عندما نبحث في ذاكرة السينما المصرية، سنجد الكثير من الشخصيات التي تمتعت بالموهبة الفنية الفازة خاصة في أدوار الشر، الأمر الذي ترك صورة سيئة لدي أذهان الجمهور فالجميع أصبح يري كل مجسدي الشر شخص سئ وغير آدامي، والحقيقة أن السينما عالم افتراضي ليس له علاقة بالواقع فأمام الكاميرات اشرار ومن خلفه الأصل طيب!. "الوفد" يرصد لكم فنانيين يتمتعون بحس الشر وقلوب طيبة. "محمود المليجي" "الشرير الطيب"، فمن كان يعرف محمود الميلجى جيدًا لم يكن يتحدث سوى عن أدبه وأخلاقه وطيبته، ولم يكن يتوقع أحد أن هذا الشخص الطيب الذي يجلس أمامه هو أحد أهم أشرار السينما المصرية، وهو قطب من قطبى الخير والشر الذي جسده هو والفنان فريد شوفى، الذي قدم معه أفلاما كثيرة، كان يقوم فيها بدور الشرير وكان يقوم فريد شوقى بدور رجل الخير. وعلى الرغم من تقديم المليجى لأدوار أخرى ظهر فيها كرجل طيب، وبرع في الخروج من عباءة الشر التي كان يرتديها، أبرزها دوره فيلم "الأرض"، إلا أنه يشتهر في السينما المصرية بدور الرجل الشرير، وأحد رواد مدرسة الشر الأولى في السينما. "زكي رستم" هو الفنان الذي قدم مدرسة أخرى في الشر، واختلفت مدرسته عن مدرسة المليجى، فكان الأخير يبرز دائمًا في أدوار الشر الجنائية، المتعلقة بالمعارك و"الخناقات"، وكان يصاحبها ظهوره بدور معلم أو رئيس عصابة، أما زكى رستم فكانت مدرسته معتمدة على أدوار الشر الاجتماعية، فهو الأب المتسلط الذي يسعى للسيطرة على أبنائه، أو هو الرجل الارستقراطى الذي يسعى لحرمان بنته من أن تتزوج من حبيبها الفقير، وغيره من الشر الاجتماعى الذي برع فيه الفنان القدير، وكان أول من قدمه على شاشة السينما. "ستيفان روستي وتوفيق الدقن" هم أهم ما أنجبت السينما المصرية فكل منهم تمكن من تقديم الشر في قالب كوميدى اجتماعى، وإذا تحدثنا عن ستيفان روستى، سنجد أنه ممثل كوميدى في المقام الأول، وبالتالى كان من الطبيعى أن يقدم الشر بطريقة مختلفة، فكانت أدواره الشريرة مليئة بالإفيهات الكوميدية، حتى في أصعب المشاهد وأكثرها دراما، كان روستى يجد لنفسه مكانًا في إخراج كلمة أو فعل كوميدى ليطيح بكل من معه في المشهد ويظهر على الشاشة منفردًا، وبالرغم من تميزه في تقديم أدوار الشر الكوميدية، إلا أنه أيضًا قدم أدوار شر جادة، ولكن الكوميدية علقت في أذهان الجمهور أكثر. ومثله الفنان توفيق الدقن، الذي قدم الشر في قالب كوميدى، حتى أن الكثيرين ما زالوا يحفظون إفيهاته ويرددونها حتى الآن، مثل "يا آه يا آه"، "أحلى من الشرف مفيش"، وغيرها من الجمل التي عاشت معنا كثيرًا بفضل تألق هذا الفنان في تقديم نوعية مختلفة من أدوار الشر، وكانت أفضل أفلام الفنان الراحل تلك التي ارتبط اسمها فيها بالفنانين إسماعيل ياسين، أحمد رمزى، وعبد المنعم إبراهيم، حيث قدم معهما عددًا من الأفلام تعتبر الأبرز في مشواره الفنى، كما قدم أفضل أدوار شر جادة هو الآخر، خاصة مع تقدمه في السن، إلا أن أدوار الشر الكوميدية التي يتذكرها الجمهور أكثر. "عادل أدهم" هو أحد أهم سادة مدرسة الشر في السينما المصرية، والذي رأى أنور وجدى أنه لا يصلح للتمثيل، لكنه نجح في تقديم نفسه كأحد عمالقة السينما في مصر، حتى تمنى المخرج العالمى إيليا كازان أنه يصحبه معه إلى هوليود، ليصنع منه نجما عالميا كبيرا، لكن لم يكتمل هذ الحلم، ومثله مثل كل من سبقوه، كان كل من يعرفه يؤكد أن الشر لا يعرف لقلبه طريقا، حيث اعتقد البعض أن براعته في تقديم أدوار الشر تعود إلى أن شخصيته متقاربة مع هذه الأدوار، إلا أن الأمر كان عكس ذلك تمامًا.