عاجل- مدبولي: قواعد البيانات الدقيقة حجر الأساس لتطوير منظومة الدعم وتحقيق العدالة الاجتماعية    مصلحة الضرائب: حزمة التسهيلات الثانية تستهدف توسيع القاعدة الضريبية    "نيويورك بوست": إدارة ترامب تستدعي 48 سفيرا لإدارة بايدن في الخارج    القاهرة الإخبارية: قوات قسد تستهدف محيط دوار شيحان شمالي حلب    الحكومة الإسرائيلية تصادق على مقترح إغلاق إذاعة الجيش    سينايوكو يفوز بجائزة رجل مباراة مالي وزامبيا    تموين الإسماعيلية يشن حملات مكبرة علي المخابز والمحال التجارية    أحمد السقا وباسم سمرة يحرصان على حضور عزاء الفنانة الراحلة سمية الألفي    آيتن عامر تعتذر عن استكمال "حق ضايع" قبل بدء التصوير    "يتمتع بخصوصية مميزة".. أزهري يكشف فضل شهر رجب(فيديو)    لأول مرة بجامعة عين شمس.. نجاح جراحة زرع جهاز تحفيز العصب العجزي    أجواء حماسية لمتابعة مباريات المنتخب الوطني بكأس أمم أفريقيا في الإسكندرية.. 28 شاشة بمختلف الأحياء.. الشباب والرياضة: تعكس الدور الحيوى لمراكز الشباب كمنابر وطنية.. وإجراءات تنظيمية وأمنية أثناء المباراة.. صور    أحمد الفيشاوي ينفعل على الصحفيين في عزاء والدته.. اعرف التفاصيل    محافظ بني سويف يوجه بتيسير عمل البعثة المصرية الروسية لترميم معبد بطليموس الثاني    بعد مرور 25 عاما.. نيويورك تايمز تكشف عن أفضل 100 فيلم فى القرن ال 21    جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا ضمن أفضل الجامعات العربية في تصنيف 2025    رومانو: الأهلي يعرقل انضمام حمزة عبد الكريم إلى برشلونة    بدون منبهات، 7 وصفات طبيعية لزيادة النشاط والحيوية    وزير الخارجية يؤكد الأهمية المحورية للإعلام الوطني في دعم الأمن القومي المصري وبناء الوعي العام    وزير العمل يصدر قرارًا لتحديد الجهة الإدارية المختصة بتقديم خدمات الوزارة    "هعيش حزين".. أول تعليق من أحمد الفيشاوي بعد وفاة والدته    رمضان عبدالمعز: احذر دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب    يضم 950 قطعة أثرية.... محافظ المنيا يتفقد متحف آثار ملوي    جنايات الإرهاب تقضى بالمؤبد والسجن المشدد ل5 متهمين بخلية التجمع    في مشهد مهيب.. الأزهر ينجح في إخماد فتنة ثأرية بالصعيد    قائد أوغندا قبل مواجهة تونس: لن نكون لقمة سائغة لمنافسينا في أمم إفريقيا    تبدأ 10 يناير، ننشر جداول امتحانات الفصل الدراسي الأول للنقل ببني سويف    انتظام أعمال امتحانات الفصل الدراسي الأول بجامعة قنا    الاثنين 22 ديسمبر 2025.. البورصة تعاود الهبوط    تصعيد إسرائيلي.. قوات الاحتلال تهدم مبنى سكنيا في القدس الشرقية    فرحة وحيدة لمنتخب مصر في الاستضافة العربية لأمم أفريقيا    قصة قصيرة ..بدران والهلباوى ..بقلم ..القاص : على صلاح    مدير تعليم الجيزة يواصل سياسة العمل الميداني بزيارة مفاجئة لإدارتي «العياط والصف»    إطلاق حملة "ستر ودفا وإطعام" بالشرقية    الانتقام المجنون.. حكاية جريمة حضرها الشيطان في شقة «أبو يوسف»    حداد ودموع في طابور الصباح.. مدرسة بمعصرة صاوي تنعى تلميذين لقيا مصرعهما في حادث الطريق الإقليمي    السيطرة على حريق بسوق عرفان فى محرم بك بالإسكندرية دون إصابات.. صور    مصدر من الأهلي يكشف ل في الجول تطورات ملف المحترفين والراحلين.. وموقف توروب    هل طلب بيراميدز ضم ناصر ماهر من الزمالك ..مصدر يوضح    بن زايد وإيلون ماسك يرسمان ملامح مستقبل الذكاء الاصطناعي من أبوظبي    دكتور مصطفى الروبى : مستقبل التكنولوجيا المالية في مصر (FinTech) كيف تستفيد الشركات الناشئة من التحول الرقمي    مدبولي: توجيهات من الرئيس بإسراع الخطى في تنفيذ منظومة التأمين الصحي الشامل    محافظ المنوفية يتفقد مركز خدمة عملاء مركز معلومات شبكات المرافق بقويسنا.. صور    غرف دردشة الألعاب الإلكترونية.. بين التفاعل الرقمي وحماية الأطفال    جامعة قناة السويس تكرّم قياداتها الإدارية بمناسبة التجديد    محافظ سوهاج يعلن إتاحة التصديق القنصلي على المستندات بمكاتب البريد    عاجل- مدبولي: توجيهات رئاسية بالإسراع في تطبيق المرحلة الثانية من التأمين الصحي الشامل وضم أكبر عدد من المحافظات    الحقيقة الكاملة لسحب الجنسية من البلوجر علي حسن    وكيل الأزهر يحذِّر من الفراغ التربوي: إذا لم يُملأ بالقيم ملأته الأفكار المنحرفة    وزير الصناعة والنقل يصل العاصمة العمانية مسقط على رأس وفد رجال أعمال للمشاركة في منتدى الأعمال المصري العماني    روائح رمضان تقترب    وزير الثقافة ورئيس صندوق التنمية الحضرية يوقّعان بروتوكول تعاون لتنظيم فعاليات ثقافية وفنية بحديقة «تلال الفسطاط»    وزير قطاع الأعمال: نحرص على تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص المحلي والأجنبي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 22-12-2025 في محافظة قنا    أسعار السمك اليوم الاثنين 22-12-2025 في محافظة قنا    مواعيد مباريات الإثنين 22 ديسمبر والقنوات الناقلة.. مصر تبدأ مشوارها في أمم أفريقيا    ويتكوف: روسيا لا تزال ملتزمة تماما بتحقيق السلام فى أوكرانيا    أكسيوس: لا توجد مؤشرات حتى الآن على هجوم إيرانى وشيك ضد إسرائيل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"شي" يا أمريكا ..الصين تستنسخ استراتيجيات واشنطون القديمة
نشر في الوفد يوم 28 - 02 - 2021

يتسم التاريخ بوجه عام بوجود دورات متكررة وكأن يدا قد نسخته من حقبة إلى أخرى بعدما أضافت إليه قليلا من الرتوش، ولعل الأمر يبدو أكثر وضوحا من خلال مراحل انهيار وصعود الممالك لذا فقد يكون من المفيد العودة إلى السنوات القليلة التي تلت الحرب العالمية الثانية و التي أسفرت عن تراجع بريطانيا العظمى إلى مقعد الوصيف مع اقتسام الزعامة نسبيا بين الاتحاد السوفيتي و الولايات المتحدة الأمريكية في ظل مناوشات بين القطبين عرفت حينها باسم " حرب الأعصاب " بين موسكو وواشنطون قبل أن يتطور هذا المصطلح إلى "الحرب الباردة " مع مطلع عام 1946 بسب تنامي النفوذ السوفيتي في اليونان و تركيا أضافة الى سيطرة شبه مطلقة للرئيس السوفيتي ستالين على بلدان شرق أوروبا.
و من ثم تحولت السيطرة على أوروبا هدفا رئيسيا لكلا المعسكرين وفي عام 1947 تبنت الولايات المتحدة سياسية " الاحتواء" والتي عبر عنها المحلل السياسي الأمريكي جورج كينان عبر صفحات "فورين أفيرز" ناصحا الرئيس الأمريكي بأتباع سياسة طويلة الأمد والصبر لاحتواء المد الشيوعي في أوروبا وخصوصًا بعد دخول اليونان تحت التأثير الروسي وهو الأمر الذي تبناه الرئيس الأمريكي ترومان من خلال مشروع "مارشال" نسبة الى وزير الخارجية الأمريكي حينها جورج مارشال و الذي طلب فيه من قادة الدول الأوربية وضع تصور لحزم المساعدات الاقتصادية و ترتيب الأولويات طبقا لرؤية حكومات الدول الأوربية , و بالطبع كان مشروع مارشال بمنزلة طوق نجاة لدول القارة العجوز في ظل أقصى شتاء شهدته القارة منذ خمسون عاما و على الرغم من انهاك الاٌقتصاد الأمريكي الذي تحمل فاتورة الحرب العالمية الثانية إلا أن الكونجرس الأمريكي وافق على تقديم مساعدات بقيمة 14 مليار دولار الى سبعة عشر دولة من دول أوروبا الغربية بخلاف حزمة مساعدات عسكرية لتركيا و اليونان بقيمة نصف مليار دولار نجحت في ابقاء أثينا ضمن كتلة أوروبا الغربية والمثير في الأمر أن العرض الأمريكي لم يكن لدول أوروبا الغربية فقط, بل عرضت واشنطن نفس العرض على الاتحاد السوفيتي و دول أوربا الشرقية و لكن ستالين رفض وأعلن عن مشروع "مولوتوف" زاعما قدرة الاقتصاد السوفيتي على أنعاش أوروبا الشرقية قبل أن يحترق مشروع مولوتوف دون أن يسمع عنه أحد .
واستمرت الأمور في طريقها المتوقع بين واشنطون وموسكو الى ان انهار الاتحاد السوفيتي في حقبة جورباتشوف
لتصبح الولايات المتحدة قطبا وحيداً يدير العالم بصورة أو بأخرى في عام 1991 وهي نفس السنة صعدت فيها الصين في ترتيب الناتج المحلي الإجمالي العالمي الى المرتبة 11 قبل أن تقفز الى المرتبة الثانية في 2020 بعد الولايات المتحدة مباشرة، فبعد وفاة الزعيم الصيني ماو تسي تونج سنة 1976، قام خليفته شياو بينج بإصلاحات اقتصادية هائلة في ظل حالة من التعاطف مع الصين المدمرة طيلة سنوات من الاحتلال الياباني كذلك فقد اتخذت بكين خلال فترة التسعينيات سياسة عرفت باسم "hide and wait " أو " أختفي و أنتظر" وهي تشبه كثيراً سياسة الاحتواء التي انتهجتها الولايات المتحدة في بداية حرب الأعصاب مع روسيا ،اذ لجأت بكين الى التعتيم حول كل ما يتعلق بحقيقة قدراتها مكتفيه بسياسات الإصلاح الاقتصادي على المستوى الداخلي مع عدم السعي للدخول في صراعات مع القوى الغربية أو السعي وراء تصدر المشهد في أي من الأحداث الساخنة ولو حتى على مستوى قارة أسيا فلم تظهر بكين تمام في أحداث بحجم حرب فيتنام و أزمة شبه الجزيرة الكورية، حتى أصبحت عضوا ضمن نادي الحلفاء الغربيين الذين لم يجدوا غضاضة في قبول هذا الوافد الأسيوي الجديد ,ولكن سياسة الاختفاء التي أتبعتها الصين أخذت في التلاشي مع مطلع الألفية الجديدة الى أن انتهت تماما مع تولي الرئيس الحالي شي جين بينج الذي أطلق هدفا قوميا جديدا يحمل أسم " بكين عالياً " وللمفارقة فأنه اعتمد في ذلك على مشروع وزير الخارجية الأمريكي جورج مارشال بعدما أضاف اليه نكهة صينية خاصة فأصبحت بكين هي ملاذ الدول التي تقع تحت طائلة العقوبات الدولية و لعل السودان هي المثال الأبرز في ظل خضوعها لعقوبات الأمم المتحدة؛ إذ نجحت الصين في طرد شركة شيفرون عملاق صناعة النفط الأمريكية و السيطرة على النفط السوداني وحتى بعد انفصال جنوب السودان وحصوله على 80% من حقوق النفط في البلاد ,انتقلت الشركات الصينية الى الجنوب وتخلت بكين ولو نسبيا عن دعم الخرطوم خاصة بعد ثورة 2018
و اصبح مصطلح "فخ الأموال الصينية " أو " Chinese money trap" يجوب القارة السمراء متحكما في أكثر من 40% من مواردها الطبيعية بحسب تقديرات اطلقتها مدير مركز الأبحاث السياسية والاقتصادية الأمريكي مايك وايزبورد في عام 2018 وذلك على هامش مؤتمر التعاون الصيني الإفريقي السابع "وكاك" والذي شهد تواجد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس و53 زعيما أفريقيا بالعاصمة بكين.
وعلى الرغم من الموارد الهائلة والفرص الواعدة التي تمثلها إفريقيا للصين إلا ان الرئيس الصيني شي جين لم يكتف بذلك. و مثلما كانت اليونان حجر الزاوية في نجاح واشنطون في وقف التوغل السوفيتي في أوربا نجحت بكين في الدخول و بقوة إلى قلب الاتحاد الأوربي خلال الأزمة الاقتصادية اليونانية و التي قدمت خلالها بكين دعما ماديا هائلا في ظل رعونة أمريكية و أوروبية تجاه أزمة أثينا ,وأصبحت الصين تسيطر تقريبا على الخطوط الملاحية اليونانية و إحياء المسار التجاري لطريق الحرير البرى والبحري ولعبت شركة "كوسكو" الصينية عبر شراء حصة أغلبية في هيئة ميناء " بيريوس " أكبر الموانئ اليوناية، دورا رئيسيا في مبادرة الحزام والطريق باعتباره بوابة رئيسية في منطقة الجنوب الأوروبي.
أما في جمهورية الجبل الأسود فهناك قرابة 5000 عامل وفني صيني يقومون بشق طريق اصطناعي سريع يشكل نصيب الجبل الأسود من مبادرة طريق الحرير باستثمارات تصل الى خمس مليارات دولار وهو رقم ضخما للغاية إذا ما قورن مع حجم النتاج القومي لجمهورية الجبل الأسود.
كما استغلت بكين تعثر المفاوضات الأوروبية- الأمريكية بشأن إبرام اتفاقية التجارة الحرة عبر الأطلسي لتوطيد علاقتها مع اوروبا في حين هددت واشنطن ألمانيا بعرقلة جهود تخفيف القيود المفروضة على صادرات السيارات الأوروبية، وفي مقدمتها السيارات الألمانية، إذا لم توافق ألمانيا على السماح ببيع المزيد من المنتجات الزراعية الأمريكية، وهو ما ادى الى زيادة حجم التبادل التجاري السنوي بين الصين وألمانيا إلى قرابة 230 مليار دولار مقارنة ب 180 مليار دولار في عام 2017 .
وبحسب تقربر أطلقه مكتب الإحصاء الأوروبي "يوروستات" مؤخرا ٫ احتلت الصين المرتبة الأولى بين شركاء أوروبا التجاريين العام الماضي للمرة الأولى، بعدما ظلت الولايات المتحدة تحتل تلك المرتبة منذ الحرب العالمية الثانية كأكبر شريك تجاري للقارة العجوز ، وبحسب أرقام "يوروستات"، وصل حجم التجارة بين الاتحاد الأوروبي والصين العام الماضي إلى 711 مليار دولار في حين تراجعت التجارة الأوروبية مع الولايات المتحدة إلى 673 مليار دولار بسبب الإجراءات التي اتخذتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب، الذي فرض قيودا على الصادرات ورسوما جمركية على بعض المنتجات مثل الصلب والالومنيوم فيما زادت الصادرات الصينية لدول الاتحاد الأوروبي، خصوصًا من الأجهزة والمستلزمات الطبية والصحية. كما أن سرعة تعافي الاقتصاد الصيني من جائحة كورونا، أسهمت في تحسن التبادل التجاري بينهما وهو ما جعل بكين راعيا رئيسيا لمنظمات دولية عديدة بعد أن استغلت بكين انسحاب واشنطن الانسحاب من الاتفاقات الدولية متعددة الاطراف لتحول شعار "أمريكا أولا " الى شعار "شي يا أمريكا ".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.