على خطى أجدادهم الفراعنة يحتفل المصريون فى التاسع من شهر سبتمبر من كل عام بعيد الفلاح الذى يتواكب مع إعلان قانون الإصلاح الزراعي فى التاسع من شهر سبتمبرعام 1952 وتحويل الأجراء إلى ملاك. - وللفلاح المصرى تاريخ ضارب فى القدم وتاريخ طويل مع فنون الزراعة والحرث كما أن له تاريخًا طويلاً أيضا مع المعاناة يعود لعهود الفراعنة فكما كان الفلاح فى العصر الفرعونى يتمتع برشاقة وخفة حركة، وفيا لأرضه رغم مشقته, كان يغنى فى الحقل ويشارك فى مناسبة شم النسيم, وفى وفاء النيل.. فقد «عاش الفلاح المصرى معيشة ضنكاً. فأما من كان منهم مزارعاً حراً فلم يكن يخضع إلا للوسيط والجابى». وأنظر كيف رسم نص أدبى تاريخى معاناة فلاحى مصر الفرعونية: «هلا استعدْت فى خيالك صورة الزارع حين ُيؤخذ منه عُشر حَبّه؟ لقد أتلفَتْ الديدان نصف القمح، وأكَلَتْ أفراس البحر ما بقى له منه، وهاجمتها فى الحقول جماعات كبيرة من الجرذان، ونزلَت بها الصراصير، والماشية النهمة، والطيور الصغيرة تختلس منها الشيء الكثير، وإذا غفل الفلاح لحظة عما بقى له فى الأرض، تعدى عليه اللصوص. يضاف إلى هذا أن السيور التى تربط الحديد والمعزقة فقد بليت، وأن الثورين قد ماتا من جرّ المحراث. وفى هذه اللحظة يخرج الجابى من القارب عند المرسى ليطلب العشور، ثم يأتى حُرّاس أبواب مخازن «الملك» بعصيّهم، والزنوج بجريد النخل، يصيحون: تعالوا الآن، تعالوا! فإذا لم يأتهم أحد طرحوا الزارع أرضاً، وربطوه، وجرّوه إلى القناة وألقوه فيها مبتدئين برأسه، وزوجته مربوطة معه، ثم يسلك أطفاله فى السلاسل، ويفرّ جيرانه من حوله لينقذوا حبوبهم». نجح الفلاح المصرى القديم فى تسخير وتدريب الحيوانات على مساعدته فى أعمال الزراعة المختلفة. فكما كانت الخنازير تدوس الحب بأرجلها، كذلك دربت القرود على قطف الثمار من الأشجار. كانت تلك بعض ملامح حياة الفلاح المصرى عبر العصور القديمة وهى الحياة التى وصفها المؤرخ الشهير هيرودوت كما وجدهم حوالى عام 450 ق. م. وصفاً تسوده روح التفاؤل فيقول: «إنهم يجنون ثمار الأرض بجهد أقل مما يبذله غيرهم من الشعوب.. لأنهم لا يضطرون إلى تحطيم أخاديد الأرض بالمحراث أو إلى عزقها أو القيام بعمل كالذى يضطر غيرهم من الناس إلى القيام به لكى يجنوا من ورائه محصولاً من الحَبّ، ذلك بأن النهر إذا فاض من نفسه وروى حقولهم، ثم انحسر ماؤه عنها بعد ريها، زرع كل رجل أرضه وأطلق عليها خنازيره، فإذا ما دفنت هذه الخنازير الحَبّ فى الأرض بأرجلها انتظر حتى يحين موعد الحصاد، ثم.. جمع المحصول».