رغم أنه عرف بعبقريته الجغرافية ، إلا أن جمال حمدان ،الذي تحل اليوم ذكرى وفاته ،تميز بفكره الاستراتيجي، حيث لم تكن الجغرافيا لديه الا رؤية استراتيجية متكاملة للمقومات الكلية لكل تكوين جغرافي وبشرى وحضاري ورؤية للتكوينات وعوامل قوتها وضعفها. وكان لعبقريته أثر في التنبؤ بالعديد من الأحداث السياسية التي نالت بلدانا عدة، بل وكشفه للكثير من الأكاذيب التي كانت حقيقة مسلما بها ، فإذا بمنطقه وأدلته تحيلها لمحض كذب. ونحن هنا نسوق بعضا من تلك الأحداث التي تجلت بها عبقريته: * أول من تنبأ بتفكيك الاتحاد السوفيتى استطاع حمدان توظيف أبحاثه ودراساته من أجل خدمة قضايا الأمة، حيث خاض من خلال رؤية استراتيجية واضحة المعالم معركة شرسة لتفنيد الأسس الواهية التي قام عليها المشروع الصهيوني في فلسطين. فقد أدرك بنظره الثاقب كيف أن تفكك الكتلة الشرقية واقع لا محالة، وكان ذلك عام 1388ه 1968، فإذا الذي تنبأ به يتحقق بعد إحدى وعشرين سنة، عام 1409ه 1989، حيث حدث الزلزال الذي هز أركان أوروبا الشرقية، وانتهى الأمر بانهيار أحجار الكتلة الشرقية، وتباعد دولها الأوروبية عن الاتحاد السوفيتي، ثم تفكك وانهيار الاتحاد السوفيتي نفسه عام 1991م (إستراتيجية الاستعمار والتحرر). * جمال حمدان فاضح اليهود استطاع حمدان أن يفضح أكذوبة أن اليهود الحاليين هم أحفاد بني إسرائيل الذين خرجوا من فلسطين خلال حقب ما قبل الميلاد، وأثبت عبر كتابه "اليهود أنثروبولوجيا" الصادر في عام 1967، بالأدلة العملية أن اليهود المعاصرين الذين يدعون أنهم ينتمون إلى فلسطين ليسوا هم أحفاد اليهود الذين خرجوا من فلسطين قبل الميلاد، وإنما ينتمي هؤلاء إلى إمبراطورية "الخزر التترية" التي قامت بين "بحر قزوين" و"البحر الأسود"، واعتنقت اليهودية في القرن الثامن الميلادي، وهو ما أكده بعد ذلك بعشر سنوات "آرثر كوستلر" مؤلف كتاب القبيلة الثالثة عشرة الذي صدر عام 1976. * كتاباته: ترك جمال حمدان 29 كتابا و79 بحثا ومقالة، يأتي في مقدمتها كتاب "شخصية مصر.. دراسة في عبقرية المكان"، وكان قد أصدر الصياغة الأولى له سنة 1387ه 1967م في نحو 300 صفحة من القطع الصغير، ثم تفرغ لإنجاز صياغته النهائية لمدة عشر سنوات، حتى صدر مكتملا في أربعة مجلدات خلال السنوات بين 1401ه 1981م: 1404ه 1984م. الجوائز حصل جمال حمدان على جائزة الدولة التشجيعية في العلوم الاجتماعية، جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية سنة 1986م، وجائزة التقدم العلمي من الكويت 1992م، 1959، وكذلك حصل على وسام العلوم من الطبقة الأولى عن كتابه "شخصية مصر" عام 1411ه 1988، ورحل فى عام 1993. يذكر أن جمال حمدان، ولد في 4 فبراير 1928م ، وتوفي في 17 أبريل 1993.