أكتب هذه المقالة وعيني وقلبي على مصر العزيزة وما قد يحدث فيها من تغيرات سياسية جوهرية لا يعرف عواقبها إلا الله عز وجل. أكتب هذه المقالة وقلبي وعقلي معلقان بما يحدث في سوريا الحبيبة ولا ناصر لشعبها من العرب والمسلمين سوى بيانات وتصريحات لا تنقذ إنسانا ولا تعينه على مواجهة من أراد به سوءا. أكتب قبل أن يجتمع ملوك وأمراء ورؤساء العالم الإسلامي في مكةالمكرمة بموجب دعوة الملك عبدالله آل سعود. أتوقع أن يصدر بيانا ختاميا يطالب بانتقال السلطة سلميا، وإرسال أدوية ومعونات إنسانية للاجئين السوريين. ألا يبعث ذلك على الاكتئاب ؟! (2) نحن العرب حاربنا الشيوعية باسم الإسلام في آسيا وهزمناهم في أفغانستان بالمال والرجال والسلاح الأمريكي، وأفشلنا خططهم الشيوعيين في إيطاليا وبولندا والكاريبي وإفريقيا أيضا، حاربنا القومية العربية بالمال والسلاح في كل أرجاء الوطن العربي باسم الإسلام. حاربنا الوحدة العربية بين مصر وسوريا والوحدة الثلاثية بين مصر وسوريا والعراق باسم الإسلام وأسقطنا الاتحاد الهاشمي بين العراق والأردن رغم هاشميته. اليوم نحارب الإسلام بكل مدارسه الفكرية بالمال العربي الإسلامي وبالسلاح والتوجيه الأمريكي تحت ذريعة محاربة الإرهاب دون أن نتفق على تحديد مفهوم لمصطلح الإرهاب. سؤالنا أليست الصهيونية فكرا وسلوكا وتنظيما لحركة إرهابية توسعية يجب محاربتها على كل الأصعدة فلماذا لا تحارب ؟ أليس اليمين المتطرف المتصاعد في أمريكا وأوروبا تنظيمات إرهابية يجب مواجهتها والحد من نفوذها كي لا تحرق العالم بحروب في كل اتجاه؟ أليست الرأسمالية نظام إرهاب اقتصادي تنهب أموال الشعوب بطرائق متعددة منها أسعار الفائدة والرهن العقاري والتلاعب بأسعار العملات والأسهم وغير ذلك ألا يبعث ذلك على الاكتئاب عند الإنسان العربي لأنه تضرر أكثر من غيره؟! (3) سوريا الحبيبة تسبح في بحر من دماء أبنائها يقتلون تارة باسم الوحدة الوطنية والممانعة والمقاومة فلا مانعوا ولا قاوموا عدوا إلا مقاومة طالبي الكرامة والحرية والعتق من الاستبداد والاستعباد، وآخرون يقاتلون باسم الإسلام وفي كلتا الحالتين القاتل والمقتول من المسلمين. ألا يبعث ذلك على الاكتئاب والانعزال؟! هل رأيتم يا عرب حاكما غربيا كان أو إفريقيا أو آسيويا يدمر مدن بلاده ومؤسساتها ويقتل الشعب دون تمييز من أجل أن يحكم كما يفعل اليوم البغاة الظالمين حكام دمشق بأهل الشام وكل ذلك من أجل حماية الوطن، وأي حماية يقصدون؟! (4) مصر العزيزة حدث فيها ثورة شعبية وفرح الشعب بإنجازه العظيم في إسقاط نظام الفساد والاستبداد، ولكن اختل التوازن وراح الكل يشكك في الكل وكأن مصر ليس فيها رجال يقدرون على انتشالها من براثن الفساد والاستبداد والتبعية وأصبحت مصر في حالة "هوجة" كما يقول أهل مصر، والأشد مرارة ولم تكن مسبوقة في تاريخ مصر أن يتطاول البعض على رئيس الجمهورية بالتسفيه والتحقير وبكل البذاءة وحتى زوجته الطاهرة لم تسلم من أحقادهم وفي كل وسائل الإعلام المختلفة إلى حد ظهور شخص على إحدى الشاشات التلفزيونية المصرية وباسم الحرية والديمقراطية يقول متحدياً الرئيس محمد مرسي "إذا كان عندك قوة أنا أيضاً عندي قوة سأجيبك الأرض" وكلام آخر أستحي من ذكره ألا يبعث ذلك على الاكتئاب!؟ (5) الأخضر الإبراهيمي وزير خارجية الجزائر الأسبق وأول سفير للثورة الجزائرية في مصر ضاعف الاكتئاب عند المواطن العربي بقبوله أن يكون مندوب الجامعة العربية والأمم المتحدة في الشأن السوري الدامي، كانت صفحة تاريخه السياسي مشرفة إلى أن لطخ تلك الصفحة بالسواد عندما كان وسيطا أمميا في العراق بعد الاحتلال الأمريكي 2003 وجاء بفكرة مجلس الحكم ومزق وحدة العراق بزرعه بذور الطائفية وتأصيلها في الحياة السياسية العراقية واليوم يكلف بالملف السوري فما عساه أن يقدم لأعداء هذه الأمة من خدمات في مجال التفتيت والتجزئة للقطر السوري الشقيق. إني أعرف الأستاذ الأخضر وأحترمه وأعرف سعة اطلاعه وعظيم ثقافته لكني صدمت واكتأبت عندما سمعت ذلك النبأ المشؤوم. إنني أناشد ذلك العملاق الجزائري الأخضر الإبراهيمي رفض التكليف بهذه المهمة، إنه وحل متسخ يا سيدي الأخضر. إنك تطرق أبواب العقد الثامن من العمر وعليك أن تكتب مذكراتك لتستفيد منها الأجيال القادمة. إن الله وسع عليك في رزقك ولست في حاجة إلى وظيفة في هذا العمر ولا تنقصك النجومية فقد حصدتها. إذا أصررت على القبول بالمنصب فاني أدعوك قبل ممارسة المهام أن تشترط شرطين لا ثالث لهما وقف إطلاق النار في سوريا والإعداد لانتقال السلطة سلميا إلى الشعب الثائر من أجل الكرامة والحرية وأن يُجمع مجلس الأمن على ذلك. إنني لا أريد لك أيها العزيز أن تفشل ولا أريدك أن تكون شريكا في تفتيت وحدة القطر السوري الشقيق. فهل تستبين النصح قبل ضحى الغد؟ أرجو ذلك نقلا عن صحيفة الشرق القطرية