التمسك بكتاب الله وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم من صفات المتقين وقال اهل العلم بات النّبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- عند إحدى زوجاته، والأغلب عند زينب بنت جحش –رضي الله عنها وعن أمّهات المؤمنين أجمعين- وشرب عندها العسل، فوقعت الغيرة في قلب عائشة وحفصة، واتّفقتا على أنّه إذا جاء النّبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- ودخل بيت إحداهما، أن تقول له: إني أجد منك ريح مغافير، والمغافير: هو صمغ شجر العُرفط وله رائحة مختمرة، وكان من صفات النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه يكره صدور أيّ رائحة منه غير رائحة الطّيب، فقد تواطأتا على فعل ذلك لما أصابهما من الغيرة لبقائه فترة عند زينب يشرب العسل، ولمّا دخل على حفصة قالت له: إنّي أجد منك ريح مغافير، فأجابها -صلّى الله عليه وسلّم-: "بَلْ شَرِبْتُ عَسَلًا عِنْدَ زَيْنَبَ بنْتِ جَحْشٍ ولَنْ أعُودَ له"،[5] فَنَزَلَ قوله تعالى: {يَا أيُّها النبيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أحَلَّ اللَّهُ لَكَ}، إلى قوله تعالى: {إنْ تَتُوبَا إلى اللَّهِ}، لِعَائِشَةَ وحَفْصَةَ، وقوله تعالى: {وَإِذْ أسَرَّ النبيُّ إلى بَعْضِ أزْوَاجِهِ حَدِيثًا}. فأراد من ذلك الإسرار استرضاء حفصة وعدم إزعاجها، ثمّ طلب منها ألّا تخبر بذلك عائشة، حرصًا منه على عدم إغضاب عائشة وإزعاجها، فما كان من حفصة إلّا وأخبرت عائشة بما جرى بينهما من حديث، فنزلت سورة التّحريم.