لقد خُلِق الإنسان فى أحسن تقويم، والنفس البشرية بها كل ما يهيئها لحياة كريمة كما أراد الله لها من خير ورفعة وإعمار الأرض، وجعله خليفته فى الأرض. وأرقى مخلوقات الله هو الإنسان، وقد تميز الإنسان بالعقل والوجدان وهما للتفكر وللإبداع ولإعمال الفكر والخيال دائما للوصول لمعرفة الحق وهو ما طلبه الله. وقد خلق الإنسان بغرائز ومشاعر وأحاسيس لكى تدفعنا لتحقيق مهمتها وبوجود هذه الغرائز فينا سيتحقق منها ما أراده الله لنا سبحانه وتعالى. فيجب على كل إنسان أن يعمل على كل ما هو إيجابى فى إشباع هذه الغرائز وبذلك سيتحقق ما أراده الله سبحانه وتعالى لنا من صالح الأعمال فمثلا غريزة التملك وحب الذات خلقت لتحفيز الإنسان على الإنتاج وتدفعه للاجتهاد لتحقيق هدف له، فمثلا نجد الطالب يجتهد فى دراسته ويجتهد فى تحصيل العلم لينال درجة علمية وبذلك قد أشبع غريزة التملك فى هذا المجال العلمى. أما طالب العلم الذى دفعته غريزة التملك وحب الذات للاتجاه السلبى لإشباعها وهو ما يتبع الغش فى الامتحان أو كما حدث أن أستاذ جامعى أخذ بحثاً علمياً لزميل له ونسبه لنفسه لكى ينال به درجة علمية فهذا عمل سيئ لإشباع الغريزة فى الاتجاه السلبى وهو ما يؤدى إلى الخطأ وللاتجاه الفاسد. وهناك أمثلة كثيرة لمسئولين فى الحكومة ومنهم من هم من أصحاب القرار.. فبعد اعتلاء البعض منهم المنصب يشعر أنه ملك الدنيا ويبدأ فى إصلاح مستواه الشخصى، البداية تكون بتأسيس مكتبه وتغيير ديكوراته وما به من مفروشات وخلافه وتتحمل خزينة مصر المبالغ الطائلة، ثم تبدأ غريزة حب التملك للخروج من المكتب الفاخر إلى كل حياته منها تملك السكن المناسب من فلل وقصور أو من سيارات وشاليهات له ولأولاده، أما الأرصدة فى البنوك فحدث ولا حرج. وكل هذا يأتى من خلال بعض الإجراءات الفاسدة يتم التوقيع عليها مقابل عمولات بنسبة أو الحصول على الهدايا كما أن هناك أساليب أكثر فسادا منها الخصخصة والاستيلاء على مصانع ضخمة كانت تمثل قيمتها مئات الملايين استولوا عليها بأقل من 10 % من قيمتها الفعلية، وطبعا هذا الفساد البين ضد مصلحة مصر وشعبها وهو ما رأيناه بأعيننا ومازال. كما كانت أيضا غريزة حب التملك بجانبها السلبى والتى حققت زواجاً غير شرعي بين السلطة وبعض رجال الأعمال والمستثمرين فهؤلاء لا يعرفون سوى حب الأموال وجمعوها بكل صور الفساد ومنهم من يطلق على نفسه «money makers» دون مراعاة لقوانين الدولة ولا لمبدأ أخلاقى أو دينى أو وطنى كما أمرنا به الله، فيكون الفساد بكل صوره وسيلة لجمع المال وهذا لإشباع الغريزة ولكن بسلبية، وهو ما أدى إلى التملك بالسلب والنهب، وقد كان الفساد الإدارى عاملاً مساعداً لذلك. ونظرا لأن الغرائز فى الإنسان كما ذكرنا لها جوانب إيجابية وأخرى سلبية وهو ما يأتى من السلوك المتبع لإشباعها هل شرعى أم مخالف للقانون، ولأن كل فرد له رؤيته الخاصة فيما هو إيجابى وما هو سلبى فإن هذا التباين بين البشر يبين الفرق بين السلوك الحميد والسلوك الكريه، يفرق شخص عن آخر فإذا ما زادت قوة غريزة حب الذات والتملك عند شخص يجب أن يروضها بنفسه بالتمسك بالمبادئ الأخلاقية والدينية والوطنية، كما يجب احترام حقوق الآخرين، ولكى يكون هذا معياراً لمواصفات السلوكيات السليمة للشخصية الواعية والذكية. ومن ثم نستطيع تحليل بعض المواقف السياسية والظروف التى تؤدى إلى إصدار قرارات فاسدة يترتب عنها أزمات مجتمعية وسياسية واقتصادية. ولكن الشىء الغريب والعجيب أن قانون العقوبات المصرى لا يوجد فيه حتى الآن أى مادة تعاقب على الفساد الإدارى، كما لم يذكر الدستور الجديد للأسف أى شىء عن هذا الوباء والآفة الخطيرة بمصر وهى الفساد الإدارى. والآن هل ستؤدى القوانين الجديدة من مجلس الشورى والتى ستكون طبقا لبنود الدستور الجديد غير المقبول للإصلاح والقضاء على الفساد فعلاً. أخيرا أتمنى أن يتم إصدار قانون رادع للقضاء على الفساد الإدارى بكل أنواعه ليعاقب به كل فاسد من موظفى الدولة ويطبق بقوة على كل فاسد مهما كان موقعه. كما أيضا يجب الكشف الطبى النفسى قبل البدنى على كل موظف عمومى قبل تعيينه فى الوظيفة مهما كانت درجته الوظيفية خاصة لأصحاب القرارات بالدولة. Wafdelobour @yahoo.com