حملة لتوفير أجهزة كمبيوتر.. دعوات لتأهيل المدارس لتعليم التكنولوجيا | تفاصيل    تراجعت على العربات وبالمحال الصغيرة.. مساعٍ حكومية لخفض أسعار سندوتشات الفول والطعمية    وفقا لوزارة التخطيط.. «صيدلة كفر الشيخ» تحصد المركز الأول في التميز الإداري    الجيش الأوكراني: 96 اشتباكا قتاليا ضد القوات الروسية في يوم واحد    طائرات جيش الاحتلال تشن غارات جوية على بلدة الخيام في لبنان    3 ملايين دولار سددها الزمالك غرامات بقضايا.. عضو مجلس الإدارة يوضح|فيديو    كرة سلة - ال11 على التوالي.. الجندي يخطف ل الأهلي التأهل لنهائي الكأس أمام الجزيرة    المقاولون العرب يضمن بقاءه في الدوري الممتاز لكرة القدم النسائية بعد فوزه على سموحة بثلاثية    تصريح مثير للجدل من نجم آرسنال عن ليفربول    السجن 15 سنة لسائق ضبط بحوزته 120 طربة حشيش في الإسكندرية    إصابة أب ونجله سقطا داخل بالوعة صرف صحي بالعياط    خناقة شوارع بين طلاب وبلطجية داخل مدرسة بالهرم في الجيزة |شاهد    برومو حلقة ياسمين عبدالعزيز مع "صاحبة السعادة" تريند رقم واحد على يوتيوب    رئيس وزراء بيلاروسيا يزور متحف الحضارة وأهرامات الجيزة    بفستان سواريه.. زوجة ماجد المصري تستعرض جمالها بإطلالة أنيقة عبر إنستجرام|شاهد    ما حكم الكسب من بيع التدخين؟.. أزهري يجيب    الصحة: فائدة اللقاح ضد كورونا أعلى بكثير من مخاطره |فيديو    نصائح للاستمتاع بتناول الفسيخ والملوحة في شم النسيم    بديل اليمون في الصيف.. طريقة عمل عصير برتقال بالنعناع    سبب غياب طارق مصطفى عن مران البنك الأهلي قبل مواجهة الزمالك    شيحة: مصر قادرة على دفع الأطراف في غزة واسرائيل للوصول إلى هدنة    صحة الشيوخ توصي بتلبية احتياجات المستشفيات الجامعية من المستهلكات والمستلزمات الطبية    رئيس جهاز الشروق يقود حملة مكبرة ويحرر 12 محضر إشغالات    أمين عام الجامعة العربية ينوه بالتكامل الاقتصادي والتاريخي بين المنطقة العربية ودول آسيا الوسطى وأذربيجان    سفيرة مصر بكمبوديا تقدم أوراق اعتمادها للملك نوردوم سيهانوم    مسقط تستضيف الدورة 15 من مهرجان المسرح العربي    فيلم المتنافسون يزيح حرب أهلية من صدارة إيرادات السينما العالمية    إسرائيل تهدد ب«احتلال مناطق واسعة» في جنوب لبنان    «تحيا مصر» يوضح تفاصيل إطلاق القافلة الخامسة لدعم الأشقاء الفلسطينيين في غزة    وزير الرياضة يتابع مستجدات سير الأعمال الجارية لإنشاء استاد بورسعيد الجديد    الاتحاد الأوروبي يحيي الذكرى ال20 للتوسع شرقا مع استمرار حرب أوكرانيا    مقتل 6 أشخاص في هجوم على مسجد غربي أفغانستان    بالفيديو.. خالد الجندي: القرآن الكريم لا تنتهي عجائبه ولا أنواره الساطعات على القلب    دعاء ياسين: أحمد السقا ممثل محترف وطموحاتي في التمثيل لا حدود لها    "بتكلفة بسيطة".. أماكن رائعة للاحتفال بشم النسيم 2024 مع العائلة    القوات المسلحة تحتفل بتخريج الدفعة 165 من كلية الضباط الاحتياط    جامعة طنطا تُناقش أعداد الطلاب المقبولين بالكليات النظرية    الآن داخل المملكة العربية السعودية.. سيارة شانجان (الأسعار والأنواع والمميزات)    وفد سياحي ألماني يزور منطقة آثار بني حسن بالمنيا    هيئة الرقابة النووية والإشعاعية تجتاز المراجعة السنوية الخارجية لشهادة الايزو 9001    مصرع طفل وإصابة آخر سقطا من أعلى شجرة التوت بالسنطة    رئيس غرفة مقدمي الرعاية الصحية: القطاع الخاص لعب دورا فعالا في أزمة كورونا    وزير الأوقاف : 17 سيدة على رأس العمل ما بين وكيل وزارة ومدير عام بالوزارة منهن 4 حاصلات على الدكتوراة    «التنمية المحلية»: فتح باب التصالح في مخالفات البناء الثلاثاء المقبل    19 منظمة حقوقية تطالب بالإفراج عن الحقوقية هدى عبد المنعم    رموه من سطح بناية..الجيش الإسرائيلي يقتل شابا فلسطينيا في الخليل    تقرير حقوقي يرصد الانتهاكات بحق العمال منذ بداية 2023 وحتى فبراير 2024    مجهولون يلقون حقيبة فئران داخل اعتصام دعم غزة بجامعة كاليفورنيا (فيديو)    حملات مكثفة بأحياء الإسكندرية لضبط السلع الفاسدة وإزالة الإشغالات    «الداخلية»: تحرير 495 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة وسحب 1433 رخصة خلال 24 ساعة    "بحبها مش عايزة ترجعلي".. رجل يطعن زوجته أمام طفلتهما    استشاري طب وقائي: الصحة العالمية تشيد بإنجازات مصر في اللقاحات    إلغاء رحلات البالون الطائر بالأقصر لسوء الأحوال الجوية    عبدالجليل: سامسون لا يصلح للزمالك.. ووسام أبوعلي أثبت جدارته مع الأهلي    دعاء آخر أسبوع من شوال.. 9 أدعية تجعل لك من كل هم فرجا    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    نجم الزمالك السابق: جوميز مدرب سيء.. وتبديلاته خاطئة    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المستثمر الرئيسي‏..‏يعرقل قطار الخصخصة
نشر في الأهرام اليومي يوم 16 - 06 - 2010

إعلان الحكومة توقفت برنامج الخصخصة بعد‏20‏ عاما من الاندفاع أثار الجدل حول جدوي البرنامج وهل حقق أهدافه أم لا؟ الأمر الذي جدد الخلاف حول الخصخصة ففي الوقت الذي أكد فيه المؤيدون نجاحها في تحقيق أهدافها سواء في زيادة عوائد البيع‏50‏ مليار جنيه أو تمويل الشركات من خاسرة الي رابحة‏,‏ والحصول علي الدعم المادي من المانحين الدوليين‏,‏ وتشجيع القطاع الخاص‏,‏ و يؤكد المعارضون أن الخصخصة فشلت في تحقيق أهدافها مما جعل الحكومة توقفت البرنامج بعد أن حولت قانون قطاع الأعمال العام من قانون يهدف الي تطوير القطاع العام الي قانون يهدف الي تصفية وبيع الشركات بشكل غير مدروس‏,‏ تسبب في بطالة واحتكارات وغلق للمصانع‏.‏
لقد اتجهت الحكومة الي تطبيق برنامج الخصخصة في اطار الاتفاق مع صندوق النقد الدولي علي تطبيق برنامج الاصلاح الاقتصادي خلال حقبة التسعينيات بصدور قانون قطاع الأعمال العام رقم‏203‏ لسنة‏1991.‏
وطبقت معظم الأساليب المتعارف عليها في الخصخصة عالميا ولكنها لم تلجأ الي أسلوب خصخصة الإدارة التي تبقي علي الملكية للشركات والأصول واسناد الإدارة الي شركة متخصصة مقابل نسبة محددة يتفق عليها من الأرباح‏,‏ وهو ما يترتب عليه استمرار ملكية الدولة لأصولها وشركاتها وحصولها علي الأرباح سنويا التي تضاف الي موارد الخزانة العامة فضلا عن الضرائب التي تحقق ضمان أهداف التنمية وضمان عدم تسريح العمالة وضمان عدم زيادة الأسعار بشكل لا يتناسب مع زيادة الدخول حسب الخبراء حتي لا تحدث فجوة الدخول والأسعار‏.‏
فجأة وبدون سابق إنذار توقف قطار الخصخصة بعد عشرين عاما من الاندفاع وكانت النتيجة حسب الدراسات احتكارات وزيادة في طابور البطالة وشبه اهدار للمال العام‏,‏ وتدميرا للصناعة الوطنية‏.‏
ولأول مرة منذ بداية برنامج الخصخصة نجد الحكومة تخفض راية دائما ما كانت ترفعها في وجه الجميع وهي البيع أولا للمستثمر الاستراتيجي بحجة أنه سيأتي بالعملة الصعبة وحسن الإدارة والتكنولوجيا الحديثة والتوسع في النشاط‏.‏ حتي وجدنا الدكتور محمود محيي الدين وزير الاستثمار في حواره للأهرام الشهر الماضي يقول‏:‏ إن تجربتنا مع المستثمر الرئيسي تقول إنه حتي إذا كانت التي آلت اليه تدر أرباحا وعائدا طيبا فإنه يحرص علي زيادة أرباحه من المنشأة سواء عن طريق تقليص حجم العمالة الي الحد الأدني أو وقف بعض خطوط الانتاج أو التركيز علي إنتاج أصناف تدر ربحا أكبر‏.‏ بالإضافة الي أن عددا كبيرا من الشركات الباقية في حوزة الدولة في وضع احتكاري مثل شركة الألمونيوم المصرية‏,‏ وشركة السكر‏,‏ ولا يجوز أن نستبدل بالاحتكار العام احتكارا خاصا‏..‏
قرار الوزير جاء بعد تصريحات وزيرة القوي العاملة عائشة عبد الهادي بأن الخصخصة هي السبب في معظم معاناة العمال داخل الشركات التي تم بيعها‏.‏ تأتي هذه التصريحات بينما كان اتحاد نقابات عمال مصر ووزارة القوي العاملة علي دراية وعلم بعقود بيع الشركات للمستثمر خلال الاعوام العشرين الماضية‏!‏
نماذج للتعثر
هذه لائحة طويلة من الشركات التي اشتراها مستثمرون وتم تخريبها وبيع أراضيها‏,‏ ومنها‏:‏ طنطا للكتان والزيوت إذ تم البيع في فبراير‏2005‏ لمستثمر استراتيجي سعودي عبد اللاله الكعكي بالتقسيط بمبلغ‏83‏ مليون جنيه‏40%‏ مقدم والباقي علي ثلاثة أقساط وقام المستثمر بتطفيش العمال لبيع الأرض‏.‏ وهناك شركة النوبارية للبذور‏,‏ وتم البيع لمستثمر استراتيجي سعودي عبد الإله الكعكي بمبلغ‏103‏ ملايين جنيه وقام المستثمر بطرد العمال والاستيلاء علي الأرض البالغة مساحتها نحو‏1500‏ فدان بالإضافة إلي‏20‏ ألف فدان أخري تصدي لبيعها‏.‏
أما شركة الغازات الصناعية فبيعت لرجل الأعمال إبراهيم إسماعيل في عام‏2007‏ لكنه قام بإغلاق مصنع الاستيلين وبيع معداته وأراد بيع أرض المصنع في محرم بك لولا تدخل الحكومة‏.‏ وبيعت الشركة العربية لحليج الأقطان عام‏1996,‏ وقام المستثمرون بفصل الأرض عن الشركة‏,‏ وأسسوا شركة للعقارات لإنشاء مساكن علي الأرض بمساحة‏609‏ آلاف متر‏!‏
أما شركة المعدات التليفونية فبيع‏90%‏ منها بسعر‏91‏ مليون جنيه عام‏1999‏ بالتقسيط‏,30%‏ مقدم والباقي علي‏6‏ أقساط‏,‏ وقامت الحكومة بدعم المستثمر بإعطائه عقود توريد بالأمر المباشر من الشركة المصرية للاتصالات بقيمة مليار جنيه علي مدي‏5‏ سنوات في الفترة من‏2000‏ حتي‏2005‏ في عام‏2006‏ بدأ المستثمر في تخريب الشركة وتسريح العمالة لبيع أراضي الشركة علي نيل المعصرة بمساحة‏63‏ ألف متر مربع‏.‏
وهناك صفقة عمر أفندي‏,‏ وتم بيع‏90%‏ منها عام‏2007‏ لمستثمر سعودي هو جميل قنبيط مقابل‏589‏ مليون جنيه‏,‏ وفضلا عن ذلك خالف عقد البيع ورهن عددا من الأفرع للبنوك وصرف قرابة‏100‏ مليون جنيه من الأموال علي المعاش المبكر والدعاية تحت بند التطوير‏!‏ أما شركة المراجل التجارية فتم تقييمها ب‏24‏ مليون جنيه وبيعت لمستثمر أمريكي كندي ب‏17‏ مليونا ثم قام المستثمر ببيع أرض الشركة الواقعة في منيل شيحة بمبلغ‏131‏ مليون جنيه بعد تخريب الشركة‏.‏
وبيعت شركة بيبسي كولا بنحو‏52‏ مليون دولار‏,‏ وبعد أربع سنوات قام المشتري ببيع‏77%‏ من أسهم الشركة لشركة بيبسي كولا العالمية مقابل‏400‏ مليون دولار‏.‏ أما شركة القاهرة للزيوت فبيعت لمستثمر بسعر‏58‏ مليون جنيه وبعد عدة أشهر قام المستثمر بتخريب أحد مصانعها الأربعة وباع أرضه بمبلغ‏148‏ مليون جنيه وباع جهاز فصل النيتروجين فقط بنحو‏50‏ مليون جنيه‏.‏
تساؤلات‏..‏ وإجابات
ما سبق ذكره يثير عددا من التساؤلات حول مدي تحقيق الخصخصة لأهدافها وهل الأخطاء السالف ذكرها عيب في الخصخصة أم في التطبيق؟ وهل توقف البرنامج هو الحل؟
في البداية يقول الدكتور مصطفي السعيد رئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس الشعب ووزير الاقتصاد الأسبق‏:‏ إن التفكير في الخصخصة جاء مع بداية تطبيق الفكر الرأسمالية فعقب سقوط الاتحاد السوفيتي وإنفراد أمريكا بقيادة العالم تشكلت مجموعة من المفكرين خرجت باجتماع واشنطن الذي وضع شكل النظام الاقتصادي الجديد الرأسمالي القائم علي تحرير التجارة والاستقرار النقدي والمنافسة وأخيرا الخصخصة وجاءت الخصخصة كفكرة تنموية تخدم في الأساس الشركات متعددة الجنسيات بتصفية القطاع العام دون النظر إلي مصلحة الدول حتي وإن كان القطاع العام يخدم الدولة‏,‏ وهو ما حدث في مصر فإن تطبيق الخصخصة لم يهدف إلي التنمية ولكن للتصفية ووضع الحصيلة في الخزانة العامة للدولة‏.‏ وأضاف السعيد أنه طبقا لتقرير صندوق النقد الدولي حول الشركات التي تمت خصخصتها في شمال افريقيا فإنها لم تؤد إلي زيادة في العمالة أو إلي دعم التكنولوجيا لذلك لم تحقق الخصخصة الأهداف التي طبقت من أجلها سواء زيادة التنمية أو عدالة التوزيع‏.‏
ويؤكد رئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس الشعب عدم وجود تعارض في وجود قطاع عام قوي يؤدي إلي تنمية في ظل النظام الرأسمالي بشرط أن يكون هذا القطاع العام ليس فاسدا‏,‏ وصرح مبررات لضرورة وجود القطاع العام منها دخوله في المشروعات ذات الجدوي الاجتماعية والمشروعات ذات الدواعي الأمنية أو التي تشجع علي المنافسة وتمنع الممارسات الاحتكارية موضحا أن‏35%‏ من الاقتصاد الأمريكي قطاع عام‏.‏
الخطأ يتكرر
نقطة أخري يفجرها المهندس محمد عبدالوهاب وزير الصناعة الأسبق‏(‏ من عام‏1984‏ عام‏1993)‏ هي أن قانون قطاع الأعمال العام رقم‏203‏ لسنة‏1991‏ القائمة عليه الخصخصة لم يكن هدفه بيع الشركات أو الخصخصة وإنما تطوير القطاع العام واعطاؤه استقلالا ذاتيا يمكنه من المنافسة بنفس آليات القطاع الخاص ولتمويل هذا التطوير أعطي القانون الحق للشركة القابضة في بيع أصل من أصول الشركة لصالح محفظة الشركة وليس لتصفيتها ولكن ما حدث والكلام للمهندس محمد عبدالوهاب هو استخدام القانون لغير غرضه‏,‏ وأصبح البيع هدفا في حد ذاته وليس وسيلة للتطوير‏.‏
ويسرد وزير الصناعة الأسبق قصة الخصخصة بأن الحديث مع صندوق النقد الدولي في بداية التسعينيات دار حول ضرورة حصول القطاع الخاص علي حقه في التنمية وهو أمر نؤيده جميعا ولم يكن الحديث في ذلك الوقت عن الخصخصة التي تقوم علي تحويل العام إلي خاص‏,‏ وإنما تشجيع المبادرات الفردية وإتاحة الطريق أمام القطاع الخاص للدخول باستثماراته في إنشاء مصانع وشركات جديدة‏,‏ موضحا أن مصر بتطبيق الخصخصة وقعت في نفس الخطأ مرتين الأولي عندما قامت بعمليات التأميم وسيطرت علي أدوات الانتاج وكان الأفضل ان تقوم بإنشاء قواعد صناعية جديدة والخطأ الثاني هو الخصخصة وكان الأفضل قيام القطاع الخاص بإنشاء مصانع جديدة خاصة أن مصر تحتاج إلي التوسع الأفقي في الانتاج الصناعي‏.‏
تلك المعارضة لبرنامج الخصخصة التي جاءت من جانب خبيرين علي درجة عالية من التخصص قوبلت بوجهة نظر أخري مغايرة لها‏,‏ ومؤيدة للخصخصة من جانب خبيرين أيضا علي درجة عالية من التخصص‏.‏
ضرورة ولكن
يقول الدكتور سلطان أبوعلي وزير الاقتصاد الأسبق الذي ابتدع مصطلح الخصخصة عام‏1988‏ إن الخصخصة ضرورة ليس من منطلق أيديولوجي ولكن من منطلق الحاجة وهذا الرأي ما وافقني عليه الرئيس الصيني الأسبق خلال زيارتي لبكين عام‏.1985‏ موضحا أن المعارضة والانتقادات التي تواجه البرنامج جاءت بسبب أخطاء ارتكبتها الحكومة في إدار ة عملية الخصخصة منها‏:‏ تصريح الحكومة في عام‏2004‏ بأن كل شيء معروض للبيع‏,‏ وبأي ثمن وهو تصريح استفزازي وخطأ جسيم ما كان ينبغي الوقوع فيه كما أ التصريح الحالي للحكومة بأنها توقفت عن البيع نظرا للاعتراض علي نتائج الخصخصة وخاصة تسريح بعض العمالة خطأ أيضا لأنه رد فعل عصبي وليس فعلا قائما علي رؤية واضحة تسير عليها الحكومة‏,‏ كما أدت التصفوية أي بيع وحدات القطاع العام كأسلوب للخصخصة في بعض الأنشطة وخاصة الحديد والأسمنت والأسمدة إلي نشوء احتكارات بالمستهلكين بالاضافة إلي عدم متابعة الحكومة الكافية للوحدات التي تمت تصفويتها للتأكد من التزام المشترين بشروط التعاقد مما أدي إلي حدوث انحرافات‏.‏ ويوضح أن الأخطاء ليست عيبا في الخصخصة حيث إن المبدأ سليم ولكن الأخطاء في سوء التنفيذ‏.‏ ويتابع الدكتور سلطان أبوعلي أن أي سياسة اقتصادية لها منافع وتكاليف وإن كان أهم تكاليف الخصخصة تسريح العمالة بالمعاش المبكر وعدم التوسع بالقدر الكافي في توفير فرص عمل جديدة وفقدان المساندة السياسية من قبل العمال والبيروقراطيين فإن مكاسبها عديدة منها الدعم المادي من المانحين الدوليين والدعم السياسي من القطاع الخاص وتمويل عجز الموازنة العامة للدولة بتخصيص‏50%‏ من حصيلة الخصخصة والتأكيد علي مصداقية الحكومة في السعي نحو اقتصاد السوق
وأخيرا يري وزير الأقتصاد الأسبق أن مشاكل تسريح العمال في بعض الشركات تستدعي ضرورة علاجها ولا تمثل المشكلة الأكبر في حسن إدارة الاقتصاد‏..‏ كما أن عدالة توزيع الدخول والقضاء علي البطالة تتم ببرنامج للإصلاح الهيكلي‏,‏ وما الخصخصة إلا جزء منه ولم تنجز الخصخصة بالكامل كما لم توضع أجزاء عديدة من برنامج الإصلاح موضع التنفيذ الشامل مثل القضاء علي البيروقراطية المعوقة وإقلال التركيز علي الجباية المالية‏,‏ ومنع ارتفاع تكلفة أداء الأعمال‏,‏ وإصلاح قانون العمل والاعتدال في تكلفة المرافق العامة للمشروعات الإنتاجية‏.‏
إدارة الأصول
ويدافع محمد حسونة مستشار مكتب وزير الاستثمار عن برنامج الخصخصة موضحا أن مفهوم إدارة الأصول المملوكة لقطاع الأعمال العام لا يرتكز علي البيع‏(‏ الخصخصة‏)‏ وإنما علي تعظيم قيمة محفظة قطاع الأعمال العام حرصا علي المال العام وعلي استقرار الأوضاع في الشركات بما ينعكس علي استقرار أوضاع العاملين بها وزيادة متوسطات الأجور والحوافز‏,‏ مضيفا أن جهود الوزارة تركزت عي ضخ استثمارات جديدة في الشركات من أجل التطوير والتحديث وتصويب مسارها إذ إن إجمالي الاستثمارات المنفذة في شركات قطاع الأعمال العام للإحلال والتجديد وعددها‏150‏ شركة بلغت خلال عام‏2009/2008‏ نحو‏5‏ مليارات جنيه ومتوقع استثمارات إضافية خلال العام‏2010/2009‏ حسب الموازنات المعتمدة تقرب من‏6‏ مليارات جنيه ليصل الإجمالي منذ عام‏2004‏ حتي يونيو‏2010‏ إلي نحو‏20‏ مليار جنيه‏.‏
كما شهد برنامج إدارة الأصول أضاف حسونة في إطار إصلاح مسار الشركات تسوية‏20‏ مليار جنيه من مديونية الشركات حققت وفرا يزيد علي ملياري جنيه تمثل تكاليف التمويل السنوية التي كانت تتحملها الشركة وجار إتمام المرحلة الأخيرة من تسوية الديون المتعثرة المستحقة علي الشركات التي بلغت‏8‏ مليارات جنيه في يونيو‏2009‏ انخفضت الي‏4‏ مليارات جنيه في ديسمبر‏2009‏ وسيتم تسويتها بالكامل قبل يونيو‏2010‏
ويؤكد حسونة أن تسوية الديون أدي إلي وفر سنوي في الفوائد يقدر بنحو‏3‏ مليارات جنيه واستقرار العمالة وزيادة دخلهم بالإضافة إلي تحسين محافظ القروض في البنوك المصرية حفاظا علي أموال المودعين‏,‏ وطبقا لأرقام الجهاز المركزي للمحاسبات فإن نصيب‏150‏ شركة تابعة لقطاع الأعمال العام التي يعمل بها‏320‏ ألف عامل من عمليات الهيكلة المالية‏(‏ تسوية ديون وضخ استثمارات‏)‏ بلغ ما يقرب من‏50‏ مليار جنيه من يوليو‏2004‏ حتي يونيو‏2010,‏ الأمر الذي يثبت بما لا يدع مجالا للشك أن هدف الدولة ليس التخلص من قطاع الأعمال وبيعه بأثمان بخس وإنما الهدف تعظيم قيمته‏,‏ وقد أدي ذلك إلي أن الشركات حقت أرباحا إجمالية‏15‏ مليار جنيه منذ يوليو‏2004‏ حتي يونيو‏2009‏ بعد أن حققت خسائر بلغت عام‏2003‏ نحو‏3,1‏ مليار جنيه‏.‏
ويختم حسونة كلامه بأن الشركات التي تم طرحها كلها كانت قد حصلت علي قرار باتخاذ إجراءات البيع من اللجنة الوزارية للخصخصة قبل عام‏2004,‏ كما وضعت هذه اللجنة الضوابط الخاصة بعمليات البيع وعلي رأسها الضوابط الخاصة بالأراضي المستغلة وغير المستغلة وذلك عام‏1996‏ و‏1997‏ تحديدا أما عن أية مشاكل قد تصادف بعض الشركات بعد بيعها فهو أمر وارد وحدث في جميع التجارب المماثلة في دول العالم وعلي كل ف إن هناك جهة تتابع ذلك فيما يخصها حيث إن الشركات المبيعة مازالت تعمل تحت مظلة القوانين المصرية ويعمل بها مواطنون مصريون‏.‏
من جانبه يري عادل العزبي نائب رئيس الشعبة العامة للمستثمرين بالاتحاد العام للغرف التجارية أن العيب ليس في المستثمرين الذين حصلوا علي شركات قطاع الأعمال العام وحققوا أرباحا بالمليارات لأنهم وجدوا فرصة جيدة للربح فحصلوا عليها ولكن العيب في ضعف كفاءة القائمين علي عملية الخصخصة سواء قانونيا خاصة بوجود ثغرات في عقود البيع أو ماليا عدم القدرة علي التقييم الجيد طبقا للتوقعات المستقبلية وأيضا فإن المستثمر المصري لم يبذل جهدا في الأستئثار بالمشروعات التي عرضت في برنامج الخصخصة وتركها لمستثمرين عرب وأجانب لا يهتمون بالجانب الاجتماعي ومصلحة المستهلك المصري‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.