هذه المادة دخلت التاريخ .... أقصد المادة 28 من الاعلان الدستوري التي تنص على أنه : (( تتولى لجنة قضائية عليا تسمى " لجنة الانتخابات الرئاسية " الإشراف على انتخابات رئيس الجمهورية بدءاً من الإعلان عن فتح باب الترشيح وحتى إعلان نتيجة الانتخاب. وتُشكل اللجنة من رئيس المحكمة الدستورية العليا رئيساً ، وعضوية كل من رئيس محكمة استئناف القاهرة ،وأقدم نواب رئيس المحكمة الدستورية العليا، وأقدم نواب رئيس محكمة النقض وأقدم نواب رئيس مجلس الدولة. وتكون قرارات اللجنة نهائية ونافذة بذاتها، غير قابلة للطعن عليها بأي طريق وأمام أية جهة، كما لا يجوز التعرض لقراراتها بوقف التنفيذ أو الإلغاء، كما تفصل اللجنة في اختصاصها، ويحدد القانون الاختصاصات الأخرى للجنة. وتُشكل لجنة الانتخابات الرئاسية اللجان التي تتولى الإشراف على الاقتراع والفرز على النحو المبين في المادة 39 .... )) . وأسباب دخول هذه المادة للتاريخ متعددة . فمن ناحية اولي ...هذه المادة مخضرمة ... عاشت قبل الثورة ...وأمتدت حياتها بعدها ...بعد ( توضيبها وتأييفها ) ... لتتناسب وأحداث مابعد الثورة . • ومن ناحية ثانية ... هذه المادة ...تعتريها ما يعتري الإنسان من تطور ...طفولة ... ومراهقة ...وشباب ... ثم كهولة .. ففي مرحلة الطفولة ...كانت هذه المادة (( 99 كلمة فقط )) ..هي محتوى نص المادة 76 من الدستور المصري – حال صدوره في 11 سبتمبر 1971م – الملغي أو الساقط – سميه ماشئت ؛ ثم في مرحلة المراهقة – أي في عام 2005 م- صارت هذه المادة - أي المادة 76 من الدستور الملغي - ( 644كلمة ) ..وفي مرحلة الشباب صارت عام 2007م ( 666كلمة )) وفي مرحلة الكهولة – أي بعد ثورة 25 يناير 2011م - (( صارت 173كلمة ))... وصار اسمها المادة 28 من الإعلان الدستوري • ... وفي كل مرحلة من هذه المراحل يتم تفصيل هذه المادة لتتناسب مع رغبات القوى المسيطرة في المجتمع ...ففي عصر السادات عام 1971 صدرت هذه المادة ( 99 كلمة فقط ) لتبين طريقة اختيار الحاكم من خلال ...ترشيح ثلث أعضاء مجلس الشعب لاسم معين ثم الموافقة على هذا الاسم بأغلبية الثلثين ... ثم طرح الاسم على الإستفتاء ...ومبروك على مصر حاكمها ...ونتيجة الاستفتاء ...طبعاً معروفة ... • أما في مرحلة المراهقة ( أي في عام 2005 م ) فقد صارت هذه المادة ( 644كلمة ) ..وكانت حينئذٍ أطول مادة عرفتها البشرية ... ( مادة تحتل 3 صفحات أو أكثر )... تم تفصيلها لتتناسب مع مشروع التوريث ...ففيها تم وضع شروط معقدة للترشيح لرئاسة الجمهورية ... مع إنشاء لجنة لإنتخابات الرئاسة سميت : (( لجنة الانتخابات الرئاسية )- من غير كلمتى : عليا ...ولا قضائية – وكانت تشكل من نفس التشكيل الحالي أشخاص بصفتهم القضائية مضافاً إليهم ...(( ... خمسة من الشخصيات العامة المشهود لها بالحياد يختار ثلاثة منهم مجلس الشعب ويختار الاثنين الآخرين مجلس الشوري وذلك بناء علي اقتراح مكتب كل من المجلسين وذلك لمدة خمس سنوات ويحدد القانون من يحل محل رئيس اللجنة أو أي من أعضائها في حالة وجود مانع لديه )) . ولم ينس ترزية القوانين أن يحصنوا قرارات هذه اللجنة ... فتضمن نص المادة 76 المعدل عام 2005 على ما نصه : ((وتصدر قراراتها بأغلبية سبعة من أعضائها علي الاقل وتكون قرارتها نهائية ونافذة بذاتها غير قابلة للطعن عليها بأي طريق وامام أية جهة كما لا يجوز التعرض لقراراتها بالتأويل أو بوقف التنفيذ ويحدد القانون المنظم للانتخابات الرئاسية الاختصاصات الأخري للجنة )) . *** أما في مرحلة الشباب فقد ....تم عام 2007م تعديل المادة 76 وصارت حينئذ_ 666 كلمة ... وبذلك تدخل هذه المادة موسوعة جينيس .... لأنها أطول نص دستوري في تاريخ البشرية ... المهم أنه تحت ضغط المجتمع المدني والقوى السياسية والمجتمع الخارجي ... تم تخفيف شروط الترشح لرئاسة الجمهورية .... مع إحتفاظ اللجنة المختصة بتشكيلها المختلط من قضاة وشخصيات سياسية محايدة على النحو السالف بيانه . ومع إحتفاظ اللجنة باسم : ( لجنة الإنتخابات الرئاسية ) ... يعني من غير عليا .... و.... لا ...قضائية.... وهذا كان متسقاً مع تشكيلها المختلط ( القضائي / السياسي ) ...مع إحتفاظ قرارات اللجنة بالتحصين الذي أوجدته تعديلات 2005 م . *** أما في مرحلة الكهولة .... فقد تم تأييف هذه المادة – في أعقاب ثورة 25 يناير 0 لتظهر مرة أخرى تحت اسم جديد هو ( المادة 28 من الإعلان الدستوري ) ... وتنكرت هذه المادة ... من عدة نواح ... فمن ناحية أولى تم تخفيض عدد كلماتها فصارت ((173 كلمة )) كويس عملت رجيم ... فأصبحت ربع الحجم السابق الذي كان ( 666 كلمة ) ... وأستبعدت من تشكيلها الشخصيات العامة فأصبح تشكيلها قضائي صرف .... ولذا كان هذا هو السبب في حرص واضعي نص ( 28) على إضفاء الصفة القضائية على اللجنة إذ جاء صدر هذه المادة ناطقاً : (( تتولى لجنة قضائية عليا تسمى " لجنة الانتخابات الرئاسية " الإشراف على انتخابات رئيس الجمهورية ... )) . كما تم الإحتفاظ لقررات اللجنة بالحصانة ضد ... أي تأويل أو وقف أو طعن .. • الهجوم على المادة (28 ) ... • وصادفت المادة (28) هجوماً .... من كافة الإتجاهات والقوى السياسية ... ولقد تعددت محاور هذا الهجوم .... وإستخدمت فيه كافة الأسلحة الممكنة ... ومن ذلك سلاح ( التشريع ) ... وسلاح ( الأحكام القضائية ) ... وسلاح ...... ( الضغط السياسي ) ... - (1) فمن ناحية سلاح ( التشريع ) .... فقد قام ... بعض أعضاء البرلمان ... بمحاولة هجوم إلتفافي ... حول هذه المادة – أي المادة 28 من الأعلان الدستوري - لتفريغها من محتواها ... وذلك ... من خلال إستخدام ( أداة التشريع ) ... ولقد ترجم ذلك عملياً .. قي ( قانون العزل ) ... و (مشروع قانون انتخابات الرئاسة) ... فبالنسبة لقانون العزل ... تم تفصيله على أشخاص بعينهم ...وكان ناقص أن يذكر فيه اسم الشخصين المراد استبعادهما ... فيمكن أن يقال إن هذا قانون ( أحمد وعمر) ... - ...اما قانون إنتخابات الرئاسة ...فقد وافق مجلس الشعب - بصفة نهائية - على مشروع القانون بتعديل بعض احكام قانون انتخابات الرئاسة رقم 174 لسنة 2005 ... حيث وافق المجلس على الاقتراح المتعلق بمنع أعضاء لجنة الانتخابات الرئاسية التعيين فى اى منصب سياسى او برلمانى. ووضع ضوابط ... تتعلق بالعملية الإنتخابية ... - ومع إحترامنا الشديد ...للبرلمان ... ودوره التشريعي .... إلا أننا نتساءل ... عن مدى ملائمة ,,,, الدفع بهذين التشريعين في هذا الوقت بالذات .... ولاسيما ... أنه من المعروف ... أن جل – إن لم يكن كل- أعضاء مجلس الشعب والأحزاب الممثلة فيه ... يقف كل منهم وراء مرشح معين يدعمه ويسانده ... الأمر الذي يجعل توقيت مثل هذين التشريعين محاط بكثير من علامات الإستفهام ... وهو ما كنا نأمل معه أن ينأى مجلس الشعب عن الدفع بهذين التشريعين ... في هذا التوقيت بالذات ... - (2) أما من ناحية سلاح ( القضاء ) ....فعلى الرغم من تحصين قرارات " لجنة الانتخابات الرئاسية "... بالمادة 28 المذكورة- التي هي الطبعة الأخيرة للمادة 76 من الدستور الملغي - ... إلا أن ذلك لم يمنع البعض من ... الإلتجاء للقضاء ...طالباً ...إلغاء بعض قرارات اللجنة المذكورة ....وكأنهم لم يقرأوا .. هذه المادة ... أو قرأوها ... ولم يستوعبوها ... أو أستوعبوها ... ولكن ....يحتجون عليها ... غير معترفين بها ... وهذا أمر جد خطير .... وخطورته تتضاعف إن جاء من رجال قانون ... أو أعضاء برلمان ... يُفترَض فيهم .. إحترامهم للقانون ... ولاسيما ان نص المادة 28 هو نص جاء في إعلان دستوري ... تم الإستيفاء عليه ولا يجوز تعديله أو إلغائه إلا بنفس الطريقة ... أي عن طريق الاستفتاء الشعبي ... وهو إن حدث ...فمؤدى ذلك إطالة أمد الفترة الإنتقالية ... وهو أمر لا يحبذه غالبية الشعب المصري. - (2) أما من ناحية سلاح ( الضغط الشعبي ) ....فقد أُستخدَمت - المادة 28- في بعض الأحيان - كوسيلة لإعتصامات ومظاهرات واحتجاجات ... غير مبررة إلا في أذهان أنصار بعض المرشحين ... إما ...لمعرفتهم ضعف شعبيتهم ... أو لأن إستبعادهم من سباق الرئاسة ... لم يصادف قبولا لديهم ... - وتبقي كلمة : - 1- بعض أعضاء البرلمان ..... يظهرون أمام الرأي العام وكأنهم يستخدمون الأداة التشريعية لتصفية خلافات شخصية ....وينسون أو يتناسون أبسط القواعد القانونية فيسببون بذلك ...مشاكل عدة للوطن . - 2- بعض القوى السياسية يلعبون لعبة الديمقراطية على مضض ...فإن أتت بما يرغبون ...فهي بنت حلال وكويسة ...وإن لم تأتِ بما يرغبون ... فالثورة في كل الميادين ستشتعل...من أجل فرض مرشحهم ... بالعافية ...نعم بالعافية ..فهذا هو فهمهم للديمقراطية ...وعلى الديمقراطيين والليبراليين أن يخبطوا رأسهم.. في أقرب حائط ... - 3- يبدو أن المادة 28 من الإعلان الدستوري ... ضد..... المية... و.....ضد ....الكسر ... فهي لا يمكن إلغائها ... إلا باستفتاء شعبي ...والمرحلة الحالية ,,,, لا تحتمل ....ترف الوقت لإجراء مثل ...هذا الاستفتاء ... • أستاذ القانون الجنائي ورئيس قسم القانون العام - كلية الشريعة والقانون بطنطا - والمحامي أمام محكمة النقض والإدارية العليا والدستورية العليا http://dreladly.com