سعيد السبكى منذ 1 ساعة 55 دقيقة السطور التالية تهديها «الوفد» إلى القلة التى شعرت بالتعاطف مع «دموع» المخلوع حسنى مبارك لحظة صدور حُكم المؤبد يوم السبت الماضى 2 مايو الجارى، وليعرف هؤلاء وكل الشعب أن خدعة كبرى وسيناريو سرى تم تنفيذه لتهريب أموال مصر وكثير من ذهبها خارج البلاد، إلى بلجيكا على وجه التحديد، وذلك يوم 29 يناير، أى قبل 12 يوماً من تنحى مبارك عن حكمة الأسود لمصر الذى استمر 30 عاما. تفاصيل الرحلة السرية نشرها بالوثائق موقع إليكترونى باللغة الفلامنكية ينطلق من بلجيكا، وقد أدت حالة غضب التيار السياسى لليمين المُتطرف، واستقالة الحكومة البلجيكية، وبقاء هذا البلد الأوروبى بدون حكومة لحوالى 249 يوماً الى كشف رحلة مبارك السرية للقصر الملكى البلجيكيى. وقد اطلعت عليه «الوفد»، وتقول التفاصيل: إن لحظة الصفر كانت قبل مُنتصف ليلة 29 يناير 2011، أى بعد 4 أيام فقط من اشتعال الثورة فى التحرير، وفى مناخ من السرية التامة كان مبارك ونفر قليل من المقربين إليه ومحل ثقته قد وصلوا إلى مطار الأقصر، وبصحبته عدد من الحقائب المليئة بالأموال والذهب والمجوهرات النادرة، وأقلعت طائرة خاصة بداخلها «مبارك» وبرفقته 3 فقط من الحرس المقربين جدا له، مُتجهة إلى القاعدة الجوية العسكرية البلجيكية Melsbroek حيث هبطت فى تمام الساعة الثالثة والنصف بعد مُنتصف الليل وجاءت هذه الرحلة بناء على دعوة خاصة من ملك بلجيكا «Albert» خلال مكالمة هاتفية اتسمت هى الأخرى بالسرية التامة. ووفقاً لما أفادت به المعلومات التى اطلعت عليها الوفد: «يرتبط القصر الملكى منذ سنوات طويلة بعلاقات صداقة وطيدة ومُتميزة بالرئيس المصرى حسنى مبارك، وأن الملك البلجيكى – البرت – مسموح له أن يناديه باسمه الأول «يا حُسنى» وبعد ان اتصل به الملك تليفونياً مضى بعض الوقت لتجهيز طائرته الخاصة، حيث كان مبارك يحتاجه لحزم حقائبه وملئها بالذهب والمجوهرات ، ولقد تردد مبارك قليلاً قبل قبول دعوة الملك البلجيكى البرت له. حال هبوط الطائرة الخاصة للقاعدة الجوية العسكرية «ذهبت السيارات السوداء ذات الزجاج المُعتم الخاصة بالقصر الملكى الى القاعدة الجوية Melsbroek فى فجر 30 يناير ببلجيكا، كان فى انتظاره حرس خاص من القصر الملكى البلجيكى، حرصا على عدم تسرب النبأ لأى وسيلة اعلامية بلجيكية أو غير بلجيكية، وصل مبارك الى القصر الملكى Laken فى الرابعة فجر 30 يناير 2011 وكان بصحبته ثلاثة من حراسته الخاصة، وحرص مبارك على ألا يحمل حراسه حقائبه وألا يروا المكان الذى ستوضع فيه الحقائب داخل القصر، كما أن رئيس الحرس الملكى البلجيكى استعان بدوره برجال أمن من خارج القصر، للمُساعدة بزعم أنه لا يريد ازعاج الحراسة الخاصة بالملك «ألبرت» فى هذه الساعة المتأخرة من الليل، ولكن الغرض الحقيقى كان عدم اطلاع ضباط القصر على ما حمله مبارك معه، حتى أن بعضهم لم يعلم بقدوم مبارك إلا بعد رحيله من بلجيكا عائداً إلى مصر. وبعد استقرار مبارك وحقائبه بالقصر الملكى فى ضاحية «Laken»، بدأت همسات تتناقل بين بعض موظفى إدارة قصر Melsbroek وتتحول من الحديث عن الأزمة التى تعانى منها بلجيكا بسبب استقالة حكومتها وانشغالها فى طريق صعب لتشكيل حكومة جديدة، إلى الحديث عن «جرأة مبارك» الذى ترك قواته تضرب المُتظاهرين الثائرين فى بلاده بميدان التحرير بالعاصمة المصرية القاهرة لتثبيت كرسى حكمه، وأتى إلى جلالة الملك البرت ليحتفظ له بأمواله، رغم اصابة الملك بحالة من الإحباط - في ذلك الوقت - لطول فترة بقاء بلاده بلا حكومة بسبب مشكلات سياسية وحزبية. وعلى هاتف الموبايل سجل أحد ضباط الحراسة الملكية البلجيكية كيف ان أحد المُقربين من الملك وهو: رئيس الحرس الملكى ويُدعى «جاكوس فان يبريسيلى ستريو» «Jacques van Ypersele de Strihou» والذى قال عن مبارك وقت نزوله من الطائرة: «كنا فى بلجيكا نتمنى ونريد ملك لبلادنا مثل الرئيس المصرى، ملك ديكتاتورى واستقرار أمن البلاد أفضل ديمقراطية ودولة بلا حكومة، أليست هذه قدرات فائقة فى أن يبقى الرجُل - مبارك – طوال اليوم دون ان يتأثر بمطالب المُتظاهرين المُحتجين، إن هذا الأمر لا يقدر عليه إلا كبار الكبار فقط، وأكمل جاكوس فان يبريسيلى ستريو كلامه قائلاً: حينما أعلن مبارك عن إقالته لحكومة بلاده لم يمُر الا يوم واحد وقام بتنصيب حكومة أخرى. وفور علم السياسى «Filip Dewinter» «فيليب دى فينتر» زعيم اليمين المتطرف الكاره للاجانب، بزيارة مبارك السرية لملك بلجيكا عبر عن عدم ارتياحه بقوله: «أتمنى ألا يكون الملك البرت الثانى قد عرض على صديقه المُقرب مبارك أن يستضيفه فى بلدنا وأن يقبل الرئيس المصرى مبارك العيش هنا، لأنه بالتالى سيصطحب معه عددا من ضباط حراسته الخاصة مع زوجاتهم وأولادهم»، وكان رد الفعل هذا من قبل «فيليب دى فينتر» أحدث تأثيرا وصل الى القصر، وتناقلت معه مخاوف تعرض بلجيكا لردة فعل غاضبة من ابناء الجالية المصرية ببلجيكا أو بأوروبا عامة حال بقاء مبارك فى ضيافة القصر الملكى، «فديفنتر» يُطالب حكومة بلاده دوما بالحد من قدوم مهاجرين الى بلجيكا، لذلك كانت لديه مخاوف من ان يحضر مبارك للعيش فى بلجيكا مُعتبراً أن حدوث ذلك سيضيف أعباء جديدة على بلاده هى فى غنى عنها. المثير أن توقيت رحلة مبارك السرية لبلجيكا، تزامن مع خطة وضعها عمر سليمان لتسفير مبارك إلى ألمانيا بزعم الخضوع لفحوص طبية، وهو ما كشفته صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكية فى الأسبوع الأول من فبراير 2011، وجاء في تقرير لها بهذا الخصوص أن رحلة مبارك لألمانيا حال اتمامها، إنما ستكون جزءا من خطط نائب الرئيس المصري عمر سليمان لإيجاد مخرج كريم لمبارك من الأزمة وفراره خارج البلاد، ووفقا لتلك الخطة لو تم تنفيذها، كان مبارك سيتوجه إلى ألمانيا لإجراء فحوصه الطبية المعتادة ويبقى هناك لفترة أطول قد لا يعود بعدها لمصر أبداً، وقد استند تقرير الصحيفة فى حينه إلى معلومات مسئول في الحكومة الأمريكية لم تفصح عن اسمه، والذي أوضح أن الهدف من تلك الخطط هو مغادرة مبارك القصر الرئاسي، لكن دون الاضطرار إلى عزله من منصبه. وهكذا تدخل بلجيكا الآن وبقوة دائرة الدول الأوروبية التى هرب اليها مبارك جزءا كبيرا من أمواله، وعلى السُلطات المصرية والجهات المعنية باسترداد أموال مصر أن تتوجه فى أقرب وقت الى السلطات البلجيكية، للاستفسار منها رسميا حول ملابسات وتفاصيل تلك الرحلة، وحجم الاموال والذهب المصرى، ومصيره لديها. تعليق الوفد هذه الواقعة الخطرة التي ذكرها الموقع الالكتروني في بلجيكا وتناقلتها وسائل الاعلام هناك لا ينبغي أن تمر دون تحقيق من جانب النائب العام ووزارة الخارجية والمخابرات العامة والمخابرات الحربية.. هذه الواقعة يجب أن يأمر المجلس العسكري بالتحقيق فيها لأن اقلاع مبارك من قاعدة جوية بالاقصر يعني مساهمة القوات الجوية وتسهيلها لفساد مبارك.. هذه الواقعة لو صحت أحداثها فسوف تزيل بعضاً من الغموض بشأن أموال مصر المهربة وتثبت سوء طوية الرئيس المخلوع وفساده.