علشان تشوف الأمله اللى أنا كد إيه فيها والناس عما توجفنى وأنا رايح جاى فى الطكس عما يجولوا عمر «الديزاوي» أهو.. وبالتأكيد لا تعرفون باقى القصة».. عام 1948 بدأ العمل فى السينما.. ببطولة فيلم «خضرة والسندباد القبلي» مع درية أحمد والدة الفنانة سهير رمزى ومن إخراج السيد زيادة.. بعدها عمل فى أكثر من مائة فيلم كان آخرها «فالح ومحتاس» عام 1955.. هذا إلى جانب الفرقة الاستعراضية التى كونها وكان يعمل بها طوال الموسم على مسرح الأزبكية فى الشتاء وفى الصيف على مسارح الإسكندرية.. وكان يسخر بالمونولوج من أفعال الملك لدرجة أنهم وضعوا أسمى فى كشوفات البوليس السياسى على أنه «شيوعي». قرر الاعتزال حتى قامت الثورة عام 1952 وبعدها خرج يغنى للناس فى ميدان الجمهورية.. «مصر تتكلم عن نفسها، القلب سلم فى حبها.. الفرح عم وفاض ع البلاد.. رحمة علينا وعلى العباد.. وعقدة السودان حلها.. مصر تتكلم عن نفسها» ومجموعة أغان كثيرة هادفة قررت أن يسخر فيها لكل ما هو بدعة منها بدعة الفستان الشوال..«الشوال ماله الشوال.. موضة عال يا ولد خال.. مش محزق.. مش ملزق.. بس اسمه جه شمال».. فى إمكانك أن تطلق على لقب مصلح اجتماعى ولست ب«مهرج» يقدم لك مجموعة نكت من عينة..«واحد حلاق شاط الكورة جت فى المقص».. نكته بايخة ليس لها أى هدف.. أنا أعتنق حكمة فيلسوف اسمه «برجسون» كما تعلمتها من المثقفين الذين أجلس وسطهم يقول فيها بأن «الضحك لابد أن يمتزج بالفلسفة.. لابد وأن تكون له حكمة وغاية».. كان يرى أن منولوجاته لا تقل فى مستواها عن مسرحيات «برناردشو» كما أكد له– عبدالرحمن الخميسى– وإذا كان خلف مسرحيات «برناردشو» علم اجتماعى مدروس ستجد شيئًا ذا قيمة فى كل ما قدمه أيضاً!.. زار عمر الجيزاوى معظم البلاد الأوروبية أكثر من خمس وثلاثين دولة من ضمنها فرنسا قدم على مسارحها الكثير من أعماله.. وكان يحب أن يطلق على نفسه لقب «شارلى شابلن العرب».. صورته طبعوها هناك فى الخارج على علب الكبريت على حسب قوله فى الحوار.. تزوج «خواجاية» من هناك.. كانت تحضر إلى المسرح كل يوم لرؤيته.. سقطت عيناه عليها، جالسة فى أول صف تضحك.. جاءت بعد العرض خلف الكواليس لتهنئه ناطقة اسمه بصعوبة «أوومر» أى عمر، تزوجها فترة ثم افترقا بسبب اختلاف التقاليد.. تزوج بعدها للمرة الثانية والثالثة أنجب منها تسعة أبناء.. أسماؤهم دمها خفيف «طعمة» و«تحفة» و«فرفشان» و«جلاء» و«أسرار» عاد من باريس ورأسه ملىء بالأفكار.. حاول تنفيذ بعضها فى مسارح الدولة للارتقاء بالمستوى الفنى والتكنيكى ضمنها عملية تنسيق الميكروفونات بحيث يصل لك الصوت هادئاَ من كل جوانب المسرح وليس من جانب واحد فيصبح الصوت مزعجًا.. وقتها عين بمرتب 50 جنيهًا فى الشهر بالفرقة القومية للفنون الشعبية التى عمل بها لمدة عام كامل حتى كان ذلك اليوم المقرر فيه السفر إلى الصين الشعبية.. وبعض الدول الأخرى وطلبوا منى هناك– مدير الفرقة– أن يضع «عصا» فى «قفاه» يهرش كفقرة مضحكة أمام الأجانب فى الخارج ولكنه رفضت.. أصر على الرفض حتى وصله ذلك خطاب الاستغناء عنه، اعتبارًا من يوم 11/9/1957.. عزاؤه الوحيد فى ذلك الوقت كما قال: تلك الكلمة التى كتبها أحمد الصاوى فى أهرام السبت 22 سبتمبر 1957..«أذهلنى ما سمعته من عمر الجيزاوى عندما طلبوا منه فى منظر من مسرحية أن يسوق (حمارة) بأحد الأسواق وهو يهرش فى قفاه بالعصا ولكنه رفض، فالمنظر كان القصد به الزراية بمصر.. فمن غير المعقول أن تقطعوا عيشه لأنه حافظ على سمعة وكرامة مصر».. وبالتأكيد لا تعرفون باقى القصة.. – من وقتها جلس فى المنزل.. انتابه اليأس والاكتئاب.. احتفظ فى ركن من إحدى حجرات منزله بكل قطع الإكسسوار التى كان يستخدمها.. قدرة العرقسوس.. العصا الصعيدية الطويلة.. العمامة ذات الثلاثة طوابق. فى سنواته الأخيرة عاش دون أن يسأل عنه أحد.. لذلك كان يردد فى آخر أيامه علشان كده أنا انتهيت و«انطفيت» على وزن أنا هويت وانتهيت. «ياللى من البحيرة وياللى من آخر الصعيد» من أشهر الأغنيات الوطنية التى قدمتها الفنانة شادية من كلمات الشاعر عبدالوهاب محمد، وألحان الدكتور جمال سلامة، وبسبب هذه الأغنية وبعد إذاعتها، دخل الفنان عمر الجيزاوى الذى تحل الذكرى 103 على ميلاده فى مثل هذا اليوم 24 ديسمبر من عام 1917، فى معركة لإثبات أحقيته فى هذه الأغنية باعتباره صاحب التيمة اللحنية وأول من غناها عقب العدوان الثلاثى على مصر فى خمسينيات القرن الماضى، مطالبًا بحقه فى هذه الأغنية والحصول على حقوقه الأدبية والمادية. خاض الفنان عمر الجيزاوى معركة شرسة لإثبات أحقيته فى أغنية «مصر اليوم فى عيد»، وتقديم ما يثبت صحة كلامه، فيما طالبت جمعية المؤلفين والملحنين وقتها من الملحن جمال سلامة «النوتة الموسيقية» لهذه الأغنية التى غنتها الفنانة شادية عام 1982، فيما قام «الجيزاوي» بتأديتها عام 1956، وانتهت الأزمة وقتها بتسجيل الأغنية سواء «اللحن أو الكلمات» مناصفة بين الشاكى والمشكو فى حقه فيما يخص حقوق الأداء العلني. وتسببت هذه المعركة الخأسرة التى خاضها عمر الجيزاوى، فى إصابته بوعكة صحية «جلطة فى القلب» بسبب الحزن والاكتئاب على ضياع حقه، ليرحل عن دنيانا بعدها فى 22 أبريل عام 1983. مؤخرًا كشف الموسيقار حلمى بكر أن مهرجان بنت الجيران مأخوذة من أغنية قديمة للفنان عمر الجيزاوى، وأنه نفس لحن الأغنية التى غناها الجيزاوى منذ أكثر من 50 سنة، وهى أغنية «يا ميت ندامة».