تحقيق أحمد الشربيني ومحمود مقلد: أعلنت الحكومة المصرية مؤخراً عن الإعداد لوضع خطة عاجلة لتصفية شركات القطاع العام الخاسرة في إطار تفعيل برنامج الخصخصة خلال الفترة القادمة، مما أثار الجدل في الأوساط الاقتصادية المختلفة فبينما رحب بعض الخبراء ورجال الأعمال بهذا القرار مؤكدين أنه تأخر كثيراً عن موعده لأنه سيخلص الدولة من عبء النزيف المستمر المتمثل في خسائر تلك الشركات والذي كلف الدولة والخزانة كثيراً وساهم في زيادة عجز الموازنة العامة. علي الجانب الآخر رفض البعض اتخاذ أية خطوات للتصفية دون إجراء التقييم اللازم من خلال لجان مختصة مقترحين أن يتم الإصلاح علي أساس تقييم الشركات ومن خلال أساليب خصخصة الإدارة ومشاركة القطاع الخاص والإصلاح من خلال بيوت الخبرة المتخصصة قبل البيع الكامل للشركات بأسلوب الأسهم مع توخي الحذر مع الشركات الاستراتيجية المهمة بالقطاع العام أثناء عمليات الإصلاح أو تصفية أسهمها. "العالم اليوم" ناقشت القضية مع الخبراء ورجال الأعمال خلال التحقيق التالي: نظام الخصخصة د. مصطفي السعيد وزير الاقتصاد الأسبق يري أن خطوة الدولة للإسراع بتصفية شركات القطاع العام الخاسرة تتفق مع خطط تفعيل وإنجاح برنامج الخصخصة والذي شهد حالة من البطء والركود خلال الفترة الماضية. ويقول إن الدولة مادامت قررت تطبيق نظام الخصخصة فلابد أن تنفذه بالكامل وبشكل سريع وكان يجب عليها وضع خطة لتصفية الشركات التي تعاني خسائر طائلة كما أن عليها أن تترك عمليات الإصلاح للمستثمرين والقطاع الخاص الذي سيقوم بشراء تلك الشركات والتي لو طالت بعد ذلك فترة ملكية الحكومة لها فان ذلك سيؤدي إلي العديد من الخسائر المالية والاضرار للقطاع العام بشكل شامل والذي سيتعرض لانهيار كما حدث من قبل في عدة أشكال ويضيف السعيد أن قطاع الغزل والنسيج بشكل خاص دفع ثمن تمسك الدولة بعدم الإسراع ببيع الشركات الخاسرة والمتعثرة فيه بعد تحقيقها لخسائر مرتفعة كلفت خزانة الدولة الكثير.. مشيراً إلي أن بيع تلك الشركات سيرجع بالفوائد علي الدولة وعلي السوق والاقتصاد المصري ككل الذي سينشط بشكل ما مع بيع تلك الشركات خاصة أن فاتورة إصلاحها ستستهلك تكاليف باهظة ووقتاً طويلاً. ويضيف وزير الاقتصاد السابق أن الخصخصة تعني البيع بشكل سريع وفعال ولكنها استهلكت وقتاً طويلاً في مصر دون جدوي بسبب اصرار البعض علي التمسك بشركات خاسرة ومتعثرة موضحاً أن هذا لا يعني بالضرورة البيع الكامل لجميع الشركات فظروف كل شركة تحدد وضعها وخططها وآمال وجدوي الإصلاح فيها مع مراعاة تقييم كل حالة علي حدة في عمليات الإصلاح أو البيع وعدم الأخذ بمبدأ التعميم في كل الحالات مع تحديد أشكال التصفية المختلفة والمناسبة لتلك الشركات مع إعداد دراسات لحجم الاستثمار فيها والعائد في حالة الإصلاح أو البيع مع الاتفاق أن مبدأ التصفية هو الأساس في التعامل مع جميع شركات القطاع العام التي بلغت خسائرها الحدود المناسبة. ويرفض د. السعيد أية محاولات للدولة في التركيز علي إصلاح بعض تلك الشركات قبل التصفية مشيراً إلي أن ذلك سيكلف الدولة الكثير دون جدوي معقولة، مع وجود حلول وبدائل جاهزة بالبيع الكلي لمستثمرين يتولون عمليات الإصلاح والاندماج بالسوق. تقييم الشركات ويري جمال الناظر رئيس جمعية رجال الأعمال المصرية أن قرار تصفية بعض الشركات الخاسرة أمر مقبول وغير مستبعد لكن الأفضل تقييم هذه الشركات أولاً وعرضها علي خبراء لأن هذا ممكن أن يفرز حلولاً جديدة لها الأفضلية عن البيع مشيراً إلي أنه لا مانع من وجود خبراء من خارج الحكومة لتقييم وضع هذه الشركات قبل اتخاذ قرار بتصفيتها. وحول أهم الحلول المقترحة للحفاظ علي هذه الشركات قال الناظر إن هناك حلولاً كثيرة وطرقاً عديدة طبقت في دول كثيرة مطالباً بوجود دور أكبر للبنوك خلال الفترة القادمة خاصة في ظل الاحجام الكبير الذي يشهده القطاع الخاص من جانب البنوك، فالجهاز المصرفي يمكن أن يقوم بدور محوري في علاج أوضاع هذه الشركات من خلال التمويل وضخ استثمارات جديدة بهذه الشركات سواء بمنحها قروضاً أو الدخول كشريك تجاري بعد دراسة وتقييم وضعها ومعرفة مدي جدوي استمرارها فالبنوك يمكن أن تسوق هذه الشركات، وإذ كان هناك ضرورة للتصفية فلابد أن نبدأ بالشركات الخاسرة وأهمها شركات الغزل والنسيج التي يبلغ حجم خسائرها 5.1 مليار جنيه وإذا فشل التحديث لها فالتصفية هنا الحل الأمثل لأن الربحية غير مضمونة والنتيجة أيضاً غير معروفة.