من منا لم يكن مولعًا في صغره بأفلام كرتون التسعينات مثل كابتن ماجد وبكار وعلاء الدين, وربما لا تزال بقايا تلك القصص الجميلة مُنطبعة في ذاكرتنا؛ الأمر الذي جعلنا نعتبرها هي التسلية البريئة التي نُقدمها لأبنائنا. لكن في السنوات القليلة الأخيرة أصبحت هذه التسلية خطرًا ينتزع من أبناءنا خصال البراءة؛ فأغلب "الرسوم المتحركة" أو الكرتون يُعبر عن الثقافة الغربية, وينشر أفكار ضد العقيدة مثل الخلود وقدرة الإنسان على التحكم في قوى الطبيعة وتطبع في ذاكرتهم بعض الشارات والطقوس الشيطانية, كما تعرض على أبنائنا مشاهد العلاقات الرومانسية ومشاهد العري والعنف على إنها أمور طبيعية، مشاهد غير مناسبة تغزو عقول الأطفال غير قادرين علي إدراكها مما يتسبب في بث عادات غربية مخالفة للعقيدة والمجتمع الشرقي . لكن هذه الصورة قد لا تغيب عن أولياء الأمور الذين يدركون جيدًا مسئولية تنشئة الأبناء, والذين يعينون أنفسهم مراقبين لسلوك أطفالهم تارة ومرشدين لهم تارة أخرى, بناءً على ما صرح به بعض أولياء الأمور, حيث أشارت مروة محسن إلى إنها تترك ابنتها أمام الكرتون حوالي ساعتين أو ثلاثة فقط, مضيفة "كله عنف وأشكال فظيعة ومشاهد خنازير وعين واحدة..", بينما أكدت منى العربى "أطفالي لا يشاهدون الكرتون, ومصدر تسليتهم هو لعبة المكعبات والكمبيوتر". بينما تغيب عن البعض الآخر الذين تعتذر عنهم مشاغل الحياة, أوضح أحمد شفيق أن أولاده يشاهدون الكرتون فترة طويلة بخاصة في غيابه, وأنه يعتبر الكرتون أفضل من الأغاني والأفلام, "الإيحاءات عامة على التليفزيون, كيف نستبعدها عن الكرتون؟!". وصفت الدكتورة مروة ياسين أستاذ علم الاجتماع بكلية الإعلام, الأطفال ب"النبتة البريئة"؛ لأنهم لا يمتلكون خبرات اتصالية, بينما بعض المشاهد التى يتعرضون لها في الكرتون ليست بريئة, ومناعة الطفل هشة أمام مشاهد العري والعنف الدموي والرومانسيات, والتي نلاحظ تأثيرها عندما تنشر بعض الفتيات الصغيرات صور لأجزاء من أجسادهن على مواقع التواصل؛ وفي اعتقادهن أنه أمر طبيعي. وأضافت ياسين أن هذه المنتجات الغربية تحمل أجندات خاصة ضمن حروب الجيل الرابع وتستطيع أن تؤثر سلبيًا في معتقدات الطفل وسلوكياته في المستقبل وخطر جدًا أن يتربى الطفل وسط هذه الحروب, مضيفة "هذه منظومة خطرة جدًا على المجتمع ونرى أنها تبث لأبناءنا أفكارًا خطيرة مثل فكرة اللاإله وسيطرة الأبطال اللامحدودة على الكون". وأكدت أن ثقافتنا العربية لا تعنى ياميش رمضان أو قمر الدين, لكنها قواعد وأعراف ومبادئ الدين ولابد أن يكون الأم والأب على وعي بهذه الثقافة ونعلمها لأولادنا من خلال القرآن والإنجيل ونرشدهم لقواعدنا, موضحة "نقولهم القرآن قال كدة الإنجيل قال كدة ونفتحلهم خريطة العالم نشرحلهم عليها, ونؤكد لهم على ثقافة احترام الوطن". وأوضح الدكتور جمال فرويز طبيب أمراض نفسية, أن الطفل وليد التقليد, أي أنه يقلد كل ما يشاهده, وهذا يتوقف أيضًا على مدى خبرة الطفل؛ لذا إن كان الطفل يتعرض لمشاهد لأول مرة نجده يسأل كثيرًا حتى يجد تفسير لما تعرض له, وربما نجده يقلد مايراه مع أمه أو أخته أو أصدقاءه, مضيفًا "مشاهد العنف التي يتعرض لها الطفل تسبب له اضطرابات نفسية وخلل في نظام نومه". كما أشار فرويز إلى الدور المنوط به الوالدين لتجنب ترسيخ مثل هذه الأفكار في عقول أبنائهم, بأن نفرق لهم بأمور واضحة بين الصواب والخطأ, ولابد من وجود رقابة على مشاهدتهم حتى لو للحظات على فترات متباعدة, ولابد أن نرد على تساؤلات الطفل بإجابة كاملة لكن بالأسلوب الذي يتوافق مع عمره.