«لم أكن أتخيل يوما بأنه يحبنى وينظر لى كزوجة.. فهو يكبرنى بعشرين عاما كيف يتخيل عقله بأنى سأوافق عليه.. وكيف تناسى اختلافى الفكرى معه.. إنه شت عقله وجن جنونه فعلا» تحدثت «ياسمين» مع صديقتها المقربة لها عما يغم قلبها، وسردت لها عن ابن عمها الذى يهدد حياتها ويفرض حبه عليها بأسلوب البلطجة. أخذت «ياسمين» تسترجع شريط ذكرياتها مع صديقتها المقربة فى الجامعة، وبدأت تروى تفاصيل مشكلتها مع هذا الحب المفروض عليها. وسردت لها بداية انفجار المشكلة والتى كانت أثناء مرحلة الثانوية العامة، عندما كانت تنزل من منزل والدها لتجد ابن عمها فى الشارع وينتظرها لتوصيلها لمكان الدروس الخصوصية، رفضت فى البداية أكثر من مرة إلا أنه ألح عليها وتحجج بأنها مثل شقيقته ويخشى عليها من المعاكسات والمضايقات التى قد تصادفها أثناء الطريق، وبنية طيبة وافقت على توصيلها للدروس، ولكن نظراته لها كانت ترهبها وفى بعض الأحيان تتعجبها، خاصة بعد أن فتح معها باب الدردشة حول مواصفات فتى أحلامها، وهربت من الإجابة عليه بأنها لا تفكر فى هذه الأمور حاليا إلا أن تحصل على مجموع عالٍ ليؤهلها لدخول كلية الصيدلة وتحقق أحلامها، لتصطدم بأن مصيرها البيت، وأن أى فتاة كل حلمها الزواج وعش الزوجية فقط. استمرت هذه المجادلة لأكثر من ساعة انتهت بخلاف بينهما فى وجهات النظر. شعرت «ياسمين» أن ابن عمها لا ينظر لها كشقيقته كما كانت تعتقد، فحاولت أن تتهرب منه، سواء كان اجتماعا عائليا أو أى مناسبة، كما أنها اتفقت مع إحدى صديقاتها بأن تذهبا سويا للدرس حتى تنقذها من ملاحقة ابن عمها «أحمد». وفشلت بالفعل كل محاولات ابن عمها فى توصيلها مجددا لأى درس. وهنا جن جنونه وبدأ يراقبها ظنا أنها قد تعرفت على أحد الشباب فى الدرس وأعجبت به. وبدأ يفتعل لها المشاكل فى الشارع تارة، وتارة أخرى يرسل لها رسائل حب. لم تجد «ياسمين» مفراً إلا أن تخبر أفراد أسرتها بكل شىء، وهنا اشتعلت نار الخلافات العائلية، حيث وقف الأب والأم أمام «أحمد» وطلبوه بعدم تعرضه لابنتهما مجددا، لكنه أنكر كل أفعاله وأكد أنه يحاول حمايتها من المعاكسات. ونجحت «ياسمين» فى الثانوية العامة وحققت حلمها ودخلت كلية الصيدلة، وأثناء سنوات الدراسة حاول أن يتقرب لها ويصارحها مباشرة بحبه لها منذ أن كانت طفلة، وأنه يرغب فى الزواج منها، وحاول أن يفرش لها أحلاما من الجنة، ولكنها قابلته باستهزاء ورفض صارخ، فجن جنونه وهددها بأنها لن تكون لشخص آخر غيره وأنه سيقتلها إذا أحبت أحدا. لم تستوعب «ياسمين» ما قاله هذا جنون وأخذت تشكوه لوالدها وهى تبكى بحرقة، استشاط الوالد غضبا وأخذ يشكيه لأشقائه لأن والده متوفى، وأخذ الأب يهدده بالسجن إذا تعرض لابنته مرة أخرى، وأمره بأن يبتعد تماما عنها، قائلا «هى لن تتزوجك حتى إن كان آخر رجل على الارض.. كيف أعطى ابنتى لواحد حشاش مدمن»... واشتدت الخلافات الأسرية بينهم بسبب هذا الموضوع مرة ثانية. وفى السنة النهائية لياسيمن تقرب منها معيد بالكلية، وشعرت بأن الحب يطرق قلبها للمرة الأولى ويرقص طربا كلما تقابلت أعينهما أثناء المحاضرة، أحست بأنه سندها ويفهمها قبل أن تتحدث شعرت بالحماية معه، وأنها تستطيع أن تتغلب على العالم كله، وأيقنت أنه هو نصفها الثانى التى كانت تنتظره لتفتح قلبها له. وبالفعل تقدم لخطبتها وسط زغاريد الأهالى وفرحة الأم، ولكن المجنون العاشق لم يستسلم بل قام بمطاردتها فى كل خطواتها ويهددها بالقتل إذا تم الزواج. قائلا «سأقتلك من شدة حبى لك لأنى لا أستطيع أن أراكى مع رجل غيرى». وذات مرة اعترضها فى الشارع وجذبها من يدها، فلم تجد حلا سوا أن تقوم بتحرير محضر تحرش ضده، واحترامًا لشقيقته ذهبت للقسم، وتنازلت عن المحضر، إلا أنه لم ينته من مطاردتها وقام بتهديدها أمام أهلها مرة أخرى وصرح قائلا: «لن أجعلها تفرح لحظة واحدة بزواجها». فلم يجد والد ياسمين حلا حيث ذهب تكرارا لأشقائه للحديث معهم، لمنعه من أى رد فعل يمس نجلته، ولكن لم يستطع أحد التأثير عليه، واستمر فى مطاردتها. وجاءت ساعة كتب كتاب ياسمين فى إحدى القاعات بأحد مساجد مدينة السلام، شعرت «ياسمين» بقلق شديد ولكن خطيبها أخذ يهدئ من روعها ويؤكد لها أنه بجانبها ولن يصيبها أى مكروه، قائلا لها «أنت جزء منى ومستعد أن أفديكى بروحى» وحاول أن يتغزل فيها حتى يجعلها تضحك ويبعد القلق عنها. لكن قلبها كان يعلم بأن الشر كان يحوم حولها محاولا قتلها للانتقام منها. حضر المجنون العاشق وألقى عليهما زجاجة مولوتوف عقب دخولها السيارة قائلا «هذا من أجل حبى لكِ حتى تكونى ملكى فى الآخرة» ثم ألقى بزجاجة أخرى على أسرتها للانتقام منهم قائلا «وهذا جزاءكم على رفضى الزواج منها». تعالت الصرخات بدلا من الزغاريد والطبول، وانتشرت الفوضى فى المكان، البعض يحاول الهروب من هذا المجنون والآخر يحاول مساعدة الضحايا التى مسكت النيران فى ملابسهم، ومن شدة النيران لم تستطع العروس الخروج من السيارة ولفظت أنفاسها محترقة، وأصيب زوجها وأسرتها بإصابات بالغة وتم نقلهم للمستشفى. وأصيب المتهم بحالة بكاء هستيرى أمام النيابة قائلا «أنا حذرتها هى وأسرتها أنى لن أتركها تفرح لحظة بدونى.. لكن هم السبب لم يصدقوا كلامى»، وتبين أن المتهم كان فى حالة سكر أثناء ارتكابه هذه الجريمة البشعة التى راحت فيه عروس بفستانها الأبيض فى يوم زفافها.