الأيام الماضية عاد صوت شادية بكل ما يحمله من تعبير بأغنية «يا مسافر بور سعيد» والتى سبقها الاستماع لخطاب الزعيم الراحل جمال عبد الناصر فى بورسعيد عام 61 والذى أذاعه إبراهيم عيسى فى برنامجه. ولأن تاريخ مصر يسجله فنها فإن بورسعيد عرفنا عنها الكثير من خلال الفن فهناك أصوات غنائية أنشدت قصائد ما زالت تعيش في وجدان المصريين مثل قصيدة (دع سمائي فسمائي محرقة دع قناتي فقناتي مغرقة) من أشعار محمود حسن إسماعيل وغناء فايدة كامل وهناك فيلم تسجيلي نادر عرضته شبكة «بي بي سي» قام بترجمته عاشق بورسعيد الذي يعيش في كندا شادي العرباني، الفيلم من ستة أجزاء يكشف عن أسرار ولقطات تذاع لأول مرة: أسباب الصراع المسلح بمنطقة القناة ومعركة البوليس المصري ومقاومته للإنذار الإنجليزي بالإسماعيلية واستشهاد ما يقرب من 700 عسكري وضابط، واندلاع حريق القاهرة في كل ما هو أجنبي وهروب الجاليات الأجنبية، وقيام ثورة 23 يوليو، وأحداث تأميم القناة، واشتعال أيدن رئيس الوزراء البريطاني غضبا من إذاعة صوت العرب.. كل ذلك من وجهة نظر الامبراطورية البريطانية قبل أن تغرب عنها الشمس.. وهناك ثلاثة أفلام وثائقية فرنسية عن المقاومة فى بورسعيد. كما تناولت العديد من الأفلام مدينة بورسعيد منها: بورسعيد الباسلة، إشاعة حب، شاطئ الأسرار، ليلة القبض على فاطمة، المشبوه، السيد أبو العربي.. ومن المعروف أن بورسعيد قدمت للفن محسن سرحان، محمود ياسين، حمدي الوزير، ملك الجمل، سهير رمزي، وحسام الدين مصطفى مخرجا سينمائيا شهيرا ومحمد فاضل وعز الدين ذو الفقار الذي عرض في 8 يوليو عام 1957 ب«سينما ريفولي»، أي بعد جلاء العدوان الثلاثي على مصر في 23 ديسمبر 1956 بأقل من 7 أشهر. وقد صورت مشاهد الفيلم الخارجية في أماكنها الطبيعية في مدينة بورسعيد الباسلة سواء في وقت العدوان أو عقب الانسحاب كما كانت مشاهدة الداخلية في ستوديو مصر، وكان الفيلم «سكوب» أسود وأبيض ومدة عرضه علي الشاشة 130 دقيقة. الفيلم تم بإشراف وربما بتكليف مباشر من رأس الدولة، حيث اجتمع جمال عبدالناصر وعبد الحكيم عامر وأنور السادات بفريد شوقي حيث تم الاتفاق على صناعة الفيلم وكتب السادات بخط يده كلمة ليضمها الكتيب الخاص بالفيلم وكافة مواد الدعاية له: اهتز الضمير العالمي للمؤامرة التي دبرها المعتدون علي مصر. فقد تحالفت قوي الشر ممثلة في بريطانيا وفرنسا وصنيعتهما إسرائيل في الهجوم علي مدينة بورسعيد الباسلة، التي فتح المعتدون لها باعتدائهم الآثم عليها أوسع أبواب التاريخ والخلود. لقد أعمل المعتدون في بورسعيد التخريب والتدمير والحرق والسلب والنهب. لم يضربوا الأهداف العسكرية فحسب، بل ضربوا بقنابلهم ومدافع أساطيلهم مساكن المدنيين الآمنين، وذهبوا في الهمجية إلي أبعد الحدود، فقتلوا النساء والشيوخ والأطفال، وضربوا المساجد والكنائس والمستشفيات. ولكن بورسعيد صمدت لهذا الاعتداء الغادر، وقاومته مقاومة الأبطال. فهي شبابها وشيوخها ونساؤها وأطفالها، هب كل أولئك صفاً واحداً في وجه العدوان، لاحاجة بهم إلى شيء من متاع الدنيا ولا شوق بهم فيها، فجاءوا بدمائهم العزيزة وفاضت أرواحهم الطاهرة، دفاعاً عن وطنهم. وذادوا عن كرامتهم وأعراضهم، حتي ارتد المعتدون على أعقابهم خاسرين. ونزلت بورسعيد من قلوب العالم جميعاً منزلها العزيز الكريم. وهذا الذي ستشاهدونه قد سجل ذلك الاعتداء الوحشي، وتابع المعركة الرهيبة منذ بدايتها، وهو ما كلف المخرجين والقائمين علي الفيلم أغلي التضحيات، فقد كانوا يعملون في ظروف عصبية، استرخصوا فيها أرواحهم، ووضعوا رؤوسهم على أكفهم، وكانوا فدائيين في أداء رسالتهم، حتي جاء هذا الفيلم سجلاً ناطقاً بوحشية المعتدين، وصفحة سوداء تدمغ كل ما يدعون وما يفترون، وشبحاً رهيباً يطاردهم ويلاحقهم في كل زمان ومكان. ولأن البورسعيدية يهتمون بالفن فلديهم عدد من المهرجانات مثل مهرجان بورسعيد السينمائي للأفلام التسجيلية والروائية القصيرة وأفلام التحريك، مهرجان بورسعيد المسرحي لفن المونودراما، مهرجان بورسعيد للسمسمية، كما توجد عدد من المراكز والقصور الثقافية ومراكز الإبداع والمكتبات، أبرزها قصر ثقافة بورسعيد، الجمعية المصرية لتنمية الثقافة الفرنسية (الاليانس فرانسيز)، مكتبة مصر العامة. وتتميز بورسعيد كذلك باحتفالاتها المميزة والفريدة بليلة شم النسيم من كل عام، إذ تخرج المدينة في هذه الليلة من كل عام عن بكرة أبيها للاستمتاع بالكرنفال الفني الكبير الذي تشهده المدينة في هذا اليوم والذي يتضمن عروضا فنية في الشوارع لفرق السمسمية والطنبورة ومعارض التراث البورسعيدي، فضلا عن الطقس الأبرز والمتمثل في عادة حرق «اللمبي» وهو طقس قديم في بورسعيد تشهده احتفالات شم النسيم بالمدينة، ويتمثل في قيام أهالي المدينة بإعداد دُمى تشبه رموز الفساد أو الظلم المرفوضة شعبيا يتم عرضها على منصات في الشوارع طوال اليوم قبل أن يتم إحراقها في نهاية اليوم، وتسمى هذه الدمى «اللمبي» وهو تحريف لاسم اللورد اللنبي الذي كان يشغل منصب المندوب السامي البريطاني على مصر إبان الاحتلال البريطاني وكان مشهورا بقسوته فصنعوا الدمية لحرقها كنوع من الانتقام.