الكنيسة الأرثوذكسية تعلن موعد صلاة الجناز على شهداء كنيسة مار إلياس    وفد جامعة بنها في زيارة لجامعة سكاريا للعلوم التطبيقية بتركيا    "الإصلاح الزراعى" يطلق منافذ متنقلة لطرح البيض والأسماك بأسعار مخفضة    انخفاض سعر الدولار اليوم الثلاثاء 24-6-2025 أمام الجنيه فى منتصف التعاملات    "مياه سوهاج" يتفقد أعمال الإحلال والتجديد بمحطات الصرف بمركزى طهطا وجهينة    وزير الإسكان يتابع آلية عمل وحدتي تنظيم السوق العقارية وتصدير العقار    وزير الصناعة يشهد توقيع عقد بناء سفينتين جديدتين من سفن الصب الجاف العملاقة    العمل تفتح باب التقديم على وظائف مكاتب التمثيل العمالي بالخارج.. الشروط والتفاصيل    استشهاد 14 فلسطينيا في قصف الاحتلال الإسرائيلي مناطق واسعة بغزة    العراق يستأنف الرحلات الجوية فى المناطق الجنوبية ويفتح جميع مطاراته    بالفيديو.. أستاذ علوم سياسية يكشف أسباب عدم التدخل الروسي في الحرب الإيرانية الإسرائيلية    الأهلي يحصد 585 مليون جنيه من المشاركة فى كأس العالم للأندية.. فيديو    تصل 85% بالقاهرة الكبرى.. متوسط نسب الرطوبة بكافة الأنحاء حتى السبت    ضبط تشكيل عصابى يتزعمه "الأستاذ" للإتجار فى المخدرات بالدقهلية والشرقية    "تعليم أسوان" تعلن موعد ظهور نتيجة الشهادة الإعدادية    إصابة 5 في تصادم 3 سيارات بطريق السخنة    محمد عبد المنعم.. رحيل عميد الصحافة العسكرية المصرية    أسرة عبد الحليم حافظ تشن هجوما على مهرجان موازين بعد حفل الهولوجرام: مهزلة وسقطة كبيرة.. العندليب ظهر بشكل كارتونى مضحك.. وما قدم على المسرح الوطنى محمد الخامس بالعاصمة المغربية إساءة لحليم ورموز الفن    مؤتمرات صحفية ل راغب علامة وديانا حداد ونجوم آخرين فى خامس أيام موازين    الكشف على 1173 مواطنا من نزلاء مستشفى الصحة النفسية بالخانكة.. صور    نائب وزير الصحة تتفقد عدد من المنشآت الصحية فى محافظة قنا    خالد عبدالغفار: مستقبل الصحة في إفريقيا يجب أن ينبع من داخل القارة    وزير البترول: وحدات التغييز الجديدة تعزز جاهزية البنية التحتية لتأمين الغاز خلال الصيف    ليلة الرعب والخيبة | ترامب يخدع.. إيران تضرب.. بغداد تحترق.. الأهلي يودع المونديال    «الداخلية»: ضبط 10 أطنان دقيق في حملات موسعة للتصدي للتلاعب بأسعار الخبز    «التضامن»: عودة آخر أفواج حجاج الجمعيات الأهلية من الأراضي المقدسة غدا    "صحة بني سويف": ضبط 10 آلاف قطعة "لوليتا" والتحفظ على كميات مخالفة    واشنطن بوست: ترامب دمر خطط «الناتو» بشأن أوكرانيا بضربة إيران    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. اليوم الثلاثاء    كأس العالم للأندية| ريبييرو: قدمنا مباراة كبيرة أمام بورتو.. والحضور الجماهيري مذهل    يديرون الميزانية بنجاح.. 4 أبراج حريصة على أموالها    بدأت ب«فولو» على إنستجرام.. سلمى أبو ضيف تكشف طريقة تعرفها على زوجها    تعليق مثير من مدرب بورتو بعد التعادل مع الأهلي: لم يكن هناك نقص في الطماطم    رئيس الوزراء يهنئ شيخ الأزهر بالعام الهجري الجديد    المستشارة أمل عمار تشارك في المنتدى العربي من أجل المساواة بالجزائر    رئيس الوزراء يستعرض التعاون مع «برجيل القابضة» في مجال زرع النخاع    انعقاد لجنة اختيار المرشحين لمنصب عميد كلية التجارة بجامعة قناة السويس    داري وعطية الله يخضعان لكشف المنشطات بعد مباراة الأهلي وبورتو    أفشة يعتذر لجماهير الأهلي بعد وداع كأس العالم للأندية    سبب مشاركة سلوى محمد علي في أفلام أمريكية    نانسي عجرم تحمل كرة قدم وقميص فريق منتخب المغرب ب«موازين» (فيديو)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 24-6-2025 في محافظة قنا    تكرّيم 231 حافظًا لكتاب الله في احتفالية كبرى بالمراشدة بقنا    فانس: قضينا على البرنامج النووي الإيراني ونأمل ألا تعيد طهران تطويره    فاتحين الكُتب وبيراجعوا لآخر لحظة.. قلق على وجوه طلاب الثانوية الأزهرية بسوهاج قبل أداء امتحاني الفلسفة والمنطق    جامعة أسيوط تطلق بودكاست "أخبار جامعة أسيوط" باللغة الإنجليزية    «التضامن» تقر قيد وتوفيق أوضاع 5 جمعيات في 3 محافظات    السفير الأمريكى لدى إسرائيل يرحب بإعلان ترامب وقف إطلاق النار مع إيران    بوجبا يقترب من العودة إلى منتخب فرنسا    عاجل الخارجية القطرية: حذرنا مرارا من مغبة تصعيد إسرائيل في المنطقة وسلوكياتها غير المسؤولة    هل الشيعة من أهل السنة؟.. وهل غيّر الأزهر موقفه منهم؟.. الإفتاء تُوضح    تفسير آية | معنى قولة تعالى «وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي 0لۡكِتَٰبِ لَتُفۡسِدُنَّ فِي 0لۡأَرۡضِ مَرَّتَيۡنِ»    فرص تأهل الهلال إلى دور ال 16 من كأس العالم للأندية    جماهير الأهلى تحفز اللاعبين بلافتات "أعظم نادى فى الكون"    غدا ميلاد هلال شهر المحرم والخميس بداية العام الهجري الجديد 1447 فلكيا    علاج الإمساك المزمن، بالأعشاب الطبيعية في أسرع وقت    بروتوكول بين «الجمارك» وجامعة الإسكندرية لتعزيز الاستثمار في التنمية البشرية    ترجمات| «هكذا تكلم زرادشت».. صدم به «نيتشه» التيارات الفلسفية المتناقضة في أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مفاجأة فرنسية
العودة إلي التأميم
نشر في العالم اليوم يوم 28 - 06 - 2006

كانت مفاجأة حقا حينما أعلن نيكولاي ساركوزي وزير الداخلية الفرنسي والرجل القوي المرشح للرئاسة بعد شيراك انه يري ضرورة تأميم شركة السويس الفرنسية وهي إحدي الشركات العملاقة في مجال البترول والطاقة..
والمفاجأة لها أوجه عدة وأسباب تقلب الكثير من المعايير التي سادت علي الأقل في العقدين الماضيين والوجه الأول والمثير لهذه المفاجأة أنها تأتي من وزير داخلية فرنسا وهو عضو في الحزب اليميني الحاكم الذي يتزعمه الرئيس الفرنسي جاك شيراك ولم تأت من جانب الحزب الاشتراكي المعارض أو الحزب الشيوعي الفرنسي الأمر الذي يعني انه أصبح هناك تداخل كبير بين القوي السياسية وتصنيفاتها التقليدية خاصة في أوروبا.
أما الوجه الثاني للمفاجأة فهو أن يعلن مسئول فرنسي كبير بوضوح أنه مع تأميم احدي الشركات الفرنسية الكبري العاملة في مجال الطاقة وذلك من أجل الصالح القومي بينما كان يحسب البعض انه في ظل سيادة قوانين السوق الحر المفتوحة والمنافسة والاتجاه الواسع للخصخصة ان التأميم أصبح شعارا من مخلفات الماضي في عصر انقسام العالم الي معسكرين ووجود معسكر اشتراكي قوي في شرق أوروبا يتزعمه الاتحاد السوفيتي السابق.
وقد كان ومازال من المعتقد انه بعد انهيار المعسكر الاشتراكي وسيادة القوانين الرأسمالية والعولمة التجارية فان توليفة الخصخصة الواسعة وفتح السوق بلا حدود امام الاستثمارات الارضية والمحلية والدخول في معارك المنافسة التجارية الشرسة هي حصن الأمان للملايين خاصة دول العالم الثالث الفقيرة والمغلوب علي أمرها.
أما الوجه الثالث للمفاجأة فهي أن شركة السويس الفرنسية كانت ثمرة من ثمار تأميم قناة السويس سنة 1956 حينما قدمت مصر تعويضات لأصحاب الأسهم الفرنسيين حوالي 150 مليون دولار كانت في الواقع تمثل رأسمال الشركة الفرنسية الجديدة التي أطلق عليها شركة السويس وعلي مدي الخمسين عاما الماضية أصبحت شركة السويس واحدة من كبريات شركات البترول والطاقة العالمية ويقدر رأسمالها حاليا بحوالي 40 مليار يورو أي ان تأميم قناة السويس الذي جري في يوليو 1956 ويحتفل بمرور 50 عاما علي ذكراه أنتج بعد خمسين عاما قرارا أو ارادة أخري للتأميم عن الجانب الآخر الذي كان هو نفسه ضد تأميم قناة السويس وضد ما يسمي بالمصالح الاقتصادية القومية.
أما الوجه الرابع للمفاجأة فان تفكير الحكومة اليمينية الفرنسية في تأميم شركة السويس يجيء بعد العرض الذي تقدمت به شركة ايطالية لشراء الشركة الفرنسية وهنا سارع كل من ساركوزي وزير الداخلية بل ودي فيلبان رئيس الوزراء الي المطالبة بتأميم الشركة الفرنسية ودمجها مع الشركة الفرنسية العملاقة المملوكة للدولة -جاس دي فرانس- وذلك لقطع الطريق أمام العرض الايطالي وتحت دعوي حماية المصالح الاقتصادية القومية الفرنسية.
والقضية في فرنسا لا يمكن أن تنحصر فيما ذهب اليه البعض من ان هذا الاجراء الذي اقترحته الحكومة الفرنسية اليمينية ليس سوي سلاح في المعركة الانتخابية الشرسة التي بدأت تجري في فرنسا بالفعل رغم ان موعد الانتخابات يأتي في العام القادم وذلك لمواجهة مرشحة الرئاسة الفرنسية الاشتراكية السيدة سيجولان رويال Sigolain Royal مرشحة الحزب الاشتراكي والتي تعطيها استطلاعات الرأي العام نسبا عالية في مواجهة ساركوزي أو دي فيلبان المرشحان الممثلان لاحزاب اليمن الفرنسي.
ففي فرنسا مازال هناك قطاع عام قوي قامت بوضع أسسه الاحزاب اليسارية كما ساهم في دعمه ايضا الزعيم اليمني الفرنسي شارل ديجول والذي اضاف الي قطاع الدولة شركات الابحاث والصناعات الذرية والفضائيات والسكك الحديدية يقدر قطاع الدولة في فرنسا بأكثر من 40%.
وتقول آخر استطلاعات للرأي في فرنسا إن أغلبيته لا تقل عن حوالي 70% تؤيد حماية الصناعات الوطنية بما في ذلك التأميم، هناك اعتقاد بان رفض اغلبية الشعب الفرنسي للدستور الارووبي المقترح في العام الماضي كان وراءه تلك النزعة وخاصة بعد شواهد كثيرة تؤكد ان هناك شركات المانية وايطالية عملاقة تسعي الي شراء مؤسسات صناعية فرنسية كبيرة مثلما جري بالنسبة لشركة السويس وايضا العرض الألماني الذي تقدمت به شركة المانية لشراء شركة آركيلوس للحديد والصلب، بل ان الولايات المتحدة الامريكية نفسها -وليست فقط فرنسا- اتخذت نفس الموقف في الدفاع عما يسمي بحماية الاقتصاد القومي من الغزو الرأسمالي الاجنبي وذلك حين وقف الكونجرس الامريكي ووزارة الدفاع الامريكية ضد حصول شركة خليجية في دبي حق الاشراف علي تشغيل وتنظيم العمل في ست موانئ امريكية وانتهي الامر كما هو معروف بالغاء الصفقة الأمر الذي يعني ان الولايات المتحدة صاحبة نظرية العولمة الاقتصادية التي تدعو الي حرية التجارة وفتح الاسواق بلا حدود والمنافسة الحرة بلا قيود والخصخصة الواسعة بعيدا عن الدولة هي نفسها التي سنت هذه القوانين وهاجت وماجت وأيدت وعربدت حين قامت الشركة الخليجية بشراء حق الاشراف والتشغيل لست موانئ أمريكية.
وبدا واضحا ان الولايات المتحدة ومعها فرنسا في العولمة الاقتصادية من الدول الصناعية الكبري تفهم وتطبق قوانين العولمة وفقا لمقياس مصالحها أو مثلما يقول الكاتب الفرنسي باتريك ساباتير أنها تتعامل مع قوانين العولمة ?la carte أي حسب الطلب وانها تتمسك بالمثل القائل "ما هو لي فهو لي وحدي وما هو ملك الآخر فأمره مطروح للمناقشة".
فحينما أعلن الرئيس البوليفي الجديد ايف مورال تأميم شركات البترول في بلاده قامت الدنيا ومازالت قائمة في الولايات المتحدة الامريكية واعلن ممثلون عن الشركات البترولية الامريكية والاوروبية الكبري التي تنال نصيب الاسد من بترول بوليفيا ان القرار الأخير للرئيس البوليفي هو عودة الي سياسات التأميم البالية!! وسفح لكل القواعد المعمول بها في قوانين التجارة الدولية وتدشين جديد لسياسات التأميم والانغلاق!!
أي انهم حين يؤممون ويقفون ضد شراء رأس المال الاجنبي لمؤسسات مهمة في بلادهم فهو أمر مشروع.. ولكنه محرم علي دول العالم الثالث ان تحمي ثرواتها الطبيعية والبشرية وان تفتح كل الطرق امام المزيد من استنزاف قدراتها وطاقاتها وامتصاص دمائها لصالح الشركات المتعددة الجنسيات في امريكا واوروبا.
ولعل ذلك هو الذي دفع كثيرا من دول امريكا اللاتينية وكذلك كثير من دول شرق آسيا برفض توليفة العولمة الاقتصادية المصحوبة بروشتة البنك الدولي وصندوق التنمية وكان من الطبيعي ان المرضي الذين رفضوا هذه الروشتة الامريكية تحسنت صحتهم الاقتصادية وبدأت تدب العافية في مجتمعاتهم واقتصادهم بينما ظل آخرون ممن رضخوا لشروط البنك الدولي والولايات المتحدة طريحي الفراش والفقر الاقتصادي والعجز وعدم القدرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.