إذا ساقتك الظروف وتوجهت إلى قرية «الحنجيرى» التابعة للوحدة المحلية بالمحمودية بمركز دكرنسبالدقهلية وسألت عن الشاب محمد مجاهد أحمد أبوالنور البالغ من العمر 18 عاماً، فلن تجد مشقة فى الوصول إليه، فكل بيت فى القرية يعرفه تماماً، ستجد من يتطوع ليصف لك الشاب من فرط سمعته الطيبة فيقول لك أحدهم بأنه «شهم» والآخر سيقول لك بأنه «ملاك» يمشى على الأرض والثالث سيتمنى لو طلبت منه توصيلك إلى منزله بسبب سيرته الطيبة المعروفة فى كافة أرجاء القرية. محمد دخل كافة بيوت القرية، يعمل باليومية فى مهن مختلفة يرضى بما قسمه الله له، ترك التعليم فى مرحلة مبكرة بسبب ظروف والده الصعبة حيث يعمل الأب حارسا على «دورات مياه» باليومية، ولا ينسى الأب يوما حينما طلب منه محمد ترك التعليم حتى يساعده على تربية شقيقيه أحدهما 14 عاماً والآخر 6 سنوات، كان اختباراً صعباً أمام الأب أن يوافق على طلب ابنه الذى سيُحرم من التعليم حتى يساعده على نفقات ومتطلبات الحياة، لكن وجد الأب مضطراً إلى قبول طلب ابنه بسبب ظروفه القاسية، ومنذ ذلك اليوم ومحمد فى صراع قاس مع الظروف حتى يثبت لوالده أنه أهل للمسئولية، وعمل فى مهن مختلفة المهم فى نهاية اليوم يستطيع توفير مبلغ ولو زهيداً من المال يقدمه لوالده، من الممكن أن يقوم بإصلاح أى شىء معطل فى المنازل، ولا مانع أن يشترى للبعض احتياجات يومية من السوق، يرضى بقليله ولا يجادل أحداً فى الأجرة التى يحصل عليها، وإذا حصل على أجرة أعلى من العمل الذى قام به يعيد الأجرة لصاحبها مرة أخرى ولا يقبل أكثر من حقه، يقول أهل القرية عن محمد إنه إذا تعدى عليه أحد بالقول أو الفعل يقابل هذا الاعتداء ب«ابتسامة» هذا أقصى ما لديه. فى أحد الأيام طلبت الأم من ابنيها محمد وإبراهيم إحضار كمية من القش لوضعها أعلى سطح المنزل استعداداً لفصل الشتاء لحماية المنزل خاصة أن البيت حوائط بدون سقف خرسانى، أحضر الشقيقان كمية القش وتوجها بها إلى سطح المنزل وقاما بفرش القش على السطح تنفيذاً لطلب والدتهما وفور مشاهدة جارهما ويدعى «محمد. م» 42 سنة، سائق، للشقيقين يحملان القش توجه لهما وطلب منهما إزالة القش مرة أخرى من السطح بحجة أنه يجمع الفئران، سمعت الأم ماجدة منصور مرزوق صوت مشاجرة بينها وبين جارهم «الشرير» فتوجهت خوفا على ابنيها منه، وتدخلت لمحاولة فض المشاجرة، وتقول الأم إن ولديها لم يستفزا جارهما حتى إن محمداً قال للمتهم: «إيه اللى مزعلك يا عم محمد؟»، لكن الجار أصر على افتعال مشكلة وأحضر «سنجة» وطعن ابنها الأصغر عدة طعنات ثم توجه لمحاولة طعنها إلا أن ابنها الأكبر محمد افتداها ووقف أمامه فتلقى بدلاً من أمه الطعنات فى قلبه فلفظ أنفاسه على الفور، تلقى اللواء فاضل عمار، مدير أمن الدقهلية، إخطاراً من مأمور مركز شرطة دكرنس العقيد عمرو العدل بالحادث، انتقل رئيس مباحث دكرنس الرائد حسام عبدالمنعم إلى مكان الواقعة، وتبين وفاة محمد مجاهد أحمد أبوالنور، 18 سنة، وإصابة شقيقه إبراهيم، بالصف الثانى الإعدادى، وتم تشكيل فريق بحث والقبض على المتهم. ولا تزال الأم المكلومة لا تصدق أن ابنها محمد مات أمام عينيها، أرتمى فى أحضانها بعد أن تلقى الطعنة فى قلبه ولم يقم بعد أن سقط على الأرض، الأم تناديه «قوم يا محمد» لا يزال لديها أمل أن يرد عليها لكنه لم يرد، نظر لأمه نظرة الوداع الأخيرة وغادر الحياة بكل ما فيها من قسوة وألم بلا عودة. مات محمد بطعنة غادرة من رجل بلا قلب وترك قلب أمه ينزف.. ترك عقلها تائهاً غير مصدق ما حدث.. تجوب أركان المنزل تنادى «يا محمد» ولكن لا تجد من يجيبها.. مات محمد البرىء الشهم وحزنت عليه القرية بأكملها والكل يقول إن محمد كان «ابن موت» فكان يأتى بتصرفات أكبر من عمره الحقيقى، ذهب محمد ليترك دمعة وحزن لا ينتهى.