مسجد ابن طولون هو مسجد أقامه أحمد بن طولون عام 263 ه. أنفق أحمد بن طولون 120 ألف دينار فى بنائه، وقد اهتم بالأمور الهندسية فى بناء المسجد. مئذنة المسجد هى أقدم مئذنة موجودة فى مصر. يعد مسجد ابن طولون المسجد الوحيد بمصر الذى غلب عليه طراز سامراء حيث المئذنة الملوية المدرجة. قام السلطان لاجين بإدخال بعض الإصلاحات فيه، وعين لذلك مجموعة من الصناع، كما أمر بصناعة ساعة فيه، فجعلت قبة فيها طيقان صغيرة على عدد ساعات الليل والنهار وفتحة، فإذا مرت ساعة انغلقت الطاقة التى هى لتلك الساعة وهكذا، ثم تعود كل مرة ثانية. وفى عهد الأيوبيين أصبح جامع ابن طولون جامعة تدرس فيه المذاهب الفقهية الأربعة، وكذلك الحديث والطب إلى جانب تعليم الأيتام. طولون هو أحد المماليك الأتراك الذين أهداهم عامل بخارى إلى الخليفة المأمون، وخدم فى البلاط العباسى حتى بلغ مصاف الأمراء، ونشأ ابنه أحمد بن طولون نشأة الأمراء. فلما تولى باكباك إمارة مصر من قبل الخليفة العباسى أناب أحمد عنه فى ولايتها فقدم إليها سنة 254 هجرية = 868م، ثم حدث أن تولى مصر حمية الأمير ماجور بعد وفاة باكباك فأقره على ولايتها. وكانت ولاية بن طولون على مصر أول الأمر قاصرة على الفسطاط فقط، أما أمر الخراج فكان موكولاً إلى ابن المدير، فما زال أحمد يوسع فى نفوذه حتى شمل سلطانه مصر جميعها، وتولى أمر الخراج وتوسع حتى الشام وبرقة مؤسسا الدولة الطولونية التى حكمت مصر من سنة 254 إلى 292 هجرية = 868 إلى 905م، وتوفى سنة 270 هجرية = 884م، وتأتى أهمية أحمد بن طولون من أنه تتمثل فيها النقلة التى انتقلتها مصر من ولاية تابعة للخلافة العباسية إلى دولة ذات استقلال ذاتى. ثم أتم أحمد بن طولون بناء قصره عند سفح المقطم، وأنشأ الميدان أمامه، وبعد أن انتهى من تأسيس مدينة القطائع، شيد جامعه على جبل يشكر فبدأ فى بنائه سنة 263 هجرية = 876/ 77م وأتمه سنة 265 هجرية = 879م وهذا التاريخ مدون على لوح رخامى مثبت على أحد أكتاف رواق القبلة. والجامع وإن كان ثالث الجوامع التى أنشئت بمصر، يعتبر أقدم جامع احتفظ بتخطيطه وكثير من تفاصيله المعمارية الأصلية، حيث أن أول هذه الجوامع جامع عمرو الذى بنى سنة 21 هجرية = 642م، ولم يبق أثر من بنائه القديم، كما أن ثانيهما وهو جامع العسكر الذى بنى فى سنة 169 هجرية = 785/ 86م قد زال مع انتهاء العسكر. تمت الإصلاحات فى هذا الجامع عدة مرات، كما امتدت إليه يد التدمير والخراب فى فترات من عصوره المختلفة، شأنه فى ذلك شأن كثير من المساجد الأخرى. ففى سنة 470 هجرية = 1077/ 78م قام بدر الجمالى، وزير الخليفة المستنصر الفاطمى ببعض إصلاحات بالجامع، ووُضعت على لوح رخامى بأعلى أحد أبواب الوجهة البحرية، وأمر الخليفة المستنصر بعمل محراب من الجص برواق القبلة، شديد الإتقان، بالإضافة إلى محرابين جصيين آخرين ينتمى أحدهما إلى العصر الطولونى، والثانى فى العصر الفاطمى وكلاهما برواق القبلة أيضاً.