تراجع أسعار الذهب في بداية تعاملات اليوم الخميس    أسعار الخضروات اليوم الخميس 21 أغسطس في سوق العبور    أسعار الفاكهة اليوم الخميس 21 أغسطس    وزيرة التنمية المحلية تتابع مع محافظ أسوان مشروعات الخطة الاستثمارية ومبادرة "حياة كريمة"    مدبولي لوزير ياباني: مصر لديها رغبة في توطين تكنولوجيا تحلية المياه    الرئيس السيسي يتوجه إلى السعودية تلبية لدعوة الأمير محمد بن سلمان    أوكرانيا: نعمل على وضع مفهوم أمني لما بعد الحرب مع روسيا    التشكيل المتوقع للزمالك أمام مودرن سبورت بالدوري    أمطار خفيفة.. «الأرصاد» تكشف حالة طقس الجمعة |إنفوجراف    نائب وزير الصحة يتفقد مستشفى رأس الحكمة ويوجه بتشكيل فرق عمل لرفع الكفاءة وتذليل المعوقات    اشتباه إصابة محمود نبيل بتمزق في العضلة الخلفية.. وبسام وليد يواصل التأهيل لعلاج التهاب أوتار الساق اليمنى    في المباراة رقم 247 له.. علي ماهر يصل ل 100 انتصار في الدوري المصري    تحرك الدفعة ال 20 من شاحنات المساعدات الإنسانية إلى معبر كرم أبو سالم    «اقتصادية القناة»: جهود متواصلة لتطوير 6 موانئ على البحرين الأحمر والمتوسط    بعد تصدره التريند.. طريقة عمل العيش البلدي المصري    وداعا القاضى الأمريكى الرحيم فرانك كابريو فى كاريكاتير اليوم السابع    عاجل.. مايكروسوفت تراجع استخدام الجيش الإسرائيلي لتقنياتها بسبب حرب غزة    فصل رأس عن جسده.. تنفيذ حكم الإعدام بحق "سفاح الإسماعيلية" في قضية قتل صديقه    محافظ المنيا يشهد احتفالية ختام الأنشطة الصيفية ويفتتح ملعبين    دعاء الفجر| اللهم اجعل هذا الفجر فرجًا لكل صابر وشفاءً لكل مريض    فلكيًا.. موعد المولد النبوي الشريف 2025 رسميًا في مصر وعدد أيام الإجازة    حين يصل المثقف إلى السلطة    رجل الدولة ورجل السياسة    أذكار الصباح اليوم الخميس.. حصن يومك بالذكر والدعاء    مروة يسري: جهة أمنية احتجزتني في 2023 أما قلت إني بنت مبارك.. وأفرجوا عني بعد التأكد من سلامة موقفي    كشف المجتمع    إصابة مواطن ب«خرطوش» في «السلام»    «ظهر من أول لمسة.. وعنده ثقة في نفسه».. علاء ميهوب يشيد بنجم الزمالك    نجم الزمالك السابق يكشف رؤيته لمباراة الفريق الأبيض أمام مودرن سبورت    توقعات الأبراج حظك اليوم الخميس 21-8-2025.. «الثور» أمام أرباح تتجاوز التوقعات    سامح الصريطي عن انضمامه للجبهة الوطنية: المرحلة الجديدة تفتح ذراعيها لكل الأفكار والآراء    تعاون علمي بين جامعة العريش والجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا    الآن.. شروط القبول في أقسام كلية الآداب جامعة القاهرة 2025-2026 (انتظام)    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات الأخرى قبل بداية تعاملات الخميس 21 أغسطس 2025    Avatr تطلق سياراتها ببطاريات جديدة وقدرات محسّنة للقيادة الذاتية    حلوى المولد.. طريقة عمل الفسدقية أحلى من الجاهزة    لماذا لا يستطيع برج العقرب النوم ليلاً؟    شراكة جديدة بين "المتحدة" و"تيك توك" لتعزيز الحضور الإعلامي وتوسيع نطاق الانتشار    الجبهة الوطنية يعين عددًا من الأمناء المساعدين بسوهاج    لبنان: ارتفاع عدد ضحايا الغارة الإسرائيلية على بلدة "الحوش" إلى 7 جرحى    "أخطأ في رسم خط التسلل".. الإسماعيلي يقدم احتجاجا رسميا ضد حكم لقاء الاتحاد    محافظ كفر الشيخ يقدم واجب العزاء في وفاة والد الكابتن محمد الشناوي    بعد التحقيق معها.. "المهن التمثيلية" تحيل بدرية طلبة لمجلس تأديب    بعد معاناة مع السرطان.. وفاة القاضي الأمريكي "الرحيم" فرانك كابريو    ليلة فنية رائعة فى مهرجان القلعة للموسيقى والغناء.. النجم إيهاب توفيق يستحضر ذكريات قصص الحب وحكايات الشباب.. فرقة رسائل كنعان الفلسطينية تحمل عطور أشجار الزيتون.. وعلم فلسطين يرفرف فى سماء المهرجان.. صور    ناصر أطلقها والسيسي يقود ثورتها الرقمية| إذاعة القرآن الكريم.. صوت مصر الروحي    نيويورك تايمز: هجوم غزة يستهدف منع حماس من إعادة تنظيم صفوفها    الجنائية الدولية: العقوبات الأمريكية هجوم صارخ على استقلالنا    رئيس اتحاد الجاليات المصرية بألمانيا يزور مجمع عمال مصر    استخدم أسد في ترويع عامل مصري.. النيابة العامة الليبية تٌقرر حبس ليبي على ذمة التحقيقات    علاء عز: معارض «أهلا مدارس» الأقوى هذا العام بمشاركة 2500 عارض وخصومات حتى %50    ضربها ب ملة السرير.. مصرع ربة منزل على يد زوجها بسبب خلافات أسرية بسوهاج    جمال شعبان: سرعة تناول الأدوية التي توضع تحت اللسان لخفض الضغط خطر    كلب ضال جديد يعقر 12 شخصا جديدا في بيانكي وارتفاع العدد إلى 21 حالة خلال 24 ساعة    الأهلي يتعامل بحذر مع إمام عاشور «كنز مصر»    ما الفرق بين التبديل والتزوير في القرآن الكريم؟.. خالد الجندي يوضح    أمين الفتوى يوضح الفرق بين الاكتئاب والفتور في العبادة (فيديو)    طلقها وبعد 4 أشهر تريد العودة لزوجها فكيف تكون الرجعة؟.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حرامية الخصخصة
نشر في الوفد يوم 17 - 02 - 2011

إنجلترا‮.. الدولة التي‮ قامت بالتأميم عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية،‮ كانت أول دولة تطبق سياسة الخصخصة عام‮ 1979.‬‮ وأغري‮ نجاح التجربة البريطانية نحو مائة دولة شرقاً‮ وغرباً‮ ومن بينها بنجلاديش التي‮ طبقت تلك السياسة عام‮ 1982‮ أي‮ قبل فرنسا بأربعة أعوام،‮ حيث استصدرت حكومة اليمين الفرنسية قانوناً‮ من الجمعية الوطنية‮ (‬البرلمان‮) بإقرار برنامج الخصخصة ويحتوي‮ علي‮ 65‮ مشروعاً‮ عاماً‮ كبيراً‮ تبلغ‮ قيمتها نحو‮ 75‮ مليار دولار‮. وقامت الحكومة الفرنسية بتعيين قيادات جديدة تتمتع بفكر ليبرالي‮ تختلف منهجياً‮ عن قيادات الفكر الاشتراكي‮ التي‮ كانت تتولي‮ إدارة القطاع العام‮. ثم أصدر البرلمان الفرنسي‮ قانوناً‮ تم بمقتضاه تعيين وزير قطاع الأعمال العام،‮ يتولي‮ تنفيذ برنامج الخصخصة تحت رقابة البرلمان ويشترط القانون موافقة البرلمان علي‮ خصخصة كل مشروع علي‮ حدة‮. ومن ثم نجحت تجربة الخصخصة في‮ فرنسا‮. أما في‮ مصر فقد بدأت الخصخصة عام‮ 1993‮ وقد لجأت إليها مجبرة بسبب تعليمات صندوق النقد والبنك الدولي‮ مقابل قروض للتخفيف من آثار الإصلاح الاقتصادي‮. وقامت الحكومة باستبدال قانون القطاع العام بقانون قطاع الأعمال العام‮ (‬203‮). وتم استبدال الشكل المؤسسي‮ للشركات العامة بالشركات القابضة والتابعة‮. وحلت‮ 17‮ شركة قابضة و314‮ شركة تابعة محل‮ 37‮ هيئة ومؤسسة عامة كانت تدير شركات القطاع العام وتتبع‮ 14‮ وزيراً‮. كما قامت الحكومة بتعيين وزير لقطاع الأعمال العام‮ (‬الدكتور عاطف عبيد‮) ليقوم بنفس وظائف وزير قطاع الأعمال الفرنسي‮ ولكن شتان بين تجربتين وبين وزيرين‮. ففي‮ التجربة الفرنسية‮ يشرف الوزير علي‮ برنامج الخصخصة في‮ حدود القانون وتحت رقابة مجلس الوزراء بأكمله وليس رئيس الوزراء كما‮ يخضع الوزير وكل حكومته لرقابة البرلمان والمحاسبة علي‮ نجاح خصخصة كل مشروع علي‮ حدة‮.‬
ولكن في‮ مصر التي‮ أخذت عن التجربة الفرنسية فإن القانون منح وزير قطاع الأعمال سلطات واختصاصات مطلقة وغير مسبوقة في‮ تجارب الخصخصة بأي‮ من بلاد العالم شرقاً‮ وغرباً‮ وشمالاً‮ وجنوباً‮.. القانون الذي‮ أعدته حكومة الدكتور عاطف صدقي‮ وبصم عليه مجلس الشعب أعطي‮ وزير قطاع الأعمال العام سلطات بلا حدود بشأن الملكية والإدارة وجعلته المتصرف في‮ ثروة مصر الاقتصادية‮. انفرد وزير قطاع الأعمال العام بتنفيذ برنامج الخصخصة وقام عاطف عبيد ببيع شركات بيبسي‮ كولا وكوكاكولا والمراجل البخارية بالأمر المباشر ولا ننسي‮ مصانع الأسمنت وما دار حولها من لغط‮. وبيعت أسهم‮ 38‮ شركة في‮ سوق المال‮. كما بيعت‮ 10‮ شركات إلي‮ مستثمر رئيسي وتم بيع أصول‮ 28‮ شركة إلي مستثمرين من القطاع الخاص بالإضافة إلي‮ بيع‮ 27‮ شركة بأكملها إلي‮ اتحادات العاملين والأسلوب الأخير في‮ البيع لم تعرفه أي‮ تجربة في‮ العالم للخصخصة‮. في‮ التجربة الفرنسية مجلس الوزراء‮ ينعقد بكامل هيئته لفحص عروض المستثمرين الرئيسيين والذي‮ يختار المستثمر صاحب أعلي‮ سعر وأعلي‮ قدرة تكنولوجية وأعلي‮ سمعة في‮ مجال التسويق والإنتاج ويقبل بعمال وموظفي‮ الشركات المباعة‮. أما في‮ مصر المحروسة وفي‮ عهد عاطف عبيد وزيراً‮ لقطاع الأعمال ورئيساً‮ للوزراء فقد كانت القرارات ببيع الشركات لمستثمر رئيسي انفرادية وخارج رقابة مجلس الوزراء أو مجلس الشعب‮. تسلمت حكومة نظيف من حكومة عاطف عبيد‮ 175‮ شركة فقط من بين‮ 314‮ شركة وتصرفت في‮ سبع شركات منها بالبيع وردت‮ 7‮ شركات بحوزة القطاع العام‮.‬
لقد أصدرت الحكومة وبصم مجلس الشعب علي‮ القانون رقم‮ 95‮ لسنة‮ 92‮ الذي‮ تم من خلاله الترخيص بإنشاء مؤسسات‮ غير مصرفية تعمل في‮ السمسرة والترويج وصناديق الاستثمار وإدارة المحافظ المالية لتتعرض ثروة مصر الاقتصادية بعد ذلك لأكبر عملية نهب منظم‮. وطبقت الحكومة أكثر من أسلوب‮ يتمثل في‮ طرح الأسهم في‮ اكتتاب عام بالبورصة ولكن عدم الشفافية وخلو قانون سوق المال من أي‮ عقاب رادع لجريمة إفشاء الأسرار الداخلية للشركات أدي إلي‮ فشل هذا الأسلوب،‮ بل إنه أدي‮ لتربح فئة قليلة من مشتري‮ الأسهم أو مسئولي‮ الشركات لمليارات الجنيهات‮. وبعد خراب مالطة لجأت الحكومة إلي‮ أسلوب التأجير للقطاع الخاص‮. وفشل بدوره في‮ تطوير الأصول،‮ بل أهدرها تماماً،‮ خاصة في‮ مجال تأجير الفنادق مثلما حدث في‮ فنادق شبرد وشهرزاد وكليوباترا وغيرها‮. أما الخصخصة بنظام المستثمر الرئيسي فقد تخلت عنه الحكومة بعد فشله في‮ شركات المعدات التليفونية وطنطا للكتان والنوبارية وعمر أفندي‮. وأعلن الدكتور محمود محيي‮ الدين وزير الاستثمار أمام مؤتمر الاستثمار الرابع لمحافظات شرق الدلتا في‮ منتصف العام الماضي‮ عن إعداد نظام جديد لإعادة هيكلة الشركات الخاسرة ووقف طرح الشركات بنظام المستثمر الرئيسي وقصره علي‮ شرائح للمصريين بنظام الاكتتاب العام مع احتفاظ الدولة بالأغلبية‮. لقد ثبت فشل أسلوب الطرح الكامل في‮ البورصة حين ثبت أن المشتري‮ لأسهم الشركات‮ يفضل وقف العمل وتشريد العمالة واللجوء لتقسيم أراضي‮ الشركات كمشروع إسكاني‮ وكانت الفضيحة أن الوزارة اكتشفت أن القانون لا‮ يمنع المالك من التصرف فيما‮ يملكه فلجأت إلي‮ أسلوب لي‮ الذراع حين طلبت من المحافظين عدم منح أي‮ مستثمر ترخيصاً‮ لغير النشاط الصناعي‮ وعقود البيع للمستثمرين لم تتضمن أي‮ بنود تمنع المستثمرين من تحويل نشاط الشركة إلي‮ أي‮ نشاطات أخري‮ وهكذا في‮ غفلة من الزمن وتواطؤ حكومات الحزب الوطني‮ تم التخلص من القطاع العام‮.‬
مأساة صناعة الغزل والنسيج
عرفت مصر صناعة الغزل والنسيج منذ أقدم العصور،‮ إلا أن عام‮ 1927‮ كان بمثابة النقطة الفارقة في‮ تاريخ هذه الصناعة،‮ حين قام طلعت حرب بإنشاء مجموعة من الشركات منها شركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة ومصر للغزل والنسيج بكفر الدوار،‮ والحرير الصناعي،‮ ومصر صباغني‮ البيضا خلال الفترة من‮ 1927‮ إلي‮ 1948.‬‮ واستطاعت مصر منذ عام‮ 1949‮ أن تتحول من دولة مستوردة للمنتجات النسيجية إلي‮ دولة مصدرة لها،‮ صناعة الغزل والنسيج تتميز بأنها كثيفة للعمالة،‮ حيث‮ يعمل بها مليون عامل‮ يمثلون‮ 30٪‮ من إجمالي‮ قوة العمل الصناعية وبدلاً‮ من الاهتمام بها شرعت الدولة في‮ خصخصة شركاتها،‮ مما أدي إلي‮ توقف الاستثمارات الموجهة للتطوير أو إعادة تأهيل بعض الوحدات الإنتاجية منذ عام‮ 91/‬‮ 1992‮ وأصبح الصالح من الطاقة الإنتاجية في‮ خطوط الإنتاج بالشركات لا‮ يتجاوز‮ 25٪‮. وأن‮ 35٪‮ من هذه الخطوط في‮ حاجة لعمرات كاملة و40٪‮ يحتاج إلي‮ إحلال وتجديد‮.‬
في‮ فترة التسعينيات من القرن الماضي‮ اكتشفت الحكومة من خلال وزير الاقتصاد حينذاك الدكتور‮ يوسف بطرس‮ غالي‮ أن صادرات تونس من الغزل والنسيج تصل إلي‮ 11‮ مليار جنيه بينما صادرات مصر تراجعت بشدة لا تتجاوز المليار أو أكثر قليلاً‮ فأوفد مستشاره الدكتور محمود محيي‮ الدين إلي‮ تونس ليعرف سر تقدم تونس في‮ هذه الصناعة رغم حداثة عهدها بها وعاد وأعد روشتة وحصلوا علي‮ قروض من البنك الدولي‮ ثم ماذا‮.. لا حس ولا خبر وتعرضت شركات الغزل والنسيج لخسائر باهظة،‮ فشركة القاهرة للمنسوجات الحريرية بشبرا الخيمة وكانت إحدي‮ الشركات الناجحة ويعمل بها‮ 6‮ آلاف عامل وتم تصفيتها وإنهاء نشاطها وخروج عمالها للمعاش المبكر بسبب ديون لا تتجاوز‮ 40‮ مليون جنيه‮.. تصوروا‮!!‬
أما شركة القاهرة للصباغة والتجهيز وكان‮ يعمل بها‮ 5‮ آلاف عامل تم تصفيتها تماماً‮ وبيعت أصولها وتحولت أرضها إلي‮ أرض فضاء للبناء وأصبحت أثراً‮ بعد عين وشركة مصر حلوان للغزل والنسيج أسفرت ديونها عن تناقص العمالة بها من‮ 24‮ ألف عامل إلي‮ 4000‮ عامل نصفهم‮ يجلس في‮ البيت دون عمل ويتقاضون رواتبهم منذ أكثر من عشر سنوات‮.‬
واقع صناعة الغزل والنسيج بعد الخصخصة لا تكشفه احتجاجات العمال علي‮ رصيف البرلمان وإنما فضحته عبارة قالها المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة حين قال بالنص الحرفي‮ »‬مصانع الغزل والنسيج ماتت وإكرام الميت دفنه‮«!!‬
فين فلوس الخصخصة؟
مر برنامج الخصخصة بأربع مراحل رئيسية،‮ الأولي‮ من عام‮ 1993‮ وحتي‮ عام‮ 1995‮ وتم التعامل علي‮ 31‮ شركة‮. والمرحلة الثانية تبدأ من‮ 1996‮ إلي‮ عام‮ 1998‮ وتم التعامل فيها علي‮ 85‮ شركة،‮ والثالثة من عام‮ 1999‮ حتي‮ عام‮ 2001‮ وبيعت فيها‮ 64‮ شركة‮. والرابعة من عام‮ 2002‮ إلي‮ الآن‮ 18‮ شركة‮. وكان من المخطط أن‮ يتم تقسيم حصيلة الخصخصة إلي‮ جزء‮ يذهب لوزارة المالية لخفض الدين العام أو عجز الموازنة وجزء لإعادة الهيكلة وجزء لتمويل المعاش المبكر وجزء لسداد مديونيات البنوك‮. ولكن هل تحققت هذه الخطط لندع تقرير الجهاز المركزي‮ للمحاسبات‮ يرد علي‮ هذا السؤال من خلال ملاحظاته‮.‬
أولاً‮: بلغ‮ ما تم تحصيله من عائد الخصخصة نحو‮ 48.‬128‮ مليار جنيه والباقي‮ 1.‬9‮ مليار جنيه لم‮ يتم تحصيله من المشترين‮.‬
ثانياً‮: حصلت وزارة المالية علي‮ 16.‬6‮ مليار جنيه من حصيلة الخصخصة إلا أن تأثير ذلك لم‮ يظهر علي‮ انخفاض الدين العام أو عجز الموازنة مع العلم بأنه قد تم استخدام مبلغ‮ 82‮ مليون جنيه من هذه الحصيلة لصالح شركات توظيف الأموال‮.‬
ثالثاً‮: بالرغم من أن المعايير المستهدفة لبيع الشركات كانت تعطي‮ الأولوية للشركات الصغيرة والمتوسطة والتي‮ تتمتع ببيئة عمل تتسم بالاستقرار إلا أن عمليات البيع شملت في‮ بعضها الشركات الكبيرة والضخمة والتي‮ تتمتع بالاحتكار وأكبر مثال علي‮ ذلك بيع شركات الأسمنت‮.‬
رابعاً‮: بيع بعض الشركات بالتقسيط بالمخالفة لبرنامج الخصخصة الذي‮ ينص علي‮ البيع نقداً‮.‬
خامساً‮: تجاهلت الشركات القابضة إعادة هيكلة الشركات المتعثرة وأنفقت‮ 3.‬7‮ مليار جنيه علي‮ عمليات الإصلاح الفني‮ رغم حصولها علي‮ 23.‬6‮ مليار جنيه من حصيلة الخصخصة‮.‬
سادساً‮: تم عرض كثير من شركات قطاع الأعمال العام والمساهمات في‮ الشركات المشتركة في‮ وقت واحد،‮ مما أدي إلي‮ انخفاض أسعار بيع بعض الشركات أو عدم القدرة علي‮ بيع البعض الآخر‮.‬
سابعاً‮: كثرة القرارات والتعليمات المتعلقة بعملين وطرق البيع والتصرف في‮ الحصيلة‮. وقد أثرت بعض القرارات علي‮ دور الجهاز المركزي‮ للمحاسبات كمؤسسة في‮ إحكام رقابته علي‮ عمليات البيع ومثال ذلك قراري‮ رئيس الوزراء رقم‮ 1684‮ لسنة‮ 2004‮ ورقم‮ 505‮ لسنة‮ 2007.‬
ثامناً‮: لم‮ يعد للجهاز المركزي‮ للمحاسبات دور‮ يذكر في‮ عملية الخصخصة أو مراجعة تقييم الشركات المطروحة للبيع للأسباب الآتية‮:‬
1‮ - قرار رئيس الوزراء رقم‮ 1684‮ لسنة‮ 2004‮ جعل مراجعة تقييم الشركات عن طريق لجنة‮ يمثل فيها الجهاز بعضو منه وحظر علي‮ العضو الرجوع إلي رئاسة الجهاز مما‮ يجعل رأي العضو‮ يمثل رأياً‮ شخصياً‮ له ولا‮ يعبر بالضرورة عن رأي الجهاز‮.‬
2‮ - لم تعد اللجنة الوزارية للخصخصة قائمة بموجب هذا القرار والتي‮ كان‮ يرأسها رئيس مجلس الوزراء وعضوية مجموعة من الوزراء المعينين،‮ بالإضافة إلي‮ عضوية رئيس جهاز المحاسبات ومحافظ البنك المركزي‮ ورئيس هيئة سوق المال ورئيس هيئة الاستثمار ورئيس هيئة الرقابة الإدارية‮.‬
تاسعاً‮: صدور قرار رئيس الوزراء رقم‮ 505‮ لسنة‮ 2007‮ والذي‮ جعل المعيار الاسترشادي‮ عن تقييم أسهم الشركات هو الأخذ بمتوسط سعر الإقفال في‮ البورصة خلال الأشهر الستة السابقة علي‮ الطرح والتي‮ لا تعبر دوماً‮ عن القيمة العادلة للسهم نتيجة مضاربة كبار المستثمرين ومن ثم بيع الأصول المملوكة للدولة بأقل من قيمتها الحقيقية وذلك للأسباب التالية‮:‬
‮ أن سوق البورصة في‮ مصر ناشئ وغير مستقر وتتعرض بعض الأسهم المقيدة فيه للتقلبات في‮ أسعارها نتيجة للمضاربات التي‮ يقوم بها كبار المستثمرين المصريين والعرب والأجانب وبالتالي‮ لا تعكس أسعارها الأسعار الحقيقية لأسهم الشركات‮.‬
‮ إن الظروف المحيطة بالشرق الأوسط تؤثر سلباً‮ علي‮ أسعار هذه الأسهم وتؤدي‮ إلي‮ حدوث انخفاض حاد‮ غير مبرر في‮ هذه الأسعار لا‮ يعكس الأداء الحقيقي‮ للشركات‮.‬
‮ في‮ ضوء هذا القرار فإن العروض التي‮ سيتقدم بها المستثمرون ستكون مساوية لمتوسط سعر الإقفال في‮ البورصة وبالتالي‮ تضيع فرصة المنافسة بين المستثمرين لتقديم عروض أفضل من سعر البورصة‮.‬
‮ ألغي‮ قرار رئيس الوزراء كل حكم‮ يخالف أحكامه،‮ مما أضعف دور اللجان المشكلة في‮ الوصول إلي‮ القيمة العادلة للشركات المطروحة للبيع وجعل المعيار الاسترشادي‮ هو الأخذ بمتوسط الأسعار المتداول في‮ البورصة والتي‮ لا تعبر عن القيمة العادلة ومن ثم بيع الأصول المملوكة للدولة بأقل من قيمتها الحقيقية مما‮ يمثل إهداراً‮ للمال العام‮.‬
ماذا بعد؟
إلي‮ هنا‮ ينتهي‮ تقرير الجهاز المركزي‮ للمحاسبات وتنتهي‮ ملاحظاته حول برنامج الخصخصة والمطلوب تشكيل لجنة من جهاز المحاسبات والنيابة العامة والرقابة الإدارية لمراجعة ملفات بيع أصول قطاع الأعمال العام والتي‮ تعرضت لعملية نهب وسرقة لم تشهدها في‮ عصرها الحديث واسترداد حقوق الشعب من حرامية الخصخصة‮.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.