الشيخ عكرمة صبرى ل«الشروق»: الاحتلال يستهدف «الأقصى» بمحاكمتى.. وسنظل ندافع عن مقدساتنا    "الرئاسة الفلسطينية": قرار مجلس الأمن بشأن غزة تحول كبير ومهم    الدوليون ينتظمون في مران الأهلي    غدا.. القاهرة السينمائى يختتم دورته ال46 ب«صوت هند رجب»    البنك المركزى: تثبيت أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض    سعر الجنيه السوداني مقابل الدولار في بنك الخرطوم المركزي (آخر تحديث)    القبض على صاحب فيديو البلطجة يكشف ملابسات الواقعة في الجيزة    حتى الآن .. عدد الطعون على نتيجة انتخابات مجلس النواب يصل ل250 طعنا    عضو الحزب الجمهورى: إسرائيل لا تعترف بأى قرار ولا تحترم أى قرار دولى    «سمات روايات الأطفال.. مؤتمر مركز بحوث أدب الطفل تناقش آفاق فهم البنية السردية وصور الفقد والبطل والفتاة في أدب اليافع    في اليوم العالمي للطفل، تعلمي طرق دعم ثقة طفلك بنفسه    محافظة الجيزة: غلق كلي بطريق امتداد محور 26 يوليو أمام جامعة النيل غدا الجمعة    محافظ الفيوم يوجه بسرعة رفع مخلفات الطبقة الأسفلتية القديمة بشارع عدلي يكن لتيسير الحركة المرورية    جينارو جاتوزو: منتخب إيطاليا لا يزال هشا    الأهلي يهزم الجزيرة في مؤجلات دوري محترفي اليد    رئيس كوريا الجنوبية: أحب الحضارة المصرية وشعبنا يحبكم    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 20نوفمبر 2025 فى المنيا    الشيخ رمضان عبد المعز: العمل الصالح هو قرين الإيمان وبرهان صدقه    وكالة الطاقة الذرية تدعو إلى مزيد من عمليات التفتيش على المواقع النووية الإيرانية    مستشفى الناس تحتفل بتدشين أول وأكبر مركز مجاني لزراعة الكبد بالشرق الأوسط وتعلن تحولها لمدينة طبية    محافظ القليوبية يُهدي ماكينات خياطة ل 15 متدربة من خريجات دورات المهنة    إيقاف بسمة وهبة وياسمين الخطيب.. الأعلى للإعلام يقرر    الموسيقار عمر خيرت يتعافى ويغادر المستشفى    محافظات المرحلة الثانية من انتخابات النواب وعدد المرشحين بها    ارتفاع أسعار العملات العربية في ختام تعاملات اليوم 20 نوفمبر 2025    شركة مياه القليوبية ترفع درجة الاستعداد للمرحلة الثانية من انتخابات النواب    وزير الرياضة: نمتلك 55 محترفاً في دوري كرة السلة الأمريكي NBA    وزير الصحة يبحث مع سفير المملكة المتحدة تعزيز السياحة العلاجية بمصر    من زيورخ إلى المكسيك.. ملحق مونديال 2026 على الأبواب    الإثنين المقبل.. انطلاق القمة السابعة للاتحاد الأوروبي و الإفريقي في أنجولا    دوري أبطال أفريقيا.. تغيير حكام مباراة الأهلي والجيش الملكي المغربي    النائب محمد إبراهيم موسى: تصنيف الإخوان إرهابية وCAIR خطوة حاسمة لمواجهة التطرف    مجلس الوزراء يُوافق على إصدار لائحة تنظيم التصوير الأجنبي داخل مصر    محافظات المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب وعدد المترشحين بها    حل الأحزاب السياسية في مصر.. نظرة تاريخية    محافظ الأقصر يوجه بتحسين الخدمة بوحدة الغسيل الكلوى بمركزى طب أسرة الدير واصفون    الهلال الأحمر المصري يطلق «زاد العزة» ال77 محمّلة بأكثر من 11 ألف طن مساعدات    أسهم الإسكندرية لتداول الحاويات تواصل الصعود وتقفز 7% بعد صفقة موانئ أبوظبي    حكم صلاة الجنازة والقيام بالدفن فى أوقات الكراهة.. دار الإفتاء توضح    رئيس أزهر سوهاج يتفقد فعاليات التصفيات الأولية لمسابقة القرآن الكريم    إيقاف إبراهيم صلاح 8 مباريات    التضامن: نخطط لتحويل العاصمة الجديدة إلى مدينة صديقة للأطفال    إيمان كريم: المجلس يضع حقوق الطفل ذوي الإعاقة في قلب برامجه وخطط عمله    الغرفة التجارية بالقاهرة تنعى والدة وزير التموين    تأثير الطقس البارد على الصحة النفسية وكيفية التكيف مع الشتاء    الرقابة المالية تصدر ضوابط عمل لجنة حماية المتعاملين وتسوية المنازعات في مجال التأمين    جثة طائرة من السماء.. مصرع شاب عثروا عليه ملقى بشوارع الحلمية    تموين القليوبية: جنح ضد سوبر ماركت ومخالفي الأسعار    السبت المقبل.. «التضامن» تعلن أسعار برامج حج الجمعيات الأهلية    جنايات سوهاج تقضى بإعدام قاتل شقيقه بمركز البلينا بسبب خلافات بينهما    وزارة «التضامن» تقر قيد جمعيتين في محافظة الغربية    مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبى: سنفرض عقوبات على عدد من الجهات السودانية    طقس الإسكندرية اليوم: ارتفاع تدريجي فى درجات الحرارة.. والعظمى 27 درجة مئوية    مواجهات قوية في دوري المحترفين المصري اليوم الخميس    د. شريف حلمى رئيس هيئة المحطات النووية فى حوار ل«روزاليوسف»: الضبعة توفر 7 مليارات متر مكعب من الغاز سنويًا والمحطة تنتقل إلى أهم مرحلة فى تاريخها    سيد إسماعيل ضيف الله: «شغف» تعيد قراءة العلاقة بين الشرق والغرب    أدعية الرزق وأفضل الطرق لطلب البركة والتوفيق من الله    عصام صاصا عن طليقته: مشوفتش منها غير كل خير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حسين العودات يكتب:تعثر ثورات الربيع العربي
نشر في الوفد يوم 15 - 12 - 2012

افترض جميع المراقبين أن الأنظمة السياسية العربية في البلدان التي تحقق فيها ما سمي بالربيع العربي، سوف تشهد الاستقرار والأمن والأمان، ورسوخ معايير الدولة الحديثة وأسسها، وبالتالي من المفترض أن تشهد تطوراً طبيعياً وعادياً عرفته الشعوب والمجتمعات الديمقراطية قبل ذلك.
ومارسته الأنظمة السياسية الديمقراطية في العالم دون أية إشكالات أو مفاجآت، لأن طريق هذا التطور أصبحت سالكة وواضحة ومعروفة للجميع، واغتنت تجارب الشعوب والمجتمعات بثقافة السير فيها من خلال تاريخها الطويل، وما على المجتمعات التي تبنتها حديثاً سوى الاستفادة من تجارب هذه الشعوب وتطبيقاتها، ما دامت الأسس النظرية والفلسفية والسياسية لمثل هذه الأنظمة معروفة للجميع، وعلى رأسها تطبيق معايير الحرية والديمقراطية والمساواة وتكافؤ الفرص وفصل السلطات، فلا مجال إذن للاختلاف أو الانحراف أو البعد عن الطريق السوي.
ونلاحظ أن الأنظمة العربية التي شهدت هذا الربيع ما زالت تسير متعثرة، خطوة للأمام وأخرى للوراء إن لم تكن خطوتان للوراء. ولم تحدد نهائياً طريق سيرها، سواء كانت تلك التي تتناسب مع خصائصها ومميزاتها وقيمها وثقافتها، أم الأخرى التي تُفضل نقل تجارب الشعوب الأخرى دون تغيير جدي لها أو مواءمتها مع الثقافة الوطنية. وفي الخلاصة بقي التطور في بلدان الربيع العربي متردداً ومتعثراً وبطيئاً، وغالباً ما ينوء تحت عبء تقاليد الأنظمة الشمولية المنهارة، أو رغبات الفئات السياسية والاجتماعية والاقتصادية الجديدة التي تولت السلطة، ولم تستقر هذه الأنظمة على سياسة واضحة حاسمة كما هو حال تونس وليبيا ومصر واليمن وغيرها.
إن التشوهات الاجتماعية والقيمية، وحتى الأخلاقية التي خلقتها الأنظمة الشمولية خلال عدة عقود، ما زالت تشكل الأرضية الحقيقية لكل تطور، وتؤثر بشكل كبير في الخطوات المقبلة خلال بناء الأنظمة السياسية الجديدة في هذه البلدان. فما زالت بناء على ذلك أخلاقيات الأنظمة الشمولية تسيطر على الناس ومفاهيمها وسلوكها وتزيد قلقها واضطرابها، ولذلك نجد التكتم والمخاتلة والرياء والمراوغة والألاعيب، هي المفاهيم التي تتعامل التيارات السياسية الجديدة بها بعضها مع البعض الآخر.
وعليه فإن الديمقراطية واحترام الرأي الآخر وقيم الدولة الحديثة ومعاييرها والشفافية والصراحة، ما زالت قضايا لم تدخل ثقافة التيارات السياسية الجديدة، كما كانت قيم المجتمعات أيام الدولة الشمولية، وخاصة القيم السياسية، وما زال كل منها يتجاهل أو يتناسى الأولويات والأساسيات التي يجب أن تكون مشتركة بين الجميع، وينكفئ على آرائه الخاصة ومصالحه (ويشد الغطاء إليه) حتى لو خالف الجميع، مما يؤدي إلى خلافات ظاهرها شيء وباطنها شيء آخر، ولكنها جميعاً تضعف قبول الشركاء الجدد للمشتركات والأساسيات والقيم السياسية والاجتماعية العليا، وتتجه الأنظار إلى المصالح الحزبية أو الفئوية أو ما يشبهها.
ولعل العيش عدة عقود في ظلال الشمولية وقيمها وأخلاقها، قد كوّن فكراً وتقاليد ومفاهيم لدى أفراد المجتمع، أبقت ثقافتهم كما كان الأمر عليه أيام الحكم الشمولي، فلم تستوعب بعد المعطيات الجديدة والنتائج الجديدة لهذه الثورات، حتى أن البعض (وخاصة أعداء الربيع العربي) أخذوا يرفعون أصواتهم زاعمين فشل ثورات الربيع نفسها.
ويحاولون تزيين الأنظمة الشمولية إلى حد ما، وتضخيم الأخطاء، والزعم بأنها نوع من أنواع الفوضى، ويتجاهلون أن الثقافة الجديدة تحتاج إلى ممارسات جديدة وتراكم تجارب، وزمن وخطأ وصواب، حتى تتخلص التيارات السياسية والاجتماعية من قيم الأنظمة الشمولية وتقاليدها، ثم تستقيم الأنظمة الديمقراطية وتحترم معايير الدولة الحديثة.
إن تضخيم الأخطاء وتعثر بعض الخطوات التي نشهدها أحياناً، والتي يحاول البعض اعتبارها ممارسات كارثية، هي في الواقع تعبير عن نظرة سطحية للأمور واستعجال لا مبرر له، ونكوص عن العودة إلى الدراسة العميقة للمرحلة التاريخية التي نمر بها، وللظروف التي مررنا بها قبل ثورات الربيع. ومهما كانت نوايا المنتقدين حسنة، فإنها لا تعفيهم من دراسة الأسباب المتمثلة بالتشويهات التي أوجدتها الأنظمة الشمولية، والتي ما زالت قائمة في مجتمعاتنا، ولا يمكن لها أن تنتهي من نفوسنا وثقافتنا وتقاليدنا ووعينا وقيمنا خلال عدة أشهر، وهذا من طبيعة الأمور.
ليس من العدل إلقاء اللوم كله، نتيجة تعثر ثورات الربيع، على الأنظمة الشمولية وما تركته في وعي الناس وسلوكهم ومجتمعاتهم من تشوهات. لكن من المؤكد أن منعها طوال عشرات السنين، العمل السياسي وتشكيل الأحزاب وتأسيس منظمات المجتمع المدني وممارسة حرية التعبير والحوار.
والسماح للشعوب باختيار ممثليها، وعدم فصل السلطات وغيرها، كل هذا الذي مارسته الأنظمة الشمولية أبقى التيارات السياسية للمعارضة سابقاً والتي استلمت السلطة حالياً، ضعيفة قليلة الخبرة، وأبقت المجتمعات مشوهة تصعب عليها العودة إلى طريق التطور الطبيعي وتغيير الثقافة والقيم بسرعة، مما يؤدي في النهاية إلى تعثر شامل في مسيرة تقدم الشعوب، رغم ثورات الربيع. وهذا ما نشهده حالياً، وما نحتاج إلى وقت لاستدراكه.
يقول البعض إن نجاح هذه الثورات بجميع الجوانب، وخاصة في بناء أنظمة سياسية جديدة، يحتاج إلى سنوات طوال، ويستشهدون بالثورة الفرنسية التي احتاجت لخمسين سنة، والثورة البلشفية التي احتاجت عشرين عاماً حتى استقرتا. لكن معايير عصرنا، والمنجزات العلمية، وتطور وسائل الاتصال بل وتفجره.
وسهولة اطلاع الشعوب على تجارب بعضها البعض، والتأثر الفوري بنجاحات الآخرين، كل هذا يؤكد أن هذه الثورات لن تحتاج لسنوات طوال حتى تستقر أنظمتها السياسية والاجتماعية، وربما يكفيها عدد قليل منها لا يتجاوز السنوات الخمس، وتكون بعدها لفظت نهائياً قيم الأنظمة الشمولية وتشويهاتها وممارساتها وأخطاءها وآثامها.
نقلا عن صحيفة البيان الاماراتية ش


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.