يشهد قطاع اللحوم ارتفاعات غير مسبوقة فى الأسعار، وصلت تداعياتها للعاملين فى القطاع بعدما تراجعت المبيعات بصورة كبيرة، رغم أن عيد الأضحى على الأبواب، إلا أن الأسعار التى تفوق قدرة المواطن الشرائية جعلته يعزف إلى حد كبير عن الشراء. يؤكد سيد نواوى، عضو غرفة القاهرة التجارية، أن قطاع الإنتاج الحيوانى يفتقد إلى كل مقومات الصناعة الجيدة، والتى تؤهلنا لزيادة الإنتاج وإنقاذ القطاع من مزيد من التدهور فعلى سبيل المثال مصر لا تنتج أى نوع من الأعلاف بكميات تكفى لغذاء الماشية، بالإضافة لنقطة مهمة أن الطبيب البيطرى لم يعد يقوم بدوره المؤهل له منذ تخرجه كرعاية الماشية صحيًا وتقديم الأدوية اللازمة للعلاج. وأصبح الدور المنوط به هو القيام بحملات على الأسواق والتفرغ لمتابعة عمليات الذبح فى المجازر. وأضاف أن مصر منذ فترة طويلة أصبحت تعتمد على الاستيراد، والذى يزداد سنويًا بنفس مقدار التآكل والتراجع فى الثروة الحيوانية والتى بدلًا من البحث عن حلول لإنقاذها سلكت الطريق الأسهل وهو الاستيراد. فمنذ انتهاء زراعة الكسب المستخرج من بذرة القطن وتحول المزارعين عن زراعة الذرة الصفراء والبرسيم، واللجوء لزراعة محاصيل يرونها مفيدة بصورة أكبر لهم لارتفاع أسعارها وعدم وضع وزارة الزراعة خطة لإعادة الأمور لنصابها للنهوض بالقطاع ستظل الأجيال القادمة تدفع ثمن فشل السياسات. ويرى «نواوى» أن أسعار اللحوم فى الأسابيع الأخيرة مغالى فيها إلى حد ما وبرر تصرف الجزارين بارتفاع التكلفة بعد تحريك أسعار الكهرباء والمياه، بالإضافة للنولون بالإضافة إلى تراجع الشراء دفعهم لمزيد من الزيادات فى السعر. ويرى أن أهم الحلول هو وضع منظومة إنتاجية متكاملة لصناعة اللحوم بدأ من توفير أماكن للتربية انتهاءً بإقامة مصنع للأعلاف قريب من أماكن الإنتاج. ويكون ذلك من خلال طرح مناطق فى الصحراء لإقامة مدينة متكاملة بشرط أن يشغلها المهتمون بالصناعة من القطاع الخاص بعيدًا عن بيروقراطية الحكومة وألا تزيد الأماكن التى يتم توزيعها على المربين علي 5 أفدنة وهو رقم مناسب للتربية. وأشار إلى أن مشروع البتلو الذى أطلقته الوزارة مؤخرًا جيد رغم أنه أدى لتكالب المربين على شراء الأعلاف بكميات كبيرة، بهدف التربية إلا أنه سيؤدى لإيجاد توازن فى المعروض والحد من الاستيراد. وأكد نواوى أن الشحنات المستوردة رغم تراجعها إلى حد ما جيدة فى ظل تراجع القدرة الشرائية للمواطنين، وأرجع ارتفاع أسعارها إلى الارتفاع عالميًا بالإضافة إلى تضاعف سعر الدولار. وأشار أحمد صقر سكرتير غرفة الإسكندرية التجارية إلى أن أهم أسباب ارتفاع اللحوم خلال العشرين عامًا الأخيرة هى فقر الإنتاجية من اللحوم البلدى والتى أصبحت تعانى من شح كبير فى الفترة الأخيرة، فى ظل عدم البحث عن حلول من خلال تحسين المنظومة والمعامل الوراثى فى ظل ضعف إنتاجية الحيوان وإرهاقه فى أعمال الحقل، فأثر بدوره على الكميات المنتجة من اللحوم والألبان، بالإضافة للتراجع الحاد للرقعة الزراعية من جميع أصناف الأعلاف المستخدمة كطعام للحيوان، ولجأت الحكومة للحلول الأكثر جدوى على المدى القصير وهى الاستيراد من الخارج، ولكن هذه السياسة كان لها تداعياتها فى الفترة الأخيرة، فأدت إلى تآكل الثروة الحيوانية بعد عزوف معظم المربين عن التربية فى ظل تجاهل الدولة للقطاع والنقص الحاد للأعلاف، بالإضافة إلى نقطة مهمة أغفلتها وهى متغيرات سعر الدولار بالإضافة لأسعار الأبقار عالميًا ومتغيرات الأسواق. واعتبر صقر أن مشروع البتلو منقوص فى ظل اعتماد الحكومة على استيراد الأعلاف بالكامل مؤكدًا أن المشروع يصبح متكاملًا لو اتجهت لإقامة مصنع أعلاف ضخم بجوار أماكن التربية فلا يتصور تربية حيوان بدون طعام. وكشف صقر أن ارتفاع أسعار الأراضى الفلكية فى الفترة الأخيرة، دفع معظم المربين للتخلى عن التربية المكلفة، وبيع أراضيهم بالإضافة إلى أنه فى الفترة الأخيرة نفق نحو 30% من الماشية بعد لجوء وزارة الزراعة لاستيراد عجول تربية من دول أفريقية معظمها مريض بالحمى القلاعية مما أثر على الإنتاج المحلى لمصر. أما هيثم عبدالباسط، نائب رئيس شعبة القصابين بغرفة القاهرة التجارية، فيدافع عن أصحاب الجزارة ويرفض التحامل عليهم واتهامهم بزيادة الأسعار. ويرى أن أهم أسباب الارتفاع فى الأسعار والذى يعانى منه القطاع منذ سنوات طويلة وتعلمه كافة الحكومات المتعاقبة منذ زمن وترفض وضع أى حلول له وهو التراجع الحاد فى الإنتاج المحلى والذى أثر بدوره على المعروض فى المحلات. وأشار إلى إسهام الزيادة الفلكية فى أسعار الأعلاف بجانب انخفاض الإنتاجية فى وصول الأسعار إلى أرقام فلكية، مشيرًا إلى عزوف صغار المربين عن التربية واقتصر السوق على كبار المربين ونفس الشىء لسوق الاستيراد وهو ما أدى لاحتكار سوق اللحوم. وقال إن الجزار أو التاجر من مصلحتهما انخفاض السعر لتحقيق مبيعات أعلى.