تحقيق - نادية مطاوع: - اشراف: نادية صبحى 150 ألف طفل مهددون بالموت بسبب نقص الحضانات 1500 جنيه سعر الليلة فى المستشفيات الخاصة تولت الدكتورة هالة زايد تركة ثقيلة، حيث النقص الحاد فى كل شىء بالقطاع الخاص، بما فى ذلك حضانات الأطفال المبتسرين، حتى إن أعداداً كبيرة من الأطفال حديثى الولادة يفقدون أرواحهم بسبب عدم توافر مكان لهم فى الحضانات، حيث تجاهل المسئولون هذه المشكلة لسنوات طويلة ولم يفكر أحد فى وضع حلول حقيقية لها، وتركوا الأطفال وذويهم يعانون من نقص الحضانات فى المستشفيات الحكومية، وجشع أصحاب المستشفيات الخاصة التى تصل فيها تكلفة الليلة الواحدة فى الحضانة إلى 1500 جنيه. فقد كان حلم محمد على وزوجته هناء أن يرزقا بطفل، وشاءت الأقدار أن يولد الطفل بنقص فى تكوين الرئة اليمنى وتطلب الأمر إيداعه فى حضانة، وبدأت رحلة المعاناة، حيث رفضت المستشفيات الحكومية استقبال الطفل نظراً لعدم وجود مكان خالٍ له، توجه الأب المكلوم إلى أحد المستشفيات الخاصة ليجد أن سعر الليلة الواحدة يمثل أكثر من ثلثى راتبه فى شهر كامل، توجه لمستشفى ثانٍ وثالث ليفاجأ بأن الأسعار تتراوح بين 1200 و1500 جنيه لليلة، فماذا يفعل الموظف الذى يبلغ راتبه 1900 جنيه، اقترض من أقاربه ليضع الطفل فى الحضانة، إلا أن الله كان رحيماً به وبطفله الذى توفى بعد ساعات قليلة من الولادة. هذه القصة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة فكل يوم يفقد عشرات الأطفال المبتسرين أرواحهم بسبب هذا النقص الحاد فى الحضانات، والذى يصل إلى أكثر من 50%، فإذا كانت الإحصاءات تشير إلى أن عدد الأطفال الذين يحتاجون إلى حضانات يتراوح بين 150 ألفاً و200 ألف طفل سنوياً، فإن عدد الحضانات الموجود فى المستشفيات الحكومية وأمانة المراكز الطبية المتخصصة والطب العلاجى وهيئة المستشفيات والمعاهد التعليمية، والتأمين الصحى، حوالى 3689 حضانة، تخدم 30 ألف طفل سنوياً فقط، أما الباقون فالقادر منهم يتوجه للمستشفيات الخاصة، أما غير القادرين فلهم الله، ورغم علم الوزير السابق الدكتور أحمد عماد الدين جيداً بهذه المشكلة، إلا أنه لم يفكر فى حلها، وترك التركة المثقلة بالهموم لمن خلفه، حيث إن حضانات عدد من المستشفيات الحكومية مغلقة تماماً منذ سنوات كما هو الحال فى حضانات مستشفى الزاوية الحمراء التى تم إغلاقها منذ أكثر من 5 سنوات نتيجة لسقوط السقف، وكذلك حضانات مستشفى بولاق والخليفة المغلقة لتهالك المبانى، ومع ذلك لم يفكر الوزير -الذى تخصص فى الحديث عن التطوير وإنشاء مستشفيات جديدة- فى إعادتها للحياة. ولأسباب كثيرة قد يحتاج الأطفال حديثو الولادة إلى حضانات يتم إيداعهم فيها لفترة قد تطول أو تقصر حسب حالة الطفل، ويعرف هؤلاء بالأطفال المبتسرين، وهذه الأسباب يرجعها الدكتور طارق نبيل أستاذ طب الأطفال وحديثى الولادة إلى أسباب ما قبل الولادة أو أثنائها أو بعدها، حيث إن فترة الحمل الطبيعية تتراوح بين 36 و40 أسبوعاً، فإذا ولد الطفل قبل ذلك يعد طفلاً ناقص النمو ويحتاج إلى حضانة، وإذا كانت الأم مصابة بالسكر أو تعرضت لميكروب أثناء الحمل قد يتأثر الجنين، كذلك فالغشاء الزجاجى الموجود بالرئة لا يكتمل إلا بعد 32 أسبوعاً، فإذا ولد الطفل قبل ذلك يحتاج إلى حضانة، أما أثناء الولادة فقد تحدث صعوبات ويحدث نقص أكسجين للطفل، وفى هذه الحالة يحتاج الطفل إلى حضانة أيضاً. وهناك مشاكل بعد الولادة كالتهاب المسالك البولية للأم فيولد الطفل مصاباً بتلوث دموى، أو أن يصاب بالصفراء الشديدة التى يحتاج معها إلى الحضانة. ويفرق الدكتور طارق بين أنواع الحضانات، مشيراً إلى أن هناك حضانات توفر للطفل الحرارة والطعام حتى يكتمل نموه، وهناك أطفال يحتاجون إلى حضانات مزودة بأكسجين، وأخرى مزودة بأجهزة تنفس صناعى وأجهزة لقياس الوظائف الحيوية فهى أشبه بغرفة عناية مركزة للأطفال، ويجب أن تهتم الدولة بإنشاء المزيد من الحضانات لأن هناك أطفالاً تعتمد حياتهم على هذه الحضانات. ولأن أزمة الحضانات تزداد يوماً بعد يوم فقد توسعت المستشفيات الخاصة فى إنشائها وراحت تستغل حاجة المواطنين إليها، إلا أن أسعارها تفوق قدرات السواد الأعظم منهم، حيث تتراوح الأسعار بين 1200 و1500 لليلة الواحدة، فى حين أن الليلة فى الأقسام الاقتصادية بالمستشفيات الحكومية تصل إلى 250 جنيهاً فقط، ولذلك يطالب الدكتور أحمد حسنى إخصائى طب الأطفال بزيادة عدد الحضانات فى المستشفيات الحكومية خاصة فى الأقسام الاقتصادية، فهى من ناحية ستخفف العبء عن الأسر، ومن ناحية أخرى ستزيد دخل المستشفيات الحكومية، وأضاف أن هناك مشكلة أخرى تواجه أقسام الحضانات فى المستشفيات وهى نقص الممرضات المدربات على التعامل مع حضانات الأطفال، ومن ثم فلابد من الاهتمام بتدريب الممرضات على العمل فى هذه الوحدات وزيادة أعدادهن حتى يتسنى لنا مواجهة الزيادة فى أعداد الأطفال المبتسرين، حيث إن زيادة نسبة التلوث تؤدى إلى تزايد أعداد هؤلاء الأطفال.