قالت دراسة مصرية حديثة إن الفلاح المصرى يعيش معيشة ضنكاً فأما من كان منهم مزارعاً حراً فلم يكن يخضع إلا للوسيط والجابى وانه كان معرضاً فى كل وقت الى أن يسخر فى العمل لخدمة الملك، وتطهير قنوات الرى وانشاء الطرق وحرث الأراضى الملكية، وجر الحجارة الضخمة لإقامة المسلات وتشييد الأهرام والهياكل والقصور، وأن معاناة الفلاح المصرى القديم كانت لافتة لجموع الحكماء والكتاب فى مصر الفرعونية حيث رصدها أحدهم فى نص أدبى تاريخى جاء فيه: «هلا استعدت فى خيالك صورة الزارع حين يجبى منه عُشر حبه؟ لقد اتلفت الديدان نصف القمح، وأكلت أفراس البحر ما بقى له منه، وهاجمتها فى الحقول جماعات كبيرة من الجرذان، ونزلت بها الصراصير والماشية النهمة،والطيور الصغيرة تختلس منها الشىء الكثير وإذا غفل الفلاح لحظة عما بقى له فى الأرض، تعدى عليه اللصوص، يضاف الى هذا أن السيور التى تربط الحديد والمعزقة فقد بليت،وأن الثورين قد ماتا من جر المحراث وفى هذه اللحظة يخرج الجابى من القارب عند المرسى ليطلب العشور، ثم يأتى حراس أبواب مخازن «الملك» بعصيهم، والزنوج بجريد النخل، يصيحون: تعالوا الآن، تعالوا! فإذا لم يأتهم احد طرحوا الزارع أرضاً وربطوه،وجروه الى القناة وألقوه فيها مبتدئين برأسه، وزوجته مربوطة معه،ثم يسلك أطفاله فى السلاسل ويفر جيرانه من حوله لينقذوا حبوبهم». وقالت الدراسة الصادرة عن مركز الأقصر للدراسات والتنمية إنه على الرغم من ذلك التاريخ من «الضنك والسخرة والظلم» فإن ذلك لم يمنع الفلاح المصرى من أن يكون رائداً للزراعة فى العالم وقائداً لتقدم وطنه ومسيرة حضارته، حيث يؤكد علماء المصريات أن الحضارة المصرية القديمة قامت وازدهرت على الزراعة، وأنه عبر التاريخ القديم والحديث ظلت الزاعة تفرض نفسها على مصر تؤثر على اقتصادها وحضارتها واسلوب الحياة فيها. وأنه كما أسهمت الزراعة والفلاح فى صنع الحضارة المصرية فقد أسهمت الزراعة والفلاح فى صنع التاريخ ذلك التاريخ التقدمى الذى صاحب تطور البشرية منذ فجر نشأتها، اقترن بالمدنية ليتفاعل معها ويؤثر فيها، والزراعة كانت ومازالت أساس الحضارات منها تكونت وبها دعمت إنها تراث وتقاليد ومهنة وحياة تسلمتها الأجيال المتعاقبة عبر التاريخ وسجلها قدماء المصريين برسوم تاريخية على مقابرهم ومعابدهم لتسجيل أعظم حضارة عرفها التاريخ. يذكر أن قدماء المصريين قد اهتموا بالأعياد التى كانت مناسبة لديهم لاقامة أفراح عظيمة تغنى فيها أناشيد جماعية تنشدها السيدات النبيلات المشتركات فى المواكب مع أصوات القيثارات وأغانى الغرام والأناشيد المصاحبة لحركات الرقص، وكانت أعياد الفراعنة ترتبط بالظواهر الفلكية وعلاقتها بالطبيعة ومظاهر الحياة ولذلك احتفلوا بعيد الربيع الذى حددوا ميعاده بالانقلاب الربيعى، وهو اليوم الذى يتساوى فيه الليل والنهار وقت حلول الشمس فى برج الحمل، وقد احتوت السنة المصرية القديمة على العديد من الأعياد التى ارتبطت بالتقويم مثل رأس السنة وأعياد كل شهرين وبدايات الفصول، واعياد البذور والحصاد التى كانت بمثابة أعياد للفلاح المصرى القديم.