رأى المحلل الإسرائيلي "تسفي برئيل" في مقاله اليوم الأحد، بصحيفة "هاآرتس" أن المواطن المصري يريد الأمن أيًا كانت الطريقة وأيًا كان شكل القائمين على تنفيذ القانون سواء اللجان الشعبية أو المليشيات الدينية أو رجال الشرطة. وأضاف "برئيل" أن الجلابيب البيضاء ظهرت في وقت تضرب فيه الشرطة عن العمل ويستعرض فيه الجيش عضلاته، حتى النائب العام يدعو المواطنين بفرض القانون بأيديهم(الضبطية القضائية). وتابع "برئيل" بأن المواطنين بمدينة أسيوط في جنوب مصر لم يدركوا في البداية من يطاردهم، حيث انطلقت مجموعة من راكبي الدراجات البخارية يرتدون جلابيب بيضاء وعلى رؤوسهم شالات بيضاء حاملين رايات بيضاء ويلوحون بالسيوف- انطلقت وراء المارة بينما يصيحون "الله أكبر"، "لقد جئنا لإحلال النظام بدلاً من الشرطة. عندما تضرب الشرطة عن العمل سنكون نحن البديل". وأضاف برئيل: بعد بضعة أيام من ذلك حكى بعض المواطنين من الإسكندرية أن مجموعة من الشباب يرتدون ملابساً عادية حاولوا إحلال النظام في سوق الخضار وقالوا للمترددين على السوق: "نحن لم نأت لمضايقة المواطنين إنما جئنا لمنع البلطجة في السوق"، الأمر الذي دفع التجار الغاضبين لرميهم بالطماطم وضربهم بالعصيان وإجبارهم على الانصراف. وتابع برئيل: في الأحياء الفقيرة بالعاصمة أيضاً تتجول مجموعات من الشباب مسلحة بالعصى لحماية أحيائهم من البلطجية، وهؤلاء شباب إما ينتمون لمنظمات إسلامية أو أنهم من أبناء الحي الذين ينظمون نوبات حراسة للحماية من اللصوص. وأضاف برئيل أن تلك الجماعات ظهرت فجأة، لكنها دخلت لملئ الفراغ الذي خلقه الإضراب المتواصل للشرطة في عدة محافظات، بما في ذلك إغلاق بعض الأقسام وإخلاء الشوارع من رجال الشرطة، زاعماً أن المسئولين عن فرض القانون يشعرون بتهديد من قبل الجمهور الذي يعتبرهم مسئولين عن قتل متظاهرين في بورسعيد وفي مدن أخرى، فضلاً عن شعورهم بأنه لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم لأن معظمهم غير مزود بسلاح، ناهيك عن الرواتب التي لا تتناسب والمخاطر التي يواجهونها. وأشار برئيل إلى أن تلك القضية أضيفت إليها في بداية الأسبوع الماضي عاصفة أخرى أثارها بيان النائب العام والذي فحواه أنه "من حق المواطن ضبط الخارجين على القانون الذين يعتدون على الممتلكات العامة ويغلقون الطرق أو يمنعون العمال عن المجئ لأماكن عملهم"، مؤكداً أن هذا البيان أضاف شرعية على الشباب أصحاب الجلابيب البيضاء في أسيوط. وأردف برئيل بأن العداء العميق بين الشرطة والشعب ليس جديداً، وهو العداء الذي وصل لذروته في عام 2011 عندما ضربت الشرطة بلا شفقة المتظاهرين واعتقلت الآلاف من المواطنين وعذبتهم في المعتقلات وقتلت العشرات بتعليمات من وزير داخلية مبارك، مشيراً إلى أن الضحية التي أشعلت فتيل الثورة المصرية "خالد سعيد" ضربته الشرطة حتى الموت في الإسكندرية قبل ستة أشهر من اندلاع الثورة حتى تحول من مجرد رمز للثورة إلى راية لنضال الشعب ضد الشرطة. وأضاف برئيل أن الحرب الشاملة بمصر لم تبدأ بعد، فقد أوضح الجيش الذي علاقته بالرئيس مرسي بعيدة تمام البعد عن أن تكون دافئة- أوضح أنه لن يسمح بإقامة مليشيات تحل محل الشرطة أو قوات الأمن الداخلي، "نحن لسنا جيش سوريا وسنعمل ضد أي شخص يمس أمن الدولة حتى على الصعيد الجنائي. ولن نسمح لأن يهين أحد قوات الجيش أو يقحمه في العمل السياسي". ورأى "برئيل" أن الرسالة المزدوجة لمرسي واضحة ومؤداها أن الجيش لن يعمل ضد رجال الشرطة المضربين وكذلك لن يعمل بدلاً منهم حيث لن يتولى مسألة فض المظاهرات، وإنما سيحل محل الشرطة إذا استمر الإضراب وانجرت الدولة إلى الفوضى، إلا أنه في الوقت ذاته لن يكون أداة في أيدي مرسي يستخدمها في أغراضه السياسية. وأردف "برئيل" أن الجيش أوضح أنه لا يعتزم العودة للحكم، ولو لفترة زمنية مؤقتة، ولكنه سيقرر متى يتدخل وإلى متى سيقبع في قواعده. واختتم "برئيل" مقاله بأن صراع القوى المحتدم بين الجيش والحكومة وبين الشرطة والشعب والحكومة يثير اهتمام النخبة السياسية والثقافية التي تجمع نقاط قبيل الانتخابات البرلمانية المزمع إجراؤها الشهر القادم، إلا أن الذي يهم المواطنين بمصر الآن هو ما إذا كانوا سيتمكنون من الوصول إلى أعمالهم دون أن يعترض بلطجية طريق الميني باصات أو يغلقون الطريق أو ما إذا كانت بناتهم ستعود للمنازل بسلام دون تنكيل من البلطجية، بغض النظر عمن سيقوم بتوفير الأمن سواء اللجان الشعبية أو المليشيات الدينية أو رجال الشرطة.