[في الصعيد.. البنت كفاية عليها "تفك الخط" ! ] كتبت:رانيا دُبل منذ 1 ساعة 33 دقيقة "أهلي حكموا علي مكملش تعليمي ودخلوا إخواتي الأصغر مني المدارس، أخذت أوراقي من وراهم وقدمت لنفسي في مدرسة جهينة في سوهاج وأنا الآن عندي 14 سنة وفي الصف الخامس الإبتدائي" هذه باختصار قصة "مروة" احدى فتيات صعيد مصر التي حرمت من أبسط حقوقها في الحصول على شهادة تقيها شر الأيام، والسبب ببساطة أنها فتاة وبما أن -الحال على القد- فالأبناء الذكور أحق بكل قرش يستغل لصالح تعليمهم لضمان مستقبلهم فهم من سيستند عليهم والداهم فيما بعد. البنت مش زي الولد في جولة "لبوابة الوفد الإلكترونية" بمركز جهينة بسوهاج فوجئنا أن تلك النظرة التي تفرق بين الولد والبنت لم تختفِ من جنوب الصعيد رغم تلك الطفرة العلمية والإعلامية التي نحياها، مما تسبب في تسرب الفتيات من التعليم ، وخوف بعضهن من فكرة الزواج المبكر الذي تم النداء بها مؤخرا في مجلس الشعب. "الولد له كل شئ حتى إذا أخطأ فلا يعاقب، أما البنت فحتى حقها في التعليم والميراث بالكاد تحصل عليه".. كان هذا تعليق "بثينة" طالبة في المرحلة الإعدادية، فالبنت إذا أخطات خطأ بسيطا تقوم الدنيا ولا تقعد، أما الولد فمهما كان حجم خطئه فلا يعاقب ولا يحاسب. أذكر حينما طالبت أمي بحقي في التعليم اتهمتني الأسرة بقلة الأدب وأن المدارس لن تأتي عليهم إلا بالخسارة، وكثيرا ما استهزأوا بي قائلين: "آه هتطلعي بقى محامية وتطالبي بحق المرأة" .. أما أخي فمهما رفع صوته وأخذ مالا وصرفه على القهاوي وشرب السجائر، يكون الرد سيبيه ده راجل. ;feature=youtu.be الزواج أولى من التعليم وتضيف: نحن بنات الصعيد نعاني من تناقض تفكير أسرنا، فعلى الرغم من أن بنات عمي في القاهرة متعلمات وعمي لم يعارض في دخولهن الجامعة، إلا أننا هنا في مراكز الصعيد بالكاد نحصل على التعليم الثانوي، أما الجامعي فالنسبة قليلة جدا ولابد من تدخل أشقائنا الشباب المتعلمين ،هذا طبعا إذا كانوا متفهمين وودودين، أما إذا كانوا بنفس عقلية آبائنا وأمهاتنا فمصيرنا المنزل بدون تعليم ولا حتى اعدادية. وتخشى "مريم" من فكرة الزواج المبكر الذي نادى به بعض أعضاء مجلس الشعب، والتي ستزيد من نسبة الفتيات المتسربات من التعليم، ومن مشكلات أخرى عديدة. تقول: بعد تدخل أخوالي استطعت دخول المدرسة، وأنا الآن في الصف الخامس الإبتدائي وعمري 12 سنة، أخوالي ساعدوا والدتي في مصاريف الدراسة فوالدي متوفي، وعلى الرغم من أني مجتهدة من صغري إلا أنها أصرت على تركى الدراسة بعد أن ظهر العريس ، والمشكلة الأكبر أن العريس صغير في السن وغير متعلم وبالتالي فحرماني من التعليم أصبح شيئا مؤكدا. وتتابع: لجأت لخالي الكبير لينقذني من هذه الزيجة ويسمح لي بمواصلة التعليم فنهرني وقال لي:كفاية انك تعرفي تفكي الخط وسيبي فرصة لاخواتك يتعلموا. فلجأت لخالي الصغير فهو متعلم ويعمل بجامعة القاهرة وأكيد سيقف بجانبي ويقنع والدتي بأن من حقي اكمال دراستي، وبعد عناء استطاع خالي إقناع والدتي أنه سينفق على تعليمي وأن الزواج في هذا السن ومن هذا الشاب تحديدا سيكلفها مزيدا من الأعباء. البنت للمنزل "نفسي أطلع دكتورة بس شكلي مش هطلع حتى ممرضة"..كانت هذه أمنية "منى" احدى المتسربات من التعليم بسوهاج، والتي التحقت أخيرا وهي في سن العاشرة بإحدى مدارس المجتمع التي أتاحت الفرصة لها ولغيرها من الفتيات اللاتي منعتهن الظروف من دخول المدارس إما بسبب ضيق الحال، أو التفرقة بين الولد والبنت. وتتابع "منى" مشكلتي أنني يتيمة الأم وزوجة أبي أقنعته ألا أكمل تعليمي لأنها تحتاج مساعدتي في المنزل وخدمة اخوتي الصغار، وحينما طالبت بحقي في التعليم كان رد زوجة أبي "هو أنا الخدامة اللي اشترهالكم أبوكم". حاولت اقناع أبي أنني استطيع التوفيق بين دراستي وبين أعمال المنزل، ففوجئت بها تتهمني أنني أود لفت انتباه الشباب، فالبنت خلقت للمنزل والشباب وحدهم يدخلون المدارس والجامعات، ويكفي أنني أستطيع فك الخط، وأكثر من مرة تؤذيني نفسيا وتتهكم علي لأنها تعرف أن حلمي أن أكون طبيبة. ;feature=youtu.be